شهد العالم خلال العقد الأخير من هذا القرن نمواً كبيراً في صناعة السياحة حتى أصبحت إحدى أكبر الصناعات العالمية وأسرعها نمواً.. وسوف تكون واحدة من ثلاث صناعات تقود الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين بجانب صناعتي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. ومع النمو المطرد لهذه الصناعة، والتطورات السريعة التي تشهدها يوماً بعد يوم.. تطوّرت منها مجالات عدة كالضيافة والفندقة. والجدير بالذكر أن الكثير من لديهم سمات دراسة تخصص الضيافة يضيّعون تلك الفرص الذهبية، لإبراز ثقافتهم التي يعتزون بها.. بعزوفهم عن العمل في قطاع الفندقة والضيافة، ونفورهم من ممارسة وظيفةٍ تعرّف السائح على البلد وأهلها بعد أن تطأ قدمه الأرض التي يزورها.. فبالنسبة لأي سائح قادم، فإن أول انطباعه عن ثقافة البلاد وأهلها يتشكّل في المعابر الحدودية، البرية منها والجوية والبحرية.. ثم تترسخ تلك الانطباعات وتتعزز في الفنادق، وحضور الثانية لا يقل أهمية عن حضوره في الأولى.
لقد وصلنا إلى وقت يجب أن تنتهي فيه إشكالية العرف الاجتماعي والعائق الذي يحول دون اندماج المواطنين في القطاع السياحي والفندقي بشكل خاص، حيث يتجنب المواطنون العمل بين النزلاء في الفنادق، وإن كان مقبولاً من البعض العمل في المجالات الإدارية فيه، بعيداً عن التعامل المباشر مع النزلاء، الأمر الذي يتطلب ضرورة تغيير هذه النظرة الاجتماعية بشأن عمل المواطن في الفنادق.. فعند زيارتنا للدول الأجنبية نرى أن من يعملون في وظائف الفندقة والضيافة هم من مواطني البلد.. ووظائفهم تكون مرموقة اجتماعياً ولا تقل شأناً عن أية وظيفة مدنية أخرى.. ويعيلون من خلال مداخيلها أسرهم ويعلمّون أبناءهم.. ولماذا لدينا العكس؟
لماذا ابتعد الشباب البحريني عن هذه الوظائف وتركها لهيمنة الأجانب؟ وما هي الأسباب التي شكّلت عزوفاً عنها، بالرغم من وجود الفرص الكثيرة فيها؟ ولماذا تواجه مهنة الفندقة والضيافة بشكل خاص، وقطاع السياحة بشكل عام تحديات تطال محاولات التشويه المجتمعي لها؟ ولماذا لم تبذل محاولات لتصحيح النظرة المجتمعية للعمل في مجال الفنادق والسياحة، بالرغم من وجود أسماء بحرينية معروفة بدأت مشوارها الوظيفي مع العمل الفندقي من أبسط الوظائف حتى احتلت اليوم مراكز عليا كمدراء عامين، وبامتيازات تفوق امتيازات كبار المسؤولين في القطاع الحكومي؟ لماذا لم تستثمر قصص نجاحاتهم كدافع للشباب البحريني واستقطابهم للعمل في هذا المجال؟
لطالما تمنيت أن أرى أبناء بلدي وهم يتصدرون المراكز الإدارية العليا والوظائف الأخرى المتعلقة بخدمات الفندقة والضيافة تماماً كما أرى أبناء الدول التي أزورها سواء أجنبية أم عربية وهم يشغلون هذه الوظائف ويتميزون فيها ويبدعون حيث إنها بلدانهم ويودون أن يكونوا وجوهها التي تبتسم أمام ضيوفها، فمعظمهم خريجو كليات ومعاهد متخصصة في صناعة الفندقة والضيافة.. وهذا واقع معظم الدول المتقدمة في مجال السياحة والخدمات الفندقية.. فماذا عن واقعنا في البحرين؟
كانت البداية بإنشاء مركز التدريب للتموين والفندقة التابع لوزارة الإعلام عام 1974، ثم تمت خصخصة المركز وتحويله إلى كلية الخليج للضيافة والسياحة في أغسطس 1997 حيث تخرج عدد من الطلبة والطالبات من هذا المركز.. منهم من عمل في مجاله وأكثرهم امتهن وظائف ليس لها علاقة بتخصصاتهم.. فتاهت الخطوات.. وابتعد الطلاب.. وتبعثرت الجهود.. وتوقفت الآمال.
على أرض الواقع أرقام رسمية مفزعة وهو انخفاض نسبة البحرنة في الفنادق من 30% إلى 16%.. وواقع آخر يتشكّل بتزايد عدد الفنادق والمطاعم ووصول عدد زوار البحرين إلى أكثر من 12 مليون زائر عام 2017.. ألا يعني هذا الحاجة إلى قوى بشرية وطنية مدربة تدريباً أكاديمياً جيداً تشغل هذه الوظائف!! إذ تتحدث وسائل التواصل الإعلامي عن قصص نجاح مفرحة لشباب وشابات بحرينيين أعرف شخصياً بعضهم.. بدؤوا مشاريعهم الفردية في هذا المجال ونجحوا فيها وأصبحوا رواداً لها.. وهذا مؤشر مشجع يمكن استثماره بشكل مدروس والاستفادة من تجربة تعثر كلية الخليج للضيافة والسياحة.
فرحت بخبر موافقة وزارة التربية والتعليم على طلب هيئة البحرين للسياحة والمعارض والترخيص لها بإنشاء كلية للضيافة بمسمى Bahrain Vatel تمنح درجة البكالوريوس لخريجيها.. ولكن أقلقني عدم الإعلان عن أية تفاصيل عن هذا البرنامج الذي يحاول استقطاب طلاب لمجال تعثّرت خطواته سنين طويلة دون وعود مطمئنة.. أو تعهدات تضمن لخريجي هذا البرنامج حصولهم على وظائف في الفنادق والمؤسسات ذات العلاقة!!
المطلوب الاستفادة من التجربة السابقة بدراستها دراسة وافية عميقة.. والإعلان عن البرنامج برؤية استراتيجية واضحة لمستقبل هذا القطاع وإصرار الدولة على بحرنته.. في إطار المفهوم الواسع الذي تبنته مملكة البحرين لتنمية الموارد البشرية باعتبار الإنسان البحريني هو الهدف والغاية لعملية التنمية، وليس وسيلة لتحقيقها.. وذلك بإعطاء محفّزات للطلبة من بينها منح مكافآت شهرية مشجعة للطلاب كي يكونوا جداراً قوياً يصد النظرة المجتمعية السلبية التي تنامت ضد العمل في مجال الفندقة والضيافة.. والعمل على رفع مستوى الرواتب الممنوحة لخريجي هذه الكلية لاستمرار تقبل الطلبة لهذا التخصص.. ونحن في انتظار مخرجات هذه الكلية علّها تسهم في تعزيز موقع هذه المهنة ضمن المهن الأخرى.
لقد وصلنا إلى وقت يجب أن تنتهي فيه إشكالية العرف الاجتماعي والعائق الذي يحول دون اندماج المواطنين في القطاع السياحي والفندقي بشكل خاص، حيث يتجنب المواطنون العمل بين النزلاء في الفنادق، وإن كان مقبولاً من البعض العمل في المجالات الإدارية فيه، بعيداً عن التعامل المباشر مع النزلاء، الأمر الذي يتطلب ضرورة تغيير هذه النظرة الاجتماعية بشأن عمل المواطن في الفنادق.. فعند زيارتنا للدول الأجنبية نرى أن من يعملون في وظائف الفندقة والضيافة هم من مواطني البلد.. ووظائفهم تكون مرموقة اجتماعياً ولا تقل شأناً عن أية وظيفة مدنية أخرى.. ويعيلون من خلال مداخيلها أسرهم ويعلمّون أبناءهم.. ولماذا لدينا العكس؟
لماذا ابتعد الشباب البحريني عن هذه الوظائف وتركها لهيمنة الأجانب؟ وما هي الأسباب التي شكّلت عزوفاً عنها، بالرغم من وجود الفرص الكثيرة فيها؟ ولماذا تواجه مهنة الفندقة والضيافة بشكل خاص، وقطاع السياحة بشكل عام تحديات تطال محاولات التشويه المجتمعي لها؟ ولماذا لم تبذل محاولات لتصحيح النظرة المجتمعية للعمل في مجال الفنادق والسياحة، بالرغم من وجود أسماء بحرينية معروفة بدأت مشوارها الوظيفي مع العمل الفندقي من أبسط الوظائف حتى احتلت اليوم مراكز عليا كمدراء عامين، وبامتيازات تفوق امتيازات كبار المسؤولين في القطاع الحكومي؟ لماذا لم تستثمر قصص نجاحاتهم كدافع للشباب البحريني واستقطابهم للعمل في هذا المجال؟
لطالما تمنيت أن أرى أبناء بلدي وهم يتصدرون المراكز الإدارية العليا والوظائف الأخرى المتعلقة بخدمات الفندقة والضيافة تماماً كما أرى أبناء الدول التي أزورها سواء أجنبية أم عربية وهم يشغلون هذه الوظائف ويتميزون فيها ويبدعون حيث إنها بلدانهم ويودون أن يكونوا وجوهها التي تبتسم أمام ضيوفها، فمعظمهم خريجو كليات ومعاهد متخصصة في صناعة الفندقة والضيافة.. وهذا واقع معظم الدول المتقدمة في مجال السياحة والخدمات الفندقية.. فماذا عن واقعنا في البحرين؟
كانت البداية بإنشاء مركز التدريب للتموين والفندقة التابع لوزارة الإعلام عام 1974، ثم تمت خصخصة المركز وتحويله إلى كلية الخليج للضيافة والسياحة في أغسطس 1997 حيث تخرج عدد من الطلبة والطالبات من هذا المركز.. منهم من عمل في مجاله وأكثرهم امتهن وظائف ليس لها علاقة بتخصصاتهم.. فتاهت الخطوات.. وابتعد الطلاب.. وتبعثرت الجهود.. وتوقفت الآمال.
على أرض الواقع أرقام رسمية مفزعة وهو انخفاض نسبة البحرنة في الفنادق من 30% إلى 16%.. وواقع آخر يتشكّل بتزايد عدد الفنادق والمطاعم ووصول عدد زوار البحرين إلى أكثر من 12 مليون زائر عام 2017.. ألا يعني هذا الحاجة إلى قوى بشرية وطنية مدربة تدريباً أكاديمياً جيداً تشغل هذه الوظائف!! إذ تتحدث وسائل التواصل الإعلامي عن قصص نجاح مفرحة لشباب وشابات بحرينيين أعرف شخصياً بعضهم.. بدؤوا مشاريعهم الفردية في هذا المجال ونجحوا فيها وأصبحوا رواداً لها.. وهذا مؤشر مشجع يمكن استثماره بشكل مدروس والاستفادة من تجربة تعثر كلية الخليج للضيافة والسياحة.
فرحت بخبر موافقة وزارة التربية والتعليم على طلب هيئة البحرين للسياحة والمعارض والترخيص لها بإنشاء كلية للضيافة بمسمى Bahrain Vatel تمنح درجة البكالوريوس لخريجيها.. ولكن أقلقني عدم الإعلان عن أية تفاصيل عن هذا البرنامج الذي يحاول استقطاب طلاب لمجال تعثّرت خطواته سنين طويلة دون وعود مطمئنة.. أو تعهدات تضمن لخريجي هذا البرنامج حصولهم على وظائف في الفنادق والمؤسسات ذات العلاقة!!
المطلوب الاستفادة من التجربة السابقة بدراستها دراسة وافية عميقة.. والإعلان عن البرنامج برؤية استراتيجية واضحة لمستقبل هذا القطاع وإصرار الدولة على بحرنته.. في إطار المفهوم الواسع الذي تبنته مملكة البحرين لتنمية الموارد البشرية باعتبار الإنسان البحريني هو الهدف والغاية لعملية التنمية، وليس وسيلة لتحقيقها.. وذلك بإعطاء محفّزات للطلبة من بينها منح مكافآت شهرية مشجعة للطلاب كي يكونوا جداراً قوياً يصد النظرة المجتمعية السلبية التي تنامت ضد العمل في مجال الفندقة والضيافة.. والعمل على رفع مستوى الرواتب الممنوحة لخريجي هذه الكلية لاستمرار تقبل الطلبة لهذا التخصص.. ونحن في انتظار مخرجات هذه الكلية علّها تسهم في تعزيز موقع هذه المهنة ضمن المهن الأخرى.