تحتدم المعركة الثانية بين أمريكا وإيران على بسط النفوذ والسيطرة على مفاصل الدولة العراقية، من خلال المنافسة على اختيار رئيس وزراء جديد، لاسيما بعد أن حسمت طهران المعركة الأولى لصالحها بانتخاب السني محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان، وكان الأخير مدعوماً من «تيار الفتح» بزعامة هادي العامري، المقرب من إيران، وأحد الجناحين الفائزين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث حصل على 47 مقعداً في البرلمان، وحل ثانياً، خلف تحالف «سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي حصد نحو 55 مقعداً في الانتخابات الأخيرة.
ويشكل انتخاب الحلبوسي ضربة قوية للمناهضين للنفوذ الإيراني في العراق، لاسيما وأن غالبية التحليلات ذهبت إلى أن تحالف «سائرون» بقيادة الصدر، سوف يسيطر على مقاليد السلطة في العراق في المرحلة المقبلة، في حين تمكن الحلبوسي من انتزاع المنصب السني من أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع السابق خالد العبيدي المدعوم من رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، حيث حصد الحلبوسي أصوات 169 نائباً من أصل 298 شاركوا في التصويت خلال الجلسة، من أصل 329 نائباً في البرلمان. وربما هذا ما دفع تحالف «البناء»، بزعامة هادي العامري ونوري المالكي إلى الإعلان عن أنه «يمثل الكتلة البرلمانية الكبرى التي ستقدم مرشحها لرئاسة الوزراء، واستدل التحالف على ذلك بقدرته على حسم منصب رئيس البرلمان الذي يحتاج أكثر من أصوات نصف المجلس، وذلك بعد خلافات استمرت أياماً مع تحالف «سائرون» بزعامة الصدر، بشأن الكتلة الأكبر»، وفقاً لما بثته مواقع إخبارية عربية ودولية.
ولا يمكن استبعاد مسألة تخلي الصدر عن العبادي قبل أيام على خلفية الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في البصرة جنوب العراق، ما أدى إلى تفكك تحالف «الصدر العبادي»، حيث كان الأخير ضامناً للاحتفاظ بولاية ثانية وفوزه برئاسة الوزراء، لكن تفكك ذلك التحالف بسبب احتجاجات البصرة، فتح الباب على مصراعيه أمام التيار الموالي لإيران في العراق إلى أن يفرض نفوذه ويكسب المعركة الأولى بانتخاب سني مقرب من إيران رئيساً للبرلمان. وإذا كان الصدر يردد دائماً أنه يدفع باختيار رئيس وزراء مستقل يختار حكومة تكنوقراط، يبدو التنافس شرساً حتى وإن أعلن هادي العامري عدم ترشحه لرئاسة الوزراء، حيث أظهر انتخاب الحلبوسي مدى النفوذ الذي تفرضه إيران على العراقيين حتى وإن خرج شيعة البصرة يهتفون «إيران برا برا.. البصرة حرة حرة»، حيث تبقى للكتلة الأكبر في البرلمان الكلمة الفصل والأخيرة في اختيار رئيس الوزراء القادم. ويبدو أن قبضة كتلة الصدر تهتز داخل البيت العراقي خاصة بعد أن فشلت في إيصال مرشحيها السنيين أسامة النجيفي وخالد العبيدي لرئاسة البرلمان.
ويذهب محللون ومراقبون إلى أن انتخاب الحلبوسي، سيؤثر بشكل مباشر على اختيار رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة، وليس أدل على ذلك، من تهنئة زعيم حركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي - أحد أبرز الموالين لإيران في العراق - للحلبوسي حيث وصف الأخير بأنه «مرشحنا» معتبراً أن «النتيجة تمثل انتصاراً على التدخلات الخارجية» في إشارة إلى أمريكا وحلفائها في العراق. ما يصب في نفس الاتجاه، تصريحات المحلل السياسي هشام الهاشمي لوكالة الصحافة الفرنسية، حينما ذهب إلى أن «قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني نجح في توحيد البيت الشيعي، والإيفاء بالوعود للسنة الذين انضموا إليه، فيما فشل المبعوث الأمريكي بريت ماكغورك في تقسيم الشيعة، وخسر وعوده للسنة بأن يصبحوا أقوى، وأيضا تهديده للسنة الذين اختاروا الالتحاق بالمعسكر الإيراني».
لكن الجديد بشأن اختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد، يتمثل في اتفاق مبطن، غير مباشر، بين إيران، والمرجعية الشيعية في العراق، على مواصفات تلك الشخصية، حيث أعلنت الأخيرة أنها «لا تؤيد رئيس الوزراء القادم إذا اختير من السياسيين الذين كانوا في السلطة في السنوات الماضية»، الأمر الذي يقلل من حظوظ رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، في حين يبرز في الواجهة عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق ليكون الأقرب لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة الذي تنطبق عليه شروط المرجعية في العراق كونه لم يشغل هذا المنصب من قبل، وفي الوقت ذاته، لم تعترض إيران عليه حتى الساعة، في حين يبدو عبدالمهدي يحظى بثقة واشنطن والغرب حتى وقت مضى، لاسيما وأن إيران تدخلت بشكل مباشر لإقصائه من المنصب في انتخابات 2010، وحل محله نوري المالكي، وفي انتخابات 2014، تم اختيار حيدر العبادي، بعد الفشل الأمني الذريع لحكومة المالكي، غداة سيطرة تنظيم الدولة «داعش» على مساحات شاسعة من العراق بدءاً من يونيو 2014، قبل إعلان حكومة العبادي نهاية 2017، تطهير البلاد من التنظيم الإرهابي.
ووفقاً لما نشره موقع «روسيا اليوم» الإخباري الروسي عن مصدر سياسي وقيادي شيعي عراقي قوله إن «عادل عبد المهدي، هو الأقرب لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة»، مشيراً إلى أن «المنافسة كانت بين عبد المهدي وشخصيات أخرى، لكنّ هناك توافقاً كردياً شيعياً سنياً عليه»، مبيناً أن «عبد المهدي ينتظر موافقة مرجعية آية الله علي السيستاني ليعطي موافقته للكتل السياسية على تسلم المنصب»، حيث أبلغ عبدالمهدي الكتل السياسية بأنه لا يمكن القبول بالمنصب دون موافقة المرجعية التي قالت إن المجرب لا يجرب». ويبرز اسم عبد المهدي كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء بعد تراجع حظوظ العبادي، بين عدة أسماء شيعية أبرزها، علي شكري وفالح الفياض والقائد في جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي، ورئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي.
* وقفة:
بون شاسع بين السخط الشعبي العراقي على إيران وبين النفوذ السياسي الذي تحظى به الأخيرة والدليل على ذلك اختيار السني محمد الحلبوسي المقرب من طهران لرئاسة البرلمان وسط تراجع حظوظ المناهضين لإيران في تولي رئاسة الوزراء!!
ويشكل انتخاب الحلبوسي ضربة قوية للمناهضين للنفوذ الإيراني في العراق، لاسيما وأن غالبية التحليلات ذهبت إلى أن تحالف «سائرون» بقيادة الصدر، سوف يسيطر على مقاليد السلطة في العراق في المرحلة المقبلة، في حين تمكن الحلبوسي من انتزاع المنصب السني من أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع السابق خالد العبيدي المدعوم من رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، حيث حصد الحلبوسي أصوات 169 نائباً من أصل 298 شاركوا في التصويت خلال الجلسة، من أصل 329 نائباً في البرلمان. وربما هذا ما دفع تحالف «البناء»، بزعامة هادي العامري ونوري المالكي إلى الإعلان عن أنه «يمثل الكتلة البرلمانية الكبرى التي ستقدم مرشحها لرئاسة الوزراء، واستدل التحالف على ذلك بقدرته على حسم منصب رئيس البرلمان الذي يحتاج أكثر من أصوات نصف المجلس، وذلك بعد خلافات استمرت أياماً مع تحالف «سائرون» بزعامة الصدر، بشأن الكتلة الأكبر»، وفقاً لما بثته مواقع إخبارية عربية ودولية.
ولا يمكن استبعاد مسألة تخلي الصدر عن العبادي قبل أيام على خلفية الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في البصرة جنوب العراق، ما أدى إلى تفكك تحالف «الصدر العبادي»، حيث كان الأخير ضامناً للاحتفاظ بولاية ثانية وفوزه برئاسة الوزراء، لكن تفكك ذلك التحالف بسبب احتجاجات البصرة، فتح الباب على مصراعيه أمام التيار الموالي لإيران في العراق إلى أن يفرض نفوذه ويكسب المعركة الأولى بانتخاب سني مقرب من إيران رئيساً للبرلمان. وإذا كان الصدر يردد دائماً أنه يدفع باختيار رئيس وزراء مستقل يختار حكومة تكنوقراط، يبدو التنافس شرساً حتى وإن أعلن هادي العامري عدم ترشحه لرئاسة الوزراء، حيث أظهر انتخاب الحلبوسي مدى النفوذ الذي تفرضه إيران على العراقيين حتى وإن خرج شيعة البصرة يهتفون «إيران برا برا.. البصرة حرة حرة»، حيث تبقى للكتلة الأكبر في البرلمان الكلمة الفصل والأخيرة في اختيار رئيس الوزراء القادم. ويبدو أن قبضة كتلة الصدر تهتز داخل البيت العراقي خاصة بعد أن فشلت في إيصال مرشحيها السنيين أسامة النجيفي وخالد العبيدي لرئاسة البرلمان.
ويذهب محللون ومراقبون إلى أن انتخاب الحلبوسي، سيؤثر بشكل مباشر على اختيار رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة، وليس أدل على ذلك، من تهنئة زعيم حركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي - أحد أبرز الموالين لإيران في العراق - للحلبوسي حيث وصف الأخير بأنه «مرشحنا» معتبراً أن «النتيجة تمثل انتصاراً على التدخلات الخارجية» في إشارة إلى أمريكا وحلفائها في العراق. ما يصب في نفس الاتجاه، تصريحات المحلل السياسي هشام الهاشمي لوكالة الصحافة الفرنسية، حينما ذهب إلى أن «قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني نجح في توحيد البيت الشيعي، والإيفاء بالوعود للسنة الذين انضموا إليه، فيما فشل المبعوث الأمريكي بريت ماكغورك في تقسيم الشيعة، وخسر وعوده للسنة بأن يصبحوا أقوى، وأيضا تهديده للسنة الذين اختاروا الالتحاق بالمعسكر الإيراني».
لكن الجديد بشأن اختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد، يتمثل في اتفاق مبطن، غير مباشر، بين إيران، والمرجعية الشيعية في العراق، على مواصفات تلك الشخصية، حيث أعلنت الأخيرة أنها «لا تؤيد رئيس الوزراء القادم إذا اختير من السياسيين الذين كانوا في السلطة في السنوات الماضية»، الأمر الذي يقلل من حظوظ رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، في حين يبرز في الواجهة عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق ليكون الأقرب لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة الذي تنطبق عليه شروط المرجعية في العراق كونه لم يشغل هذا المنصب من قبل، وفي الوقت ذاته، لم تعترض إيران عليه حتى الساعة، في حين يبدو عبدالمهدي يحظى بثقة واشنطن والغرب حتى وقت مضى، لاسيما وأن إيران تدخلت بشكل مباشر لإقصائه من المنصب في انتخابات 2010، وحل محله نوري المالكي، وفي انتخابات 2014، تم اختيار حيدر العبادي، بعد الفشل الأمني الذريع لحكومة المالكي، غداة سيطرة تنظيم الدولة «داعش» على مساحات شاسعة من العراق بدءاً من يونيو 2014، قبل إعلان حكومة العبادي نهاية 2017، تطهير البلاد من التنظيم الإرهابي.
ووفقاً لما نشره موقع «روسيا اليوم» الإخباري الروسي عن مصدر سياسي وقيادي شيعي عراقي قوله إن «عادل عبد المهدي، هو الأقرب لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة»، مشيراً إلى أن «المنافسة كانت بين عبد المهدي وشخصيات أخرى، لكنّ هناك توافقاً كردياً شيعياً سنياً عليه»، مبيناً أن «عبد المهدي ينتظر موافقة مرجعية آية الله علي السيستاني ليعطي موافقته للكتل السياسية على تسلم المنصب»، حيث أبلغ عبدالمهدي الكتل السياسية بأنه لا يمكن القبول بالمنصب دون موافقة المرجعية التي قالت إن المجرب لا يجرب». ويبرز اسم عبد المهدي كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء بعد تراجع حظوظ العبادي، بين عدة أسماء شيعية أبرزها، علي شكري وفالح الفياض والقائد في جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي، ورئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي.
* وقفة:
بون شاسع بين السخط الشعبي العراقي على إيران وبين النفوذ السياسي الذي تحظى به الأخيرة والدليل على ذلك اختيار السني محمد الحلبوسي المقرب من طهران لرئاسة البرلمان وسط تراجع حظوظ المناهضين لإيران في تولي رئاسة الوزراء!!