منذ أكثر من سنة ونصف وبوادر تخلص أمريكا من الميليشيات في العراق بدت إرهاصاتها، ويبدو الآن أن ملامح سيناريو التخلص من هذه الميليشيات الإجرامية بدأت تتكشف، وهي تكرار لسيناريو آخر سبقه بأكثر من اثني عشر عاماً وأثبت فاعليته ونجاحه من قبل.. فما هو وما الذي يمكن أن تؤول الأمور إليه؟
قبل أكثر من سنة ونصف ومع بدء التوقع باحتمالية تخلص أمريكا من الميليشيات في العراق -لا لمصلحة العراقيين وسواد عيونهم، بل لمصلحتها ومصلحة شركاتها وشركائها- خلال تلك الفترة تفاقم دور الميليشيات في الشارع العراقي وبدت ممسكة بالأرض أكثر من أي وقت مضى وأصبح لها وضع رسمي وصدر لها قانون خاص بها، ثم دخلت الميليشيات الانتخابات البرلمانية بقائمة وحصلت بالتزوير وغيره على عدد غير قليل من المقاعد، وبدؤوا يطالبون برئاسة الوزراء، ثم لم يحصل ذلك، وبين كل هذه الأحداث كانت هناك مجموعة من الحوادث تلفت النظر، ألا وهي عمليات اغتيال منظمة طالت بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وأصحاب مراكز التجميل، وقد يقول قائل إن الأعمال الإجرامية في العراق تنشط بعد الانتخابات كل أربع سنين، خصوصاً قبيل تشكيل الوزارة، وهذا صحيح لكن في المرات السابقة كانت طبيعة هذه الأعمال مختلفة عن هذه المرة فكلها كانت تتم بسيارات مفخخة وتستهدف الناس بشكل عام، أما هذه المرة فكانت انتقائية.
ولفهم ما حصل ويحصل دعونا نعود إلى الوراء اثني عشرة سنة عندما بلغ تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ذروة قوته وانتشاره ومواجهته لأمريكا مواجهة مسلحة، في وقتها كان التنظيم يحصل على تأييد طبقة واسعة من السكان الرافضين للاحتلال الأمريكي للعراق، تماماً كما حصلت الميليشيات قبل أكثر من سنة على تأييد طبقة واسعة من جمهورها أيام الحرب مع تنظيم الدولة «داعش»، وما حصل في وقتها أن تنظيم القاعدة مع استهدافه للقوات الأمريكية بدأ بموجة عمليات طالت المدنيين وكانت عمليات وحشية منها أنهم كانوا يخطفون بعض الأفراد من مناطق مختلطة طائفياً، ويأتون بهم إلى المناطق التي كانت ساحة عملهم وينفذون فيها عمليات الإعدام لهؤلاء المختطفين أو أنهم ينفذون أعمال القتل بشكل فوري من غير اختطاف ثم يأتون بالجثث إلى أماكنهم وهناك يمثلون في الجثث ويمارسون عمليات السحل والصلب ويلقون بالجثث في الطرقات ويمنعون الأهالي من رفعها، كل هذه الأعمال أدت إلى عملية رفض كاسح من كل مؤيديهم في عمليات استهداف القوات الأمريكية، حتى إذا حانت ساعة المواجهة بين التنظيم وبين بعض التشكيلات المسلحة من الأهالي والتي عرفت في وقتها بالصحوات، لم يجدوا من يؤيدهم ووجدوا الجميع يريد التخلص منهم، في وقتها تبرأ كثير من أفرادهم من تلك الأعمال الإجرامية ولا يعرفون من كان صاحب القرار فيها.
نعود الآن إلى أيامنا هذه لنجد أن السيناريو يتكرر مع الميليشيات، لكن لأن الوضع لا يشبه العام 2006 ومن غير الممكن أن تنفذ أعمال تودي بعدد كبير من الضحايا نجد أن التركيز أصبح على النوعية، فصارت عمليات التصفية تطال أفرداً يشغل مقتلهم الرأي العام ويترك أثراً كبيراً ورعباً في نفوس الناس، وقد يكون الوضع كما هو مع تنظيم القاعدة من قبل فلا أحد يعرف من أصدر تعليمات القتل هذه ولصالح من، لكن المعلوم للجميع أن الميليشيات هي التي نفذتها في ساحة عملها وسطوتها.
في النهاية بدأ تأييد جمهور هذه الميليشيات يتحول إلى سخط عليها وسيزداد هذا السخط حتى يصل إلى مرحلة يصبح فيها التخلص من هذه الميليشيات مطلباً جماهيرياً، عندها ستوجه لهم الضربة التي تقضي عليهم وستلقى ترحاباً من الجميع، أما هل ستكون هذه الضربة بتدخل مباشر من أمريكا أو ستبقى وراء الستار، فهذا غير مهم.
قبل أكثر من سنة ونصف ومع بدء التوقع باحتمالية تخلص أمريكا من الميليشيات في العراق -لا لمصلحة العراقيين وسواد عيونهم، بل لمصلحتها ومصلحة شركاتها وشركائها- خلال تلك الفترة تفاقم دور الميليشيات في الشارع العراقي وبدت ممسكة بالأرض أكثر من أي وقت مضى وأصبح لها وضع رسمي وصدر لها قانون خاص بها، ثم دخلت الميليشيات الانتخابات البرلمانية بقائمة وحصلت بالتزوير وغيره على عدد غير قليل من المقاعد، وبدؤوا يطالبون برئاسة الوزراء، ثم لم يحصل ذلك، وبين كل هذه الأحداث كانت هناك مجموعة من الحوادث تلفت النظر، ألا وهي عمليات اغتيال منظمة طالت بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وأصحاب مراكز التجميل، وقد يقول قائل إن الأعمال الإجرامية في العراق تنشط بعد الانتخابات كل أربع سنين، خصوصاً قبيل تشكيل الوزارة، وهذا صحيح لكن في المرات السابقة كانت طبيعة هذه الأعمال مختلفة عن هذه المرة فكلها كانت تتم بسيارات مفخخة وتستهدف الناس بشكل عام، أما هذه المرة فكانت انتقائية.
ولفهم ما حصل ويحصل دعونا نعود إلى الوراء اثني عشرة سنة عندما بلغ تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ذروة قوته وانتشاره ومواجهته لأمريكا مواجهة مسلحة، في وقتها كان التنظيم يحصل على تأييد طبقة واسعة من السكان الرافضين للاحتلال الأمريكي للعراق، تماماً كما حصلت الميليشيات قبل أكثر من سنة على تأييد طبقة واسعة من جمهورها أيام الحرب مع تنظيم الدولة «داعش»، وما حصل في وقتها أن تنظيم القاعدة مع استهدافه للقوات الأمريكية بدأ بموجة عمليات طالت المدنيين وكانت عمليات وحشية منها أنهم كانوا يخطفون بعض الأفراد من مناطق مختلطة طائفياً، ويأتون بهم إلى المناطق التي كانت ساحة عملهم وينفذون فيها عمليات الإعدام لهؤلاء المختطفين أو أنهم ينفذون أعمال القتل بشكل فوري من غير اختطاف ثم يأتون بالجثث إلى أماكنهم وهناك يمثلون في الجثث ويمارسون عمليات السحل والصلب ويلقون بالجثث في الطرقات ويمنعون الأهالي من رفعها، كل هذه الأعمال أدت إلى عملية رفض كاسح من كل مؤيديهم في عمليات استهداف القوات الأمريكية، حتى إذا حانت ساعة المواجهة بين التنظيم وبين بعض التشكيلات المسلحة من الأهالي والتي عرفت في وقتها بالصحوات، لم يجدوا من يؤيدهم ووجدوا الجميع يريد التخلص منهم، في وقتها تبرأ كثير من أفرادهم من تلك الأعمال الإجرامية ولا يعرفون من كان صاحب القرار فيها.
نعود الآن إلى أيامنا هذه لنجد أن السيناريو يتكرر مع الميليشيات، لكن لأن الوضع لا يشبه العام 2006 ومن غير الممكن أن تنفذ أعمال تودي بعدد كبير من الضحايا نجد أن التركيز أصبح على النوعية، فصارت عمليات التصفية تطال أفرداً يشغل مقتلهم الرأي العام ويترك أثراً كبيراً ورعباً في نفوس الناس، وقد يكون الوضع كما هو مع تنظيم القاعدة من قبل فلا أحد يعرف من أصدر تعليمات القتل هذه ولصالح من، لكن المعلوم للجميع أن الميليشيات هي التي نفذتها في ساحة عملها وسطوتها.
في النهاية بدأ تأييد جمهور هذه الميليشيات يتحول إلى سخط عليها وسيزداد هذا السخط حتى يصل إلى مرحلة يصبح فيها التخلص من هذه الميليشيات مطلباً جماهيرياً، عندها ستوجه لهم الضربة التي تقضي عليهم وستلقى ترحاباً من الجميع، أما هل ستكون هذه الضربة بتدخل مباشر من أمريكا أو ستبقى وراء الستار، فهذا غير مهم.