قبل بضعة أيام، وضعت الامتحانات النهائية في البحرين أوزارها للمراحل التعليمية الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية بعد أسبوعين قاسيين مرّ خلالهما الطلبة وأولياء أمورهم بما يشبه «حالة الطوارئ» خاصة وأن الامتحانات قد تزامنت هذا العام مع شهر الصيام وما شهده من ارتفاع في درجات حرارة الجو.
وعلى الرغم من الشكاوى العديدة التي تلقيتها طيلة الفترة تلك من قبل أولياء أمور وطلبة، إلا أنني آثرت نشر هذه المقالة بعد انتهاء فترة الامتحانات لعلمي أن شيئاً لن يتغير في البرنامج المطروح والخطة الموضوعة سلفاً، وها أنا أنقل تلك الشكاوى اليوم علّها تصل لمقصدها فتذكر وتغير من أجل العام القادم حتى لا تتكرر المعاناة ذاتها.
يخبرني بعض أولياء الأمور أنهم أنفسهم قد مروا مسبقاً بتجربة الصيام أثناء الامتحانات ولكنها كانت أسهل -نسبياً- مما مر به أبناؤهم في الفترة الماضية، ذلك أنه في تلك السنوات التي تزامن فيها شهر رمضان مع فترة الامتحانات ما كانت «الملهيات» شتى كما هي الآن فضلاً عن بساطة الحياة وقلة متطلباتها في ذلك الوقت.
وبصفة عامة، فإن فحوى الشكاوى التي تلقيناها من الطلبة وأولياء أمورهم تتمحور حول بضع نقاط متشابهة أبرزها صعوبة أسئلة بعض الامتحانات، وخاصة امتحان مادتي العلوم والرياضيات للصف الثالث الإعدادي ومادتي الفيزياء والرياضيات للمرحلة الثانوية. وتناولت تلك الشكاوى وجود صعوبات في بعض المواد الأساسية الأخرى ووجود أسئلة بها وصفتها بـ»التعجيزية» أو «الامتحانات الطويلة» غير المتسقة مع الوقت المخصص لها.
كما شكا أولياء أمور من صعوبة استذكار أبنائهم للدروس خلال نهار رمضان خاصة بعد عودتهم من تقديم الامتحان، وتعرضهم لحرارة الشمس اللاهبة، مما دفعهم للنوم نهاراً وإرجاء الدراسة لليل وقد اضطرهم ذلك للسهر حتى ساعات الفجر الأولى لاستكمال مذاكرة المناهج الدراسية مما انعكس بدوره على أداء الطلبة في الامتحانات.
ولعل الوضع كان أشد وطأة على طلبة المرحلة الابتدائية ممن بدؤوا الصيام تواً، حيث عانوا من التعب وقلة التركيز سواء في استذكار الدروس أو في تأدية الامتحانات.
وقد نوهت تلك الشكاوى إلى بعض الدراسات العلمية التي تشير إلى مخاطر تعرض طلبة المدارس الصائمين خلال فصل الصيف لفقدان السوائل عن طريق التعرّق، وما يرافق ذلك من فقدان لأملاح الجسم، ويؤدي بالتالي إلى انخفاض الأداء الجسدي والذهني معاً.
وأكدت أنه كان لزاماً على وزارة التربية والتعليم من خلال الإدارات المدرسية تعريف الطلبة وأولياء أمورهم على سبل المحافظة على تركيزهم وأدائهم الذهني، وكيفية تجنب حدوث العطش الشديد وفقدان السوائل، ومراعاة الأمور الصحية والغذائية، التي من شأنها التأثير على مقدرتهم على التحصيل والتركيز العلمي وتجنباً لوقوع ما لا يحمد عقباه لا سمح الله، خاصة وأن حرارة الصيف في البحرين لاهبة ودرجات الحرارة تفوق الأربعين درجة مئوية أحياناً.
ولسنا ببعيدين في ذلك من حادثة وفاة الطالبة المصرية منذ أيام في قاعة الامتحان بسبب الحر والصيام، مما تسبب في تعرضها لإغماء شديد ووفاتها قبل إسعافها ووصولها إلى المستشفى.
وختاماً، تمنى أولياء الأمور على وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد بن علي النعيمي التوجيه إلى مراعاة الطلبة خلال التصحيح -وبخاصة التصحيح المركزي للشهادات العامة- وعدم التشدد في ذلك مع الوضع في الحسبان الظروف التي أجريت فيها الامتحانات لهذا العام.
ونحن بدورنا نتمنى على وزارة التربية أن تعيد النظر في الجدول الدراسي وتحاول إعادة جدولة العام الدراسي القادم مبكراً -رأفة بالطلبة ورحمة بأسرهم الذين مروا هذا العام بأقسى تجربة تعليمية في حياتهم- بحيث لا تقع الامتحانات النهائية خلال شهر رمضان المبارك، أعاده الله على الجميع باليمن والبركات والمسرات.
* سانحة:
«إن الرحمة كلمة صغيرة.. ولكن بين لفظها ومعناها من الفرق مثل ما بين الشمس في منظرها، والشمس في حقيقتها. لو تراحم النَّاس لما كان بينهم جائع، ولا مغبون، ولا مهضوم، ولأقفرت الجفون من المدامع، ولاطمأنت الجنوب في المضاجع، ولمحت الرحمة الشقاء من المجتمع، كما يمحو لسان الصبح مداد الظلام». «مصطفى لطفي المنفلوطي».
{{ article.visit_count }}
وعلى الرغم من الشكاوى العديدة التي تلقيتها طيلة الفترة تلك من قبل أولياء أمور وطلبة، إلا أنني آثرت نشر هذه المقالة بعد انتهاء فترة الامتحانات لعلمي أن شيئاً لن يتغير في البرنامج المطروح والخطة الموضوعة سلفاً، وها أنا أنقل تلك الشكاوى اليوم علّها تصل لمقصدها فتذكر وتغير من أجل العام القادم حتى لا تتكرر المعاناة ذاتها.
يخبرني بعض أولياء الأمور أنهم أنفسهم قد مروا مسبقاً بتجربة الصيام أثناء الامتحانات ولكنها كانت أسهل -نسبياً- مما مر به أبناؤهم في الفترة الماضية، ذلك أنه في تلك السنوات التي تزامن فيها شهر رمضان مع فترة الامتحانات ما كانت «الملهيات» شتى كما هي الآن فضلاً عن بساطة الحياة وقلة متطلباتها في ذلك الوقت.
وبصفة عامة، فإن فحوى الشكاوى التي تلقيناها من الطلبة وأولياء أمورهم تتمحور حول بضع نقاط متشابهة أبرزها صعوبة أسئلة بعض الامتحانات، وخاصة امتحان مادتي العلوم والرياضيات للصف الثالث الإعدادي ومادتي الفيزياء والرياضيات للمرحلة الثانوية. وتناولت تلك الشكاوى وجود صعوبات في بعض المواد الأساسية الأخرى ووجود أسئلة بها وصفتها بـ»التعجيزية» أو «الامتحانات الطويلة» غير المتسقة مع الوقت المخصص لها.
كما شكا أولياء أمور من صعوبة استذكار أبنائهم للدروس خلال نهار رمضان خاصة بعد عودتهم من تقديم الامتحان، وتعرضهم لحرارة الشمس اللاهبة، مما دفعهم للنوم نهاراً وإرجاء الدراسة لليل وقد اضطرهم ذلك للسهر حتى ساعات الفجر الأولى لاستكمال مذاكرة المناهج الدراسية مما انعكس بدوره على أداء الطلبة في الامتحانات.
ولعل الوضع كان أشد وطأة على طلبة المرحلة الابتدائية ممن بدؤوا الصيام تواً، حيث عانوا من التعب وقلة التركيز سواء في استذكار الدروس أو في تأدية الامتحانات.
وقد نوهت تلك الشكاوى إلى بعض الدراسات العلمية التي تشير إلى مخاطر تعرض طلبة المدارس الصائمين خلال فصل الصيف لفقدان السوائل عن طريق التعرّق، وما يرافق ذلك من فقدان لأملاح الجسم، ويؤدي بالتالي إلى انخفاض الأداء الجسدي والذهني معاً.
وأكدت أنه كان لزاماً على وزارة التربية والتعليم من خلال الإدارات المدرسية تعريف الطلبة وأولياء أمورهم على سبل المحافظة على تركيزهم وأدائهم الذهني، وكيفية تجنب حدوث العطش الشديد وفقدان السوائل، ومراعاة الأمور الصحية والغذائية، التي من شأنها التأثير على مقدرتهم على التحصيل والتركيز العلمي وتجنباً لوقوع ما لا يحمد عقباه لا سمح الله، خاصة وأن حرارة الصيف في البحرين لاهبة ودرجات الحرارة تفوق الأربعين درجة مئوية أحياناً.
ولسنا ببعيدين في ذلك من حادثة وفاة الطالبة المصرية منذ أيام في قاعة الامتحان بسبب الحر والصيام، مما تسبب في تعرضها لإغماء شديد ووفاتها قبل إسعافها ووصولها إلى المستشفى.
وختاماً، تمنى أولياء الأمور على وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد بن علي النعيمي التوجيه إلى مراعاة الطلبة خلال التصحيح -وبخاصة التصحيح المركزي للشهادات العامة- وعدم التشدد في ذلك مع الوضع في الحسبان الظروف التي أجريت فيها الامتحانات لهذا العام.
ونحن بدورنا نتمنى على وزارة التربية أن تعيد النظر في الجدول الدراسي وتحاول إعادة جدولة العام الدراسي القادم مبكراً -رأفة بالطلبة ورحمة بأسرهم الذين مروا هذا العام بأقسى تجربة تعليمية في حياتهم- بحيث لا تقع الامتحانات النهائية خلال شهر رمضان المبارك، أعاده الله على الجميع باليمن والبركات والمسرات.
* سانحة:
«إن الرحمة كلمة صغيرة.. ولكن بين لفظها ومعناها من الفرق مثل ما بين الشمس في منظرها، والشمس في حقيقتها. لو تراحم النَّاس لما كان بينهم جائع، ولا مغبون، ولا مهضوم، ولأقفرت الجفون من المدامع، ولاطمأنت الجنوب في المضاجع، ولمحت الرحمة الشقاء من المجتمع، كما يمحو لسان الصبح مداد الظلام». «مصطفى لطفي المنفلوطي».