يجب التمعن جيداً بهذا المستوى الملكي الرفيع الذي يوليه جلالة الملك حمد حفظه الله للمواطن البحريني، وحرصه على الاستماع لشعبه والتفاعل معه.

لم يكتف رمزنا الأول جلالة الملك بإصدار توجيهاته الحكيمة للحكومة بشأن قانون التقاعد، بل ترأس بالأمس جلسة مجلس الوزراء، واستضاف رئيس الحكومة وأعضاءها في قصره، وانصب أغلب كلامه على الموضوع الذي لامس الناس بقوة، ألا وهو موضوع التقاعد.

ملكنا هو الضمانة الدائمة لحقوقنا كشعب، وهو يعمل دائما من هذا المنطلق، تدشينه للمشروع الإصلاحي كان لأجل الناس، ولتدخل البحرين أطواراً أفضل على صعيد التطوير والتحديث والقدرة على مواجهة التحديات.

حرص ملكنا على ضمان حقوق الناس دفعه دائماً للوقوف في صف شعبه، والتوجيه مرات ومرات للجهات الحكومية بأن ينصب عملها وجهدها وتركيزها على تحقيق الخير للناس، من خلال تطوير المنظومات، وتصحيح المسارات، وإحلال الوجوه الكفؤة القادرة على قيادة وصناعة التغيير وإحداث الفارق.

توجيه ملكي آخر بالأمس معني بنفس الموضوع الذي أثار الساحة البحرينية، وهذه المرة معني بالجهة المسؤولة عن الحفاظ على أموال التقاعد وحقوق الناس، من خلال إعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.

توجيه جلالة الملك لا بد وأن تفهم مضامينه التي ركزت عليه جملته الملكية بعيدة النظر، الذكية في تشخيص الحالة ووضع حلول لها.

ملكنا وجه للاستفادة من الكفاءات، وإحلال وجوه جديدة، وهذا بمثابة تجديد الدماء، والإتيان بعقول متمكنة يعول عليها تصحيح المسار وتحقيق النتائج الإيجابية.

حدد جلالته معايير الإحلال لهذه الكفاءات، بأن تكون متحلية بالإمكانيات الإدارية العالية والمهنية الرفيعة، وذكر كذلك الانضباط، وهو عنصر مهم جداً في العمل الإداري، إذ حينما تتوافر هذه العناصر في الأشخاص الموكلة لهم المسؤولية لا تنحرف النتائج، ويكون التركيز على تحقيق المطلوب.

من ضمن النقاط الهامة التي أثارت الشارع، والتي انتقدها ورفضها مجلس النواب، بل وأوصى مجلس الشورى بتعديلها على القانون، هي صلاحيات هيئة التأمين الاجتماعي، وعدم ترك الصلاحية التشريعية لها بشأن تعديل كثير من ضوابط العملية التأمينية.

لكن في مقام ثانٍ وهام، تضطلع الهيئة بمسؤولية جسيمة تتمثل بإدارة أموال التقاعد، وإدارة اشتراكات المواطنين فيها، إذ التجربة السابقة، والتي تأتي لتكون تجربة تراكمية تضاف للتجارب السابقة للهيئة في استثمار هذه الأموال لم تحظ بردود فعل إيجابية، بل وسجلت عليها ملاحظات في تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية.

وسط كم المطالبات بفتح جردة حساب لأداء الهيئة فيما مضى، وتحميلها مسؤولية ما وصلنا له من عجز إكتواري، والقول بضرورة محاسبة المتسببين في ذلك، يأتي التأكيد على ديمومة الصناديق التقاعدية كهدف أسمى، إذ هو يلامس هماً مجتمعياً عاماً، يتمثل في ضمان الحفاظ على حقوقك يا مواطن، وعدم الاستهتار أو المغامرة فيها.

وهنا جلالة الملك حفظه الله أشاد بأداء صندوق التقاعد العسكري، والجهود التي بذلت للحفاظ على ديمومته، ما يعني أن لدينا نموذجاً ناجحاً يمكن القياس عليه.

ما نريده كمواطنين هو الخير لبلادنا وأن يعم مواطنيه وأبناءه، لذا فتصحيح المسارات مطلوب اليوم، وإحلال عناصر أكثر كفاءة وقدرة على تحمل المسؤولية بات «حاجة» ملحة ولازمة.

اليوم نترقب مجلساً جديداً للهيئة يضم كفاءات قادرة على تصحيح المسارات، ونترقب منه خططاً واضحة المعالم وأهدافاً مرسومة، وكذلك الشفافية في التواصل مع الناس ووضعهم دائماً في الصورة بشأن الضمانات التي بها تتم المحافظة على حقوقهم.

ندعو الله أن يكتب الخير لبلادنا على يد ملكنا الطيب صاحب القلب الكبير.