عندما كنت طالبة في المرحلة الثانوية، أذكر كيف كنت مقبلة على العلم والمعرفة من مصادرها المختلفة، الكتب.. المجلات.. المحاضرات والندوات.. مجالس النقاشات.. وما تسنى لي وقتذاك من فرص لاستخدام الإنترنت. ولكن حبي للمعرفة وشغفي بها امتد لأن أعمل جاهدة ليس لحضور الندوات وورش العمل وحسب، بل إلى تنظيمها، وكان دافعي لذلك الشغف ما أتيح لي من فرص استثنائية قدمتها لي مديرة المدرسة آنذاك السيدة الفاضلة «مريم أكبر جان» التي أدين لها بفضل سقاية بذرة ما أنا عليه اليوم. وقد كان من جميل ما أضيف لخبراتي المهارات التنظيمية إذ كنت أهتم بكل تفاصيل ورشة العمل وصولاً لكوب الماء على طاولة المحاضر.
أثارت تلك الذكريات في نفسي سؤالاً هاماً حول واقع تعاطي الشباب مع البرامج الثقافية، فبينما نجد مشاركات فاعلة من قبل البعض، ما زال يهيم البعض في تيه اللامبالاة بالحضور، وجاء ذلك متزامناً مع حديث جمعني بأحد الزملاء حول أسباب إعراض الشباب عن هذه البرامج الثقافية، وبينما كنت أطرح عليه سؤالي.. سرعان ما تبادر إلى عقلي جملة من الإجابات التي وافقني على بعضها وأضاف إليها.
في السابق كانت مصادر المعرفة محدودة والوصول إليها لم يكن سهلاً بما يكفي، إذ كان يكلفني الأمر أن أقضي فترة الفسحة المدرسية -وهي محدودة جداً- في المكتبة بحثاً عن كتاب قيم مثير للفضول بينما تلهو الفتيات في فناء المدرسة، أو حمل عناء التوجه للمكتبة العامة الساعة الثالثة ظهراً بعد عودة والدتي –حفظها الله– من العمل وقبل انتقالنا لمنطقة سكننا التي لا تتوفر فيها مكتبة عامة حتى اليوم..!! كنت قليلاً ما أجد الفرص لشراء الكتب، ولكن والدتي كانت تحرص دائماً على تزويدي بالمجلات والكتب المناسبة منذ طفولتي، وكان أبرزها «مجلة ماجد» التي نشأت ثقافياً عليها. أسرد ذلك كله للحديث عن نموذج لتجربة الأطفال-الشباب المثقفين أو محبي المعرفة قبل حوالي 15 سنة مضت أو ما يزيد بقليل. بينما تتوفر كل المعلومات اليوم بكبسة زر على Google، ولا يتجاوز زمن الوصول للمعلومة ثوانٍ معدودات.
الأمر الآخر، أن المحاضرين في السابق ربما كانوا نخبويين أكثر، فلم يكن هناك الكثير من المثقفين، وكان هناك عدد لا بأس به من المفكرين من جيل آبائنا وأجدادنا، أما اليوم فقد كثر المحاضرين والمثقفين وقلت المعرفة، ويكاد المفكرين أن يختفوا من أوساط الجيل، هذا فضلاً عن امتناع بعض المحاضرين عن تقديم كل ما لديهم في جلسة واحدة، احتفاظاً به لمحافل أخرى أو مشاركات إعلامية، ناهيك عن تكاسل البعض عن الإعداد الجيد للمشاركة، والاكتفاء بتقديم ما لديه سابقاً بتكرار ممل.
* اختلاج النبض:
رغم انتمائي لجيل عشاق الندوات والمحاضرات والبرامج الثقافية التقليدية.. إلا أن مصادر كثيرة للمعرفة بات من المهم الانخراط فيها أو توجيه نشاط المثقفين إليها، لتكون أكثر وصولاً وتأثيراً في الجيل الجديد والأجيال القادمة.
{{ article.visit_count }}
أثارت تلك الذكريات في نفسي سؤالاً هاماً حول واقع تعاطي الشباب مع البرامج الثقافية، فبينما نجد مشاركات فاعلة من قبل البعض، ما زال يهيم البعض في تيه اللامبالاة بالحضور، وجاء ذلك متزامناً مع حديث جمعني بأحد الزملاء حول أسباب إعراض الشباب عن هذه البرامج الثقافية، وبينما كنت أطرح عليه سؤالي.. سرعان ما تبادر إلى عقلي جملة من الإجابات التي وافقني على بعضها وأضاف إليها.
في السابق كانت مصادر المعرفة محدودة والوصول إليها لم يكن سهلاً بما يكفي، إذ كان يكلفني الأمر أن أقضي فترة الفسحة المدرسية -وهي محدودة جداً- في المكتبة بحثاً عن كتاب قيم مثير للفضول بينما تلهو الفتيات في فناء المدرسة، أو حمل عناء التوجه للمكتبة العامة الساعة الثالثة ظهراً بعد عودة والدتي –حفظها الله– من العمل وقبل انتقالنا لمنطقة سكننا التي لا تتوفر فيها مكتبة عامة حتى اليوم..!! كنت قليلاً ما أجد الفرص لشراء الكتب، ولكن والدتي كانت تحرص دائماً على تزويدي بالمجلات والكتب المناسبة منذ طفولتي، وكان أبرزها «مجلة ماجد» التي نشأت ثقافياً عليها. أسرد ذلك كله للحديث عن نموذج لتجربة الأطفال-الشباب المثقفين أو محبي المعرفة قبل حوالي 15 سنة مضت أو ما يزيد بقليل. بينما تتوفر كل المعلومات اليوم بكبسة زر على Google، ولا يتجاوز زمن الوصول للمعلومة ثوانٍ معدودات.
الأمر الآخر، أن المحاضرين في السابق ربما كانوا نخبويين أكثر، فلم يكن هناك الكثير من المثقفين، وكان هناك عدد لا بأس به من المفكرين من جيل آبائنا وأجدادنا، أما اليوم فقد كثر المحاضرين والمثقفين وقلت المعرفة، ويكاد المفكرين أن يختفوا من أوساط الجيل، هذا فضلاً عن امتناع بعض المحاضرين عن تقديم كل ما لديهم في جلسة واحدة، احتفاظاً به لمحافل أخرى أو مشاركات إعلامية، ناهيك عن تكاسل البعض عن الإعداد الجيد للمشاركة، والاكتفاء بتقديم ما لديه سابقاً بتكرار ممل.
* اختلاج النبض:
رغم انتمائي لجيل عشاق الندوات والمحاضرات والبرامج الثقافية التقليدية.. إلا أن مصادر كثيرة للمعرفة بات من المهم الانخراط فيها أو توجيه نشاط المثقفين إليها، لتكون أكثر وصولاً وتأثيراً في الجيل الجديد والأجيال القادمة.