اليوم أمامنا قضية فيها جدل كبير، بشأن رغبة حكومية باعتماد قانون ترى هي فيه ضرورة للتعامل مع الأوضاع المالية والاقتصادية والعجز الإكتواري، يقابلها عدم قبول من قبل المواطنين وجميع من يمثلونهم في مجلس النواب، إضافة لثلاثة أعضاء من مجلس الشورى رافضين هم الدكتور عبدالعزيز أبل والشيخ عادل المعاودة والسيد ضياء الموسوي وواحد ممتنع عن التصويت «نوار المحمود»، مع قبول بقية أعضاء مجلس الشورى للقانون بعد إجراء تعديل عليه بشأن الصلاحية النهائية للقرارات.
الأيام الأخيرة كان الشغل الشاغل فيها «قانون التقاعد الجديد» أو القانون الذي يتضمن تعديلات تطلبها الحكومة، ويمكن بسهولة معرفة رأي المواطنين بشأن الموضوع، وقياس حجم الرفض والتخوف من هذه التعديلات الجديدة، بالأخص منح الصلاحيات المطلقة للهيئة العامة للتأمينات، والأخيرة عليها ملاحظات عديدة من قبل ديوان الرقابة المالية والإدارية فيما يتعلق بفشل خطط الاستثمار والتسبب بتراكمات في العجوزات أوصلتنا للوضع الإكتواري الحالي.
ما عبر عنه الناس من استياء، وما تكلمت بخصوصه بعض الأقلام الصحفية والكتاب وما نشرته بعض الصحف من تحليلات، كان يركز على أهمية «ضمان حقوق الناس»، خاصة وأن ما يطرح بشأن القانون لا يعطي الصورة الواضحة والكاملة عن مضامينه، وعن النقاط الجوهرية التي ستختلف على الناس في حال تطبيقه.
مثلاً الناس كانت تتحدث عن فرضيات لإجراءات ستتم بموجبه، مثل رفع السن التقاعدي، زيادة نسبة الاشتراكات الشهرية، تقطيع مكافأة نهاية الخدمة وتوزيعها على مدى زمني طويل يفقدها تأثيرها الآني، وكل هذه الأمور لم تجد لها إجابات رسمية «تفصيلية» توضح للناس ما لهم وما عليهم بالضبط، لذا الرفض المجتمعي للقانون مبرر، وكأن الموافقة عليه قبول بالتوقيع على «صك أبيض» تخول جهة عملها «مقلق» بمسك كافة الصلاحيات والتقرير عن المواطن وفرض أمور عليه.
اليوم المعطيات بشأن القانون تبين بأنه سيتجه لانعقاد المجلس الوطني، وذلك بهدف الوصول لصيغ توافقية بشأنه، أو التصويت لحسمه، وبحسب المواقف المعلنة والأرقام، يتضح بأن المجموع المعلن يشير للرفض، وبالتالي يكون القانون أخذ مجراه الطبيعي في المسار التشريعي كونه حظي باختلاف بين شقي المجلس.
وفي النهاية تعود الأمور كلها لرأس السلطات جلالة الملك حفظه الله لحسم الأمور، وملكنا هو الضمانة الدائمة لشعبه، الساعي لخيره والحامي والحافظ لحقوقه. ورفع الأمر له سيكون هو السيناريو الأخير.
وعودة لما وافق عليه غالبية أعضاء مجلس الشورى بالأمس بخصوص الجهة المعنية، وإبدال هيئة التأمينات برئيس مجلس الوزراء وأن أية قرارات وإجراءات لا تتم إلا بموافقته. وبإقرانه بما تضمنه اجتماع صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان بالأمس مع رئيس مجلس الشورى علي الصالح، فإننا كمواطنين نثق ثقة مطلقة بوالد الجميع حفظه الله، ونعرف تماماً أنه لا يقبل المساس بمكتسبات المواطنين، وهنا يكون التعديل خطوة أفضل بكثير، من ترك الأمور في يد الهيئة التي نحملها مسؤولية العجز الإكتواري.
لكن حتى هذه المسألة، ونعني تعديل جهة الاختصاص من قبل الأعضاء الموافقين في مجلس الشورى، كان حرياً بهم ألا يقترحوها، إذ الأصل أن تظل الأمور المعنية بالقوانين وإقرارها «حقاً أصيلاً» للسلطة التشريعية ممثلة بهم ومجلس النواب، وألا يسلموا صلاحياتهم هكذا طوعاً.
أعتقد بأن هناك خلطاً لدى بعض أعضاء الشورى، بالظن أن الاختلاف مع السلطة التنفيذية ورفض أي قانون، أو طلب تأجيله لمناقشة مستفيضة من قبلهم أو النواب، أو طلب قياس رأي الناس قبل التقرير بأي موقف، أعتقد بأن بعضهم يظن أنه بذلك يضايق الحكومة، ويقوم بفعل مجرم وخاطئ!
أبداً يا سادة، مشروع جلالة الملك الإصلاحي مبني على الديمقراطية واحترام الرأي الآخر، بل هو مشروع يدعو للاختلاف الإيجابي بهدف تحقيق الصالح للوطن والمواطن، والمجالس التشريعية عملها الأصيل بالتعاون مع الحكومات في تنقيح القوانين، والتأكد منها، والتعديل عليها، وقبولها إن كانت تحقق الصالح العام، ورفضها إن كانت فيها أمور خلاف ذلك.
ما مررنا به يمثل اختباراً حقيقياً للكيفية التي يمكن فيها لأعضاء منتخبين أو معينين تحويل مجلسهم إلى مجلس فاعل يعبر عن الناس ويتمثل بصوتهم، أو مجلس مازال محتاجاً للاقتراب أكثر من نبض الناس.
ختاما، لابد من الإشارة للمداخلة القيمة لعضو مجلس الشورى والعضو السابق بمجلس النواب الدكتور عبدالعزيز أبل، إذ أعتقد بأنه طرح نقاطاً جداً هامة، وتساؤلات تزيح الغبار عن ملفات سابقة معنية بأسباب ما وصلنا إليه من وضع بشأن الصناديق التقاعدية، وهو تحدث بلسان حال المواطن البحريني وبشكل مباشر وصريح، وبطريقة احترم فيها جميع الأطراف، لذلك وجب شكره على هذا الموقف، وهو غير غريب عليه، لمن يعرف تركيبة هذا الرجل وثباته على القيم والمبادئ.
{{ article.visit_count }}
الأيام الأخيرة كان الشغل الشاغل فيها «قانون التقاعد الجديد» أو القانون الذي يتضمن تعديلات تطلبها الحكومة، ويمكن بسهولة معرفة رأي المواطنين بشأن الموضوع، وقياس حجم الرفض والتخوف من هذه التعديلات الجديدة، بالأخص منح الصلاحيات المطلقة للهيئة العامة للتأمينات، والأخيرة عليها ملاحظات عديدة من قبل ديوان الرقابة المالية والإدارية فيما يتعلق بفشل خطط الاستثمار والتسبب بتراكمات في العجوزات أوصلتنا للوضع الإكتواري الحالي.
ما عبر عنه الناس من استياء، وما تكلمت بخصوصه بعض الأقلام الصحفية والكتاب وما نشرته بعض الصحف من تحليلات، كان يركز على أهمية «ضمان حقوق الناس»، خاصة وأن ما يطرح بشأن القانون لا يعطي الصورة الواضحة والكاملة عن مضامينه، وعن النقاط الجوهرية التي ستختلف على الناس في حال تطبيقه.
مثلاً الناس كانت تتحدث عن فرضيات لإجراءات ستتم بموجبه، مثل رفع السن التقاعدي، زيادة نسبة الاشتراكات الشهرية، تقطيع مكافأة نهاية الخدمة وتوزيعها على مدى زمني طويل يفقدها تأثيرها الآني، وكل هذه الأمور لم تجد لها إجابات رسمية «تفصيلية» توضح للناس ما لهم وما عليهم بالضبط، لذا الرفض المجتمعي للقانون مبرر، وكأن الموافقة عليه قبول بالتوقيع على «صك أبيض» تخول جهة عملها «مقلق» بمسك كافة الصلاحيات والتقرير عن المواطن وفرض أمور عليه.
اليوم المعطيات بشأن القانون تبين بأنه سيتجه لانعقاد المجلس الوطني، وذلك بهدف الوصول لصيغ توافقية بشأنه، أو التصويت لحسمه، وبحسب المواقف المعلنة والأرقام، يتضح بأن المجموع المعلن يشير للرفض، وبالتالي يكون القانون أخذ مجراه الطبيعي في المسار التشريعي كونه حظي باختلاف بين شقي المجلس.
وفي النهاية تعود الأمور كلها لرأس السلطات جلالة الملك حفظه الله لحسم الأمور، وملكنا هو الضمانة الدائمة لشعبه، الساعي لخيره والحامي والحافظ لحقوقه. ورفع الأمر له سيكون هو السيناريو الأخير.
وعودة لما وافق عليه غالبية أعضاء مجلس الشورى بالأمس بخصوص الجهة المعنية، وإبدال هيئة التأمينات برئيس مجلس الوزراء وأن أية قرارات وإجراءات لا تتم إلا بموافقته. وبإقرانه بما تضمنه اجتماع صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان بالأمس مع رئيس مجلس الشورى علي الصالح، فإننا كمواطنين نثق ثقة مطلقة بوالد الجميع حفظه الله، ونعرف تماماً أنه لا يقبل المساس بمكتسبات المواطنين، وهنا يكون التعديل خطوة أفضل بكثير، من ترك الأمور في يد الهيئة التي نحملها مسؤولية العجز الإكتواري.
لكن حتى هذه المسألة، ونعني تعديل جهة الاختصاص من قبل الأعضاء الموافقين في مجلس الشورى، كان حرياً بهم ألا يقترحوها، إذ الأصل أن تظل الأمور المعنية بالقوانين وإقرارها «حقاً أصيلاً» للسلطة التشريعية ممثلة بهم ومجلس النواب، وألا يسلموا صلاحياتهم هكذا طوعاً.
أعتقد بأن هناك خلطاً لدى بعض أعضاء الشورى، بالظن أن الاختلاف مع السلطة التنفيذية ورفض أي قانون، أو طلب تأجيله لمناقشة مستفيضة من قبلهم أو النواب، أو طلب قياس رأي الناس قبل التقرير بأي موقف، أعتقد بأن بعضهم يظن أنه بذلك يضايق الحكومة، ويقوم بفعل مجرم وخاطئ!
أبداً يا سادة، مشروع جلالة الملك الإصلاحي مبني على الديمقراطية واحترام الرأي الآخر، بل هو مشروع يدعو للاختلاف الإيجابي بهدف تحقيق الصالح للوطن والمواطن، والمجالس التشريعية عملها الأصيل بالتعاون مع الحكومات في تنقيح القوانين، والتأكد منها، والتعديل عليها، وقبولها إن كانت تحقق الصالح العام، ورفضها إن كانت فيها أمور خلاف ذلك.
ما مررنا به يمثل اختباراً حقيقياً للكيفية التي يمكن فيها لأعضاء منتخبين أو معينين تحويل مجلسهم إلى مجلس فاعل يعبر عن الناس ويتمثل بصوتهم، أو مجلس مازال محتاجاً للاقتراب أكثر من نبض الناس.
ختاما، لابد من الإشارة للمداخلة القيمة لعضو مجلس الشورى والعضو السابق بمجلس النواب الدكتور عبدالعزيز أبل، إذ أعتقد بأنه طرح نقاطاً جداً هامة، وتساؤلات تزيح الغبار عن ملفات سابقة معنية بأسباب ما وصلنا إليه من وضع بشأن الصناديق التقاعدية، وهو تحدث بلسان حال المواطن البحريني وبشكل مباشر وصريح، وبطريقة احترم فيها جميع الأطراف، لذلك وجب شكره على هذا الموقف، وهو غير غريب عليه، لمن يعرف تركيبة هذا الرجل وثباته على القيم والمبادئ.