هناك مقولة جميلة للروائي البرتغالي المعروف أفونسو كروش يلخص فيها نظرته للثقافة فيقول «إن الثقافة لا تستهلك، فكلّما استخدمتَها زادت أملاكُك».. فهل الثقافة تحمل هذا المفهوم الرائع والمتطور الذي يجعل من استخدامها تنامياً وليس استهلاكاً؟ إن مفهوم الثقافة يعتبر من المفاهيم المعرفية الحديثة التي تحمل الكثير من الدلالات والأساليب، حيث إن هناك ثقافة لكل مجتمع قد تختلف اختلافاً شديداً عن ثقافة مجتمع آخر.. فهي أسلوب حياة تخلّق عبر السنين في كل مجتمع.. من هنا تعقدت مفاهيم الثقافة وتباينت تعريفاتها.
لقد اهتم المثقفون الأوائل في البحرين بالسعي إلى نشر ثقافة التنوير من خلال كتاباتهم التي أورد بعضها المؤرخ البحريني الراحل مبارك الخاطر في كتابه «الكتابات الأولى الحديثة لمثقفي البحرين» تأثراً بحركة التنوير الفكرية والثقافية التي بدأت في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، وهي حركة اهتمت بالتطوير والتحديث وإمعان الفكر ونبذ الخرافات.. وساهم التعليم النظامي وبروز الأندية الأدبية والثقافية، وابتعاث بعض الطلبة البحرينيين للدراسة في الخارج مثل بيروت والقاهرة وبغداد وبعض الدول الأوروبية في تهيئة الأرضية المناسبة لنشر هذه الثقافة.
وبعد اكتشاف النفط والتطور الحضري والنمو الاقتصادي وانتشار التعليم وتطور الأساليب الإدارية منذ الاستقلال في سبعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى إنجازات مشروع جلالة الملك حمد الإصلاحي، وما صاحبه من تحولات وتغيرات كبيرة في المجتمع البحريني، وتعاقب الأجيال الجديدة التي باتت وكأنها مقطوعة الصلة عن ماضيها الذي لم تعشه وثقافته.. وكذلك تعدد الثقافات المستحدثة التي غيرت الكثير من سلوكياته، برزت الحاجة إلى الثقافة بمفهومها الشامل لتلعب الدور الفاعل في تهيئة المجتمع وخلق فعل التغيير.. ليتحول دور الثقافة من التنوير إلى التغيير.
إن التغيير الذي تشهده البحرين في نواحي كثيرة إدارية وتنظيمية، تعليمية وثقافية، اقتصادية وسياسية هو سمة من سمات الحياة التي تنشد التطوير والتغيير في كل شيء.. مع ما صاحب هذا من تغيير في التركيبة السكانية فرضته متطلبات هذا التطوير، قد أوجدت ثقافات وممارسات وسلوكيات جديدة على المجتمع تحتاج من الجميع وقفة تأمل أمام سؤال كبير وهو «كيف يمكن خلق ثقافة قادرة على احتواء هذه الثقافات المختلفة في بيئة واحدة متناغمة وإن اختلفت أوتار العزف؟».
قد نحتاج في مراحل التغيير المبكرة إلى الممازجة بين ثقافة التنوير وثقافة التغيير لخلق ثقافة جديدة قادرة على احتواء جميع مكونات المجتمع المحلي الأصيل والجديد منها.. وصهرها في ثقافة مشتركة تستوعب تاريخ البحرين وحضارتها، فنونها وآدابها، عاداتها وتقاليدها، أزياءها وطعامها، لغتها وثقافتها، رموزها والولاء لها.. كي يشعر الجميع أنهم في وطن واحد يجمعهم الحب المشترك له والانتماء إليه قبل أي شيء آخر.
أعلم أن ما أطرحه من رأي مهمة صعبة جداً.. ومقترح عسير الهضم.. لكنه ممكن التحقيق.. هو ليس مسؤولية الجهات الرسمية وحدها – وإن كان عليها القيام بالدور الأكبر – لكنها مسؤولية مشتركة بين الجميع في ذات الوقت.. مؤسسات المجتمع المدني، مؤسسات التعليم الخاصة، المؤسسات الثقافية والاجتماعية، الجمعيات السياسية، المبدعون في مجال الفنون بمختلف أنواعها، والمخلصون لهذا الوطن. لقد اهتمت البحرين باستقطاب ثقافات وفنون شعوب العالم من خلال العديد من مهرجاناتها كربيع الثقافة، والعروض الفنية المصاحبة لسباق «الفورمولا واحد» وغيرها من المهرجانات والمناسبات، وكلها تتيح الفرصة لنا للاطلاع على إنتاج ثقافات هذه الشعوب المتنوعة، وهو جهد رائع ويوجه فيه الشكر إلى القائمين على هذه المؤسسات الرسمية والخاصة.
ولكن بالمقابل نحن في حاجة إلى إنتاج ثقافة مشابهة في مجال الإبداع الكتابي كالشعر والرواية والنقد، وفي المجال الفني كالمسرح والدراما والفنون التشكيلية، وفى مجال الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، وفي الاستفادة من تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي في إنتاج ثقافة نتذوق فيها جميع النكهات الموجودة في المجتمع.. وليس نكهة واحدة أو اثنتين.. إنتاج ثقافة تربط ممرات مكونات المجتمع المحلي في جسر واحد يسهل للجميع العبور عليه إلى مكان آمن ومشترك.. ثقافة تجمع ولا تقصي أحداً.. ثقافة تبلور صورة البحرين اليوم وتستشرف صورتها في الغد.. تبني ممراً جميلاً ما بين التنوير والتغيير لتسكن الثقافة فيه مطمئنة.
لقد اهتم المثقفون الأوائل في البحرين بالسعي إلى نشر ثقافة التنوير من خلال كتاباتهم التي أورد بعضها المؤرخ البحريني الراحل مبارك الخاطر في كتابه «الكتابات الأولى الحديثة لمثقفي البحرين» تأثراً بحركة التنوير الفكرية والثقافية التي بدأت في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، وهي حركة اهتمت بالتطوير والتحديث وإمعان الفكر ونبذ الخرافات.. وساهم التعليم النظامي وبروز الأندية الأدبية والثقافية، وابتعاث بعض الطلبة البحرينيين للدراسة في الخارج مثل بيروت والقاهرة وبغداد وبعض الدول الأوروبية في تهيئة الأرضية المناسبة لنشر هذه الثقافة.
وبعد اكتشاف النفط والتطور الحضري والنمو الاقتصادي وانتشار التعليم وتطور الأساليب الإدارية منذ الاستقلال في سبعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى إنجازات مشروع جلالة الملك حمد الإصلاحي، وما صاحبه من تحولات وتغيرات كبيرة في المجتمع البحريني، وتعاقب الأجيال الجديدة التي باتت وكأنها مقطوعة الصلة عن ماضيها الذي لم تعشه وثقافته.. وكذلك تعدد الثقافات المستحدثة التي غيرت الكثير من سلوكياته، برزت الحاجة إلى الثقافة بمفهومها الشامل لتلعب الدور الفاعل في تهيئة المجتمع وخلق فعل التغيير.. ليتحول دور الثقافة من التنوير إلى التغيير.
إن التغيير الذي تشهده البحرين في نواحي كثيرة إدارية وتنظيمية، تعليمية وثقافية، اقتصادية وسياسية هو سمة من سمات الحياة التي تنشد التطوير والتغيير في كل شيء.. مع ما صاحب هذا من تغيير في التركيبة السكانية فرضته متطلبات هذا التطوير، قد أوجدت ثقافات وممارسات وسلوكيات جديدة على المجتمع تحتاج من الجميع وقفة تأمل أمام سؤال كبير وهو «كيف يمكن خلق ثقافة قادرة على احتواء هذه الثقافات المختلفة في بيئة واحدة متناغمة وإن اختلفت أوتار العزف؟».
قد نحتاج في مراحل التغيير المبكرة إلى الممازجة بين ثقافة التنوير وثقافة التغيير لخلق ثقافة جديدة قادرة على احتواء جميع مكونات المجتمع المحلي الأصيل والجديد منها.. وصهرها في ثقافة مشتركة تستوعب تاريخ البحرين وحضارتها، فنونها وآدابها، عاداتها وتقاليدها، أزياءها وطعامها، لغتها وثقافتها، رموزها والولاء لها.. كي يشعر الجميع أنهم في وطن واحد يجمعهم الحب المشترك له والانتماء إليه قبل أي شيء آخر.
أعلم أن ما أطرحه من رأي مهمة صعبة جداً.. ومقترح عسير الهضم.. لكنه ممكن التحقيق.. هو ليس مسؤولية الجهات الرسمية وحدها – وإن كان عليها القيام بالدور الأكبر – لكنها مسؤولية مشتركة بين الجميع في ذات الوقت.. مؤسسات المجتمع المدني، مؤسسات التعليم الخاصة، المؤسسات الثقافية والاجتماعية، الجمعيات السياسية، المبدعون في مجال الفنون بمختلف أنواعها، والمخلصون لهذا الوطن. لقد اهتمت البحرين باستقطاب ثقافات وفنون شعوب العالم من خلال العديد من مهرجاناتها كربيع الثقافة، والعروض الفنية المصاحبة لسباق «الفورمولا واحد» وغيرها من المهرجانات والمناسبات، وكلها تتيح الفرصة لنا للاطلاع على إنتاج ثقافات هذه الشعوب المتنوعة، وهو جهد رائع ويوجه فيه الشكر إلى القائمين على هذه المؤسسات الرسمية والخاصة.
ولكن بالمقابل نحن في حاجة إلى إنتاج ثقافة مشابهة في مجال الإبداع الكتابي كالشعر والرواية والنقد، وفي المجال الفني كالمسرح والدراما والفنون التشكيلية، وفى مجال الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، وفي الاستفادة من تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي في إنتاج ثقافة نتذوق فيها جميع النكهات الموجودة في المجتمع.. وليس نكهة واحدة أو اثنتين.. إنتاج ثقافة تربط ممرات مكونات المجتمع المحلي في جسر واحد يسهل للجميع العبور عليه إلى مكان آمن ومشترك.. ثقافة تجمع ولا تقصي أحداً.. ثقافة تبلور صورة البحرين اليوم وتستشرف صورتها في الغد.. تبني ممراً جميلاً ما بين التنوير والتغيير لتسكن الثقافة فيه مطمئنة.