في الساعة الخامسة والنصف من عصر يوم 23 يونيو 1921 وصل طراد إلى ميناء البصرة يحمل على متنه الملك فيصل الأول وحاشيته قادماً من الحجاز لينصب ملكاً على العراق، البصرة كان مستعدة لاستقبال الملك الجديد وأقواس النصر منصوبة في الشارع العام، وجمهور البصريين يرحبون بالملك.
عندما نزل الملك فيصل من الطراد تفاجأ بلوحة كبيرة كانت مرفوعة على مدخل نهر العشار مكتوب عليها «لتحيا الجامعة العراقية» ولوحة ثانية بمدخل مدينة البصرة مكتوب عليها «لتحيا البصرة جزءاً من العراق».. تبين فيما بعد أن سبب هذه اللوحات عريضة موقعة من 4500 شخص من أهالي البصرة - وهذا العدد كبير بذاك الزمن- مقدمة للمندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس قبل مجيئ فيصل بفترة قصيرة يطالب فيها الموقعون بفصل البصرة عن العراق أو عدم اعتبارها جزءاً من العراق، لأن العراق قبل الغزو البريطاني لم يكن معروفاً باسم العراق بهذه الحدود إنما كان اسمه على عهد الدولة العثمانية «الخطة العراقية» والخطة العراقية كانت تضم ولاية الموصل وولاية ببغداد وولاية البصرة التي بقيت بعد الغزو البريطاني أكثر من سنتين تحت السيطرة البريطانية وخارج السيطرة العثمانية، فلما بدأت إعادة تشكيل ممتلكات الدولة العثمانية وتقسيمها إلى دول صدر هذا الطلب من قسم من أهل البصرة، لكن المندوب السامي ردها بقوة وقسم من أهل البصرة عارضها والمعارضين كتبوا هذه القطع ورفعوها حتى يقوون موقفهم.
هذا الطلب لم يأت من فراغ وأحد أسبابه أن البصرة بين فترة وأخرى كانت تمر بفترات فوضى وتسيب.. منها في بداية القرن العشرين بحدود 1903-1904 إذ دبت في البصرة حالة من التسيب والفوضى لا توصف ولا تطاق وفقد الأمن وساد في البصرة قانون الغاب وصار الوضع كأن لا حكومة ولا قانون، بحيث يدخل «الميلحون» إلى المدينة في وضح النهار ويسطون على محلات «الصيرفيين» ويفتكون بهم وهم يرددون الأهازيج ويرمون إطلاقات النار ويمشون، ما ساعد العصابات على هذه الأعمال قرب الحدود الإيرانية التي كانوا يدخلونها بعد تنفيذ أعمالهم، وكذلك كان الشيخ خزعل الكعبي عامل مساعد على هذه الفوضى لأنه كان يملك بساتين في البصرة ويستخدم هذه البساتين لحماية بعض الأشقياء والقتلة وإذا زاد الخطر يلجأون إلى المحمرة عنده، وسبب هذه الفوضى ناتج عن سوء الإدارة دوماً، ووالي البصرة في السنوات الأخيرة كان يخضع لوالي بغداد كونه القائد العسكري العام للجيش العثماني بالخطة المذكورة.
للأسف استمر سوء الإدارة يطارد البصرة عشرات السنين فالبصرة صارت ساحة حرب خلال الحرب العراقية الإيرانية وأحرق نخلها وتهدم قسم من بيوتها واضطر أهلها للهجرة منها بشكل متكرر وطالها القصف الإيراني، وبعد احتلال العراق للكويت كانت أول من دفع الثمن وصارت ساحة حرب لقوات التحالف، ولما غزت أمريكا العراق كانت أول من داستها الدبابات الأمريكية والبريطانية، وبعدها صارت مسرحاً لأجهزة الأمن الإيرانية وعملائها وميليشياتها، وشهدت موجة تهجير جديدة لأهلها، وبسبب انتاجها ومخزونها النفطي وموانئها صارت مركزا لصراع الميليشيات عليها وعلى خيراتها، وكذلك بسبب موقعها الاستراتيجي لإيران صار هذا الصراع أقوى والحاصل ما نراه اليوم في البصرة من قتل وإرهاب للناس وسيادة قانون الغاب مرة ثانية مع سوء للإدارة.
عندما نزل الملك فيصل من الطراد تفاجأ بلوحة كبيرة كانت مرفوعة على مدخل نهر العشار مكتوب عليها «لتحيا الجامعة العراقية» ولوحة ثانية بمدخل مدينة البصرة مكتوب عليها «لتحيا البصرة جزءاً من العراق».. تبين فيما بعد أن سبب هذه اللوحات عريضة موقعة من 4500 شخص من أهالي البصرة - وهذا العدد كبير بذاك الزمن- مقدمة للمندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس قبل مجيئ فيصل بفترة قصيرة يطالب فيها الموقعون بفصل البصرة عن العراق أو عدم اعتبارها جزءاً من العراق، لأن العراق قبل الغزو البريطاني لم يكن معروفاً باسم العراق بهذه الحدود إنما كان اسمه على عهد الدولة العثمانية «الخطة العراقية» والخطة العراقية كانت تضم ولاية الموصل وولاية ببغداد وولاية البصرة التي بقيت بعد الغزو البريطاني أكثر من سنتين تحت السيطرة البريطانية وخارج السيطرة العثمانية، فلما بدأت إعادة تشكيل ممتلكات الدولة العثمانية وتقسيمها إلى دول صدر هذا الطلب من قسم من أهل البصرة، لكن المندوب السامي ردها بقوة وقسم من أهل البصرة عارضها والمعارضين كتبوا هذه القطع ورفعوها حتى يقوون موقفهم.
هذا الطلب لم يأت من فراغ وأحد أسبابه أن البصرة بين فترة وأخرى كانت تمر بفترات فوضى وتسيب.. منها في بداية القرن العشرين بحدود 1903-1904 إذ دبت في البصرة حالة من التسيب والفوضى لا توصف ولا تطاق وفقد الأمن وساد في البصرة قانون الغاب وصار الوضع كأن لا حكومة ولا قانون، بحيث يدخل «الميلحون» إلى المدينة في وضح النهار ويسطون على محلات «الصيرفيين» ويفتكون بهم وهم يرددون الأهازيج ويرمون إطلاقات النار ويمشون، ما ساعد العصابات على هذه الأعمال قرب الحدود الإيرانية التي كانوا يدخلونها بعد تنفيذ أعمالهم، وكذلك كان الشيخ خزعل الكعبي عامل مساعد على هذه الفوضى لأنه كان يملك بساتين في البصرة ويستخدم هذه البساتين لحماية بعض الأشقياء والقتلة وإذا زاد الخطر يلجأون إلى المحمرة عنده، وسبب هذه الفوضى ناتج عن سوء الإدارة دوماً، ووالي البصرة في السنوات الأخيرة كان يخضع لوالي بغداد كونه القائد العسكري العام للجيش العثماني بالخطة المذكورة.
للأسف استمر سوء الإدارة يطارد البصرة عشرات السنين فالبصرة صارت ساحة حرب خلال الحرب العراقية الإيرانية وأحرق نخلها وتهدم قسم من بيوتها واضطر أهلها للهجرة منها بشكل متكرر وطالها القصف الإيراني، وبعد احتلال العراق للكويت كانت أول من دفع الثمن وصارت ساحة حرب لقوات التحالف، ولما غزت أمريكا العراق كانت أول من داستها الدبابات الأمريكية والبريطانية، وبعدها صارت مسرحاً لأجهزة الأمن الإيرانية وعملائها وميليشياتها، وشهدت موجة تهجير جديدة لأهلها، وبسبب انتاجها ومخزونها النفطي وموانئها صارت مركزا لصراع الميليشيات عليها وعلى خيراتها، وكذلك بسبب موقعها الاستراتيجي لإيران صار هذا الصراع أقوى والحاصل ما نراه اليوم في البصرة من قتل وإرهاب للناس وسيادة قانون الغاب مرة ثانية مع سوء للإدارة.