للفنان إبراهيم بحر حضور غير عادي وهو من الذين يمتلكون القدرة على إيجاد حالة فرح وبهجة أينما حلوا. قدرته على خلق النكتة في التو واللحظة لافتة، بل إن قدرته عليها تتجاوز إلى حد خلقها من دون كلام، فبإيماءة بسيطة يجعل من حوله يعيشون تلك الحالة ويظلون يتذكرون الموقف الذي لم يتعب في صنعه.هذه الميزات وغيرها يلاحظها حتى الذين لم تجمعهم بهذا الفنان القدير لقاءات خارج الشاشة الصغيرة أو خشبة المسرح، فباستثناء المشاهد الجادة التي يبرع أيضاً في تمثيلها يسهل على المشاهد تبين قدراته في توفير تلك الحالة، ومن شاهد له أي مشهد كوميدي يمكنه تأكيد هذه المعلومة.بو محمد من الفنانين الذين ظل الفن هاجسهم، وهو فنان شامل، لم يتوقف عن معاقرة مختلف الفنون منذ أن تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت، واستطاع أن يوجد له مساحة في الساحة الفنية يحسد عليها، وتمكن من التميز الذي يشهد له به كل زملائه الفنانين والكتاب، في المسرح والإذاعة والتلفزيون، وهي الميادين التي شهدت كل إبداعاته على مدى أربعة عقود.علاقتي بهذا الفنان بدأت قبل منتصف الثمانينيات واستمرت الصداقة بيننا إلى اليوم، وتوثقت بعدما أخرج مسرحية «الدانة» في العام 1985، والتي كنت قد كتبتها بمشاركة الأديب الإماراتي عبد الحميد أحمد، وتلى ذلك مرافقته في العديد من رحلاته إلى الخارج والتي بدأت بأداء مناسك العمرة ووصلت حد تونس لحضور أول أو ثاني مهرجان مسرحي يقام هناك.حتى قبل قليل من تمكن الأمراض الأخيرة التي ابتلي بها منه كنت وخبير البيئة الصديق الدكتور زكريا خنجي نلتقي معه بين الحين والحين في أحد المجمعات التجارية حيث نقضي بعض الوقت، وفيها كان لافتاً حب جمهوره له، فلم تخل تلك اللقاءات من فواصل يقوم خلالها بعضهم - وخصوصاً الزائرين من دول مجلس التعاون - بالتقاط الصور التذكارية معه.الفنان إبراهيم بحر درس المسرح وقام بتمثيل الكثير من الأدوار وجسد العديد من الشخصيات التي منها على سبيل المثال شخصية الشاعر البحريني الكبير إبراهيم العريض، وكتب العديد من النصوص المسرحية والكثير من المسلسلات والسلاسل الإذاعية وكتب للتلفزيون. بحر ممثل مسرحي وتلفزيوني وإذاعي وكاتب ومخرج مسرحي ومؤسس لمسرح الصواري. مر بتجربة مهمة اكتسب خلالها خبرات جديدة وذلك عندما عمل مع بعض كبار الفنانين العراقيين والسوريين والمصريين وغيرهم ومنهم الفنانان الكبيران محمود ياسين ونور الشريف.لم يعطل الفنان إبراهيم بحر ويعيق مشواره الفني سوى الأمراض التي تكالبت عليه والتي دفعته أخيراً للسفر إلى الخارج لزرع كلية بدل كليته التي خذلته وظل بسببها زبوناً دائماً للمستشفيات. ليست هي المرة الأولى التي تتمكن فيها الأمراض من هذا الفنان الجميل، فقد سبق أن عانى من بعضها في التسعينيات، حينها تم أخذه إلى الخارج للعلاج على نفقة وزارة الإعلام وبتوجيه مباشر من سعادة الوزير د. محمد عبدالغفار الذي كان يشغل منصب وزير الإعلام في ذلك الوقت، وهو الموقف الذي وجد كل التقدير من فناني البحرين ومن جمهور الفنان إبراهيم بحر، ويظل مدوناً في سجل الخير الخاص بسعادة الوزير.كل من علم بسفر الفنان إبراهيم بحر إلى الخارج للعلاج ضاق بما علم، والجميع صار يتمنى له الشفاء العاجل، والجميع أيضاً سيظل مقدراً وممتناً للجهات المعنية التي تكفلت – أو ستتكفل – بمصروفات علاجه واحتضانه، فما قدمه هذا الفنان الكبير والقدير للبحرين كثير، وما قدمه للمسرح البحريني والخليجي وللإذاعة والتلفزيون كثير، والأكيد أنه ليس كثيراً عليه هذا الحب ومبادرة التكفل بعلاجه.