تاجر إيراني يظهر في مقطع فيديو وهو "يكنس" كمية من الريالات الإيرانية الملقاة على الأرض بمكنسته، ويقول هذه مجرد أوساخ هذا قدرها بعد أن لم يعد لها قيمة، وهذا بحد ذاته إرهاص لأمر كبير.
يقولون "اسأل مجرب ولا تسأل حكيم" لذا سأتكلم من واقع تجربة عشتها ومن تاريخ عاشه جدي، لنستشرف مستقبلاً ستعيشه إيران، بعيداً عن التحليل السياسي والحسابات الاقتصادية، ولنبدأ بتاريخ عاشه جدي قبل مائة وسنتين في بغداد، حيث كانت الدولة العثمانية تحكم خلال الحرب العالمية الأولى ومع خسارتها البصرة، لكنها كانت تبدو قوية - ظاهراً - في بغداد، وكان الناس مؤيدين لهذه الدولة ضد الغازي الإنجليزي مع أن عدداً من أبنائهم قتلوا في هذه الحرب، وفجأة حصلت مشكلة غيرت الموازين عرفت هذه المشكلة بـ "مشكلة النوط" عندما بدأت الدولة العثمانية بطباعة العملة "الليرة" الورقية بدل من نقودها من الذهب والفضة، وأصدرت بلاغاً للناس بوجود تسليم ما بحوزتهم من نقود ذهبية وفضية إلى الجيش واستلام الورقية محلها، وبدأ التجار والصيرفيون يرفضون العملة الجديدة، وفي المقابل بدأت الدولة بتهديد التجار وتغريم من يرفض التعامل بها، وانخفضت قيمة الليرة الورقية إلى الربع في غضون ستة أشهر، وقد أثر هذا على كل طبقات المجتمع بنسب متفاوتة لكن الجميع تضرر منه وصار الناس يتمنون الخلاص بأي طريقة، وبعد مشكلة النوط بتسعة أشهر دخلت القوات الإنجليزية الغازية لبغداد دون أي مقاومة، وأغرقوا المدينة بالأموال عبر تعهدات ومقاولات لمشاريعهم، وتغير الوضع الاقتصادي وظهرت طبقة جديدة من الأغنياء.
أما ما عشته بنفسي وشهدته في بغداد أيضاً فكان في تسعينيات القرن الماضي عندما حاصرت أمريكا العراق ومعها دول العالم وأطاحوا بالدينار العراقي أمام الدولار، ثم ارتفعت قيمة الدينار بعد سنة 1996 عندما بدأ العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء، واستقر مدة على ذلك التحسن، لكن قبيل الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، بأشهر قليل هبطت قيمة الدينار أمام الدولار إلى أدنى مستوياتها حتى أصبح الدولار الأمريكي الواحد تتجاوز قيمته 3500 دينار عراقي، وخلال حقبة التسعينيات كانت الحكومة العراقية تطبع العملة طباعة محلية رديئة جداً، وصار الدينار مثارا للسخرية والاستهزاء وأصبحت النقود لا تعد بالأيدي وأجهزة العد وإنما توضع على الميزان فقط فيعرف التاجر قيمتها، وأثر هذا الأمر على حياة العراقيين تأثيراً سلبياً.
وفي كلا المرتين كان الحال واحداً وهو استعداد الناس للتخلص من النظام الحاكم، بل تمنيهم ذلك، فإذا ما وصل الأمر إلى قمته، تحرك الطرف المقابل لضرب النظام الحاكم ضربة بسيطة يهوي بسببها، وهنا يضمن عدم بذل جهود وخسائر كبيرة لإزالة النظام أو الغزو والاحتلال، ولنأتي الآن إلى الوضع القائم في إيران هذه الأيام، فالريال الإيراني ينخفض إلى أدنى مستوياته ليصبح الدولار الواحد يعادل 115 ألف ريال! يتذمر الإيرانيون فتعتقل السلطات عدداً منهم بتهمة إثارة البلبلة الاقتصادية وإشاعة الفساد في الأرض، تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام، أما لماذا هبطت قيمة الريال، فالأمر يتعلق وبشكل واضح بوضع إيران السياسي وقرب دخول الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ والمتوقع أن تكون في السابع من أغسطس الجاري.
الوضع الذي تعيشه إيران الآن ما هو إلا إرهاص لأحداث قادمة على المدى القريب في إيران، وما يحدث الآن هو لجعل الناس يتقبلون هذا الحدث أو يسعون له.
يقولون "اسأل مجرب ولا تسأل حكيم" لذا سأتكلم من واقع تجربة عشتها ومن تاريخ عاشه جدي، لنستشرف مستقبلاً ستعيشه إيران، بعيداً عن التحليل السياسي والحسابات الاقتصادية، ولنبدأ بتاريخ عاشه جدي قبل مائة وسنتين في بغداد، حيث كانت الدولة العثمانية تحكم خلال الحرب العالمية الأولى ومع خسارتها البصرة، لكنها كانت تبدو قوية - ظاهراً - في بغداد، وكان الناس مؤيدين لهذه الدولة ضد الغازي الإنجليزي مع أن عدداً من أبنائهم قتلوا في هذه الحرب، وفجأة حصلت مشكلة غيرت الموازين عرفت هذه المشكلة بـ "مشكلة النوط" عندما بدأت الدولة العثمانية بطباعة العملة "الليرة" الورقية بدل من نقودها من الذهب والفضة، وأصدرت بلاغاً للناس بوجود تسليم ما بحوزتهم من نقود ذهبية وفضية إلى الجيش واستلام الورقية محلها، وبدأ التجار والصيرفيون يرفضون العملة الجديدة، وفي المقابل بدأت الدولة بتهديد التجار وتغريم من يرفض التعامل بها، وانخفضت قيمة الليرة الورقية إلى الربع في غضون ستة أشهر، وقد أثر هذا على كل طبقات المجتمع بنسب متفاوتة لكن الجميع تضرر منه وصار الناس يتمنون الخلاص بأي طريقة، وبعد مشكلة النوط بتسعة أشهر دخلت القوات الإنجليزية الغازية لبغداد دون أي مقاومة، وأغرقوا المدينة بالأموال عبر تعهدات ومقاولات لمشاريعهم، وتغير الوضع الاقتصادي وظهرت طبقة جديدة من الأغنياء.
أما ما عشته بنفسي وشهدته في بغداد أيضاً فكان في تسعينيات القرن الماضي عندما حاصرت أمريكا العراق ومعها دول العالم وأطاحوا بالدينار العراقي أمام الدولار، ثم ارتفعت قيمة الدينار بعد سنة 1996 عندما بدأ العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء، واستقر مدة على ذلك التحسن، لكن قبيل الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، بأشهر قليل هبطت قيمة الدينار أمام الدولار إلى أدنى مستوياتها حتى أصبح الدولار الأمريكي الواحد تتجاوز قيمته 3500 دينار عراقي، وخلال حقبة التسعينيات كانت الحكومة العراقية تطبع العملة طباعة محلية رديئة جداً، وصار الدينار مثارا للسخرية والاستهزاء وأصبحت النقود لا تعد بالأيدي وأجهزة العد وإنما توضع على الميزان فقط فيعرف التاجر قيمتها، وأثر هذا الأمر على حياة العراقيين تأثيراً سلبياً.
وفي كلا المرتين كان الحال واحداً وهو استعداد الناس للتخلص من النظام الحاكم، بل تمنيهم ذلك، فإذا ما وصل الأمر إلى قمته، تحرك الطرف المقابل لضرب النظام الحاكم ضربة بسيطة يهوي بسببها، وهنا يضمن عدم بذل جهود وخسائر كبيرة لإزالة النظام أو الغزو والاحتلال، ولنأتي الآن إلى الوضع القائم في إيران هذه الأيام، فالريال الإيراني ينخفض إلى أدنى مستوياته ليصبح الدولار الواحد يعادل 115 ألف ريال! يتذمر الإيرانيون فتعتقل السلطات عدداً منهم بتهمة إثارة البلبلة الاقتصادية وإشاعة الفساد في الأرض، تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام، أما لماذا هبطت قيمة الريال، فالأمر يتعلق وبشكل واضح بوضع إيران السياسي وقرب دخول الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ والمتوقع أن تكون في السابع من أغسطس الجاري.
الوضع الذي تعيشه إيران الآن ما هو إلا إرهاص لأحداث قادمة على المدى القريب في إيران، وما يحدث الآن هو لجعل الناس يتقبلون هذا الحدث أو يسعون له.