قصة خاشقجي وتطوراتها أكدت أن المملكة العربية السعودية مستهدفة وأن دولاً عديدة، أبرزها قطر وإيران وتركيا تريد إفشالها بكل الطرق وتعتبر هذه القصة الفرصة التي قد لا تتكرر لذا تعمل على استغلالها أفحش استغلال، ولولا هذا لما أخذت قصة خاشقجي كل هذه الأبعاد، ولولا تطورات هذه القصة لما سعت دول أخرى أيضاً للاستفادة منها عبر ممارسة ضغوط على المملكة أملاً في الحصول على مكاسب، ما يؤكد أن الحديث عن القيم في العلاقات الدولية ليس إلا كلاماً «مأكولاً خيره»، وإلا فما الذي يجعل فرنسا وبريطانيا وألمانيا مثلاً تصدر بياناً وسط قصة خاشقجي وتطالب فيه بأمور لا علاقة لها بها كونها ليست طرفاً في موضوع اختفاء ووفاة هذا الصحافي السعودي؟

دول كثيرة افتضح أمرها وسط هذه القصة، وأفراد كثيرون تبين أنهم مع السعودية في السراء دون الضراء وعملوا على الاستفادة من الذي يحصل ولم يتركوا لهم حتى «خط رجعة» كون هذا الأمر سياسياً وفي السياسة تتغير أمور كثيرة بين اللحظة واللحظة، ما يؤكد وقوعهم تحت تأثير الإعلام السالب الذي وظفته تلك الدول أيما توظيف بغية الإساءة للسعودية وإضعاف موقفها ومثاله قناة «الجزيرة» التي فرغت نفسها لهذه القصة ولم تنتبه إلى أنها بهذا الذي تفعله تفضح الدولة التي «تستضيفها» وتفضح توجهاتها. والأمر نفسه فعلته قنوات «العالم» و«المنار» و«الميادين» وغيرها من القنوات التي تصرف عليها قطر وإيران وتركيا ببذخ وتحميها.

وبعيداً عن الدول التي حاولت أن تمسك العصا من الوسط فأصدرت بيانات صيغت بلغة جميلة لكنها في المجمل لا تساند ولا تدعم السعودية فعلياً، بعيداً عن تلك الدول يمكن القول بأن الدولتين اللتين وقفتا وقفة مخلصة وجادة مع السعودية هما البحرين والإمارات اللتان أثبتتا من خلال هذه القصة وغيرها من القصص أنهما والسعودية بلد واحد وأن ما يسيء إلى بلاد الحرمين يسيء إليهما. وبالتأكيد لا يمكن نسيان مصر التي أكدت أنها السند والتي عمدت إلى توظيف إعلامها لمواجهة الإعلام المسيء الذي قادته «الجزيرة» القطرية و«العالم» الإيرانية والأتراك.

السعودية ليست في حاجة إلى بيانات تصدر من هذه الدولة أو تلك فهي قادرة على الدفاع عن نفسها وتحقيق الانتصار في كل معركة ولكنها تريد أن تشعر بأن من ظل قلبها عليه «يستاهل» فعلاً وأن وقوفها معه ودعمها له في سنوات سابقة ومواقف ماضية لم يضع هباء، فالسعودية وقفت مع الجميع في مختلف الظروف ولم تمن على أي دولة، لكنها في موقف كهذا تريد فقط أن تشعر بأن الآخر الذي أكرمته ووقفت إلى جانبه يستحق ما قامت به من أجله.

السعودية تستأهل موقفاً كموقف البحرين والإمارات ومصر، موقف رجال، لا يهمها ما قد يأتي من سالب حاضراً أو مستقبلاً، فهي تعلم أنها تقف إلى جانب الحق وتدرك أن قصة خاشقجي ليست إلا «علثة» وسبباً يراد منها أمور أخرى أساسها إضعاف السعودية ومن يقف إلى جانبها وإفشال المشروع الإصلاحي الذي أعلن عنه ويقوده ولي عهدها سمو الأمير محمد بن سلمان الذي لم يلتفت إلى كل ما قيل ويقال، فهو يعرف أيضاً أن ما تقوم به تركيا عبر قصة خاشقجي أكمة وراءها ما وراءها.

كلما طال أمد هذه القصة كلما افتضحت الخطة التي تم وضعها من تلك الدول ونفذت بعناية ودقة، وكلما اقترب اليوم الذي تقف فيه الشقيقة الكبرى وهي مزهوة بنصرها ضد كل من أراد لها السوء، فمثل هذه القصص المفتعلة تنكشف أسرارها سريعاً ويخسر كثيراً كل من شارك في تأليفها وتنفيذها، وكل من غامر بالإعلان عن مواقفه السالبة تجاه المملكة العربية السعودية.