توجيه التهم للبحرين مسألة سهلة يسيرة، فهذه العملية لا تكلف سوى جهد النطق بالاتهام لو كان شفاهة أو كتابته لو أريد له أن يكون تحريرياً، لكن إثباتها هو غير الممكن. سهل مثلاً أن يقول مريدو السوء إن البحرين تمارس التعذيب ضد المحتجزين والسجناء، وسهل أن يقولوا إن القضاء يسيس الأحكام، وسهل القول أيضاً إن الاعتقالات تتم بشكل عشوائي وإنه لا حقوق لمن يتم احتجازه أو محاكمته، سهل جداً توجيه كل اتهام للبحرين، لكن إثبات ذلك غير ممكن، حيث استعراض الوضع الأمني والقانوني في البحرين يدفع بسهولة في اتجاه إفشال كل تلك الاتهامات، فالبحرين كما ردد وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في أكثر من محفل «تشهد تطوراً كبيراً يؤهلها لأن تكون في مقدمة الدول في مجال تحقيق الأمن الشامل والعدالة للجميع؛ فهناك الأمانة العامة للتظلمات لمن يريد أن يتظلم ضد الشرطة، ووحدة التحقيق الخاصة في النيابة العامة، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وهي خطوات إصلاحية أمنية وقانونية وسياسية رائدة، ترسخ منهجية الأمن العادل»، وهكذا فيما يخص الاتهامات الأخرى التي لم يتمكن مريدو السوء من إثباتها وإقناع العالم بما يقولونه عن البحرين، فالعالم يرى أن البحرين دولة مؤسسات وقانون، ويرى أن ما يقوله أولئك لا دليل عليه.

توجيه التهم من دون توفير الدليل على صحتها يسيء إلى «المعارضة» التي عليها ألا تقع في هذا الفخ لو أرادت أن يكون لها مصداقية، والواقع يؤكد أن تورطها في هذه المسألة جعلها تخسر الكثير، خصوصاً في الخارج الذي تعول عليه والذي من ثقافته السؤال عن الدليل وعما يثبت صحة الاتهامات التي توجه إلى أي طرف وعدم الأخذ بالكلام واعتبار الاتهامات صحيحة لمجرد أنها صدرت عن المجموعة التي تتخذ من الحكم موقفا سالبا. ولأن الخارج يرى كل تلك المؤسسات الوطنية التي تضمن الحقوق ويرى حجم التطور في العمل الحقوقي في البحرين لذا لا يمكنه أن يصدق ما يسمعه أو يقرؤه من اتهامات إلا أن توفر ما يثبت صحتها، ولأن موجهي تلك التهم يسوقونها ولا يوفرون معها ما يثبت صحتها لذا فإن الخارج لا يصدقهم وليس بعيداً أن يأتي اليوم الذي يرفض حتى السماع منهم وحشرهم في قائمة الكاذبين.

تعذيب المحتجزين والسجناء أمر مرفوض، ليس من المنظمات الحقوقية فقط، وليس من «المعارضة» فقط، ولكنه مرفوض من كل مواطن أيضاً، فلا يمكن لأحد أن يوافق على هذا السلوك لو أن الأجهزة ذات العلاقة تمارسه، لكن أحداً من المواطنين أو المنظمات الحقوقية لا يمكنه أيضاً اعتبار ما يساق في هذا الخصوص من اتهامات ضد الحكومة صحيحا إن لم يصحب بالدليل وخصوصاً مع توفر كل تلك المؤسسات الوطنية التي تحفظ الحقوق.

ما هو حاصل فعلاً ملخصه أن المجموعة التي تتخذ من الحكومة موقفاً ومعها الدول التي تقف وراءها وتدعمها وتستفيد من قلة خبرتها توجه الاتهامات للبحرين وتترك بقية العملية للترسانة الإعلامية الإيرانية والقطرية التي تباشر مهامها فور توجيه تلك الاتهامات أملا في إثباتها عن طريق تكرار الحديث فيها، لكن لا تلك المجموعة ولا من يقف وراءها يدعمها ويمولها يوفرون ما يثبت صحة تلك الاتهامات، لهذا فإن البحرين تكسب دائماً وبسهولة.

القاعدة التي يعمل بها كل موضوعي في العالم هي أن «البينة على من ادعى»، ولأن المدعي موضوع الحديث هنا لا يوفر البينة والدليل ولا يستطيع أن يثبت صحة الاتهامات التي يوجهها لذا ليس له سوى أن ينكفئ.