لو أن القوانين في إيران تسمح بالتعبير عن الفرحة بالرقص جهراً لرقص الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» ومن يساندهم على الهواء مباشرة ولخصصت الفضائيات «السوسة» مساحات كبيرة من ساعات بثها لذلك، فالفهم القاصر للعمل السياسي يدفع في هذا الاتجاه الذي يسهل على كل من تابع برامج تلك الفضائيات في الأيام الأخيرة تبينه.

احتمالات أن يكون البعض المصنف على أنه من الموالين للنظام في البحرين قد حصل على شهادة عليا بطريقة مشكوك في أمرها فتح المجال لتبين مستوى تفكير أولئك والتأكد من أنهم «سنة أولى سياسة»، فالطريقة التي تم بها تناول هذا الموضوع في تلك الفضائيات، والمساحة التي أعطيت له، كلها تؤكد أن هذه «المعارضة» لا تعرف كيف تستغل أمراً كهذا ليخدمها، بدليل أنها انجرفت نحو السب والشتم والكلام الناقص والتجريح وتناول الشخوص وصولاً إلى القول بأن هذه البلاد تعاني من نقص في كل شيء.

في واحد من البرامج التي بثتها إحدى تلك الفضائيات والتي خصصت لتناول موضوع الشهادات أخذ الحماس مقدمته إلى الحد الذي تكلمت فيه أكثر من الضيف! بل إنها في كثير من الأحيان كانت تسأل الضيف وتجيب بالنيابة عنه أو تكمل إجابته، وفي كل الأحيان كان الضيف يوافقها على ما تقول ويزيد قبل أن تقاطعه وتواصل تهجمها على البحرين «والفرحة ترست الويه».

هذا أمر خطير. ليس تناول موضوع الشهادات وليس مناقشة أي موضوع له علاقة بالبحرين، ولكن انجراف من يعتبرون أنفسهم «معارضة» وتسليم قيادهم للعواطف، فهذا -لو راجعوا أنفسهم وناقشوا الأمر بموضوعية- أمر خطير وتأكيد على أنهم لايزالون دون القدرة على اقتناص الفرص وإقناع العالم كله بأنهم «معارضة» يعتد بها وأن الدليل هو أنها لم تسمح لنفسها بالانجرار نحو العواطف واعتبار موضوع كهذا فرصة ذهبية للتهجم على الحكومة وعلى البحرين التي يقولون إنهم يعملون من أجلها.

الشهادات المزيفة أو المضروبة أو الوهمية، سمها ما شئت تورط فيها كثيرون في دول أخرى غير البحرين وتم ويتم معالجتها بشكل علمي ووطني. وفي البحرين أكدت الحكومة عدم قبولها لمثل هذا التجاوز والتحايل لذا جاء توجيه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر، واضحاً ومتوعداً كل من استسهل هذا الأمر وجاء بشهادة ليعتلي بها ويأخذ فرصة غيره، وجاء بناء على ذلك تحرك الجهات ذات العلاقة في وزارة التربية والتعليم وخارجها لمراجعة هذا الملف وتحديد المتجاوزين بغية محاسبتهم من قبل الحكومة.

«المعارضة» في الدول الأخرى لم تستغل هذا الموضوع بشكل سالب وبالطريقة التي استغلها ويستغلها من يعتبرون أنفسهم «معارضة» هنا. تحدثوا وناقشوا وطالبوا وعبروا عن آرائهم ومواقفهم لكنهم لم يعمدوا إلى الإساءة إلى وطنهم. قالوا إن خطأ قد حدث وأنه تم اكتشافه وأن الحل هو في إيجاد لجنة للتحقيق في الأمر ومحاسبة المتورطين. لم يفعلوا مثل ما فعل ويفعل أولئك، وأكدوا أنهم في مستوى من يستحق أن يوصف بذلك الوصف، فليس عمل «المعارضة» الإساءة إلى الوطن والهدم وإنما المشاركة في البناء ولو بالرأي والنصيحة، وهذه هي المعارضة الإيجابية التي يحتاجها كل وطن.

طريقة تناول من اعتبروا أنفسهم «معارضة» لموضوع الشهادات التي حصل عليها البعض من جامعات وهمية بينت أنهم بعيدون عن الإيجابية والموضوعية وأكدت أنهم يعانون من نقص شديد في فهمهم للعمل السياسي، حيث العمل السياسي لا ينجرف للعواطف ولا يستسلم لتفكير العامة ولا يعتبر موضوعاً كهذا فرصة ما بعدها فرصة للإساءة إلى الحكومة، ولا يقبل بأن يحول الفضائيات إلى ساحات للرقص، لأن هذا يسحب من رصيده الكثير ويجعل العالم ينظر إليه بمنظار مختلف.