لو أن وزارة الخارجية لم تصدر بياناً تدين فيه "إقرار الكنيست الإسرائيلي لما يُسمى بقانون الدولة القومية للشعب اليهودي" وتقول إن القانون "يتجاهل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني ويعد تكريساً للعنصرية وخرقاً واضحاً للقانون الدولي والأعراف والمواثيق الدولية وتهديداً خطيراً وعقبة كبيرة أمام جهود إحلال السلام وفق حل الدولتين وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية" ، لو أن الخارجية لم تفعل وتقول هذا لاتهم البعض البحرين بأنها تقف إلى جانب إسرائيل وإنها تطبع معها وإنها خانت القضية الفلسطينية وما إلى هذا من كلام ناقص واتهامات باطلة ولقال إنه كان ينبغي "على الأقل" أن تصدر بياناً تستنكر فيه ذلك وتدينه ! ومع هذا – رغم إصدارها البيان ووقوفها بقوة مع كل من استنكر الخطوة الإسرائيلية - لم تسلم من النقد والتطاول حيث انبرى من يقول بأن "هذا الاستنكار لا قيمة له لأنه لم يتبعه فعل" ! وذكر قصصاً لا علاقة لها بالموضوع في محاولة لتثبيت اتهامات ظالمة ضد البحرين التي سبق أن أعلنت بوضوح بأنها ملتزمة بالقرارات العربية فيما يخص القضية الفلسطينية وأن أي علاقة مع إسرائيل غير ممكنة قبل حل القضية وفق القرارات الدولية .

حكومة البحرين جادة بإدانتها واستنكارها ، والربط بين هذا الموقف وأمور أخرى لا وجود لها إلا في خيال البعض ربط غير منطقي وغير واقعي ، وكما أن إدانة إقرار الكنيست الإسرائيلي لما يسمى بقانون الدولة القومية للشعب اليهودي لا يعني الدخول في مواجهة مع إسرائيل كذلك فإن التعامل وفق الواقع والمنطق لا يعني التطبيع مع إسرائيل خصوصاً في ظل وجود توجه واضح للمملكة والتزام بالقرارات الدولية والموقف العربي فيما يخص القضية الفلسطينية .

في إحدى السنوات استضافت إحدى الجمعيات السياسية عزمي بشارة وأقامت له حفلاً خاصاً تقديراً له واعتزازاً بشخصه. لم يهم تلك الجمعية جواز السفر الذي كان بشارة يتنقل به ولا أنه عضو في الكنيست الإسرائيلي ، ولم تسمح لأحد أن يثير هذا الأمر ولم تعتبر ذلك تطبيعا وتأسيس علاقة مع إسرائيل . تذكرهذه المعلومة مهم كي لا يتم توجيه الاتهامات الناقصة للحكومة ويتم لومها رغم أنها أصدرت بيانا واضحا أدانت فيه واستنكرت الخطوة الإسرائيلية . غير مقبول أن تبرر الجمعيات السياسية لنفسها وتلوم الحكومة لو حصل منها أمرا مشابها أو أمرا أقل مستوى منه . الدعوة إلى إحياء مكتب المقاطعة الذي تمت تجربته في بعض السنين في العديد من الدول العربية وفشل في تحقيق أهدافه دعوة لم تعد واقعية وعملية لأنها دعوة عاطفية، والعواطف في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة لا تحقق أي هدف ولا تعين على تحقيق أي غاية وهي في كل الأحوال لا تفيد القضية الفلسطينية.

للتأكيد ، لا توجد علاقات دبلوماسية بين البحرين وإسرائيل ، ولا توجد اتصالات كالتي يتحدث عنها البعض ويرمي بها إلى الإساءة إلى المملكة ، فالبحرين واضحة في تحركها ونشاطها ، ومواقفها ثابتة ، وهي ملتزمة بكل ما عاهدت نفسها على الالتزام به ، وعندما تقرر أمرا فإنها لن تتردد عن الإعلان عنه وليست في حاجة إلى تبريره .

استنكار وإدانة وزارة الخارجية لإقرار الكنيست الإسرائيلي لما يسمى بقانون الدولة القومية للشعب اليهودي تأكيد على التزام البحرين بالموقف العربي وأنها لا يمكن أن تقف مع ما قد يسيء إلى القضية الفلسطينية التي هي القضية المركزية وما ينتهك حقوق الشعب الفلسطيني ويكرس نظام التمييز العنصري ويعطل مشاريع إيجاد حل سلمي لهذه القضية .

ما قاله البعض تعليقاً على بيان الإدانة والاستنكار مثال على التفكير السالب الذي يؤكد أن أصحابه ينظرون إلى الأمور من زاوية ضيقة ولا يعرفون موقف البحرين من القضية الفلسطينية.