يذهلني حجم الجهد المبذول في إصدارات ثقافية وأدبية وعلمية خليجية مميزة، حققت لها شهرة وصيتاً كبيرين من خلال جودة ما تقدمه ومن خلال عنايتها باختيار المادة الأعمق والكاتب الأفضل، ومن خلال مواكبة آخر التطورات كل في مجاله لتقديم الجديد أولاً بأول، ويذهلني أكثر حجم الإقبال عليها في أوساط المختصين في مجالها أو حتى من عامة الناس، وكيف أنها تشكل قيمة عالية لبلادها فإذا ما ذكر إنتاج بلد ما من المعرفة سرعان ما تتصدر أسماء إصدارات معينة واجهة الحديث. ولكن الحق يقال، فإن تلك الإصدارات لم تتبوأ مكانتها تلك إلاَّ بإنفاق غزير من مراكز الأبحاث والثقافة التي تصدرها وبجهود كبيرة من هيئة التحرير فيها، ورغم أن القائمة خليجياً طويلة جد طويلة إلاَّ أنني قد أشير على عجالة لمجلة آراء حول الخليج الصادرة عن مركز الخليج للأبحاث بجدة، ولمجلة الفيصل الصادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وإصدارات مركز الإمارات للسياسات، ومركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ومركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام ومركز المسبار للدراسات والبحوث، وغيرها كثير، من المراكز والمؤسسات التي تقدم مستوى يليق بها من المعرفة وبما يليق بالتطور الفكري والثقافي الذي بلغه القارئ الخليجي لا سيما في السنوات الأخيرة.
وأتساءل هنا عن الإصدارات الثقافية البحرينية -ورغم أني لا ألغيها ولكنها محدودة ودون المستوى المأمول في بعض الأحيان- رغم الجهود المبذولة من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار، والجهود اللافتة لأسرة الأدباء والكتاب البحرينية -لا سيما وأننا نرتقب ثمار تعاون الأخيرة مع «الوطن»- إلاَّ أننا مازلنا نؤكد على تطلعنا للنموذج العلمي أو الثقافي الذي يعتد به، وكلي يقين أن المشكلة ليست في نقص المثقفين ولا في ضعف الإنتاج الأدبي والثقافي والعلمي، وإنما باختصار في ضعف الإيمان بتلك الكفاءات وإنتاجها، وضعف التمويل، واللامبالاة بأوجه الثقافة والعلوم خلافاً لما تحظى به مجالات أخرى من اهتمام كبير في المملكة، بات يستحق أن يوازيه اهتمام في مجالات كانت البحرين ذات السبق والريادة فيها، وكنت قد طرحت في مقالات سابقة كثيرة أننا بحاجة لإعادة إحياء رياداتنا التي تخلينا عنها في منتصف الطريق فتلقفها آخرون وبرزوا فيها أكثر منا، وكعادة الأمر؛ لكن لا حياة لمن تنادي.
إن قياس مستوى ما بلغه المجتمع من تطور لا يقتصر على مستوى دخله «المضروب» وحسب، ولا على مدى استخدامه للتكنولوجيا ومواكبته المجتمع، فالعالم كله قد انخرط في الثورة المعلوماتية بتفصيلاتها، ولكنه مستوى ما بلغه المجتمع من تطور يعكسه ما بلغه أفراد المجتمع من وعي وفهم وعلم، وإن ذلك لن يتحقق ما لم تكن هناك عناية بهذا المجال وتطويره، ولن يتحقق إلاَّ من خلال الإنتاج الغزير ودعمه وإتاحته للتداول بين الناس، بل والترغيب في تداوله، وكم هو جميل لو يحتفظ ذلك الإنتاج الأدبي والثقافي والعلمي بأصوله وقواعده ومبادئه وألاَّ تطاله أيدي الساسة أو كبار المسؤولين على نحو قد يفسد محتواه باستغلاله لتوجيه الرأي العام عبر «دسّ السمّ بالعسل».
* اختلاج النبض:
إننا بحاجة لإنتاج ثقافي بحت خالٍ من المنغصات والشوائب، يحظى بدعم وافر، ليكون قادراً على تحقيق أهدافه، وليكون على مستوى من الثراء ما يجعله مفخرة للبحرينيين بين أقرانهم وبقية دول العالم المختلفة، والأهم ما يجعله رافداً ثقافياً هاماً لقرائه.
{{ article.visit_count }}
وأتساءل هنا عن الإصدارات الثقافية البحرينية -ورغم أني لا ألغيها ولكنها محدودة ودون المستوى المأمول في بعض الأحيان- رغم الجهود المبذولة من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار، والجهود اللافتة لأسرة الأدباء والكتاب البحرينية -لا سيما وأننا نرتقب ثمار تعاون الأخيرة مع «الوطن»- إلاَّ أننا مازلنا نؤكد على تطلعنا للنموذج العلمي أو الثقافي الذي يعتد به، وكلي يقين أن المشكلة ليست في نقص المثقفين ولا في ضعف الإنتاج الأدبي والثقافي والعلمي، وإنما باختصار في ضعف الإيمان بتلك الكفاءات وإنتاجها، وضعف التمويل، واللامبالاة بأوجه الثقافة والعلوم خلافاً لما تحظى به مجالات أخرى من اهتمام كبير في المملكة، بات يستحق أن يوازيه اهتمام في مجالات كانت البحرين ذات السبق والريادة فيها، وكنت قد طرحت في مقالات سابقة كثيرة أننا بحاجة لإعادة إحياء رياداتنا التي تخلينا عنها في منتصف الطريق فتلقفها آخرون وبرزوا فيها أكثر منا، وكعادة الأمر؛ لكن لا حياة لمن تنادي.
إن قياس مستوى ما بلغه المجتمع من تطور لا يقتصر على مستوى دخله «المضروب» وحسب، ولا على مدى استخدامه للتكنولوجيا ومواكبته المجتمع، فالعالم كله قد انخرط في الثورة المعلوماتية بتفصيلاتها، ولكنه مستوى ما بلغه المجتمع من تطور يعكسه ما بلغه أفراد المجتمع من وعي وفهم وعلم، وإن ذلك لن يتحقق ما لم تكن هناك عناية بهذا المجال وتطويره، ولن يتحقق إلاَّ من خلال الإنتاج الغزير ودعمه وإتاحته للتداول بين الناس، بل والترغيب في تداوله، وكم هو جميل لو يحتفظ ذلك الإنتاج الأدبي والثقافي والعلمي بأصوله وقواعده ومبادئه وألاَّ تطاله أيدي الساسة أو كبار المسؤولين على نحو قد يفسد محتواه باستغلاله لتوجيه الرأي العام عبر «دسّ السمّ بالعسل».
* اختلاج النبض:
إننا بحاجة لإنتاج ثقافي بحت خالٍ من المنغصات والشوائب، يحظى بدعم وافر، ليكون قادراً على تحقيق أهدافه، وليكون على مستوى من الثراء ما يجعله مفخرة للبحرينيين بين أقرانهم وبقية دول العالم المختلفة، والأهم ما يجعله رافداً ثقافياً هاماً لقرائه.