نحن في وسط معمعة الترشيح لمقاعد المجلس التشريعي والمجالس البلدية، والمنافسة بدأت تبرز منذ البداية، وتمثلت بوادرها بعمليات التقدم بالطعون من مترشحين ضد آخرين، والتي بعضها اتضح فيها مصداقية الطعن بحسب ما عبرت عنه الجهات القضائية المعنية، فحرم مرشحون من الترشح، ومن بينهم نواب سابقون.هذا إجراء قانوني، ولا خلاف عليه، إذ منحت القوانين للمترشحين الذين يتعرضون لطعن من منافسين لهم، منحتهم حق الاستئناف وفرصة الدفاع عن موقفهم.هذه طعون تكفلها الإجراءات، لكن هنا سنتحدث عن «طعون» أخرى، يلاحظها الناخبون، وتصدر من نواب ضد آخرين، بالخفاء وليس بالعلن، لتتحول تماماً وكأنها طعون سيوف وسكاكين في الظهر.شخصياً لا أحب أن أجلس في مجلس، أو تجمع يحضر إليه مترشح، ويبدأ في الكلام، لتكتشف أنه بدلاً من الحديث عن برنامجه الانتخابي، وبدل أن يجيب الناس عن تساؤلاتهم بشأن ما سيقدمه إن دخل المجلس، تكتشف أن كلامه كله «طعون» في خصومه المترشحين الآخرين. تُصدم بأن حديثه الانتخابي للناخبين عبارة عن «حش، وسب، وعقرة، وذم» في منافسيه!هذا النوع من المترشحين، على الفور «أصم» أذني عنه، ومن الاستحالة أن أمنحه صوتاً أو ثقة، لأنه وقبل كل شيء، ليس أميناً على سمعة وأعراض الآخرين، حتى لو كانوا منافسيه، أوليس شعار كل مترشح «خدمة البحرين وأهلها»؟، بالتالي كيف «يحش ويعقر» في مترشح آخر يفترض أنه من أهل البحرين الذين يخدمهم؟!نبحث عن مترشحين يتحلون بالأخلاق، ولديهم شهامة، بالتالي من ينهج في مجالسه الانتخابية أسلوب الهجوم الشخصي على الآخرين، ويتحدث عن شخوصهم وعن عوائلهم، ويحاول تشويه صورهم بالأكاذيب والفبركات والمبالغات، هذه الشريحة لا تمتلك أخلاقاً ولا شهامة، بالتالي لا تستحق ثقة الناس فيهم. وهنا تذكر يا ناخب مثلنا الشعبي القائل: «من يحكي لك، سيحكي فيك»، وكم من حالات مرت علينا، وجدنا فيها نواباً يتحدثون عن ناخبيهم من وراء ظهورهم.هنا خذوها نصيحة مني يا ناخبون، المترشح الذي يهمل الحديث عن برنامجه، ويتهرب من الإجابة على تساؤلاتكم، وشغله الشاغل تشويه سمعة المرشحين الآخرين، هذا اشطبوا عليه فوراً، والأفضل اطردوه، ونظفوا آذانكم حتى لا يحولها إلى «مكب» لنفاياته، لأنه إنسان لا يستحق الثقة، ولن يكون خير ممثل للناس.خذوا مثالاً صريحاً على ما حصل بين الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، ومنافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، في انتخابات الرئاسة السابقة، وتحديداً في المواجهات النقاشية الثلاث، والذي ظن البعض أن هيلاري تفوقت فيها على ترامب، وأنها أحرجته بالتركيز على سلوكياته الشخصية، والقصص التي بدأت تطفو على السطح عن ماضيه وعن ردات فعله الغريبة، لكن ما حصل كان العكس، إذ في الوقت الذي ركزت فيه هيلاري على «شخص» ترامب، وبانت أمام المتابع العاقل والذكي كيف أنها مستميتة في تشويه صورته وسمعته، كان الأخير أذكى منها، فركز على «عملها العام» ضمن نظام الرئيس باراك أوباما، وبين كثيراً من السلبيات بشأن السياسة الخارجية، وكيف أنهم أهدروا مليارات من أموال الشعب الأمريكي على سياسات خارجية، أضعفت علاقاتهم وتحالفاتهم، بدل إنفاقها على المواطنين الأمريكان، وهم بالمناسبة شريحة الناخبين الذين يحق لهم التصويت.الفكرة هنا، بأن المواجهة بين المترشحين مطلوبة ولازمة، لكن بمواجهات شريفة عبر نقاشات مباشرة وأمام الناخبين، تناقش أفكاراً وبرامج عمل وآليات تحقيق الشعارات، لا عبر مواجهات لا تسمى مواجهات، بل هي طعنات في الظهر، تتعرض لسمعة الناس وأعراضهم، في سلوك لا يقدم عليه سوى الجبان والضعيف وعديم الثقة بنفسه.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90