* التنمر الإلكتروني جريمة بدون أدلة وتدخل ضمن فرضية قانون الإثبات
* "الإنتربول": التحقيقات تصطدم باختلاف قوانين الدول.. والمجرمون استغلوا الثغرة
* دول تصنف "التنمر" حرية تعبير ما يفاقم المشاكل ويصعب ضبطها
* البحرين بحاجة إلى تغليظ العقوبات ومضاعفة مبالغ الغرامات
* تقرير أممي يتحدث عن محاولة 1 من كل 10 الانتحار جراء تعرضهم للتنمر
* المتنمر شخص غير سوي يحتاج لإعادة تأهيل نفسي وعقوبة خدمة الناس والمجتمع
كيف تقتل انساناً دون جريمة ؟ كيف تشوهه وتلحق به الكثير من الأذى دون الإمساك بك؟ كيف تنسفه بطريقة بشعة جداً لا يمكن إصلاحها أبداً ؟ كيف تفجر شخصيته في عيون الآخرين مثلما تفجر الألغام جسد الإنسان فلا يمكن أمام ما سيبتر منه كعلاج ترقيعي أن يعود إنساناً قابلاً للحياة كما كان من قبل؟
هذا هو مفهوم التنمر الإلكتروني جريمة العصر القاتلة والتي تأتي عن طريق استخدام الوسائل الإلكترونية وساحة الإنترنت لممارسة الإيذاء بالأخص الإيذاء النفسي والاجتماعي للشخص بشكل عدائي والطعن بسمعته والتشهير به وتزوير تاريخه والتقليل من أهميته وشن حملات نفسية شديدة عليه وتشجيع الآخرين على قذفه وتناقل صوره ومعلوماته الشخصية وأسرار حياته ونبذه اجتماعياً وتجنبه وعزله.
رغم أن هناك من يمارس التنمر باسمه الحقيقي ويرجع ذلك في غالب الأحيان إلى قلة وعي بالقانون وجهل إلا أن الشريحة العظمى من ممارسي التنمر يكونون عادة من نوع شخص جبان غير سوي مضطرب فكرياً يفرد عضلاته من خلف شاشة جهاز الكمبيوتر أو شاشة الهاتف الذكي ويتستر خلف أسماء وهمية ولا يظهر باسمه الحقيقي أو يضع أي معلومة حقيقية عنه!
التنمر الإلكتروني قد يفسر بأنه جريمة بدون أدلة واضحة.. مثل هذه الجرائم تحتاج إلى طاقة جبارة وعصا سحرية لأنها تدخل ضمن فرضية قانون الإثبات الذي يقوم على الأدلة وبيان مدى الضرر وتتبع المجرم وتأكيد أن القذف والتشهير الممارس والذي في بعض الأحيان يأتي بشكل غير مباشر وعن طريق الإيحاءات الكلامية المقصود به أنت وفي ذلك قصة أخرى أمام عصر الهواتف الذكية كما إن هناك خدعاً تمارسها عصابات التنمر الإلكترونية فمن الممكن أن يكون المتنمر الذي يدير حسابا إلكترونيا مسيئا شخصا مطلوبا لدى الجهات الأمنية بدولته وهاربا من العدالة ويقيم في دول السلطات الأمنية فيها لا تعترف بهذا النوع من الجرائم ولم تشرع قوانين وتشريعات تحمي ضحايا التنمر كما إن مواقع التواصل الاجتماعي نفسها تتبع شركات دولية بها قوانين وضوابط « تقوي شوكة المتنمر « أي تعزز موقفه بدعوى أن القذف والتشهير يندرج ويصنف ضمن وجهات النظر وحرية الرأي والتعبير ما لم تكن المنشورات تحتوي على مشاهد غير أخلاقية أو عنف أو التشجيع على الإرهاب فموقع التواصل الاجتماعي تويتر على سبيل المثال قد حدد هذه الثوابت فقط وبين أن اتخاذ أي إجراء مناسب كإغلاق الحساب يكون في حال استخدام الماركة أو العلامة التجارية الخاصة بشخص آخر بما في ذلك الاسم التجاري أو الشعار أو كليهما، بطريقة قد تؤدي إلى تضليل الآخرين أو إرباكهم بشأن تبعية العلامة التجارية !!
في عام 2013 أثارت قصة الشاب التونسي المقيم في إحدى الدول الأوروبية الذي يدوس القرآن الكريم وينشر ذلك على الإنترنت كاستفزاز للمسلمين معظم الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي حيث قامت وزارة الداخلية التونسية بالتعاون مع الإنتربول لأجل القبض عليه والشاب التونسي الذي عرض صورته كان من السهولة تحديد معلوماته لكن كيف يكون الحال مع مجرم متخفٍّ يتنقل بين العديد من الدول دون التمكن من الحصول على أدلة وإثباتات تؤكد جريمته أمام سلطات أمنية بها قد لا تتعاون معك ؟ كان ملاحظاً من هذه الحادثة أن معظم المتنمرين على الأديان والتعصب العرقي يكونون عادة مقيمين في دول ديمقراطية ترى مثل هذه الحوادث حرية تعبير !
الإنتربول على موقعه الإلكتروني الرسمي صنف اختصاصاته في مجال الجرائم والتعاون في القرصنة البحرية والاتجار بالبشر والإرهاب والإجرام المالي والمخدرات والجرائم المتصلة بالأطفال لكن لم يحدد إلى اليوم الجرائم الإلكترونية ويعتمدها ضمن الجرائم التي تتطلب تعاوناً على مستوى دولي مما يؤكد أن هذا النوع من الجرائم يعتبر من القضايا الشائكة التي تحتاج إلى تنظيم قانوني سليم يكون مثل الميثاق المعتمد بين الدول.
في عام 2013 أعلنت منظمة الإنتربول عن مساعيها إلى تنسيق القوانين والأحكام في مختلف بلدان العالم والعمل مع الشركات المختصة بأمن الإنترنت بهدف إنشاء منظومة دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية حيث جاء ذلك بسبب تفاقم مشاكل الجرائم الإلكترونية دون التمكن من ضبطها لسياسات بعض الدول وكشف الأمين العام لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) رونالد نوبل أن الجهود المبذولة عالمياً لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتعزيز الأمن الإلكتروني بحاجة إلى تطبيق قانوني وتنسيق القوانين والأحكام حول هذا الشأن وتحسين الإجراءات القانونية لتسمح بسرعة الاستجابة للتهديدات الإلكترونية كما أوضح خلال مؤتمر التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية أن الضباط المختصين في التحقيق بالجرائم الإلكترونية يصطدمون غالباً بتعقيدات القوانين والأحكام واختلافها بين الدول فالمجرمون وقراصنة الإنترنت يستغلون بدهاء هذه الثغرة القانونية المتمثلة بالاختلافات الإجرائية والقانونية بين البلدان فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية ما يجعل مهمة محاربة الجرائم التي تشمل أكثر من بلد صعبة للغاية .
اذن القضية هنا عالمية والسيطرة على الجرائم الالكترونية خارج حدود الدولة بات امراً يحتاج الى تنسيق وتعاون وقوانين دولية تلزم الدول بتحسين الاجراءات القانونية ، خلال ازمة البحرين الامنية كان ملاحظاً ان الصعوبة تكمن في مسألة ضبط الحسابات الخارجية الموجودة في ايران والعراق « دول لا تعترف بالاصل بحقوق الانسان وحق سيادة الدول والالتزام بعدم التدخل الداخلي فيها «التي تشجع الشباب على تفخيخ المناطق وارتكاب الجرائم الإرهابية وتتواصل مع الخلايا الإرهابية داخل البحرين.
مجمع الإنتربول العالمي للابتكار الذي افتتح عام 2014 أعلن أن أجهزة الشرطة في جميع أنحاء العالم تواجه تحديات متزايدة على صعيد العمليات اذ يستغل المجرمون التكنولوجيا الحديثة وسهولة السفر من بلد إلى آخر وإمكانية عدم الكشف عن هويتهم التي يتيحها تنفيذ أعمالهم على الإنترنت وهناك حاجة لإيجاد حلول لمستقبل العمل الشرطي حيث لا بد لأجهزة الشرطة ان تكون لديها صلاحيات أوسع لكي تقف بالمرصاد للمجرمين وذلك مرهون بقدرة موظفي الأجهزة الأمنية على إنفاذ القانون والاطلاع بشكل آني على المعلومات المتوفرة خارج حدود بلدانهم .
هناك حكمة تقول ثمة أشياء لاتعود: الكلمة إذا خرجت والزمن إذا مضى والثقه إذا ضاعت واليوم وفي عصر التواصل الاجتماعي علينا أن نضيف عليها «والسمعة إذا شوهت والصورة إذا نشرت والإشاعة إذا تدوولت ونقلت وانتشرت!»
علينا أن نؤمن أن الإيذاء النفسي أشد من الإيذاء المادي والجسدي فالإيذاء المادي والجسدي بالإمكان إثباته وتأكيده بالأدلة الواقعية ومن ثم تأكيد حجم الضرر البالغ وتقديره فتعويض الضحية أو الثأر له عن طريق تطبيق القوانين على المجرم سواء بالسجن وفصله من عمله او التعويض المادي وغيرها من عقوبات لكن الضرر النفسي الذي يتضخم مثل كرة الثلج لا يمكن السيطرة عليه فنشر إشاعة أو صور خاصة عن شخص جريمة « ما ترقع «وتستمر للأبد معك في حياتك وقد ترافقك إلى قبرك ومهما خرج توضيح أو تصريح فمسألة أنك أمام فضاء إلكتروني شاسع لا انتهاء له وعلى مستوى عالمي تجعل مسألة تقييد المعلومات والصور المنشورة عنك والمعاد تداولها في ملايين الحسابات وضبط انتشارها وتصحيحها صعبة جداً لذا الممارس لجريمة التنمر الإلكتروني يجب أن تطبق عليه أقصى العقوبات بمقدار الألم الذي خلفه للآخر فالألم سيكون مستمراً وللأبد فيما أشبه بمثل من تسبب للآخر بعاهة مستديمة للأبد!
التنمر وصل في مجتمعاتنا إلى حد أنه بات مصدر دخل للبعض الذي لديه مهارات عالية في صياغة الإساءات للآخرين بأسلوب لافت للنظر حيث أصبحت بعض الجهات المشبوهة والجمعيات السياسية والأحزاب وغيرها يلجؤون لعصابات التنمر لأجل تصفية الحسابات مع خصوم أو منافسين لهم وإنهائهم من الساحة وغالبا ما تنشط جرائم التنمر خلال فترات الانتخابات سواء النيابة أو البلدية أو حتى الطلابية بالجامعات والجمعيات السياسية والمدنية وقد وصلت تسعيرة التنمر حسب ما هو شائع إلى ثلاثين ألف دينار وتزويد المتنمر بأجهزة هواتف الحاسوب المتنقل « لاب توب « وهواتف ذكية والتكفل بدفع فواتير الهاتف والإنترنت!
في أولى حلقات انطلاق برنامج مجلس الشباب على إذاعة البحرين والتي كان موضوعها عن التنمر الإلكتروني بحضور عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من الأساتذة والمتخصصين في مجال التشريعات ذكر الفنان البحريني البسام علي أن التنمر الإلكتروني الذي تعرض عليه من تعليقات سلبية لأشخاص يستهدفونه في كل صورة يعرضها على موقع التواصل الاجتماعي الإنستقرام دفع البعض من أصحاب المحلات إلى تجنب استضافته كوجه إعلاني مما يعني أن التنمر يصل في جرمه إلى مسألة قطع الأرزاق والتسبب بالضرر المادي والمهني والتأثير على مستقبله فشن التعليقات السلبية ترسخ صورة سيئة عنه عند الآخرين أنه منبوذ ومكروه من الناس وغير مرغوب فيه!
في الولايات المتحدة الأمريكية كما بين رئيس جمعية المحامين الدكتور عبدالجبار الطيب أن التنمر الإلكتروني هناك يعتبر جريمة يعاقب عليها بالسجن وفي مملكة البحرين يعتبر التنمر جنحة لا جناية وقانون العقوبات البحريني يكفي لضبط هذه الظاهرة ونحتاج لتجربتها عن طريق تجربة حبس المسيء بدلاً من التغريم فقط!
في تقرير صادر من الأمم المتحدة وجدوا أن ما يصل إلى 7 من كل 10 شباب قد تعرضوا للإساءة عبر الإنترنت في مرحلة ما وأن واحدا من كل ثلاثة ضحايا للتنمر قد تعرض لأذى ذاتي من جراء ذلك، وأقدم 1 من كل 10 على محاولة الانتحار!
وأكد التقرير الصادر كذلك وعلى مدى فترة استغرقت أربع سنوات وبعد تحليل 19 مليون تغريدة، وجد تقرير «Ditch the Label and Brandwatch» أن هناك ما يقرب من 5 ملايين حالة من حالات كراهية النساء على تويتر وحده وقد وجد أن اثنين وخمسين بالمئة من إساءات كره النساء المسجلة قد كتبت بواسطة نساء وغالباً ما استهدفت المظهر والذكاء ووجد التقرير أن هناك 7,7 ملايين حالة من حالات العنصرية وأولئك الذين يناقشون السياسة والرياضة على الإنترنت هم الأكثر عرضة لتلقي إساءة وقد استند التقرير في مثال لذلك إن نوع الخطابة المستخدمة طوال الحملة الرئاسية لعام 2016 في الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتطبيع السلوكيات المسيئة إلى حد ما وأرسلت رسالة واضحة أنه من المقبول أن نهاجم رقمياً أولئك الذين لديهم منظور أو رأي مختلف مما يهيء بيئة يتم فيها قمع حق التعبير عن الذات بالنسبة للآخرين ومما يؤكد ان هناك مشكلة ازلية على مستوى عالمي واختلافات في تفسير حدود التنمر الإلكتروني بين الدول وتصنيف المتنمر كمجرم لا بد من القبض عليه أو ممارس لحقه في حرية الرأي!
نرى أن التنمر جريمة في حق مجتمعك قبل أن تكون في حق نفسك فالإساءة إلى شخصيات بارزة في وطنك يعني بطريقة أو أخرى تشويه سمعة وطنك على مستوى إقليمي وعالمي وتضليل الرأي العام الخليجي والعربي والعالمي كذلك وإيجاد صورة سيئة حتى عن النظام الحاكم في وطنك لذا نحتاج إلى تغليظ العقوبات ومضاعفة قيمة الغرامات كما إن المتنمر شخص غير سوي في الغالب في تركيبته النفسية ويحتاج إلى جانب العقوبات الرادعة إلى إعادة تأهيل نفسي قبل كل شيء وأن تكون من ضمن عقوباته العمل في خدمة الناس والمجتمع كما هناك حاجة لحملات توعوية لرفع مستوى ثقافة المجتمع وهذا يحتاج الى شراكة مجتمعية بين جهات الدولة ذات الاختصاص وبين مؤسسات المجتمع المدني حيث نحتاج ان تكون هناك جهات وجمعيات واندية و مراكز متخصصة في مسائل ظواهر التواصل الاجتماعي.
كلمة اخيرة : شكرا لوزارة شئون الاعلام على برنامج مجلس الشباب وشكرا للمذيعة سبيكة الشحي التي اهتمت بادارة الحوار لحلقة التنمر وايجاد مساحة للشباب والتركيز عليهم وتسليط الضوء على الكثير من ابعاد هذه القضية ونتمنى أن يبث هذا البرنامج وقت عرضه على شاشة تلفزيون البحرين أيضاً.
* "الإنتربول": التحقيقات تصطدم باختلاف قوانين الدول.. والمجرمون استغلوا الثغرة
* دول تصنف "التنمر" حرية تعبير ما يفاقم المشاكل ويصعب ضبطها
* البحرين بحاجة إلى تغليظ العقوبات ومضاعفة مبالغ الغرامات
* تقرير أممي يتحدث عن محاولة 1 من كل 10 الانتحار جراء تعرضهم للتنمر
* المتنمر شخص غير سوي يحتاج لإعادة تأهيل نفسي وعقوبة خدمة الناس والمجتمع
كيف تقتل انساناً دون جريمة ؟ كيف تشوهه وتلحق به الكثير من الأذى دون الإمساك بك؟ كيف تنسفه بطريقة بشعة جداً لا يمكن إصلاحها أبداً ؟ كيف تفجر شخصيته في عيون الآخرين مثلما تفجر الألغام جسد الإنسان فلا يمكن أمام ما سيبتر منه كعلاج ترقيعي أن يعود إنساناً قابلاً للحياة كما كان من قبل؟
هذا هو مفهوم التنمر الإلكتروني جريمة العصر القاتلة والتي تأتي عن طريق استخدام الوسائل الإلكترونية وساحة الإنترنت لممارسة الإيذاء بالأخص الإيذاء النفسي والاجتماعي للشخص بشكل عدائي والطعن بسمعته والتشهير به وتزوير تاريخه والتقليل من أهميته وشن حملات نفسية شديدة عليه وتشجيع الآخرين على قذفه وتناقل صوره ومعلوماته الشخصية وأسرار حياته ونبذه اجتماعياً وتجنبه وعزله.
رغم أن هناك من يمارس التنمر باسمه الحقيقي ويرجع ذلك في غالب الأحيان إلى قلة وعي بالقانون وجهل إلا أن الشريحة العظمى من ممارسي التنمر يكونون عادة من نوع شخص جبان غير سوي مضطرب فكرياً يفرد عضلاته من خلف شاشة جهاز الكمبيوتر أو شاشة الهاتف الذكي ويتستر خلف أسماء وهمية ولا يظهر باسمه الحقيقي أو يضع أي معلومة حقيقية عنه!
التنمر الإلكتروني قد يفسر بأنه جريمة بدون أدلة واضحة.. مثل هذه الجرائم تحتاج إلى طاقة جبارة وعصا سحرية لأنها تدخل ضمن فرضية قانون الإثبات الذي يقوم على الأدلة وبيان مدى الضرر وتتبع المجرم وتأكيد أن القذف والتشهير الممارس والذي في بعض الأحيان يأتي بشكل غير مباشر وعن طريق الإيحاءات الكلامية المقصود به أنت وفي ذلك قصة أخرى أمام عصر الهواتف الذكية كما إن هناك خدعاً تمارسها عصابات التنمر الإلكترونية فمن الممكن أن يكون المتنمر الذي يدير حسابا إلكترونيا مسيئا شخصا مطلوبا لدى الجهات الأمنية بدولته وهاربا من العدالة ويقيم في دول السلطات الأمنية فيها لا تعترف بهذا النوع من الجرائم ولم تشرع قوانين وتشريعات تحمي ضحايا التنمر كما إن مواقع التواصل الاجتماعي نفسها تتبع شركات دولية بها قوانين وضوابط « تقوي شوكة المتنمر « أي تعزز موقفه بدعوى أن القذف والتشهير يندرج ويصنف ضمن وجهات النظر وحرية الرأي والتعبير ما لم تكن المنشورات تحتوي على مشاهد غير أخلاقية أو عنف أو التشجيع على الإرهاب فموقع التواصل الاجتماعي تويتر على سبيل المثال قد حدد هذه الثوابت فقط وبين أن اتخاذ أي إجراء مناسب كإغلاق الحساب يكون في حال استخدام الماركة أو العلامة التجارية الخاصة بشخص آخر بما في ذلك الاسم التجاري أو الشعار أو كليهما، بطريقة قد تؤدي إلى تضليل الآخرين أو إرباكهم بشأن تبعية العلامة التجارية !!
في عام 2013 أثارت قصة الشاب التونسي المقيم في إحدى الدول الأوروبية الذي يدوس القرآن الكريم وينشر ذلك على الإنترنت كاستفزاز للمسلمين معظم الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي حيث قامت وزارة الداخلية التونسية بالتعاون مع الإنتربول لأجل القبض عليه والشاب التونسي الذي عرض صورته كان من السهولة تحديد معلوماته لكن كيف يكون الحال مع مجرم متخفٍّ يتنقل بين العديد من الدول دون التمكن من الحصول على أدلة وإثباتات تؤكد جريمته أمام سلطات أمنية بها قد لا تتعاون معك ؟ كان ملاحظاً من هذه الحادثة أن معظم المتنمرين على الأديان والتعصب العرقي يكونون عادة مقيمين في دول ديمقراطية ترى مثل هذه الحوادث حرية تعبير !
الإنتربول على موقعه الإلكتروني الرسمي صنف اختصاصاته في مجال الجرائم والتعاون في القرصنة البحرية والاتجار بالبشر والإرهاب والإجرام المالي والمخدرات والجرائم المتصلة بالأطفال لكن لم يحدد إلى اليوم الجرائم الإلكترونية ويعتمدها ضمن الجرائم التي تتطلب تعاوناً على مستوى دولي مما يؤكد أن هذا النوع من الجرائم يعتبر من القضايا الشائكة التي تحتاج إلى تنظيم قانوني سليم يكون مثل الميثاق المعتمد بين الدول.
في عام 2013 أعلنت منظمة الإنتربول عن مساعيها إلى تنسيق القوانين والأحكام في مختلف بلدان العالم والعمل مع الشركات المختصة بأمن الإنترنت بهدف إنشاء منظومة دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية حيث جاء ذلك بسبب تفاقم مشاكل الجرائم الإلكترونية دون التمكن من ضبطها لسياسات بعض الدول وكشف الأمين العام لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) رونالد نوبل أن الجهود المبذولة عالمياً لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتعزيز الأمن الإلكتروني بحاجة إلى تطبيق قانوني وتنسيق القوانين والأحكام حول هذا الشأن وتحسين الإجراءات القانونية لتسمح بسرعة الاستجابة للتهديدات الإلكترونية كما أوضح خلال مؤتمر التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية أن الضباط المختصين في التحقيق بالجرائم الإلكترونية يصطدمون غالباً بتعقيدات القوانين والأحكام واختلافها بين الدول فالمجرمون وقراصنة الإنترنت يستغلون بدهاء هذه الثغرة القانونية المتمثلة بالاختلافات الإجرائية والقانونية بين البلدان فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية ما يجعل مهمة محاربة الجرائم التي تشمل أكثر من بلد صعبة للغاية .
اذن القضية هنا عالمية والسيطرة على الجرائم الالكترونية خارج حدود الدولة بات امراً يحتاج الى تنسيق وتعاون وقوانين دولية تلزم الدول بتحسين الاجراءات القانونية ، خلال ازمة البحرين الامنية كان ملاحظاً ان الصعوبة تكمن في مسألة ضبط الحسابات الخارجية الموجودة في ايران والعراق « دول لا تعترف بالاصل بحقوق الانسان وحق سيادة الدول والالتزام بعدم التدخل الداخلي فيها «التي تشجع الشباب على تفخيخ المناطق وارتكاب الجرائم الإرهابية وتتواصل مع الخلايا الإرهابية داخل البحرين.
مجمع الإنتربول العالمي للابتكار الذي افتتح عام 2014 أعلن أن أجهزة الشرطة في جميع أنحاء العالم تواجه تحديات متزايدة على صعيد العمليات اذ يستغل المجرمون التكنولوجيا الحديثة وسهولة السفر من بلد إلى آخر وإمكانية عدم الكشف عن هويتهم التي يتيحها تنفيذ أعمالهم على الإنترنت وهناك حاجة لإيجاد حلول لمستقبل العمل الشرطي حيث لا بد لأجهزة الشرطة ان تكون لديها صلاحيات أوسع لكي تقف بالمرصاد للمجرمين وذلك مرهون بقدرة موظفي الأجهزة الأمنية على إنفاذ القانون والاطلاع بشكل آني على المعلومات المتوفرة خارج حدود بلدانهم .
هناك حكمة تقول ثمة أشياء لاتعود: الكلمة إذا خرجت والزمن إذا مضى والثقه إذا ضاعت واليوم وفي عصر التواصل الاجتماعي علينا أن نضيف عليها «والسمعة إذا شوهت والصورة إذا نشرت والإشاعة إذا تدوولت ونقلت وانتشرت!»
علينا أن نؤمن أن الإيذاء النفسي أشد من الإيذاء المادي والجسدي فالإيذاء المادي والجسدي بالإمكان إثباته وتأكيده بالأدلة الواقعية ومن ثم تأكيد حجم الضرر البالغ وتقديره فتعويض الضحية أو الثأر له عن طريق تطبيق القوانين على المجرم سواء بالسجن وفصله من عمله او التعويض المادي وغيرها من عقوبات لكن الضرر النفسي الذي يتضخم مثل كرة الثلج لا يمكن السيطرة عليه فنشر إشاعة أو صور خاصة عن شخص جريمة « ما ترقع «وتستمر للأبد معك في حياتك وقد ترافقك إلى قبرك ومهما خرج توضيح أو تصريح فمسألة أنك أمام فضاء إلكتروني شاسع لا انتهاء له وعلى مستوى عالمي تجعل مسألة تقييد المعلومات والصور المنشورة عنك والمعاد تداولها في ملايين الحسابات وضبط انتشارها وتصحيحها صعبة جداً لذا الممارس لجريمة التنمر الإلكتروني يجب أن تطبق عليه أقصى العقوبات بمقدار الألم الذي خلفه للآخر فالألم سيكون مستمراً وللأبد فيما أشبه بمثل من تسبب للآخر بعاهة مستديمة للأبد!
التنمر وصل في مجتمعاتنا إلى حد أنه بات مصدر دخل للبعض الذي لديه مهارات عالية في صياغة الإساءات للآخرين بأسلوب لافت للنظر حيث أصبحت بعض الجهات المشبوهة والجمعيات السياسية والأحزاب وغيرها يلجؤون لعصابات التنمر لأجل تصفية الحسابات مع خصوم أو منافسين لهم وإنهائهم من الساحة وغالبا ما تنشط جرائم التنمر خلال فترات الانتخابات سواء النيابة أو البلدية أو حتى الطلابية بالجامعات والجمعيات السياسية والمدنية وقد وصلت تسعيرة التنمر حسب ما هو شائع إلى ثلاثين ألف دينار وتزويد المتنمر بأجهزة هواتف الحاسوب المتنقل « لاب توب « وهواتف ذكية والتكفل بدفع فواتير الهاتف والإنترنت!
في أولى حلقات انطلاق برنامج مجلس الشباب على إذاعة البحرين والتي كان موضوعها عن التنمر الإلكتروني بحضور عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من الأساتذة والمتخصصين في مجال التشريعات ذكر الفنان البحريني البسام علي أن التنمر الإلكتروني الذي تعرض عليه من تعليقات سلبية لأشخاص يستهدفونه في كل صورة يعرضها على موقع التواصل الاجتماعي الإنستقرام دفع البعض من أصحاب المحلات إلى تجنب استضافته كوجه إعلاني مما يعني أن التنمر يصل في جرمه إلى مسألة قطع الأرزاق والتسبب بالضرر المادي والمهني والتأثير على مستقبله فشن التعليقات السلبية ترسخ صورة سيئة عنه عند الآخرين أنه منبوذ ومكروه من الناس وغير مرغوب فيه!
في الولايات المتحدة الأمريكية كما بين رئيس جمعية المحامين الدكتور عبدالجبار الطيب أن التنمر الإلكتروني هناك يعتبر جريمة يعاقب عليها بالسجن وفي مملكة البحرين يعتبر التنمر جنحة لا جناية وقانون العقوبات البحريني يكفي لضبط هذه الظاهرة ونحتاج لتجربتها عن طريق تجربة حبس المسيء بدلاً من التغريم فقط!
في تقرير صادر من الأمم المتحدة وجدوا أن ما يصل إلى 7 من كل 10 شباب قد تعرضوا للإساءة عبر الإنترنت في مرحلة ما وأن واحدا من كل ثلاثة ضحايا للتنمر قد تعرض لأذى ذاتي من جراء ذلك، وأقدم 1 من كل 10 على محاولة الانتحار!
وأكد التقرير الصادر كذلك وعلى مدى فترة استغرقت أربع سنوات وبعد تحليل 19 مليون تغريدة، وجد تقرير «Ditch the Label and Brandwatch» أن هناك ما يقرب من 5 ملايين حالة من حالات كراهية النساء على تويتر وحده وقد وجد أن اثنين وخمسين بالمئة من إساءات كره النساء المسجلة قد كتبت بواسطة نساء وغالباً ما استهدفت المظهر والذكاء ووجد التقرير أن هناك 7,7 ملايين حالة من حالات العنصرية وأولئك الذين يناقشون السياسة والرياضة على الإنترنت هم الأكثر عرضة لتلقي إساءة وقد استند التقرير في مثال لذلك إن نوع الخطابة المستخدمة طوال الحملة الرئاسية لعام 2016 في الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتطبيع السلوكيات المسيئة إلى حد ما وأرسلت رسالة واضحة أنه من المقبول أن نهاجم رقمياً أولئك الذين لديهم منظور أو رأي مختلف مما يهيء بيئة يتم فيها قمع حق التعبير عن الذات بالنسبة للآخرين ومما يؤكد ان هناك مشكلة ازلية على مستوى عالمي واختلافات في تفسير حدود التنمر الإلكتروني بين الدول وتصنيف المتنمر كمجرم لا بد من القبض عليه أو ممارس لحقه في حرية الرأي!
نرى أن التنمر جريمة في حق مجتمعك قبل أن تكون في حق نفسك فالإساءة إلى شخصيات بارزة في وطنك يعني بطريقة أو أخرى تشويه سمعة وطنك على مستوى إقليمي وعالمي وتضليل الرأي العام الخليجي والعربي والعالمي كذلك وإيجاد صورة سيئة حتى عن النظام الحاكم في وطنك لذا نحتاج إلى تغليظ العقوبات ومضاعفة قيمة الغرامات كما إن المتنمر شخص غير سوي في الغالب في تركيبته النفسية ويحتاج إلى جانب العقوبات الرادعة إلى إعادة تأهيل نفسي قبل كل شيء وأن تكون من ضمن عقوباته العمل في خدمة الناس والمجتمع كما هناك حاجة لحملات توعوية لرفع مستوى ثقافة المجتمع وهذا يحتاج الى شراكة مجتمعية بين جهات الدولة ذات الاختصاص وبين مؤسسات المجتمع المدني حيث نحتاج ان تكون هناك جهات وجمعيات واندية و مراكز متخصصة في مسائل ظواهر التواصل الاجتماعي.
كلمة اخيرة : شكرا لوزارة شئون الاعلام على برنامج مجلس الشباب وشكرا للمذيعة سبيكة الشحي التي اهتمت بادارة الحوار لحلقة التنمر وايجاد مساحة للشباب والتركيز عليهم وتسليط الضوء على الكثير من ابعاد هذه القضية ونتمنى أن يبث هذا البرنامج وقت عرضه على شاشة تلفزيون البحرين أيضاً.