ما من ثورة في التاريخ أشبعها المفكرون والباحثون والناقدون بحثاً وتمحيصاً وجدالاً ومناقشة كثورة الإمام أبي عبدالله الحسين سبط الرسول الأكرم «ص» وحفيده، سنة 61 هجرية في القرن السابع الميلادي، التي قامت على أساس الإصلاح في أمة رسول الله وانتهت إلى استشهاده «ع» وأصحابه وأنصاره في موقعة الطف في كربلاء العراق.
هذه الواقعة العظيمة بما شكلته من منعطف تصحيحي بالغ الأثر والأهمية وقت حدوثها وحتى يومنا هذا، وبما حفرته من آثار عميقة ليس في وجدان المسلمين فحسب، بل وفي نفوس ووجدان غير المسلمين أيضاً حتى قال عنها زعيم الهند الراحل المهاتما غاندي جملته الشهيرة: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر»، وقال الآثاري الإنجليزي ويليام لوفتس: «لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الإنسانية، وارتفع بمأساته إلى مستوى البطولة الفذة»، وغيرهما كثيرون.
وبالنظر إلى عظم هذه المناسبة الدينية وترسخها في وجدان المسلمين عاماً بعد عام على مر الزمان، فإنه من الضرورة بمكان العمل على استثمارها على أفضل وجه من أجل تعزيز وتكريس مبادئ الوحدة الوطنية فلا أعظم من المبادئ السامية التي قامت عليها ثورة الإمام الحسين الدينية والسياسية والفكرية من أن تكون باباً ومفتاحاً لرتق الفتق ورأب الصدع.
لطالما كانت البحرين عبر تاريخها حاضنة التنوع المذهبي والاختلاف الديني، ففي زمانها القديم – وما زالت في كثير من قراها ومدنها المحافظة على ذات طابعها القديم – يتعاون المواطنون من الطائفتين الكريمتين في طبخ الأطعمة التي يتم توزيعها على المعزين والمحبين «للتبرك بعيش الحسين» – كما تقال باللهجة المحلية العامية.
ويحكي لي كثير من الأخوة الأعزاء من الطائفة السنية الكريمة أنهم لطالما أسهموا في إقامة الشعائر الحسينية مع جيرانهم الشيعة في المحرق والمنامة وغيرهما، وما كان لديهم يوماً أي مانع أو تحفظ على حضور المجالس الحسينية التي ظلت ردحاً طويلاً من الزمن منزهة على الاشتغال بالسياسة بل كانت مجالس حسينية خالصة، بل على العكس كانوا حريصين على حضور مجالس التعزية ومواكب العزاء فالحسين ابن بنت نبي الأمة كلها بسنتها وشيعتها لا لطائفة فحسب.
إن استحضار مثل هذه المشاهد التي عرفها كثير من البحرينيين في الزمن الجميل ونقلها إلى الأبناء والأحفاد جيلاً إثر جيل من شأنه أن يقلل من أجواء التوتر الطائفي أينما وجدت ويعيد أجواء الألفة والمحبة.
ومن الواجب على كافة الجهات المعنية استثمار هذه المناسبة الدينية المهمة في تكريس عرى الوحدة الوطنية، والتأكيد على المبدأ الدستوري المرعي والمتمثل في حرية العقيدة، إذ كانت البحرين وستظل بإذن الله مضرب المثل في التعايش المذهبي والتراحم والتلاحم بين أبناء هذا الوطن العزيز، وستبقى حامية أبنائها على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم، ولا أدل على ذلك من حرص كافة الجهات الرسمية المعنية على خدمة مواكب العزاء الرئيسية في العاصمة المنامة وغيرها من المناطق وضمان سيرها بكل أريحية ودون معوقات.
وبالعودة إلى محور الحديث فإن ثورة الحسين مدرسة تستلهم منها العبر لبناء فكري نهضوي ومجتمعي يصلح لأن يكون أساساً وقاعدة لرتق الفتق الطائفي البغيض الذي تمقته المجتمعات السليمة فكرياً، أما الشطط فهو أمر غير مقبول في أي مذهب كان.. وهذه هي مبادئ الإمام الحسين الذي ثار وضحى بدمه من أجل وحدة هذه الأمة وحفظها من الشتات.
الحسين - كما أفهم - هو الحسين «الموحد» الذي نستلهم من سيرته العبر لبناء مجتمعات متينة محصنة من التقوقع والتمزق والطأفنة. فتقبلك لمذهبي لن ينقص من حسناتك ودينك شيئاً كما أن تقبلي لمذهبك لن ينقص من ديني شيئاً، فلنترك الخلق للخالق، وحسناتك لن تقل وأجرك لن يضمحل إن قلت لمن سيصوم يوم عاشوراء «تقبل الله صيامك» أو لمن سيقيم العزاء فيه «مأجورين».
* سانحة:
آجركم الله يا مسلمين في ذكرى استشهاد ابن بنت نبيكم الحسين بن علي بن أبي طالب «عليه السلام».. مقبول عزاؤكم ومقبول صيامكم.
هذه الواقعة العظيمة بما شكلته من منعطف تصحيحي بالغ الأثر والأهمية وقت حدوثها وحتى يومنا هذا، وبما حفرته من آثار عميقة ليس في وجدان المسلمين فحسب، بل وفي نفوس ووجدان غير المسلمين أيضاً حتى قال عنها زعيم الهند الراحل المهاتما غاندي جملته الشهيرة: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر»، وقال الآثاري الإنجليزي ويليام لوفتس: «لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الإنسانية، وارتفع بمأساته إلى مستوى البطولة الفذة»، وغيرهما كثيرون.
وبالنظر إلى عظم هذه المناسبة الدينية وترسخها في وجدان المسلمين عاماً بعد عام على مر الزمان، فإنه من الضرورة بمكان العمل على استثمارها على أفضل وجه من أجل تعزيز وتكريس مبادئ الوحدة الوطنية فلا أعظم من المبادئ السامية التي قامت عليها ثورة الإمام الحسين الدينية والسياسية والفكرية من أن تكون باباً ومفتاحاً لرتق الفتق ورأب الصدع.
لطالما كانت البحرين عبر تاريخها حاضنة التنوع المذهبي والاختلاف الديني، ففي زمانها القديم – وما زالت في كثير من قراها ومدنها المحافظة على ذات طابعها القديم – يتعاون المواطنون من الطائفتين الكريمتين في طبخ الأطعمة التي يتم توزيعها على المعزين والمحبين «للتبرك بعيش الحسين» – كما تقال باللهجة المحلية العامية.
ويحكي لي كثير من الأخوة الأعزاء من الطائفة السنية الكريمة أنهم لطالما أسهموا في إقامة الشعائر الحسينية مع جيرانهم الشيعة في المحرق والمنامة وغيرهما، وما كان لديهم يوماً أي مانع أو تحفظ على حضور المجالس الحسينية التي ظلت ردحاً طويلاً من الزمن منزهة على الاشتغال بالسياسة بل كانت مجالس حسينية خالصة، بل على العكس كانوا حريصين على حضور مجالس التعزية ومواكب العزاء فالحسين ابن بنت نبي الأمة كلها بسنتها وشيعتها لا لطائفة فحسب.
إن استحضار مثل هذه المشاهد التي عرفها كثير من البحرينيين في الزمن الجميل ونقلها إلى الأبناء والأحفاد جيلاً إثر جيل من شأنه أن يقلل من أجواء التوتر الطائفي أينما وجدت ويعيد أجواء الألفة والمحبة.
ومن الواجب على كافة الجهات المعنية استثمار هذه المناسبة الدينية المهمة في تكريس عرى الوحدة الوطنية، والتأكيد على المبدأ الدستوري المرعي والمتمثل في حرية العقيدة، إذ كانت البحرين وستظل بإذن الله مضرب المثل في التعايش المذهبي والتراحم والتلاحم بين أبناء هذا الوطن العزيز، وستبقى حامية أبنائها على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم، ولا أدل على ذلك من حرص كافة الجهات الرسمية المعنية على خدمة مواكب العزاء الرئيسية في العاصمة المنامة وغيرها من المناطق وضمان سيرها بكل أريحية ودون معوقات.
وبالعودة إلى محور الحديث فإن ثورة الحسين مدرسة تستلهم منها العبر لبناء فكري نهضوي ومجتمعي يصلح لأن يكون أساساً وقاعدة لرتق الفتق الطائفي البغيض الذي تمقته المجتمعات السليمة فكرياً، أما الشطط فهو أمر غير مقبول في أي مذهب كان.. وهذه هي مبادئ الإمام الحسين الذي ثار وضحى بدمه من أجل وحدة هذه الأمة وحفظها من الشتات.
الحسين - كما أفهم - هو الحسين «الموحد» الذي نستلهم من سيرته العبر لبناء مجتمعات متينة محصنة من التقوقع والتمزق والطأفنة. فتقبلك لمذهبي لن ينقص من حسناتك ودينك شيئاً كما أن تقبلي لمذهبك لن ينقص من ديني شيئاً، فلنترك الخلق للخالق، وحسناتك لن تقل وأجرك لن يضمحل إن قلت لمن سيصوم يوم عاشوراء «تقبل الله صيامك» أو لمن سيقيم العزاء فيه «مأجورين».
* سانحة:
آجركم الله يا مسلمين في ذكرى استشهاد ابن بنت نبيكم الحسين بن علي بن أبي طالب «عليه السلام».. مقبول عزاؤكم ومقبول صيامكم.