من غير المعقول أن يكون قيام الحكومة الفرنسية منح مواطن بحريني ما أطلقت عليه اسم «الجنسية الفخرية» لأسباب قامت بالإعلان عنها في حينه وقيام سفيرة فرنسا لدى المملكة بعد ذلك مباشرة بنشر تغريدات مسيئة للبحرين في حسابها على «تويتر» تصنف في باب التدخل في الشؤون الداخلية، ثم إتاحة البرلمان الفرنسي بعد ذلك بأيام الفرصة لـ «معارض بحريني» لإلقاء كلمة يسيء بها إلى البحرين صدفة، فالخطوات الثلاث تؤكد أن ترتيباً ما قد حصل وأن فرنسا تستفيد منه، وكل هذا - عدا أنه يعتبر تدخلا في شأن محلي يفترض أنه لا علاقة لفرنسا أو غيرها من الدول به - يعد استفزازاً ومحاولة مرفوضة لجرح القضاء في البحرين والتشكيك في نزاهته. فهذا الهدف يبدو واضحاً، ويبدو واضحاً أيضاً أن أمراً ما قد تم تدبيره وتورطت فيه فرنسا.

بعيداً عن كل التفاصيل فإن ما ينبغي من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» التأكد منه هو أن كل هذا لا يزيدهم إلا بعداً عن الأطراف المعنية بالمشكلة ولا يزيد المشكلة إلا تعقيداً، فالحل غير متوفر في فرنسا ولا في كل أوروبا ولا في الولايات المتحدة ولا يمكن أن يتوفر عبر الندوات المسيئة للبحرين والتصريحات المشككة في نزاهة القضاء والتقليل من أهمية الخطوات التي اتخذتها حكومة البحرين في السنوات الأخيرة والتي لا ينكرها إلا جاحد وساعٍ إلى تعقيد المشكلة والإساءة.

حل المشكلة مكانه البحرين وطرفه الأساس حكومة البحرين، عدا هذا لا يمكن لكل فعل أن يوصل إلى نتيجة، ولا يمكن لأي دولة في العالم مهما تكن مؤثرة أن تدفع في اتجاه حل المشكلة. المشكلة محلية صرفة، وتدخل الخارج فيها يزيدها تعقيداً ويصعب من ثم حلها، فإن تكيل فرنسا أو غيرها التهم للبحرين وأن توظف إيران وقطر ترسانتهما الإعلامية للترويج لتلك التهم ومحاولة تثبيتها لا يعني أن البحرين ستقدم التنازلات أو تصمت خصوصا وأن كل تلك التهم لا أساس لها من الصحة وغير واقعية، ويكفي أن الذين يكيلونها لا تتوفر لديهم المعلومات التي ينبغي أن تتوفر كي يكيلوا تلك التهم، لهذا فإن الرد عليها دائماً سهل يسير، فهؤلاء يكتفون عادة بمصدر واحد للمعلومات هو أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» ويتباكون ويقدمون أنفسهم على أنهم مظلومون وأنه يتوجب على الدول الداعية «للحريات» أن تفعل شيئاً وأن تتخذ موقفاً منحازاً إليهم.

فرنسا أعلنت أنها منحت أو ستمنح مواطناً بحرينياً ما أطلقت عليه اسم الجنسية الفخرية، وفرنسا تدخلت في الشؤون الداخلية للبحرين عبر تغريدات مسيئة لسفيرتها التي يفترض أنها تعرف الأصول الدبلوماسية وتلتزم بها، وفرنسا سمحت لـ «معارض» للتحدث عن البحرين في برلمانها، وكل هذه أخطاء ما كان ينبغي من فرنسا أن تقع فيها لأنها هي نفسها لن تقبل لو أن البحرين هي من فعلت كل ذلك فشككت في ما شككت فيه وتدخلت في ما لا يعنيها.

في النهاية لا قيمة لهذا الذي قامت به فرنسا وأطربت به أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» فرقصوا واعتبروا أنفسهم قد تقدموا خطوة أو خطوات، ولا قيمة فعلية لقيام أي دولة أو منظمة لمثل الذي قامت به فرنسا، القيمة الفعلية والحقيقية هي في إيجادهم قناة اتصال مع الحكومة تدفع في اتجاه توفر شيء من الثقة التي يمكن أن تشجع الحكومة على دعوتهم إلى لقاء تسمع فيه منهم وتتلوه لقاءات ربما أفضت إلى اتخاذ قرار بعقد جلسات حوار وإن لم تكن معلنة.

كل الذي قام ويقوم به أولئك الذين اتخذوا من الخارج موئلاً لن يسهم في حل المشكلة، فالمشكلة محلية وحلها في الداخل.