في مقابلة تلفزيونية هامة للفنان العبقري زياد الرحباني على قناة الميادين الفضائية المؤيدة لحزب الله وإيران. طرح زياد نقداً مختزلاً لكنه نقد موضوعي ومنهجي لوضع حزب الله. علماً بأن زياد الرحباني، شيوعي الانتماء والحزب، ومن أنصار المقاومة الإسلامية ومن مؤيدي حزب الله. وقد واجه بسبب توجهاته مشكلات عديدة في بلد منقسم طائفياً ومتصارع حزبياً مثل لبنان. ولكن في تقديري أن النقد الذي طرحه زياد يعد أخطر مأخذ على أي حزب أو حركة أو فصيل سياسي، لأنه يمس علاقة الحزب بمفهوم الهوية الوطنية الذي لا يقتصر تفسيره على قضية الولاءات فحسب.
تلخص نقد زياد لحزب الله في موقف الحزب من الشيوعيين، واختزاله للمقاومة في الاتجاه الإسلامي وتجاوزه للمقاومة «الوطنية» ـ علماً بأن المقاومة اللبنانية ضد إسرائيل دشنها الحزب الشيوعي في الثمانينات إبان الاجتياح الصهيوني لبيروت، وهو من تمكن من إلحاق الهزيمة بإسرائيل وإخراجها من بيروت في صورة مزرية. وإشارة زياد إلى علاقة حزب الله بالشيوعيين لا تخلو من تلميح إلى التركيبة الإيديولوجية لحزب الله ومسألة قبوله بالآخر. ووفائه للتاريخ النضالي الوطني. كما انتقد زياد تركيز الحزب في نشاطه على قضايا الصراع الخارجي دون موازاة مع البرنامج الداخلي الذي شارك بموجبه في الحكومة وفي البرلمان. وتساءل زياد عن دور الحزب في محاربة الفساد، حيث لا يوجد أي تصريح أو مشروع أو برنامج للحزب يواجه فساد الدولة، التي صارت جزءاً منها بمشاركته في التشكيلة الحكومية! وانتقد أخيراً لجوء الحزب لتوزيع المساعدات والمعونات على أتباعه خارج خدمات الدولة، التي يفترض أن يعمل على تعزيزها وترقيتها لخدمة كافة المواطنين. كل المآخذ السابقة تؤثر على مستقبل الحزب، حسب تعبير زياد، في حال انتهى مشروعه الخارجي في مقاومة إسرائيل. يقول زياد: «إن المواطن اللبناني ليس له نصيب من نشاط الحزب وأجندته!!». النقد الذي طرحه زياد الرحباني لحزب الله يمكن إسقاطه أيضاً على كل حركات ما صار يسمى بتيار «المقاومة الإسلامية» والذي يشمل حركة حماس والحركات الجديدة الناشئة مثل حركة أنصار الله «الحوثيين» والحشد الشعبي وغيرها من الكيانات التي مازال بعضها في مرحلة «الميليشيات». هذه المكونات تؤسس شرعيتها على فكرة «المقاومة» للاعتداءات الخارجية، فمن يتابع خطابات قيادات حماس التي تسيطر على الحكم في قطاع غزة يلاحظ خلو الخطابات وأنشطة الحركة من أي برنامج حكم محلي يهتم بالتعليم والصحة وباقي الخدمات. طبعاً ستكون الذريعة جاهزة بأن غزة تواجه حصاراً وحرباً، وأن الأولوية لمواجهة العدو الإسرائيلي. ولكن ألا يمكن أن يتفرع من حركة حماس كيان مدني صرف يعني بصياغة برنامج مدني خدماتي ويتابع تنفيذه، بحيث يقترح حلولاً وبدائل لأزمة الكهرباء والرواتب والتنقل في غزة ؟!! أليس ذلك هو وظيفة السلطة الحاكمة في أي مكان وزمان؟!! كذلك فإن تركيز التوجهات الحوثية في خطابات عبدالملك الحوثي وباقي قيادات حكومة صنعاء التي يسيطر عليها التيار الحوثي تخلو أيضاً من أي برنامج خدماتي، وتنشغل بالتعبئة للحرب ضد التحالف وأمريكا وإسرائيل والمواجهة الدبلوماسية الخارجية. وستكون الذريعة أيضاً، من وجهة نظر أنصار الله، أن اليمن تواجه حرباً!!
في كلمة خطيرة لحسن نصرالله الأمين العام لحزب الله بعد تحرير النظام السوري لمدينة حلب من الجماعات المتطرفة المسلحة، الذي شارك فيه حزب الله وميليشيا عراقية وإيرانية. صرح نصرالله بأن تيار «المقاومة الإسلامية» قد أكمل امتداده من أفغانستان إلى إيران فالعراق وسوريا ولبنان. وشمل معهم حركة حماس والحوثيين في اليمن. وبغض النظر عن الصراعات المسلحة التي تخوضها كل هذه التكوينات فإن برنامجها المؤسس على المقاومة. وبما أنها جميعها حركات مقاومة إسلامية، فلا بد أن يكتسب صراعها قداسة خاصة. فما مصيرها في حال انتهاء كل الصراعات في المنطقة؟ وهل من مصلحتها «وجودياً» انتهاء تلك الصراعات؟ وما الحجم الذي ستطلبه لنفسها في التمثيل السياسي نظير مقاومتها المسلحة الطويلة وبذلها الدم في المعارك الطويلة؟ وما هو البرنامج السياسي الذي ستتبناه؟ يبدو مستقبل تلك الكيانات كما قال زياد الرحباني مقلقاً ومجهولاً!!
لاشك في أن هناك صراعات وأخطاراً تحدق بالمنطقة العربية. ولابد من إيجاد حلول وطنية شاملة لها. ولكن تفكيك المحمولات المعنوية لتيارات المقاومة الإسلامية يؤدي إلى نتيجة أنها «المعادل الموضوعي» للمحمولات المعنوية «للحركات الجهادية» مثل القاعدة وما تفرع عنها. فهي الأخرى أسست شرعيتها على فكرة «الجهاد-المقاومة»، ثم انتهت إلى فكرة تأسيس «الدولة الإسلامية» بمنطق يخلو من أي حداثة وأي اهتمام باحتياجات الرعية.
أخيراً في المقابلة نفسها على قناة الميادين تحدث زياد الرحباني عن الحزب الشيوعي الذي ينتمي إليه وانتقد ركوده. وأقر أن ركود الحزب وانقطاع نشاطه هو الذي أدى إلى تمدد حزب الله، مشيراً إلى حرب الشائعات والإساءات التي تعرض لها مفهوم الشيوعية التي أدت بكثير من الأحزاب الشيوعية في العالم إلى تغيير أسمائها والاستغناء عن مسمى «الحزب الشيوعي». كذلك فإن الحرب الشعواء التي شُنت ضد الأحزاب اليسارية الوطنية في كثير من دول الوطن العربي تحت عدة مزاعم هي التي أدت إلى انتعاش الإسلام السياسي وتقوية قواعده. لا يعني أن تكون الأحزاب والحركات وطنية أنها منبثقة من الداخل ولا تتلقى دعماً أو مساندة خارجية فقط. بل يعني أن يكون برنامج العمل ومجاله هو الوطن. وأن تتشكل في هذه المرحلة الصدامية من تاريخ العرب أحزاب وحركات وميليشيات عابرة للحدود، ومكتملة التنسيق فيما بينها، ومتكئة على الصراعات الحقيقية للأمة، وتعبر عن نفسها بمشاريع جهادية مقدسة، ولا تضع في اعتبارها وفي نشاطها برنامجاً مدنياً لبناء الأوطان ورقي الشعوب، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية، وتطوير الاقتصاد المنتج. فنحن أمام مستقبل جديد من الصراعات يقوم على استحقاقات جهادية وقتالية قد يصعب النقاش فيها الآن، لكنها حتماً ستكون حاضرة مستقبلاً، وربما.. بقوة السلاح.
تلخص نقد زياد لحزب الله في موقف الحزب من الشيوعيين، واختزاله للمقاومة في الاتجاه الإسلامي وتجاوزه للمقاومة «الوطنية» ـ علماً بأن المقاومة اللبنانية ضد إسرائيل دشنها الحزب الشيوعي في الثمانينات إبان الاجتياح الصهيوني لبيروت، وهو من تمكن من إلحاق الهزيمة بإسرائيل وإخراجها من بيروت في صورة مزرية. وإشارة زياد إلى علاقة حزب الله بالشيوعيين لا تخلو من تلميح إلى التركيبة الإيديولوجية لحزب الله ومسألة قبوله بالآخر. ووفائه للتاريخ النضالي الوطني. كما انتقد زياد تركيز الحزب في نشاطه على قضايا الصراع الخارجي دون موازاة مع البرنامج الداخلي الذي شارك بموجبه في الحكومة وفي البرلمان. وتساءل زياد عن دور الحزب في محاربة الفساد، حيث لا يوجد أي تصريح أو مشروع أو برنامج للحزب يواجه فساد الدولة، التي صارت جزءاً منها بمشاركته في التشكيلة الحكومية! وانتقد أخيراً لجوء الحزب لتوزيع المساعدات والمعونات على أتباعه خارج خدمات الدولة، التي يفترض أن يعمل على تعزيزها وترقيتها لخدمة كافة المواطنين. كل المآخذ السابقة تؤثر على مستقبل الحزب، حسب تعبير زياد، في حال انتهى مشروعه الخارجي في مقاومة إسرائيل. يقول زياد: «إن المواطن اللبناني ليس له نصيب من نشاط الحزب وأجندته!!». النقد الذي طرحه زياد الرحباني لحزب الله يمكن إسقاطه أيضاً على كل حركات ما صار يسمى بتيار «المقاومة الإسلامية» والذي يشمل حركة حماس والحركات الجديدة الناشئة مثل حركة أنصار الله «الحوثيين» والحشد الشعبي وغيرها من الكيانات التي مازال بعضها في مرحلة «الميليشيات». هذه المكونات تؤسس شرعيتها على فكرة «المقاومة» للاعتداءات الخارجية، فمن يتابع خطابات قيادات حماس التي تسيطر على الحكم في قطاع غزة يلاحظ خلو الخطابات وأنشطة الحركة من أي برنامج حكم محلي يهتم بالتعليم والصحة وباقي الخدمات. طبعاً ستكون الذريعة جاهزة بأن غزة تواجه حصاراً وحرباً، وأن الأولوية لمواجهة العدو الإسرائيلي. ولكن ألا يمكن أن يتفرع من حركة حماس كيان مدني صرف يعني بصياغة برنامج مدني خدماتي ويتابع تنفيذه، بحيث يقترح حلولاً وبدائل لأزمة الكهرباء والرواتب والتنقل في غزة ؟!! أليس ذلك هو وظيفة السلطة الحاكمة في أي مكان وزمان؟!! كذلك فإن تركيز التوجهات الحوثية في خطابات عبدالملك الحوثي وباقي قيادات حكومة صنعاء التي يسيطر عليها التيار الحوثي تخلو أيضاً من أي برنامج خدماتي، وتنشغل بالتعبئة للحرب ضد التحالف وأمريكا وإسرائيل والمواجهة الدبلوماسية الخارجية. وستكون الذريعة أيضاً، من وجهة نظر أنصار الله، أن اليمن تواجه حرباً!!
في كلمة خطيرة لحسن نصرالله الأمين العام لحزب الله بعد تحرير النظام السوري لمدينة حلب من الجماعات المتطرفة المسلحة، الذي شارك فيه حزب الله وميليشيا عراقية وإيرانية. صرح نصرالله بأن تيار «المقاومة الإسلامية» قد أكمل امتداده من أفغانستان إلى إيران فالعراق وسوريا ولبنان. وشمل معهم حركة حماس والحوثيين في اليمن. وبغض النظر عن الصراعات المسلحة التي تخوضها كل هذه التكوينات فإن برنامجها المؤسس على المقاومة. وبما أنها جميعها حركات مقاومة إسلامية، فلا بد أن يكتسب صراعها قداسة خاصة. فما مصيرها في حال انتهاء كل الصراعات في المنطقة؟ وهل من مصلحتها «وجودياً» انتهاء تلك الصراعات؟ وما الحجم الذي ستطلبه لنفسها في التمثيل السياسي نظير مقاومتها المسلحة الطويلة وبذلها الدم في المعارك الطويلة؟ وما هو البرنامج السياسي الذي ستتبناه؟ يبدو مستقبل تلك الكيانات كما قال زياد الرحباني مقلقاً ومجهولاً!!
لاشك في أن هناك صراعات وأخطاراً تحدق بالمنطقة العربية. ولابد من إيجاد حلول وطنية شاملة لها. ولكن تفكيك المحمولات المعنوية لتيارات المقاومة الإسلامية يؤدي إلى نتيجة أنها «المعادل الموضوعي» للمحمولات المعنوية «للحركات الجهادية» مثل القاعدة وما تفرع عنها. فهي الأخرى أسست شرعيتها على فكرة «الجهاد-المقاومة»، ثم انتهت إلى فكرة تأسيس «الدولة الإسلامية» بمنطق يخلو من أي حداثة وأي اهتمام باحتياجات الرعية.
أخيراً في المقابلة نفسها على قناة الميادين تحدث زياد الرحباني عن الحزب الشيوعي الذي ينتمي إليه وانتقد ركوده. وأقر أن ركود الحزب وانقطاع نشاطه هو الذي أدى إلى تمدد حزب الله، مشيراً إلى حرب الشائعات والإساءات التي تعرض لها مفهوم الشيوعية التي أدت بكثير من الأحزاب الشيوعية في العالم إلى تغيير أسمائها والاستغناء عن مسمى «الحزب الشيوعي». كذلك فإن الحرب الشعواء التي شُنت ضد الأحزاب اليسارية الوطنية في كثير من دول الوطن العربي تحت عدة مزاعم هي التي أدت إلى انتعاش الإسلام السياسي وتقوية قواعده. لا يعني أن تكون الأحزاب والحركات وطنية أنها منبثقة من الداخل ولا تتلقى دعماً أو مساندة خارجية فقط. بل يعني أن يكون برنامج العمل ومجاله هو الوطن. وأن تتشكل في هذه المرحلة الصدامية من تاريخ العرب أحزاب وحركات وميليشيات عابرة للحدود، ومكتملة التنسيق فيما بينها، ومتكئة على الصراعات الحقيقية للأمة، وتعبر عن نفسها بمشاريع جهادية مقدسة، ولا تضع في اعتبارها وفي نشاطها برنامجاً مدنياً لبناء الأوطان ورقي الشعوب، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية، وتطوير الاقتصاد المنتج. فنحن أمام مستقبل جديد من الصراعات يقوم على استحقاقات جهادية وقتالية قد يصعب النقاش فيها الآن، لكنها حتماً ستكون حاضرة مستقبلاً، وربما.. بقوة السلاح.