العناوين الفرعية:
- البحرين لم تتخلَّ يوماً عن حقها التاريخي في الزبارة
- أدلة ووثائق وخرائط تاريخية تؤكد حكم آل خليفة لشبه جزيرة قطر
- الاستيلاء على حكم الزبارة جاء بتآمر قطري بريطاني لإنشاء كيان غير شرعي لآل ثاني
- أطماع آل ثاني التوسعية ظهرت مع ظهور النفط والرغبة في نهب الثروات الطبيعية
- جاسم بن حمد آل ثاني شجع على الاعتداءات على قوارب الغوص الإماراتية
...
لربما كان السؤال الأبرز حول مؤتمر حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر التاريخ والسيادة الذي نظمه مشكوراً مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، لماذا يطرح مثل هذا المؤتمر في هذا التوقيت بالذات؟ هل هناك خطوات رسمية جادة ستقوم بها مملكة البحرين لاستعادة حقها التاريخي في الزبارة والساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر؟ هل هذا الطرح يأتي تمهيداً لأمور أخرى قادمة ومستجدات ستطرأ على ساحة الأزمة القطرية ودول المقاطعة أي الدول الداعية لمكافحة الإرهاب؟
مؤتمر حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر التاريخ والسيادة، يضع النقاط على الحروف بخصوص فصول العدوان العسكري والتاريخ العدائي والتآمري الذي دأب عليه نظام قطر وحكامها من آل ثاني تجاه مملكة البحرين وسيادتها وتاريخها، كما أنه يعرف النخب المهتمة والجيل الحالي والقادم بالتاريخ الحقيقي لحكم العائلة الحاكمة آل خليفة في البحرين وشبه جزيرة قطر، ويؤرخ فصلاً مهماً للغاية لم يأتِ أحد على ذكره بشكل دقيق وتفصيلي، فحتى نستدل على الأسباب الحقيقية لمقاطعة قطر ومؤامراتها المستمرة التي طفح الكيل بها، وحتى تتضح الصورة كاملة حول أسباب هذا العداء ومن أين جاء، لا بد من العودة إلى المربع الأول من تاريخ المؤامرات القطرية على حكام آل خليفة الحكام الشرعيين للبحرين وشبه جزيرة قطر، وتسليط الضوء على العقد التاريخية التي يحملها آل ثاني تجاه حكامهم من آل خليفة.
المؤتمر لم يطرح وجهات نظر أو كلمات إنشائية ورؤى واجتهادات تعكس واقع الأزمة القطرية مع البحرين، إنما الطرح كله جاء بأدلة وإثباتات ووثائق وخرائط تاريخية وشواهد لا يمكن إلغاؤها أو إنكارها، فقد تم خلال المؤتمر استعراض وثائق هامة للغاية منها وثائق بريطانية ومذكرات تاريخية أجنبية تؤكد تاريخ آل خليفة في شبه جزيرة قطر الممتد من بداية ستينات القرن الثامن عشر الميلادي، كما أن هذا المؤتمر يسلط الضوء على قبائل قطر التي قامت وقتها بمبايعة آل خليفة كحكام لهم، ولعل هذا ما يفسر كلمة جلالة الملك حفظه الله ورعاه عندما ذكر خلال لقائه وفد من مؤسسة الأهرام المصرية في مارس 2018 "شعب قطر أهلنا وأصدقاؤنا وهم شعبنا قبل حكم آل ثاني!".
المؤتمر يلقي الضوء أيضاً على نقطة هامة قد لا يعيها الكثيرون ويجهل حقيقتها، وهي أن البحرين لم تتخلَّ يوماً عن حقها التاريخي في الزبارة، وكانت ضمن المطالب الرئيسة أمام محكمة العدل الدولية باعتبارها هي والمناطق الأخرى من الساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر تشكل جزءاً أصيلاً من أراضي البحرين، وهي حقوق تاريخية وشرعية موثقة من كيان البحرين السيادي، حيث رسمت تلك الحدود جبراً بقوة إسناد أجنبية، فإن كان البعض يتساءل إن كان للبحرين حق تاريخي فلماذا محكمة العدل الدولية لم تحكم للبحرين بحقها، فإن الإجابة حتماً هي أن مملكة البحرين تعرضت لسلسلة متواصلة من الأطماع والمؤامرات، وقد تم الاستيلاء على حكم الزبارة بتآمر قطري أجنبي، والمؤامرة البريطانية التي تمت من خلال فرض بريطانيا اتفاقية عام 1868 التي أدت إلى فصل الدوحة عن بقية أراضي شبه جزيرة قطر، مما مهد لإنشاء آل ثاني لكيانهم السياسي في شبه جزيرة قطر انطلاقاً من الدوحة وانتهاءً بالزبارة بعد العدوان العسكري عليها في عام 1937، مما يعني أن بريطانيا دعمت تآمر آل ثاني على حكم آل خليفة في الزبارة وشبه جزيرة قطر وتمكينهم فيها.
هناك فصول مثيرة ومهمة للغاية طرحت خلال المؤتمر لعل الكثير من الحاضرين لم يكونوا ليتعرفوا عليها إلا من خلال هذا الطرح الدقيق والتفصيلي لحقب تاريخية هامة للغاية، وكما يقال "إذا عرف السبب بطل العجب " فأطماع آل ثاني لم تتضح أكثر وتزيد إلا مع اكتشاف النفط، حيث قام حكام آل ثاني المتآمرون على سيادة البحرين بنهب منظم لثروات البحرين في أراضيها التاريخية، بل وحاولوا طمس المعالم التاريخية في الزبارة التي تؤكد حكم آل خليفة تاريخياً فيها "عقدة النقص والتاريخ"، والطامة الكبرى التي كشف عنها المؤتمر بحضور النخب الفكرية والإعلامية والسياسية والمؤرخة، الجرائم الإنسانية التي قام بها آل ثاني بحق شعب الزبارة من خلال التهجير القسري لقبائل الزبارة، وأهمهم قبيلة النعيم، تمهيداً لاحتلالها نظراً لكون قبيلة النعيمي من القبائل التي حافظت على ولائها لآل خليفة حكام جزيرة شبه قطر وجزر البحرين، حيث ارتكب آل ثاني سلسلة من الجرائم البشرية والعدوان العسكري بحقهم، وتلك شواهد تاريخية لا بد من إظهارها للرأي العام الإقليمي والدولي، خاصة أمام الحملات الإعلامية التي يقوم عليها تنظيم الحمدين أمام الأزمة القطرية الحاصلة.
المؤتمر كشف أن حكم آل ثاني جاء بالتآمر والتضليل ونفاق الولاءات المزدوجة في سبيل تأليب القبائل على حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر، كما أظهر أن بدعة غدر الشقيق بشقيقه ليست حديثة العهد، فجدهم جاسم بن حمد آل ثاني شجع على الاعتداءات على قوارب الغوص الإماراتية، كما أرسل رسالة إلى الشيخ زايد رحمه الله تتضمن إهانة وكلاماً فاحشاً، وتعامل الشيخ زايد وقتها بحكمة لردع إرهاب عصابات قطر، حيث جاء تحالف أبوظبي والبحرين بين شيوخ بني ياس وآل خليفة، وتلك فاصلة تاريخية قد يجهلها الرأي العام الخليجي، حيث حرض آل ثاني القبائل على الخروج على سلطة الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة في شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، وتحريض قبائل أبوظبي كقبيلة القبيسات على الخروج على سلطة الشيخ زايد بن خليفة الفلاحي رحمه الله حاكم أبوظبي من جهة أخرى في محاولة للانفراد بالسلطة في خور العديد بشبه جزيرة قطر، مما أدى في نهاية الأمر إلى صدام عسكري تمثل في الهجوم على بلدة الدوحة في عام 1866 بما عرفته بعض المصادر بخراب الدوحة الثاني، وفي ثمانيات القرن التاسع عشر تطور الخلاف السياسي بين شيوخ بني ياس وآل ثاني إلى سلسلة من المواجهات العسكرية امتدت من عام 1880 إلى 1890 أبرزها الهجوم على الدوحة عام 1880، ولعل هذا ما يفسر مؤامرات تنظيم الحمدين الإرهابي المستمرة على الإمارات وزرع الخلايا الإرهابية التي تحاول شق الوحدة الوطنية في الإمارات وقلب نظام الحكم والتآمر على أمن واستقرار الإمارات، والتي قامت بضبطها السلطات الإماراتية طيلة السنوات الماضية!
المثير أيضاً في هذا التاريخ، الذي كثير من فصوله تغيب علينا كجيل معاصر للأحداث، أن آل ثاني زادت أطماعهم خلال فترة ظهور النفط للحصول على امتيازات نفطية في المنطقة، فقد تم اكتشاف النفط بكميات تجارية كبيرة في البحرين في 1 يوليو 1931، وعند تأسيس شركة نفط البحرين بابكو عام 1929 والتي أسستها شركة أمريكية تم عقد اجتماع لتحديد حدود آل ثاني للحصول على امتيازات نفطية، مع أهمية إبعاد الأمريكيين عنها، وجاء اجتماع لمجلس الوزراء البريطاني ترأسه رئيس وزراء بريطانيا لضبط رسم الحدود مع مسألة تأمين الامتيازات النفطية في شبه جزيرة قطر، وكانت أطماع آل ثاني واضحة وقتها حيث كان النفط محركاً أساسياً لمحاولاتهم التمدد إقليمياً على حساب البحرين وممتلكات آل خليفة، واستعان آل ثاني برجال ليسوا من قطر ولا من شبه الجزيرة العربية لأجل شن عدوان عسكري على الزبارة وارتكاب التهجير القسري وجرائم إنسانية بحق قبيلة النعيمي التي تدين بالولاء للعائلة الحاكمة آل خليفة في شبه جزيرة قطر، حيث هرب من قبيلة النعيمي ما يقارب 200 إلى 300 شخص إلى البحرين بعد أن استخدم آل ثاني شاحنات تابعة لشركة امتيازات النفط المحدودة واتفقوا على 70 إلى 80 ألف ربية لأجل اعتدائهم على الزبارة! ثم طالبوا لاحقاً وفي فترة الأربعينات بضم حوار إلى سلطتهم!
قبيلة النعيمي كانوا ضد آل ثاني في استبدادهم للزبارة، وآل ثاني أرادوا اكتساب شرعية الحكم من خلال منح الجنسية لمن بقي منهم، وكلها حقائق تاريخية لايزال أحفاد الأحفاد لقبيلة النعيمي يذكرونها، حيث خلال المؤتمر ذكر الدكتور رمزان النعيمي أنه نُقل له تاريخ شفهي من مصدر قريب له وهو جده محمد بن جبر رمزان النعيمي الذي شارك في معركة الزبارة، وقد كان هناك العديد من المصابين جراء هذه المعركة الذين نقلوا إلى مستشفيات البحرين للعلاج.
كل هذه الوقائع التاريخية تعكس حكمة العائلة الحاكمة آل خليفة التي تحملت الكثير من سياسة ضبط النفس لأجل الحفاظ على وحدة دول الخليج العربي وعدم شق الصف أمام تعنت قطر وتآمرها الدائم الذي يأتي لأجل عقدة تاريخية منبثقة من تاريخ استحواذها وتآمرها لنيل حكم غير شرعي على حساب حكم آل خليفة في الزبارة. وما أشبه الأمس باليوم، فها هو تنظيم الحمدين اليوم يعمل على تجنيس الخلايا الإرهابية والأتراك والفرس والإسرائليين على حساب الشعب الأصلي لقطر، وأمام سحب جنسيات كبار مشايخ القبائل في قطر لأجل دعم استمرار حكمه في قطر وضمان موالاة هذه الخلايا لهم واستمرار مشاريعهم الإرهابية في المنطقة العربية وأطماعهم في التمدد إقليمياً من خلال زرع الخلايا الإرهابية فيها، كما لا يمكن ألا نربط بين هذا التاريخ الأسود المخزي وبين دعمهم للإرهاب والمؤامرة الإيرانية القطرية على مملكة البحرين عام 2011 لأجل إسقاط نظام الحكم.
هناك من وصل به الاستنتاج بعد هذا المؤتمر إلى أن حكم آل ثاني في شبه جزيرة قطر والزبارة، وبعد جرائم التهجير القسري لسكانها الأصليين، يتشابه مع واقع ما قامت به الدولة غير الشرعية إسرائيل في فلسطين من تهجير أهلها وارتكاب المجازر والجرائم الإنسانية، وكذلك فيما يخص عرب الأحواز وجرائم النظام الإيراني بحقهم، فبماذا يختلف آل ثاني الذين دعمتهم الأطماع البريطانية الأجنبية في الاستيلاء على ممتلكات العائلة الحاكمة آل خليفة في شبه جزيرة قطر، عن بني صهيون الذين دعمتهم أيضاً القوى الأجنبية للاستيلاء على حقوق الشعب الفلسطيني وأراضيهم، وكذلك عرب الأحواز ومطامع الاستيلاء على نفط الأحواز؟
إن توصيات المؤتمر أكدت على أهمية تشكيل لجنة متخصصة من الجهات المعنية لكشف جرائم الاحتلال الغاشم لآل ثاني في المناطق السيادية البحرينية أمام المحافل الدولية، والتصدي لكافة المحاولات الرامية لتزوير هذه الحقيقة أو محوها من التاريخ، واتخاذ الخطوات الإجرائية والقانونية لإعادة الحقوق لأصحابها من أحفاد المهجرين قسراً نتيجة ما حدث من إجراءات انتقامية ولا إنسانية مارسها حكام آل ثاني في العام 1937 ضد سكان وأهالي الزبارة ولا سيما قبيلة النعيم من احتلال واعتداءات وتهجير قسري بسبب ولائهم لحكم آل خليفة، وهو ما يندرج في إطار جرائم الحرب والعدوان والتهجير القسري في ضوء القانون الدولي، وما ارتكبه نظام الدوحة من تدابير وممارسات لتغيير معالم وشواهد الزبارة وإزالة الآثار والتراث الحضاري المادي، وهو يمثل جريمة إنسانية عالمية فادحه لا تسقط بالتقادم.
فمن يدعي أن مثل هذه المؤتمرات لا فائدة منها، بعد أن حكمت الأمور منذ عشرات السنين وانتهت النزاعات التاريخية بخصوص الحدود البحرينية القطرية، نقول له، كما جاء في توصيات المؤتمر، إن قطر تعمل على استغلال اتفاقية حماية التراث العالمي لإدراج الزبارة على أسس مغلوطة ومعلومات منقوصة بهدف طمس وتزوير البعد التاريخي للموقع وتغييب معالمه وعلاقته بالمؤسسين الأوائل من حكام آل خليفة، وهي عملية سطو على التراث الإنساني مرفوضة جملة وتفصيلاً، ومهما فعل نظام الدوحة لن يستطيع أن يغير طبيعة ومعالم الزبارة بأي إجراء تعسفي، فتهجير البشر رواية لايزال يتناقلها أحفادهم كما تم خلال المؤتمر، ومهما حاول نظام قطر الحالي تزييف الواقع فإن الواقع يشهد بجرائم آل ثاني الدموية والإنسانية في الزبارة.
ومثل هذه الحقب التاريخية لا بد أن تدرج في المناهج المدرسية كما جاء في التوصيات، ولا بد من تشجيع الباحثين على بذل المزيد من الجهد البحثي والتاريخي لإثراء المكتبة الخليجية والعربية والعالمية بدراسات تفصيلية عن مجمل حكم وسيادة آل خليفة في شبه جزيرة قطر كنموذج ناجح لدولة حديثة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية، وما تعرض له هذا النموذج من ممارسات عدائية فاقدة للشرعية التاريخية والقانونية والأخلاقية لأسباب تتعلق بالاستيلاء على الموارد والمقدرات، كما أن قضية قبيلة النعيمي لا بد أن تثار ويعاد تجديد طرحها كأبرز مثال على التهجير القسري الذي قام به نظام قطر، والذي أعيد اليوم بحق قبيلة الغفران والمري والهاجري في قطر بعد سحب الجنسيات من كبار مشايخهم.
كما نقترح أهمية أن تكون هناك أفلام وثائقية وسينمائية تستعرض هذا التاريخ، إلى جانب معارض متخصصة لاستعراض الوثائق التاريخية والصور ومنتديات وملتقيات شعبية وأهلية، فخلال المؤتمر، وعلى المستوى الشخصي، عندما قمنا ببث مباشر لبعض الجلسات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر الكثير من المواطنين البحرينيين والخليجيين أبدوا رغبتهم في حضور هذا المؤتمر وأبدوا اهتمامهم بهذه القضية لأجل الاطلاع على هذا التاريخ الذي يجهلونه، ولربما كان من الإمكان أن تكون هناك قاعة أخرى تنقل تلفزيونياً وقائع المؤتمر لمن يرغب بالحضور على سبيل المثال إن كانت قاعة جلسات المؤتمر لا تستحمل سوى حضور النخب والمفكرين، وهناك من الجيل الناشئ من صدمنا بمعلومة أنه كان يعتقد، كما أطلع بشكل مبسط، أن البحرين تتبع قطر فقط، هكذا دون التفقه في تفاصيل الأسر الحاكمة وتاريخ الحكم فيها!! كما أبدت إحدى الإعلاميات أهمية التركيز في هذه المؤتمرات التي تحمل تاريخ حكم العائلة الحاكمة في البحرين بحضور النخب الثقافية والفكرية والتاريخية لأفراد العائلة الحاكمة أنفسهم، حيث أبدت تمنياتها أن يكون هناك مؤتمر يحضر فيه أحفاد حكام آل خليفة في شبه جزيرة قطر، وأن يتكلموا عن تاريخ أجدادهم المعاصر هناك بحيث يكون المؤتمر خليفي الجلسات بالكامل.
لماذا لا توجد أفلام وثائقية، والأدلة والصور، أين الكتب والمصادر؟
- البحرين لم تتخلَّ يوماً عن حقها التاريخي في الزبارة
- أدلة ووثائق وخرائط تاريخية تؤكد حكم آل خليفة لشبه جزيرة قطر
- الاستيلاء على حكم الزبارة جاء بتآمر قطري بريطاني لإنشاء كيان غير شرعي لآل ثاني
- أطماع آل ثاني التوسعية ظهرت مع ظهور النفط والرغبة في نهب الثروات الطبيعية
- جاسم بن حمد آل ثاني شجع على الاعتداءات على قوارب الغوص الإماراتية
...
لربما كان السؤال الأبرز حول مؤتمر حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر التاريخ والسيادة الذي نظمه مشكوراً مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، لماذا يطرح مثل هذا المؤتمر في هذا التوقيت بالذات؟ هل هناك خطوات رسمية جادة ستقوم بها مملكة البحرين لاستعادة حقها التاريخي في الزبارة والساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر؟ هل هذا الطرح يأتي تمهيداً لأمور أخرى قادمة ومستجدات ستطرأ على ساحة الأزمة القطرية ودول المقاطعة أي الدول الداعية لمكافحة الإرهاب؟
مؤتمر حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر التاريخ والسيادة، يضع النقاط على الحروف بخصوص فصول العدوان العسكري والتاريخ العدائي والتآمري الذي دأب عليه نظام قطر وحكامها من آل ثاني تجاه مملكة البحرين وسيادتها وتاريخها، كما أنه يعرف النخب المهتمة والجيل الحالي والقادم بالتاريخ الحقيقي لحكم العائلة الحاكمة آل خليفة في البحرين وشبه جزيرة قطر، ويؤرخ فصلاً مهماً للغاية لم يأتِ أحد على ذكره بشكل دقيق وتفصيلي، فحتى نستدل على الأسباب الحقيقية لمقاطعة قطر ومؤامراتها المستمرة التي طفح الكيل بها، وحتى تتضح الصورة كاملة حول أسباب هذا العداء ومن أين جاء، لا بد من العودة إلى المربع الأول من تاريخ المؤامرات القطرية على حكام آل خليفة الحكام الشرعيين للبحرين وشبه جزيرة قطر، وتسليط الضوء على العقد التاريخية التي يحملها آل ثاني تجاه حكامهم من آل خليفة.
المؤتمر لم يطرح وجهات نظر أو كلمات إنشائية ورؤى واجتهادات تعكس واقع الأزمة القطرية مع البحرين، إنما الطرح كله جاء بأدلة وإثباتات ووثائق وخرائط تاريخية وشواهد لا يمكن إلغاؤها أو إنكارها، فقد تم خلال المؤتمر استعراض وثائق هامة للغاية منها وثائق بريطانية ومذكرات تاريخية أجنبية تؤكد تاريخ آل خليفة في شبه جزيرة قطر الممتد من بداية ستينات القرن الثامن عشر الميلادي، كما أن هذا المؤتمر يسلط الضوء على قبائل قطر التي قامت وقتها بمبايعة آل خليفة كحكام لهم، ولعل هذا ما يفسر كلمة جلالة الملك حفظه الله ورعاه عندما ذكر خلال لقائه وفد من مؤسسة الأهرام المصرية في مارس 2018 "شعب قطر أهلنا وأصدقاؤنا وهم شعبنا قبل حكم آل ثاني!".
المؤتمر يلقي الضوء أيضاً على نقطة هامة قد لا يعيها الكثيرون ويجهل حقيقتها، وهي أن البحرين لم تتخلَّ يوماً عن حقها التاريخي في الزبارة، وكانت ضمن المطالب الرئيسة أمام محكمة العدل الدولية باعتبارها هي والمناطق الأخرى من الساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر تشكل جزءاً أصيلاً من أراضي البحرين، وهي حقوق تاريخية وشرعية موثقة من كيان البحرين السيادي، حيث رسمت تلك الحدود جبراً بقوة إسناد أجنبية، فإن كان البعض يتساءل إن كان للبحرين حق تاريخي فلماذا محكمة العدل الدولية لم تحكم للبحرين بحقها، فإن الإجابة حتماً هي أن مملكة البحرين تعرضت لسلسلة متواصلة من الأطماع والمؤامرات، وقد تم الاستيلاء على حكم الزبارة بتآمر قطري أجنبي، والمؤامرة البريطانية التي تمت من خلال فرض بريطانيا اتفاقية عام 1868 التي أدت إلى فصل الدوحة عن بقية أراضي شبه جزيرة قطر، مما مهد لإنشاء آل ثاني لكيانهم السياسي في شبه جزيرة قطر انطلاقاً من الدوحة وانتهاءً بالزبارة بعد العدوان العسكري عليها في عام 1937، مما يعني أن بريطانيا دعمت تآمر آل ثاني على حكم آل خليفة في الزبارة وشبه جزيرة قطر وتمكينهم فيها.
هناك فصول مثيرة ومهمة للغاية طرحت خلال المؤتمر لعل الكثير من الحاضرين لم يكونوا ليتعرفوا عليها إلا من خلال هذا الطرح الدقيق والتفصيلي لحقب تاريخية هامة للغاية، وكما يقال "إذا عرف السبب بطل العجب " فأطماع آل ثاني لم تتضح أكثر وتزيد إلا مع اكتشاف النفط، حيث قام حكام آل ثاني المتآمرون على سيادة البحرين بنهب منظم لثروات البحرين في أراضيها التاريخية، بل وحاولوا طمس المعالم التاريخية في الزبارة التي تؤكد حكم آل خليفة تاريخياً فيها "عقدة النقص والتاريخ"، والطامة الكبرى التي كشف عنها المؤتمر بحضور النخب الفكرية والإعلامية والسياسية والمؤرخة، الجرائم الإنسانية التي قام بها آل ثاني بحق شعب الزبارة من خلال التهجير القسري لقبائل الزبارة، وأهمهم قبيلة النعيم، تمهيداً لاحتلالها نظراً لكون قبيلة النعيمي من القبائل التي حافظت على ولائها لآل خليفة حكام جزيرة شبه قطر وجزر البحرين، حيث ارتكب آل ثاني سلسلة من الجرائم البشرية والعدوان العسكري بحقهم، وتلك شواهد تاريخية لا بد من إظهارها للرأي العام الإقليمي والدولي، خاصة أمام الحملات الإعلامية التي يقوم عليها تنظيم الحمدين أمام الأزمة القطرية الحاصلة.
المؤتمر كشف أن حكم آل ثاني جاء بالتآمر والتضليل ونفاق الولاءات المزدوجة في سبيل تأليب القبائل على حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر، كما أظهر أن بدعة غدر الشقيق بشقيقه ليست حديثة العهد، فجدهم جاسم بن حمد آل ثاني شجع على الاعتداءات على قوارب الغوص الإماراتية، كما أرسل رسالة إلى الشيخ زايد رحمه الله تتضمن إهانة وكلاماً فاحشاً، وتعامل الشيخ زايد وقتها بحكمة لردع إرهاب عصابات قطر، حيث جاء تحالف أبوظبي والبحرين بين شيوخ بني ياس وآل خليفة، وتلك فاصلة تاريخية قد يجهلها الرأي العام الخليجي، حيث حرض آل ثاني القبائل على الخروج على سلطة الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة في شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، وتحريض قبائل أبوظبي كقبيلة القبيسات على الخروج على سلطة الشيخ زايد بن خليفة الفلاحي رحمه الله حاكم أبوظبي من جهة أخرى في محاولة للانفراد بالسلطة في خور العديد بشبه جزيرة قطر، مما أدى في نهاية الأمر إلى صدام عسكري تمثل في الهجوم على بلدة الدوحة في عام 1866 بما عرفته بعض المصادر بخراب الدوحة الثاني، وفي ثمانيات القرن التاسع عشر تطور الخلاف السياسي بين شيوخ بني ياس وآل ثاني إلى سلسلة من المواجهات العسكرية امتدت من عام 1880 إلى 1890 أبرزها الهجوم على الدوحة عام 1880، ولعل هذا ما يفسر مؤامرات تنظيم الحمدين الإرهابي المستمرة على الإمارات وزرع الخلايا الإرهابية التي تحاول شق الوحدة الوطنية في الإمارات وقلب نظام الحكم والتآمر على أمن واستقرار الإمارات، والتي قامت بضبطها السلطات الإماراتية طيلة السنوات الماضية!
المثير أيضاً في هذا التاريخ، الذي كثير من فصوله تغيب علينا كجيل معاصر للأحداث، أن آل ثاني زادت أطماعهم خلال فترة ظهور النفط للحصول على امتيازات نفطية في المنطقة، فقد تم اكتشاف النفط بكميات تجارية كبيرة في البحرين في 1 يوليو 1931، وعند تأسيس شركة نفط البحرين بابكو عام 1929 والتي أسستها شركة أمريكية تم عقد اجتماع لتحديد حدود آل ثاني للحصول على امتيازات نفطية، مع أهمية إبعاد الأمريكيين عنها، وجاء اجتماع لمجلس الوزراء البريطاني ترأسه رئيس وزراء بريطانيا لضبط رسم الحدود مع مسألة تأمين الامتيازات النفطية في شبه جزيرة قطر، وكانت أطماع آل ثاني واضحة وقتها حيث كان النفط محركاً أساسياً لمحاولاتهم التمدد إقليمياً على حساب البحرين وممتلكات آل خليفة، واستعان آل ثاني برجال ليسوا من قطر ولا من شبه الجزيرة العربية لأجل شن عدوان عسكري على الزبارة وارتكاب التهجير القسري وجرائم إنسانية بحق قبيلة النعيمي التي تدين بالولاء للعائلة الحاكمة آل خليفة في شبه جزيرة قطر، حيث هرب من قبيلة النعيمي ما يقارب 200 إلى 300 شخص إلى البحرين بعد أن استخدم آل ثاني شاحنات تابعة لشركة امتيازات النفط المحدودة واتفقوا على 70 إلى 80 ألف ربية لأجل اعتدائهم على الزبارة! ثم طالبوا لاحقاً وفي فترة الأربعينات بضم حوار إلى سلطتهم!
قبيلة النعيمي كانوا ضد آل ثاني في استبدادهم للزبارة، وآل ثاني أرادوا اكتساب شرعية الحكم من خلال منح الجنسية لمن بقي منهم، وكلها حقائق تاريخية لايزال أحفاد الأحفاد لقبيلة النعيمي يذكرونها، حيث خلال المؤتمر ذكر الدكتور رمزان النعيمي أنه نُقل له تاريخ شفهي من مصدر قريب له وهو جده محمد بن جبر رمزان النعيمي الذي شارك في معركة الزبارة، وقد كان هناك العديد من المصابين جراء هذه المعركة الذين نقلوا إلى مستشفيات البحرين للعلاج.
كل هذه الوقائع التاريخية تعكس حكمة العائلة الحاكمة آل خليفة التي تحملت الكثير من سياسة ضبط النفس لأجل الحفاظ على وحدة دول الخليج العربي وعدم شق الصف أمام تعنت قطر وتآمرها الدائم الذي يأتي لأجل عقدة تاريخية منبثقة من تاريخ استحواذها وتآمرها لنيل حكم غير شرعي على حساب حكم آل خليفة في الزبارة. وما أشبه الأمس باليوم، فها هو تنظيم الحمدين اليوم يعمل على تجنيس الخلايا الإرهابية والأتراك والفرس والإسرائليين على حساب الشعب الأصلي لقطر، وأمام سحب جنسيات كبار مشايخ القبائل في قطر لأجل دعم استمرار حكمه في قطر وضمان موالاة هذه الخلايا لهم واستمرار مشاريعهم الإرهابية في المنطقة العربية وأطماعهم في التمدد إقليمياً من خلال زرع الخلايا الإرهابية فيها، كما لا يمكن ألا نربط بين هذا التاريخ الأسود المخزي وبين دعمهم للإرهاب والمؤامرة الإيرانية القطرية على مملكة البحرين عام 2011 لأجل إسقاط نظام الحكم.
هناك من وصل به الاستنتاج بعد هذا المؤتمر إلى أن حكم آل ثاني في شبه جزيرة قطر والزبارة، وبعد جرائم التهجير القسري لسكانها الأصليين، يتشابه مع واقع ما قامت به الدولة غير الشرعية إسرائيل في فلسطين من تهجير أهلها وارتكاب المجازر والجرائم الإنسانية، وكذلك فيما يخص عرب الأحواز وجرائم النظام الإيراني بحقهم، فبماذا يختلف آل ثاني الذين دعمتهم الأطماع البريطانية الأجنبية في الاستيلاء على ممتلكات العائلة الحاكمة آل خليفة في شبه جزيرة قطر، عن بني صهيون الذين دعمتهم أيضاً القوى الأجنبية للاستيلاء على حقوق الشعب الفلسطيني وأراضيهم، وكذلك عرب الأحواز ومطامع الاستيلاء على نفط الأحواز؟
إن توصيات المؤتمر أكدت على أهمية تشكيل لجنة متخصصة من الجهات المعنية لكشف جرائم الاحتلال الغاشم لآل ثاني في المناطق السيادية البحرينية أمام المحافل الدولية، والتصدي لكافة المحاولات الرامية لتزوير هذه الحقيقة أو محوها من التاريخ، واتخاذ الخطوات الإجرائية والقانونية لإعادة الحقوق لأصحابها من أحفاد المهجرين قسراً نتيجة ما حدث من إجراءات انتقامية ولا إنسانية مارسها حكام آل ثاني في العام 1937 ضد سكان وأهالي الزبارة ولا سيما قبيلة النعيم من احتلال واعتداءات وتهجير قسري بسبب ولائهم لحكم آل خليفة، وهو ما يندرج في إطار جرائم الحرب والعدوان والتهجير القسري في ضوء القانون الدولي، وما ارتكبه نظام الدوحة من تدابير وممارسات لتغيير معالم وشواهد الزبارة وإزالة الآثار والتراث الحضاري المادي، وهو يمثل جريمة إنسانية عالمية فادحه لا تسقط بالتقادم.
فمن يدعي أن مثل هذه المؤتمرات لا فائدة منها، بعد أن حكمت الأمور منذ عشرات السنين وانتهت النزاعات التاريخية بخصوص الحدود البحرينية القطرية، نقول له، كما جاء في توصيات المؤتمر، إن قطر تعمل على استغلال اتفاقية حماية التراث العالمي لإدراج الزبارة على أسس مغلوطة ومعلومات منقوصة بهدف طمس وتزوير البعد التاريخي للموقع وتغييب معالمه وعلاقته بالمؤسسين الأوائل من حكام آل خليفة، وهي عملية سطو على التراث الإنساني مرفوضة جملة وتفصيلاً، ومهما فعل نظام الدوحة لن يستطيع أن يغير طبيعة ومعالم الزبارة بأي إجراء تعسفي، فتهجير البشر رواية لايزال يتناقلها أحفادهم كما تم خلال المؤتمر، ومهما حاول نظام قطر الحالي تزييف الواقع فإن الواقع يشهد بجرائم آل ثاني الدموية والإنسانية في الزبارة.
ومثل هذه الحقب التاريخية لا بد أن تدرج في المناهج المدرسية كما جاء في التوصيات، ولا بد من تشجيع الباحثين على بذل المزيد من الجهد البحثي والتاريخي لإثراء المكتبة الخليجية والعربية والعالمية بدراسات تفصيلية عن مجمل حكم وسيادة آل خليفة في شبه جزيرة قطر كنموذج ناجح لدولة حديثة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية، وما تعرض له هذا النموذج من ممارسات عدائية فاقدة للشرعية التاريخية والقانونية والأخلاقية لأسباب تتعلق بالاستيلاء على الموارد والمقدرات، كما أن قضية قبيلة النعيمي لا بد أن تثار ويعاد تجديد طرحها كأبرز مثال على التهجير القسري الذي قام به نظام قطر، والذي أعيد اليوم بحق قبيلة الغفران والمري والهاجري في قطر بعد سحب الجنسيات من كبار مشايخهم.
كما نقترح أهمية أن تكون هناك أفلام وثائقية وسينمائية تستعرض هذا التاريخ، إلى جانب معارض متخصصة لاستعراض الوثائق التاريخية والصور ومنتديات وملتقيات شعبية وأهلية، فخلال المؤتمر، وعلى المستوى الشخصي، عندما قمنا ببث مباشر لبعض الجلسات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر الكثير من المواطنين البحرينيين والخليجيين أبدوا رغبتهم في حضور هذا المؤتمر وأبدوا اهتمامهم بهذه القضية لأجل الاطلاع على هذا التاريخ الذي يجهلونه، ولربما كان من الإمكان أن تكون هناك قاعة أخرى تنقل تلفزيونياً وقائع المؤتمر لمن يرغب بالحضور على سبيل المثال إن كانت قاعة جلسات المؤتمر لا تستحمل سوى حضور النخب والمفكرين، وهناك من الجيل الناشئ من صدمنا بمعلومة أنه كان يعتقد، كما أطلع بشكل مبسط، أن البحرين تتبع قطر فقط، هكذا دون التفقه في تفاصيل الأسر الحاكمة وتاريخ الحكم فيها!! كما أبدت إحدى الإعلاميات أهمية التركيز في هذه المؤتمرات التي تحمل تاريخ حكم العائلة الحاكمة في البحرين بحضور النخب الثقافية والفكرية والتاريخية لأفراد العائلة الحاكمة أنفسهم، حيث أبدت تمنياتها أن يكون هناك مؤتمر يحضر فيه أحفاد حكام آل خليفة في شبه جزيرة قطر، وأن يتكلموا عن تاريخ أجدادهم المعاصر هناك بحيث يكون المؤتمر خليفي الجلسات بالكامل.
لماذا لا توجد أفلام وثائقية، والأدلة والصور، أين الكتب والمصادر؟