من منّا لا يتذكّر لوحة الطفل الباكي للفنان الإيطالي «جيوفاني براغولين» التي رسمها سنة 1969.. والتي كانت تعلّق في مجالس الكثير من البيوت ومن بينهم بيت عائلتي.. حيث كنت أعيش طفولتي وأنا أتأمّل وأسأل دائماً ما وراء هذه اللوحة!! وما وراء بكاء هذا الطفل الجميل بدموع تكاد أن تلمس؟!
الغريب أن وراء هذه اللوحة قصة كبيرة.. ناهيكم عن جمالياتها التي تختلط فيها البراءة بالحزن الممزوج بواقع إنساني درامي.. فالفنان عندما رسم هذا الطفل وهو يقال بأن اسمه «دون بيونيللو» لم يرسمه من واقع خياله.. وإنما حينما كان يضع لمساته الأخيرة على أحد لوحاته بمرسمه سمع صوت نشيج طفل من الأسفل.. فذهب إليه وأخذه إلى منزله ورسمه.. والغريب أنه بعد فترة من التقاء جيوفاني بالطفل وتردده عليه أكثر من مرة.. جاء كاهن إليه وأخبره بألا يفعل أي شيء من أجل ذلك الطفل، لأنه قد أصبح لعنة ومصدراً للشؤم لكل مكان يتواجد فيه.. وذلك بعد أن احترق والده ومات متفحماً.. مبرراً ذلك بأن النار ستظل تشب في أثره.. والأغرب أنه انتشرت الكثير من القصص تحكي بأن بيوتاً كانت تعلّق فيها تلك اللوحة قد احترقت؟!!
سأخبركم عن أمر أعاني منه وأتوقع الكثير من هواة الفن والرسم يعانون منه.. فعندما أزور متحفاً فنياً.. وبعد مرور بضع من الوقت في ذاك المكان المليء باللوحات.. وأنا أتأمل كيف وصل هذا الفنان بخياله الواسع لأدق التفاصيل..تأتي إجابتي على سؤالي إنكِ تحتاجين في هذا الوقت كوباً من القهوة ليوقظكِ!!! إنني أعاني من إعياء نحو الرسومات الفنية والمتاحف.. فعندما أرى اللوحة معلّقة على جدار متحف أدرك أنها لم تعلق عبثاً.. ولكن لشرح حالة ما، أو وصف تاريخ زمن، أو البوح عن الجمال والحب، أو الخير والشر.. إنها رسائل متعددة الأغراض أتأملها لدرجة أنني أدخل في تفاصيل من قرر أن يعلّقها في هذا المتحف، وفِي هذا المكان بالذات!!
عندما تذهب إلى مطعم ما وتنظر إلى قائمة الطعام.. هل من المتوقع أن يعجبك كل ما في القائمة.. أم أنك تختار ما يتناسب مع ذوقك.. هذا ما يحدث بالضبط للوحة فنية تسرق ناظريك حتى وإن كنت تمشي بسرعة.. تجد نفسك تتمهل فتقف عند بعضها كمغناطيس يجذبك.. فتنظر بتمعن لتسأل ما وراء تلك اللوحة العظيمة؟؟ الإنسان بطبيعته يخبر نفسه بالقصص عن كل شيء حوله وهذه فطرة لنتفهم العالم!! وهذا ما يجب أن يحدث عندما ترى لوحة أعجبتك.. حسناً فلأحدثكم عن بعض من اللوحات التي سرقت قلبي حينما شاهدتها على الطبيعة فقررت أن أقرأها!؟
لوحة querencia للفنان «بيكاسو» رسمت في عام 1937 وهي من أشهر اللوحات الموجودة في متحف الملكة صوفيا المركزي الوطني للفنون.. والتي تعبرّ عن الغضب من الحروب بعد استهداف مدينة جورنيكا الإسبانية من الطائرات الألمانية والإيطالية.. أثناء الحرب الأهلية كلّف بيكاسو من قبل الحكومة برسم لوحة تعبرّ عن الألم والمعاناة بسبب ذلك الهجوم. لوحة The Raft Of The Medusa «لتيودور جيريكو» ثاني أشهر لوحة في متحف اللوفر بباريس رسمت عام 1818.. تجسّد هذه اللوحة مشهداً لأحداث واقعية لناجين جرفوا في البحر قبل ثلاث سنوات.. ففي عهد الملك لويس الثامن عشر تم إرسال سفينة فرنسية إلى السنغال لاستعادتها من البريطانيين تحمل على متنها أكثر من 147 شخصاً.. إلا أنها تحطمت قبالة سواحل موريتانيا ولَم ينج منهم إلا 15 شخصاً فقط.. وبعد معاناة دامت 13 يوماً في البحر اضطروا فيها لأكل لحم الآخرين منهم!
لوحة «آكلو البطاطا» 1885 للفنان الهولندي «فان غوخ» والمعلقة في متحف فان غوخ بأمستردام.. وهي من اللوحات المحببة إلى قلبي والتي على الرغم من مضي 133 عاماً على رسمها إلا أنها من اللوحات المهمة لدى النقّاد والمحترفين.. فهي تجسّد الاحترافية القصوى من حيث اختيار الفنان الإضاءة والظلال.. حتى الفلاحون تم رسمهم بألوان ترابية يشبهون لون البطاطا.. وذلك ليبيّن فيها غوخ معاناة الطبقة الفقيرة.. وكيف حفروا الأرض بأيديهم ليحصلوا على رزقهم بكل صدق.. وليأكلوا في نهاية الأمر البطاطا التي جنوها من تعبهم بأياديهم الخشنة وعلى ضوء مصباحهم الصغير.
إن إيجاد القصة داخل اللوحة الفنية أمر مهم.. فكم من لوحة عظيمة خلّدتها بعض من الروايات المكتوبة أو بعض من الأفلام السينمائية.. هي فنون رسمت في الماضي لتعيش في الحاضر.. لوحات تستحق أن تدّرس وتكون ضمن المناهج الدراسية.. ففن الرسم ليس فرشاة وورقة وألوان.. انظروا إلى الفراعنة وماذا رسموا على جدرانهم.. وكيف كانت الحروف الهيروغليفية عبارة عن رسومات.. فكم من حضارات قامت على الفنون والرسم.. فأين نحن اليوم من توصيل تلك الرسائل خلال هذه الفنون؟!
{{ article.visit_count }}
الغريب أن وراء هذه اللوحة قصة كبيرة.. ناهيكم عن جمالياتها التي تختلط فيها البراءة بالحزن الممزوج بواقع إنساني درامي.. فالفنان عندما رسم هذا الطفل وهو يقال بأن اسمه «دون بيونيللو» لم يرسمه من واقع خياله.. وإنما حينما كان يضع لمساته الأخيرة على أحد لوحاته بمرسمه سمع صوت نشيج طفل من الأسفل.. فذهب إليه وأخذه إلى منزله ورسمه.. والغريب أنه بعد فترة من التقاء جيوفاني بالطفل وتردده عليه أكثر من مرة.. جاء كاهن إليه وأخبره بألا يفعل أي شيء من أجل ذلك الطفل، لأنه قد أصبح لعنة ومصدراً للشؤم لكل مكان يتواجد فيه.. وذلك بعد أن احترق والده ومات متفحماً.. مبرراً ذلك بأن النار ستظل تشب في أثره.. والأغرب أنه انتشرت الكثير من القصص تحكي بأن بيوتاً كانت تعلّق فيها تلك اللوحة قد احترقت؟!!
سأخبركم عن أمر أعاني منه وأتوقع الكثير من هواة الفن والرسم يعانون منه.. فعندما أزور متحفاً فنياً.. وبعد مرور بضع من الوقت في ذاك المكان المليء باللوحات.. وأنا أتأمل كيف وصل هذا الفنان بخياله الواسع لأدق التفاصيل..تأتي إجابتي على سؤالي إنكِ تحتاجين في هذا الوقت كوباً من القهوة ليوقظكِ!!! إنني أعاني من إعياء نحو الرسومات الفنية والمتاحف.. فعندما أرى اللوحة معلّقة على جدار متحف أدرك أنها لم تعلق عبثاً.. ولكن لشرح حالة ما، أو وصف تاريخ زمن، أو البوح عن الجمال والحب، أو الخير والشر.. إنها رسائل متعددة الأغراض أتأملها لدرجة أنني أدخل في تفاصيل من قرر أن يعلّقها في هذا المتحف، وفِي هذا المكان بالذات!!
عندما تذهب إلى مطعم ما وتنظر إلى قائمة الطعام.. هل من المتوقع أن يعجبك كل ما في القائمة.. أم أنك تختار ما يتناسب مع ذوقك.. هذا ما يحدث بالضبط للوحة فنية تسرق ناظريك حتى وإن كنت تمشي بسرعة.. تجد نفسك تتمهل فتقف عند بعضها كمغناطيس يجذبك.. فتنظر بتمعن لتسأل ما وراء تلك اللوحة العظيمة؟؟ الإنسان بطبيعته يخبر نفسه بالقصص عن كل شيء حوله وهذه فطرة لنتفهم العالم!! وهذا ما يجب أن يحدث عندما ترى لوحة أعجبتك.. حسناً فلأحدثكم عن بعض من اللوحات التي سرقت قلبي حينما شاهدتها على الطبيعة فقررت أن أقرأها!؟
لوحة querencia للفنان «بيكاسو» رسمت في عام 1937 وهي من أشهر اللوحات الموجودة في متحف الملكة صوفيا المركزي الوطني للفنون.. والتي تعبرّ عن الغضب من الحروب بعد استهداف مدينة جورنيكا الإسبانية من الطائرات الألمانية والإيطالية.. أثناء الحرب الأهلية كلّف بيكاسو من قبل الحكومة برسم لوحة تعبرّ عن الألم والمعاناة بسبب ذلك الهجوم. لوحة The Raft Of The Medusa «لتيودور جيريكو» ثاني أشهر لوحة في متحف اللوفر بباريس رسمت عام 1818.. تجسّد هذه اللوحة مشهداً لأحداث واقعية لناجين جرفوا في البحر قبل ثلاث سنوات.. ففي عهد الملك لويس الثامن عشر تم إرسال سفينة فرنسية إلى السنغال لاستعادتها من البريطانيين تحمل على متنها أكثر من 147 شخصاً.. إلا أنها تحطمت قبالة سواحل موريتانيا ولَم ينج منهم إلا 15 شخصاً فقط.. وبعد معاناة دامت 13 يوماً في البحر اضطروا فيها لأكل لحم الآخرين منهم!
لوحة «آكلو البطاطا» 1885 للفنان الهولندي «فان غوخ» والمعلقة في متحف فان غوخ بأمستردام.. وهي من اللوحات المحببة إلى قلبي والتي على الرغم من مضي 133 عاماً على رسمها إلا أنها من اللوحات المهمة لدى النقّاد والمحترفين.. فهي تجسّد الاحترافية القصوى من حيث اختيار الفنان الإضاءة والظلال.. حتى الفلاحون تم رسمهم بألوان ترابية يشبهون لون البطاطا.. وذلك ليبيّن فيها غوخ معاناة الطبقة الفقيرة.. وكيف حفروا الأرض بأيديهم ليحصلوا على رزقهم بكل صدق.. وليأكلوا في نهاية الأمر البطاطا التي جنوها من تعبهم بأياديهم الخشنة وعلى ضوء مصباحهم الصغير.
إن إيجاد القصة داخل اللوحة الفنية أمر مهم.. فكم من لوحة عظيمة خلّدتها بعض من الروايات المكتوبة أو بعض من الأفلام السينمائية.. هي فنون رسمت في الماضي لتعيش في الحاضر.. لوحات تستحق أن تدّرس وتكون ضمن المناهج الدراسية.. ففن الرسم ليس فرشاة وورقة وألوان.. انظروا إلى الفراعنة وماذا رسموا على جدرانهم.. وكيف كانت الحروف الهيروغليفية عبارة عن رسومات.. فكم من حضارات قامت على الفنون والرسم.. فأين نحن اليوم من توصيل تلك الرسائل خلال هذه الفنون؟!