في سنة 1948 انطلقت في بغداد مظاهرات عدة، احتجاجاً على معاهدة بورت سموث، واستمرت أياما، وقد حرك هذه المظاهرات مجاميع من الحزب الشيوعي، والحق لا الحزب الشيوعي ولا المتظاهرين الذين تبعوهم وخرجوا إلى الشوارع يعرفون فحوى المعاهدة، بل ولا حتى وزراء في الحكومة كانوا يعرفون بنودها، وقد كانت المعاهدة بديلاً لمعاهدة سابقة مجحفة بحق العراق، لكن مع ذلك استطاع الشيوعيون إثارة الجماهير ضد الحكومة لمجرد أنها مع البريطانيين فثاروا رافعين شعاراتهم المعهودة.
إحدى هذه المظاهرات اتجهت صوب بناية مجلس النواب ووقف المتظاهرون في الساحة القريبة من مدخل البناية وهم يهتفون بسقوط المعاهدة، وكانوا أيضاً يهتفون ضد نواب المجلس بلغة المظاهرات المعروفة، باختصار أشبع المتظاهرون نواب المجلس بالشتائم، في تلك اللحظات كان قسم من النواب يستمعون إلى هذه الشتائم ويتابعون المظاهرات عن قرب، وبينما هم كذلك خرج أحد المتظاهرين وترك المظاهرات متوجهاً لبيته، في الطريق التقى صديقه الذي بادره بالسؤال «بشر شخبار المظاهرات؟» فقال له: «انت شايف بحياتك شتايم تضحك؟!»، قال: لا، قال: رأيت بعيني وسمعت بأذني عند بناية المجلس متظاهرين يشتمون النواب والنواب يضحكون! وكلامه صحيح لأن قسماً من النواب كانوا يضحكون، وقسماً منهم اختار السكوت والمراقبة وآخرين تحمسوا مع المتظاهرين وأخذوا جانبهم، المهم بعد الهتافات والخطب الحماسية ترك المتظاهرون الساحة وتوجهوا إلى الشارع العام عائدين إلى بيوتهم، أحد الصحافيين كان يغطي الأحداث معهم عندما شاهد انسحابهم، قال: «خطية تعبوا وراحوا»!
لكن بعدها تطورت الأمور وحمل المتظاهرون السلاح وواجهوا الشرطة واتخذ رئيس الوزراء صالح جبر موقفاً حازماً حفاظاً على هيبة الدولة كان نتيجته قتل اثنين من المتظاهرين، وعلى إثر هذا الحدث سقطت حكومته بعدما طلب منه الوصي على عرش العراق التنحي عن الحكم، ولو لم تحدث تلك الحوادث لما كان للمظاهرات أي نتيجة.
الشاهد منذ ذلك اليوم وسياسة «اضحك للشتيمة.. وخطية تعبوا وراحوا» هي العلاج للمظاهرات في العراق وهكذا سارت الأمور بعدها ولم يتغير أي نظام حكم في العراق إلا بطريق الانقلاب العسكري، وآخر نظام وهو نظام حزب البعث سقط بالاحتلال الأمريكي مع أنه النظام الوحيد الذي لم يستخدم السياسة المذكورة في التعامل مع المظاهرات لأنه لم يسمح من الأساس بأي محاولة لانطلاق أي مظاهرة غير مظاهرات التأييد له، لكن مع النظام الحالي عاد العمل بسياسة «اضحك للشتيمة.. وخطية تعبوا وراحوا» وهكذا تعاملوا مع مظاهرات البصرة الأخيرة التي انتهت ولم يسمع لها صوت مع ألا شيء من مطالب المتظاهرين قد تحقق ولو بوعود كاذبة، وبما أن زمن الانقلابات العسكرية في العراق انتهى -وهي في حقيقتها سيئة جلبت الدمار للعراق- وأن النظام الحاكم لم ولن يغير شيئاً في سياسته فعلى العراقيين أن يوفروا جهودهم وإما أن يرضخوا للواقع المر أو يتوجهوا بمظاهراتهم لأمريكا التي جلبت لهم هذا النظام لعلها تتعامل مع المظاهرات بالطريقة التي تتعامل بها الأنظمة الغربية.
إحدى هذه المظاهرات اتجهت صوب بناية مجلس النواب ووقف المتظاهرون في الساحة القريبة من مدخل البناية وهم يهتفون بسقوط المعاهدة، وكانوا أيضاً يهتفون ضد نواب المجلس بلغة المظاهرات المعروفة، باختصار أشبع المتظاهرون نواب المجلس بالشتائم، في تلك اللحظات كان قسم من النواب يستمعون إلى هذه الشتائم ويتابعون المظاهرات عن قرب، وبينما هم كذلك خرج أحد المتظاهرين وترك المظاهرات متوجهاً لبيته، في الطريق التقى صديقه الذي بادره بالسؤال «بشر شخبار المظاهرات؟» فقال له: «انت شايف بحياتك شتايم تضحك؟!»، قال: لا، قال: رأيت بعيني وسمعت بأذني عند بناية المجلس متظاهرين يشتمون النواب والنواب يضحكون! وكلامه صحيح لأن قسماً من النواب كانوا يضحكون، وقسماً منهم اختار السكوت والمراقبة وآخرين تحمسوا مع المتظاهرين وأخذوا جانبهم، المهم بعد الهتافات والخطب الحماسية ترك المتظاهرون الساحة وتوجهوا إلى الشارع العام عائدين إلى بيوتهم، أحد الصحافيين كان يغطي الأحداث معهم عندما شاهد انسحابهم، قال: «خطية تعبوا وراحوا»!
لكن بعدها تطورت الأمور وحمل المتظاهرون السلاح وواجهوا الشرطة واتخذ رئيس الوزراء صالح جبر موقفاً حازماً حفاظاً على هيبة الدولة كان نتيجته قتل اثنين من المتظاهرين، وعلى إثر هذا الحدث سقطت حكومته بعدما طلب منه الوصي على عرش العراق التنحي عن الحكم، ولو لم تحدث تلك الحوادث لما كان للمظاهرات أي نتيجة.
الشاهد منذ ذلك اليوم وسياسة «اضحك للشتيمة.. وخطية تعبوا وراحوا» هي العلاج للمظاهرات في العراق وهكذا سارت الأمور بعدها ولم يتغير أي نظام حكم في العراق إلا بطريق الانقلاب العسكري، وآخر نظام وهو نظام حزب البعث سقط بالاحتلال الأمريكي مع أنه النظام الوحيد الذي لم يستخدم السياسة المذكورة في التعامل مع المظاهرات لأنه لم يسمح من الأساس بأي محاولة لانطلاق أي مظاهرة غير مظاهرات التأييد له، لكن مع النظام الحالي عاد العمل بسياسة «اضحك للشتيمة.. وخطية تعبوا وراحوا» وهكذا تعاملوا مع مظاهرات البصرة الأخيرة التي انتهت ولم يسمع لها صوت مع ألا شيء من مطالب المتظاهرين قد تحقق ولو بوعود كاذبة، وبما أن زمن الانقلابات العسكرية في العراق انتهى -وهي في حقيقتها سيئة جلبت الدمار للعراق- وأن النظام الحاكم لم ولن يغير شيئاً في سياسته فعلى العراقيين أن يوفروا جهودهم وإما أن يرضخوا للواقع المر أو يتوجهوا بمظاهراتهم لأمريكا التي جلبت لهم هذا النظام لعلها تتعامل مع المظاهرات بالطريقة التي تتعامل بها الأنظمة الغربية.