غريب أمر روسيا، فبقدر انغماسها في العقوبات الأمريكية حتى أذنيها بمقاييس عدة، إلا أنها تجد الوقت لتدافع عن إيران وتقترح أفكاراً لتخفيف العقوبات عنها. ونذكر هناك دخول العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا بعد استخدامها لأسلحة كيميائية بمدينة سالزبوري البريطانية، حيز التنفيذ في 27 أغسطس الماضي، وبموجب هذه العقوبات سيتم إنهاء أي مساعدة أمريكية لروسيا، بموجب قانون المعونة الأجنبية لعام 1961، باستثناء المساعدات الإنسانية العاجلة والغذاء والمنتجات الزراعية الأخرى. أما «فزعتها» حين هبت قبل أيام لرفع العقوبات عن إيران فقد تمثلت في خبر بثته وسائل إعلام صهيونية ذكر أن نتنياهو كشف خلال الجلسة المغلقة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طرح عليه فكرة صفقة لانسحاب إيران من سوريا مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الأمريكية والتهديدات الإسرائيلية.
ما أنقذنا في الخليج من انهيار مشروع إعادة إيران إلى جادة الصواب، أن الصهاينة لم يحددوا موقفهم من الاقتراح الروسي، فروسيا مازالت تحمّل إسرائيل مسؤولية إسقاط طائرة «إيليوشن 20» في سوريا ومقتل 15 عسكرياً، ما يعني عدم ثقة الإسرائيليين بصدق نوايا موسكو. وضرورة إنهاء التموضع الإيراني في سوريا تهم موسكو وتل أبيب، فموسكو تريد سوريا كلها لها، رغم أن الإيرانيين المساكين صرفوا دم قلبهم على الأسد بل وشاركوا فعلياً في المعارك، لكن الأسد الذي لم يتوانَ عن إبادة نصف شعبه للبقاء في السلطة، وجد أن الحضور الإيراني القوي -المدعوم شرقاً بالميليشيات الشيعية في العراق، ومدعوم في الغرب بحزب الله- خطر عليه، وأن الخروج من الكماشة يتمثل بطرد الإيرانيين بأية ذريعة، فأدخل الروس الذين لا يريدون إلا قواعد ومطارات بعكس الإيرانيين الذي امتلكوا كل الشام. أما ما يجعل الموضوع جذاباً لتل أبيب -كما قال سفيرهم في واشنطن- أن القوات الإيرانية في سوريا تسعى أساساً لتطبيق خطتها في الهيمنة الإقليمية، وليس لدعم نظام الرئيس بشار الأسد، وهذا الأمر معروف ومكشوف لحلفاء طهران، بل بات مزعجاً أيضاً لهم، فهناك إيرانيون وميليشيات يحتلون بيوت نازحين ولاجئين سوريين ويمنعون أصحابها العائدين من العودة إليها. وهم بذلك يسعون لتقويض سلطة الدولة السورية، مثلما فعلوا في لبنان واليمن، ويحاولون فعله في العراق.
المحير في القضية أن الأمريكان ليسوا بعيدين عن الصفقة الإيرانية الروسية الصهيونية فقد صرحت وزارة الخارجية الأمريكية لمصادر إسرائيلية «نحن مستمرون في إجراء مباحثات مع الأمم المتحدة والأطراف الأخرى من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا. نحن لا نفصح عن محتوى هذه المحادثات الدبلوماسية».
* اختلاج النبض:
من يرعى المصلحة الخليجية في قضية إجبار طهران على وقف مغامراتها؟!! فالانسحاب من سوريا لا يعني وقف صناعة الصواريخ أو إغلاق هرمز أو بناء المفاعلات أو دعم الحوثيين، بل يعني أمن تل أبيب فقط، لنا الله.. لكن التحرك الخليجي مطلوب لقطع الطريق على حلب تل أبيب لأبقار الشرق الأوسط لمصلحتها.
ما أنقذنا في الخليج من انهيار مشروع إعادة إيران إلى جادة الصواب، أن الصهاينة لم يحددوا موقفهم من الاقتراح الروسي، فروسيا مازالت تحمّل إسرائيل مسؤولية إسقاط طائرة «إيليوشن 20» في سوريا ومقتل 15 عسكرياً، ما يعني عدم ثقة الإسرائيليين بصدق نوايا موسكو. وضرورة إنهاء التموضع الإيراني في سوريا تهم موسكو وتل أبيب، فموسكو تريد سوريا كلها لها، رغم أن الإيرانيين المساكين صرفوا دم قلبهم على الأسد بل وشاركوا فعلياً في المعارك، لكن الأسد الذي لم يتوانَ عن إبادة نصف شعبه للبقاء في السلطة، وجد أن الحضور الإيراني القوي -المدعوم شرقاً بالميليشيات الشيعية في العراق، ومدعوم في الغرب بحزب الله- خطر عليه، وأن الخروج من الكماشة يتمثل بطرد الإيرانيين بأية ذريعة، فأدخل الروس الذين لا يريدون إلا قواعد ومطارات بعكس الإيرانيين الذي امتلكوا كل الشام. أما ما يجعل الموضوع جذاباً لتل أبيب -كما قال سفيرهم في واشنطن- أن القوات الإيرانية في سوريا تسعى أساساً لتطبيق خطتها في الهيمنة الإقليمية، وليس لدعم نظام الرئيس بشار الأسد، وهذا الأمر معروف ومكشوف لحلفاء طهران، بل بات مزعجاً أيضاً لهم، فهناك إيرانيون وميليشيات يحتلون بيوت نازحين ولاجئين سوريين ويمنعون أصحابها العائدين من العودة إليها. وهم بذلك يسعون لتقويض سلطة الدولة السورية، مثلما فعلوا في لبنان واليمن، ويحاولون فعله في العراق.
المحير في القضية أن الأمريكان ليسوا بعيدين عن الصفقة الإيرانية الروسية الصهيونية فقد صرحت وزارة الخارجية الأمريكية لمصادر إسرائيلية «نحن مستمرون في إجراء مباحثات مع الأمم المتحدة والأطراف الأخرى من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا. نحن لا نفصح عن محتوى هذه المحادثات الدبلوماسية».
* اختلاج النبض:
من يرعى المصلحة الخليجية في قضية إجبار طهران على وقف مغامراتها؟!! فالانسحاب من سوريا لا يعني وقف صناعة الصواريخ أو إغلاق هرمز أو بناء المفاعلات أو دعم الحوثيين، بل يعني أمن تل أبيب فقط، لنا الله.. لكن التحرك الخليجي مطلوب لقطع الطريق على حلب تل أبيب لأبقار الشرق الأوسط لمصلحتها.