السؤال الذي ينبغي أن يثار بقوة اليوم هو ما هي المسؤولية التي ينبغي من أولئك الذين حرضوا العامة على الخروج ومواجهة رجال الأمن في السنوات السبع الماضية تحملها تجاه من آذى نفسه وأهله بسبب استجابته لهم؟ هل انتهى دورهم أم أن عليهم أن يتكفلوا بإعانته وإعانة أهله بسبب ما حصل له؟ هل يقتصر دورهم على الشحن والتحريض أم أن عليهم أن ينتشلوا من استجاب لهم ويخرجوه من المأزق الذي صار فيه بسببهم؟ أوليسوا هم من اتخذ قرار تنفيذ تلك القفزة المجنونة في الهواء فكانوا السبب وراء كل ما حدث بعد ذلك للكثيرين؟
منطقاً ينبغي أن يتحمل أولئك المسؤولية فيوفرون الوظائف لمن فقد وظيفته بسببهم، ويوفرون المال المعين على العيش الكريم لمن لم يحصل على وظيفة أو لم تتم إعادته إلى وظيفته التي فصل منها عندما استجاب لهم، ومنطقاً عليهم أن يبذلوا كل الجهود ليعوضوا خسائر الناس الذين شحنوهم وأخرجوهم إلى الشوارع ودفعوهم إلى مواجهة رجال الأمن والقيام بأعمال التخريب التي لا يمكن أن تمر من دون حساب وعقاب.
لولا الشحن والتحريض الذي مارسه أولئك على هؤلاء لما خرج أحد إلى الشوارع ولما قام بما قام به وكان سبباً لدخوله السجن أو فقده لوظيفته وخسارته لمستقبله وارتباك حياته، ولولا ذلك الشحن والتحريض لما عاشت البلاد السنوات السبع الصعاب التي عاشتها قبل أن يتمكن رجال البحرين من إخراجها منها. ما هو فيه البعض اليوم سببه أولئك الذين عليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم ويوفروا ما يحتاجه المتضررون كي يعيشوا ويطعموا أبناءهم، فالمنطق هو أن المسؤولية هنا ليست مسؤولية الحكومة ولكن مسؤولية من كان السبب والمحرك وكان وراء كل ذلك.
ما فعله المحرضون هو أنهم شحنوا العامة وأخرجوهم إلى الشوارع واستخدموهم وقوداً للحرب التي أرادوها ثم عندما حصل لهم ما حصل رفعوا أيديهم عنهم وبرؤوا أنفسهم وقالوا إن مسؤولية جبر الضرر هي مسؤولية الحكومة التي عليها أن تعيد المفصولين إلى وظائفهم وأن توفر الوظيفة لكل من قام بأعمال التخريب ومارس الإرهاب وأن وأن.... واعتبروا تأخرها عن القيام بذلك اعتداء على حقوق الإنسان وتقصيراً في حق المواطنين.
عندما أكون السبب وراء فصل شخص من وظيفته فإن تدبير أمر إعادته إلى وظيفته أو إيجاد وظيفة بديلة له مسؤوليتي التي علي أن أتحملها وليس مسؤولية الآخرين الذين أخطأ في حقهم. ما حدث هو أن أولئك الذين اعتقدوا في لحظة أنهم قادرون على الاستيلاء على السلطة بعدما "زهزه" لهم ملالي إيران وقطر حرضوا الناس وشحنوهم وأخرجوهم من بيوتهم فخرجوا تحت مسميات عديدة، ثم عندما فشلوا تركوهم وشأنهم وكأنهم لا يعرفونهم.
لا أحد يختلف على أن مسؤولية إيجاد الوظيفة ومصادر الرزق للمواطنين هي بالدرجة الأولى مسؤولية الحكومة التي عليها أن تبذل كل جهد ممكن لتحقيق ذلك، لكن المسؤولية في الحالة موضوع الحديث هي مسؤولية أولئك الذين تسببوا على من تسببوا عليه قبل أن تكون مسؤولية الحكومة. هكذا يقول المنطق الذي يقول أيضاً إن على من قبل أن يشارك في ذلك العمل أن يتوقع كل شيء ويتحمل كل ما قد يأتيه.
إلقاء الكرة في ملعب الحكومة ليس هو الحل، ومطالبة أولئك الذين حرضوا وشحنوا بتحملهم لمسؤولياتهم حق ومنطق ولكنه أيضاً غير قابل للتحقق لعدم قدرتهم على القيام بذلك، لذا فإن الحل المنطقي والواقعي هو أن يتخذ المخطئون في حق الوطن قراراً بالتوقف عن كل ممارسة خاطئة وكل عمل يؤذي الوطن ويعتذروا، فهذا كفيل بتشجيع الحكومة على مساعدتهم وحل مشكلاتهم التي سيظلون يعانون منها طالما ظلت آذانهم مفتوحة لمريدي السوء.