حينما شاهدت المواجهات العنيفة بين الشرطة ومتظاهري السترات الصفراء الرافضين لزيادة أسعار المحروقات والبالغ عددهم حوالي 80 ألفاً، وسمعت الرئيس إيمانويل ماكرون يشدد على أن الحكومة لن ترضخ للفوضى والتخريب. تساءلت: هل حنت فرنسا لإرثها الثوري؟!
أشارت تقارير إلى سقوط 100 مصاب من بينهم 20 شرطياً، وأن محتجين قد أضرموا النيران في عدد من السيارات بجادة الشانزليزيه والمناطق المحيطة بها وسط العاصمة باريس. هذه الصورة غير الرومانسية لباريس النار لا باريس النور أحيت معارف قديمة يحفظها كل متتبع لتاريخ فرنسا كونها أكثر البلدان الأوروبية دموية وثورية. ولن نتطرق للحديث هنا عن الحرب العالمية الأولى والغازات السامة فيها على الجبهة الفرنسية، كما لن نتطرق للحديث أيضاً عن الاحتلال الألماني المهين للفرنسيين بعد إبادة كتائب الجيش الفرنسي، ولكننا سنقف لبرهة للحديث عن ثورة الشعب الفرنسي ضد حكومته، فالثورة الفرنسية 1789-1799 تعد من أكثر الثورات دموية في التاريخ وأطولها. يضاف إلى ذلك أنها كانت أول وأهم انقلاب سياسي وثورة شعبية عالمية معروفة. لقد كان للثورة الفرنسية أثر كبير على جلّ العالم بعدما انبثقت في فرنسا سنة 1789، حيث تعد أول ثورة ليبرالية في التاريخ، وقيل إنها كانت حركة عقلية نشأت عن حركة التنوير، كما قيل إنها كانت ثورة على الطغيان الإقطاعي والظلم والفساد. لكن هذه الثورة انتهت بتصدير الأزمة من خلال الاستعمار بالتوسع الفرنسي، وبسيطرة البرجوازية التي كانت متحالفة مع طبقة العمال وإحقاق الحقوق والحريات للطبقة العاملة والمتوسطة للشعب، إلى جانب ذلك، فإنها أسقطت الملكية وأسست الجمهورية، ومع ذلك.. توّجت أخيراً في ديكتاتورية نابليون. أما الثورة الثانية فإنها تؤكد نزوع فرنسا للعنف في حقبات كثيرة من تاريخها، فهي ثورة الطلبة 1968 التي كانت توصف بالأحداث بل توصف بكونها مجرد تمرد طلابي نابع من مراهقة وروح تمرد وعفوية شباب، لكن الأمر في حقيقته ليس كذلك، فالصحيح أن الجميع ركب موجتها فتمرد، وكان إلى جانب الطلبة العمال المطالبين بأجور أعلى وببعض الإصلاحات الإدارية، فسرعان ما تحولت لما هو أضخم وأهم من مجرد تمرد أو مطالب للطلبة والعمال. وربما من الجدير بالذكر القول إنه قد صاحبها تنظيرات فكرية حول الحريات وصراع الأجيال.
* اختلاج النبض:
يلوموننا في الغرب على الربيع العربي كفوضى عارمة، ويتناسون أن الغرب ممثلاً في فرنسا ليس بلد الثورات فحسب، بل بلد خلق ومصدر الثورات، لكنهم غلفوا الفوضى بغلاف جذاب تحت ذريعة طلب الحريات في الثورة الأولى، وثورة الثقافة والطلاب في الثورة الثانية.
أشارت تقارير إلى سقوط 100 مصاب من بينهم 20 شرطياً، وأن محتجين قد أضرموا النيران في عدد من السيارات بجادة الشانزليزيه والمناطق المحيطة بها وسط العاصمة باريس. هذه الصورة غير الرومانسية لباريس النار لا باريس النور أحيت معارف قديمة يحفظها كل متتبع لتاريخ فرنسا كونها أكثر البلدان الأوروبية دموية وثورية. ولن نتطرق للحديث هنا عن الحرب العالمية الأولى والغازات السامة فيها على الجبهة الفرنسية، كما لن نتطرق للحديث أيضاً عن الاحتلال الألماني المهين للفرنسيين بعد إبادة كتائب الجيش الفرنسي، ولكننا سنقف لبرهة للحديث عن ثورة الشعب الفرنسي ضد حكومته، فالثورة الفرنسية 1789-1799 تعد من أكثر الثورات دموية في التاريخ وأطولها. يضاف إلى ذلك أنها كانت أول وأهم انقلاب سياسي وثورة شعبية عالمية معروفة. لقد كان للثورة الفرنسية أثر كبير على جلّ العالم بعدما انبثقت في فرنسا سنة 1789، حيث تعد أول ثورة ليبرالية في التاريخ، وقيل إنها كانت حركة عقلية نشأت عن حركة التنوير، كما قيل إنها كانت ثورة على الطغيان الإقطاعي والظلم والفساد. لكن هذه الثورة انتهت بتصدير الأزمة من خلال الاستعمار بالتوسع الفرنسي، وبسيطرة البرجوازية التي كانت متحالفة مع طبقة العمال وإحقاق الحقوق والحريات للطبقة العاملة والمتوسطة للشعب، إلى جانب ذلك، فإنها أسقطت الملكية وأسست الجمهورية، ومع ذلك.. توّجت أخيراً في ديكتاتورية نابليون. أما الثورة الثانية فإنها تؤكد نزوع فرنسا للعنف في حقبات كثيرة من تاريخها، فهي ثورة الطلبة 1968 التي كانت توصف بالأحداث بل توصف بكونها مجرد تمرد طلابي نابع من مراهقة وروح تمرد وعفوية شباب، لكن الأمر في حقيقته ليس كذلك، فالصحيح أن الجميع ركب موجتها فتمرد، وكان إلى جانب الطلبة العمال المطالبين بأجور أعلى وببعض الإصلاحات الإدارية، فسرعان ما تحولت لما هو أضخم وأهم من مجرد تمرد أو مطالب للطلبة والعمال. وربما من الجدير بالذكر القول إنه قد صاحبها تنظيرات فكرية حول الحريات وصراع الأجيال.
* اختلاج النبض:
يلوموننا في الغرب على الربيع العربي كفوضى عارمة، ويتناسون أن الغرب ممثلاً في فرنسا ليس بلد الثورات فحسب، بل بلد خلق ومصدر الثورات، لكنهم غلفوا الفوضى بغلاف جذاب تحت ذريعة طلب الحريات في الثورة الأولى، وثورة الثقافة والطلاب في الثورة الثانية.