باتت ملفتة جرعة النفاق العالية في وسائل الإعلام الغربية إذ لا يذكر اليمن في الآونة الأخيرة إلا ويرافق الخبر صورة ‏طبيب في أحد المستشفيات يعالج طفلاً يمنياً عانى سوء تغذية حاداً. ما يفرض سؤال «أين صور اقتحام الحوثيين لصنعاء ‏منذ عام 2014؟!! وأين قتلى وجرحى الحكومة المعترف بها دولياً؟!! وما الذي حلّ بأطفالهم ونسائهم بعد سيطرة ‏الحوثيين على مناطق واسعة؟!!

إن عودة اليمن لواجهة الأخبار لم تكن اعتباطية أو عشوائية، بل جاءت بعد اشتداد المعارك بين القوات اليمنية الموالية للحكومة والحوثيين ‏في محيط مدينة الحديدة، وجرّاء دعوة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إلى وقف ‏لإطلاق النار في اليمن ومشاركة جميع أطراف النزاع في مفاوضات تعقد في غضون الثلاثين يوماً ‏المقبلة. فما معنى ذلك؟ !إن اقتضاب الإجابة يلزمنا باللجوء لسردها في نقاط.

1- لا بد من إدراك أن ما قاله ماتيس حول وقف لإطلاق النار في اليمن لا يتجاوز التصريحات الإعلامية، وليس في ذلك ‏خطة أو اتفاق بين الطرفين أو بقرار أممي.‏

2- أن رؤية ماتيس التي لا ترقى للخطة لم تتم مناقشها مع الحكومة الشرعية بشكل رسمي أو غير ‏رسمي.

3- الدعوة الأمريكية للحوثيين وضعتهم في موقف محرج، فهم أمام الأمر الواقع عقب سحب ‏المبادرة منهم، لكونهم العائق الدائم أمام التوصل لاتفاق. ‏

4- كل من يمارس التحليل السياسي يكاد يشم رائحة الانتخابات النصفية الأمريكية في «الرؤية ‏الماتيسية» لتحقيق أهداف داخلية أمريكية، وقد انتهت الانتخابات.. فهل تموت الرؤية؟! ‏

5- لم يتم التشاور مع بريطانيا من قبل واشنطن ما جعلها في موقع المفاجأة، لكن رئيسة الوزراء ‏البريطانية عادت لتأييد الدعوات الأمريكية.

6- تشي الدعوة لوقف القتال وبدء المفاوضات بنية ترامب وفريقه استلام ملف ‏اليمن. فهل ستحمر عينيه عليهم كما يفعل مع أصدقائهم الإيرانيين؟!‏

7- ربما تكون الرؤية عبارة عن نقاشات أمريكية وأوروبية بكائية/إنسانية/مجاعية/وبائية، سمّها ما شئت، لكنها لا ‏ترقى لتكون خطة حل، فالحل قد صدر سلفاً بقرارات دولية صادرة بالإجماع عن مجلس الأمن ‏الدولي بعودة الشرعية. ‏

8- باعتقادنا، ربما تكون الرؤية الماتيسية من بنات أفكار المندوب الأممي غريفيت بالأصل، وربما طرحها على الأمريكان خلال زيارته إلى واشنطن فاقتنعوا ببعض بنودها.

* اختلاج النبض:

من طالع السعد مسارعة الحوثيين للإعلان عن رفض مقترحات ماتيس، كونهم يتلقون أوامرهم من ‏طهران المحاصرة أمريكياً، ولذلك لا تريد إيران نجاح أمريكا في أية ملف. أما الجانب الإيجابي في ذلك أن بإمكان واشنطن تشريع أبواب السلاح للخليجيين لإنهاء الحرب خلال الشهر المحدد.