كلام قدمه الإعلامي محمد بوعيدة من خلال عدة مقاطع سناب شات، أعجبني لأنه يختصر لنا العديد فيما يخص موضوع تقادم الخبرة عند الإنسان في مسألة الحكم على الناس وتقييمهم وكيف كان منظارك للناس قبل سنوات والآن كيف تراهم؟!
يقول الإعلامي بوعيدة: في السابق كانت التوجهات تحكم الناس، وأنا واحد من هؤلاء، فالتوجهات عموماً بدأت بالتشكل في فترة الخمسينات، وكان هناك المد القومي والمد الناصري، وفي فترة الستينات تحول نوعاً ما إلى المد الشيوعي، ووصولاً إلى فترة السبعينات وفي فترة الثمانينات بدأ يلمع نجم الإخوان، فمواليد فترة الثمانينات والتسعينات، وبالذات في منطقة المحرق، لا بد أنهم مروا على جمعية الإصلاح سواء بنشاط أو حتى ولو باكتفائهم بلعب الكرة معهم أو الالتحاق بحلقة من حلقاتهم، وهذا الكلام لا يشمل منتسبيهم إنما حتى من دخل فترة معهم ولم يعجبه الوضع فخرج.
ويكمل: أما في فترة التسعينات فبدأ يلمع نجم السلفية وأصبحت الخلافات واضحة بين هذين التوجهين بالذات السلف والإخوان، وفي أواسط فترة التسعينات كذلك خرج لنا توجه المداخلة والسروريين، وكلها توجهات ازدحم بها الشارع البحريني، ومع الألفية عاد الشيوعيون لنا لكن تحت مسمى الليبرالية، وفي ظل هذا البحر المتلاطم من التوجهات السؤال المطروح أنت أين؟ وشخصياً أقول لكم، بكل أمانة وبصراحة، لم يعد يهمني التوجه، والمقصود هنا بالتوجه على كافة الأصعدة، سواء كان توجهاً سياسياً أو دينياً أو معتقداً.
بوعيدة استند على خلاصة تجربته هذه بموقف حصل له عند نقاشه مع أحد الصوفية عن أحد علماء الشافعية، وعند اتصاله بالدكتور حسن الحسيني الذي تخصصه الشرعي الشافعي، ضحك وقال له: أنت أكبر من هذه الأمور الشرعية الخلافية التي لا يجب أن تتدخل فيها!! فالرجل له رأي مخالف نعم، ولكن هذا لا يقدح في علمه ولا تخصصه، ومن هنا أخذت الدرس الذي أضاف إلى قناعتي. فمهمّ عندي أمران في تقييم الشخص، «الفزعة» أي نجدته لمن يحتاجه ولمن لا يحتاجه، «والسنع» أي الأخلاق والذرابة والأدب، فلم يعد يهمني لا صوفي ولا سلفي ولا سني ولا شيعي، كما لم تعد تهمني ممارساته الشخصية حتى لو كان الله ابتلاه بخلق غير محمود يمارسه بينه وبين نفسه شخصياً، فهذا بالأصل بينه وبين ربه وهو حر طالما كل ذلك لا يضر بهذين الأمرين. فمن أجمل القيم التي علمنا إياها «الأولون» عندما ترى صديقك يتضارب «طب معاه» ولا تتركه ينضرب وتقف بعيداً متخاذلاً حتى تفهم هل هو الغلطان أم الآخرون، بل دافع عنه أولاً وادخل معه واحمه، ثم حاول أن تعرف من له الحق، هل الحق له أو عليه؟ ولربما هذا المفهوم مبالغ فيه قليلاً لكن به من جوانب الصواب الكثير، فأنت يجب عليك أن تتأكد من توافر هذين الأمرين فيه «الفزعة والسنع»، أما توجهه وعلاقته بربه فهذا الأمر يخصه، وهكذا نرتاح!
كلام بوعيدة عاد بي بالذاكرة إلى أيام الجامعة والأندية والمجالس الطلابية، حينما كنا نسير على هذه القناعة عند تأسيس إدارات هذه النوادي ولجان المجالس وتنظيم الفعاليات الطلابية، فليس مهماً أن تكون سلفياً أو إخوانياً أو حتى وفاقياً، بل كان الأهم من يعمل، ومن هو إنسان راقٍ في تعامله يكون قدوة للآخرين في تشجيع الطلاب على العمل التطوعي ومن يصلح لإدارة هذا النشاط أو تنظيم ذاك. ورغم وجود العديد ممن كانوا يسعون لتسييس هذه الأنشطة وإيجاد قوائم تتبع جمعياتهم السياسية، ورغم وجود حروب خفية من تحت الكواليس لإضعاف قيادة طلابية مقابل تقوية الأخرى، إلا أنه فعلاً بعد تلك التجارب اكتشفنا أن قناعتنا الأولى صحيحة. ليس شرطاً كونك من هذه الجمعية التي لا أسير على اتجاهها أنك إنسان سيئ 100% طالما أنت تفصل بين توجهك وتعاملك مع الآخرين، كما ليس شرطاً كونك من توجه ديني يساير توجهي ومعتقداتي أنك الأفضل والأحسن، بل قد يكون هذا التوجه ستاراً لحقيقة شخصية بعيدة كل البعد عن الإنسانية والقيم الأخلاقية. عندما تخرجنا وجدنا الواقع المهني قد لقننا هذا الدرس جيداً، فأهم ما في الإنسان أخلاقه و»سنعه» و»فزعته» في قول الحق والشهادة عندما يتطلب الأمر، خاصة عندما تكون هناك مشاكل في بيئة العمل أو منافسة، فهنا المحك، وهنا يظهر المعدن الحقيقي للإنسان ووجهه الذي مهما كان التوجه سائداً لديه إلا أنه سيعود في النهاية إلى أصل أخلاقه وقيمه وسنعه، وكما نقول بالعامية «أيودي وسباعي»، ولعل هذه القاعدة تنطبق تماماً بعد خوضنا تجارب انتخابية وبرلمانية عدة، واكتشافنا للعديد من الشخصيات سواء من جمعيات سياسية أو غيرها، وأمام اقتراب موسم الانتخابات 2018!!
* إحساس عابر:
لا شأن لي بجمالك.. بهندامك.. بمنصبك.. بشجرة عائلتك الطويلة وبما تملكه ولا أملكه.. لا يهمني شكلك ولا لونك ولا يهمني دينك ولا لغتك أو حتى اسمك.. تهمني أخلاقك.. صدقك.. فكرك.. رقي روحك وأسلوبك وإنسانيتك ونقاء قلبك في عالم مزدحم بأشباه الإنسان باختصار: كن معي جميلاً أكن معك أجمل!
يقول الإعلامي بوعيدة: في السابق كانت التوجهات تحكم الناس، وأنا واحد من هؤلاء، فالتوجهات عموماً بدأت بالتشكل في فترة الخمسينات، وكان هناك المد القومي والمد الناصري، وفي فترة الستينات تحول نوعاً ما إلى المد الشيوعي، ووصولاً إلى فترة السبعينات وفي فترة الثمانينات بدأ يلمع نجم الإخوان، فمواليد فترة الثمانينات والتسعينات، وبالذات في منطقة المحرق، لا بد أنهم مروا على جمعية الإصلاح سواء بنشاط أو حتى ولو باكتفائهم بلعب الكرة معهم أو الالتحاق بحلقة من حلقاتهم، وهذا الكلام لا يشمل منتسبيهم إنما حتى من دخل فترة معهم ولم يعجبه الوضع فخرج.
ويكمل: أما في فترة التسعينات فبدأ يلمع نجم السلفية وأصبحت الخلافات واضحة بين هذين التوجهين بالذات السلف والإخوان، وفي أواسط فترة التسعينات كذلك خرج لنا توجه المداخلة والسروريين، وكلها توجهات ازدحم بها الشارع البحريني، ومع الألفية عاد الشيوعيون لنا لكن تحت مسمى الليبرالية، وفي ظل هذا البحر المتلاطم من التوجهات السؤال المطروح أنت أين؟ وشخصياً أقول لكم، بكل أمانة وبصراحة، لم يعد يهمني التوجه، والمقصود هنا بالتوجه على كافة الأصعدة، سواء كان توجهاً سياسياً أو دينياً أو معتقداً.
بوعيدة استند على خلاصة تجربته هذه بموقف حصل له عند نقاشه مع أحد الصوفية عن أحد علماء الشافعية، وعند اتصاله بالدكتور حسن الحسيني الذي تخصصه الشرعي الشافعي، ضحك وقال له: أنت أكبر من هذه الأمور الشرعية الخلافية التي لا يجب أن تتدخل فيها!! فالرجل له رأي مخالف نعم، ولكن هذا لا يقدح في علمه ولا تخصصه، ومن هنا أخذت الدرس الذي أضاف إلى قناعتي. فمهمّ عندي أمران في تقييم الشخص، «الفزعة» أي نجدته لمن يحتاجه ولمن لا يحتاجه، «والسنع» أي الأخلاق والذرابة والأدب، فلم يعد يهمني لا صوفي ولا سلفي ولا سني ولا شيعي، كما لم تعد تهمني ممارساته الشخصية حتى لو كان الله ابتلاه بخلق غير محمود يمارسه بينه وبين نفسه شخصياً، فهذا بالأصل بينه وبين ربه وهو حر طالما كل ذلك لا يضر بهذين الأمرين. فمن أجمل القيم التي علمنا إياها «الأولون» عندما ترى صديقك يتضارب «طب معاه» ولا تتركه ينضرب وتقف بعيداً متخاذلاً حتى تفهم هل هو الغلطان أم الآخرون، بل دافع عنه أولاً وادخل معه واحمه، ثم حاول أن تعرف من له الحق، هل الحق له أو عليه؟ ولربما هذا المفهوم مبالغ فيه قليلاً لكن به من جوانب الصواب الكثير، فأنت يجب عليك أن تتأكد من توافر هذين الأمرين فيه «الفزعة والسنع»، أما توجهه وعلاقته بربه فهذا الأمر يخصه، وهكذا نرتاح!
كلام بوعيدة عاد بي بالذاكرة إلى أيام الجامعة والأندية والمجالس الطلابية، حينما كنا نسير على هذه القناعة عند تأسيس إدارات هذه النوادي ولجان المجالس وتنظيم الفعاليات الطلابية، فليس مهماً أن تكون سلفياً أو إخوانياً أو حتى وفاقياً، بل كان الأهم من يعمل، ومن هو إنسان راقٍ في تعامله يكون قدوة للآخرين في تشجيع الطلاب على العمل التطوعي ومن يصلح لإدارة هذا النشاط أو تنظيم ذاك. ورغم وجود العديد ممن كانوا يسعون لتسييس هذه الأنشطة وإيجاد قوائم تتبع جمعياتهم السياسية، ورغم وجود حروب خفية من تحت الكواليس لإضعاف قيادة طلابية مقابل تقوية الأخرى، إلا أنه فعلاً بعد تلك التجارب اكتشفنا أن قناعتنا الأولى صحيحة. ليس شرطاً كونك من هذه الجمعية التي لا أسير على اتجاهها أنك إنسان سيئ 100% طالما أنت تفصل بين توجهك وتعاملك مع الآخرين، كما ليس شرطاً كونك من توجه ديني يساير توجهي ومعتقداتي أنك الأفضل والأحسن، بل قد يكون هذا التوجه ستاراً لحقيقة شخصية بعيدة كل البعد عن الإنسانية والقيم الأخلاقية. عندما تخرجنا وجدنا الواقع المهني قد لقننا هذا الدرس جيداً، فأهم ما في الإنسان أخلاقه و»سنعه» و»فزعته» في قول الحق والشهادة عندما يتطلب الأمر، خاصة عندما تكون هناك مشاكل في بيئة العمل أو منافسة، فهنا المحك، وهنا يظهر المعدن الحقيقي للإنسان ووجهه الذي مهما كان التوجه سائداً لديه إلا أنه سيعود في النهاية إلى أصل أخلاقه وقيمه وسنعه، وكما نقول بالعامية «أيودي وسباعي»، ولعل هذه القاعدة تنطبق تماماً بعد خوضنا تجارب انتخابية وبرلمانية عدة، واكتشافنا للعديد من الشخصيات سواء من جمعيات سياسية أو غيرها، وأمام اقتراب موسم الانتخابات 2018!!
* إحساس عابر:
لا شأن لي بجمالك.. بهندامك.. بمنصبك.. بشجرة عائلتك الطويلة وبما تملكه ولا أملكه.. لا يهمني شكلك ولا لونك ولا يهمني دينك ولا لغتك أو حتى اسمك.. تهمني أخلاقك.. صدقك.. فكرك.. رقي روحك وأسلوبك وإنسانيتك ونقاء قلبك في عالم مزدحم بأشباه الإنسان باختصار: كن معي جميلاً أكن معك أجمل!