هنا تصريح خطير لرئيس السلطة القضائية في إيران، صادق أملي لاريجاني، يعري النظام الإيراني ويظهره على حقيقته ويؤكد كم كان ولايزال دموياً وأن الشعب الإيراني لا يساوي عنده شيئاً، فقد قال تعليقاً على تحرك المواطنين الإيرانيين الذين وصلت أحوالهم إلى حد لا يطاق فخرجوا إلى الشوارع ليعبروا عن معاناتهم ويطالبوا النظام بالاهتمام بهم بدلاً من تبديد ثروتهم على سوريا وغيرها، تعليقاً على ذلك قال «إن أحكام الإعدام والسجن ستكون في انتظار من يثير الشغب اقتصادياً»... ليس إنفاذ القانون ومحاسبة الذين يثبت تورطهم في أعمال شغب تؤذي اقتصاد الوطن ولكن الإعدام أو السجن لمدة عشرين عاماً.

هذا هو النظام الذي يحكم باسم الدين ويتضمن دستوره مواد «تلزمه» مناصرة كل مظلوم في أي مكان في العالم، يهدد مواطنيه بالموت لو أنه قرر في لحظة أن ما قاموا به يدخل في باب «إثارة الشغب اقتصادياً» ويهددهم بالسجن لمدة عشرين عاماً -على الأقل طبعاً- لو أنه قرر أن يرحمهم ويتعطف عليهم ويتكرم ويمنحهم فرصة جديدة للعيش.

رئيس السلطة القضائية في النظام الإيراني يقول هذا في الوقت الذي يطالب فيه مملكة البحرين السكوت عن كل شيء وترك من يريدون الاستيلاء على السلطة الشرعية عنوة فعل ما يريدون واعتبر كل ما صدر من أحكام ضد مريدي السوء في البحرين -والتي هي مقارنة بالأحكام التي تصدر في إيران ويهدد بها لاريجاني- خفيفة بل خفيفة للغاية.

ترى أين المنظمات الحقوقية التي ما إن تسمع عن حكم يصدر عن محاكم البحرين ضد مرتكب لجرم كبير حتى تقيم الدنيا ولا تقعدها وتتجاوز كل حدودها بما فيها حدود الأدب واللياقة والذوق؟ أين هي عن هذا التصريح الذي يؤكد أن النظام الإيراني يعتبر المواطنين الإيرانيين دون مرتبة البشر ويهدد بفناءهم وإبادتهم فقط لأنهم خرجوا معبرين عن استيائهم عن الوضع الذي صاروا فيه والذي صار فيه التومان الإيراني معدوم القيمة؟

أين المنظمات الحقوقية والهيئات العالمية التي تعتبر نفسها مدافعة عن حقوق الإنسان ومناصرة للمظلوم من هذا التصريح الذي يفترض أنه جعلها تقف على رجل واحدة ولا تهدأ حتى يخرج خامنئي أو روحاني ويرد عليه ويؤدب قائله؟ وأين هي من الطريقة التي تتعامل بها قوات مكافحة شغب النظام الإيراني هذه الأيام مع المتظاهرين الذين كل ذنبهم هو أنهم خرجوا ليوصلوا رسالة إلى النظام مفادها أن التاجر الإيراني لم يعد يعرف كيف يعيش بعد هذا الذي حصل للعملة الإيرانية بسبب تبديد النظام لثروة الشعب؟

من تابع طريقة تعامل قوات شغب النظام مع المتظاهرين في المدن الإيرانية في اليومين الماضيين يستطيع أن يقرر مقدار دموية هذا النظام السارق لثورة الشعب الإيراني وقوته ومبدد ثروته، ويستطيع أن يتأكد بأن ما قاله رئيس السلطة القضائية ليس تهديداً خاوياً ولكنه تهديد قابل للتفعيل الفوري وأنه لن يكون غريباً ولا مفاجئاً سماع أنباء عن قيام النظام بإعدام مجموعة من المواطنين الإيرانيين وخصوصاً من المنتمين إلى المعارضة بذريعة التسبب في أذى الاقتصاد.

هذا هو النظام الإيراني وهذا مثاله ومستواه، وذلك هو مستوى ومثال المنظمات التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان والتي يفترض ألا يذوق المسؤولون عنها النوم بعد صدور ذلك التصريح المجرم من رئيس الهيئة القضائية في النظام الإيراني وأن يصروا على محاسبته ومحاكمته وإزالته من منصبه وأن يعتبروا هذا قضيتهم الأساس حيث السكوت عنه أو التبري ر له يضيع كل مصداقية باقية لهذه المنظمات والمنتمين إليها.

ما الذي يمكن قوله عن نظام يعتبر مواطنيه الذين خرجوا للتعبير عن استيائهم من أوضاعهم مرتكبين للخيانة بحق بلدهم ومصداقاً للمفسدين في الأرض؟