يقول غازي القصيبي رحمه الله، ضمن أقواله الخالدة في علم الإدارة، «من لعنات المنصب، أنه كلما ارتفعت درجته، كلما انخفضت درجة الصراحة عند المتحدثين إلى شاغليه».
جملة صادرة من شخص بلغ القمم في المناصب، ووصل بتعب ومجهود، وحينما تبوأها كان يشار له بالبنان، على كفاءته وإنجازاته.
غازي القصيبي يتحدث هنا عن اللعنات التي تأتي مع المناصب، وليست معنية باللعنات التي تحل من قبل الشخص نفسه، بل التي تحيط بالشخص من قبل البيئة حوله.
ذات مرة طلب أحدهم من القصيبي نفسه أن يعزمه على العشاء، فرد عليه رحمه الله بسؤال: هل الدعوة موجهة لي لشخصي، أم موجهة لمنصبي؟! فإن كانت لمنصبي، فخذ الكرسي معك على العشاء، فهو المدعو.
الجمل التي تصدر عن هذه القامات الرفيعة في علم الإدارة، والتي تبوأت مواقع هامة وأثبتت قدرتها وكفائتها، جمل لا يمكن أن تمر علينا مرور الكرام، فهمي تحمل مضامين تكشف عصارة خبرة، وتقدم لنا نماذج هي نتاج معايشة حقيقية، لا شعارات رنانة تردد.
أعود لـ«اللعنة» التي ذكرها القصيبي، إذ بالفعل مغريات المنصب قد لا تصيبك هكذا، بحيث أنك بنفسك لن تتأثر بسهولة، إلا إن كنت شخصا يرى في الوصول للمنصب «ظفرا وفوزا» لا يرى فيه «أحقية» قياسا على كفائته، بالتالي النوع الأول سهل جدا أن يتأثر بهذا الكرسي، واللعنة التي أشار لها القصيبي تحل من قبل «مؤثر خارجي»، يقصد بهم الأشخاص الذين يرون الأسلوب الأنسب في التعامل مع أصحاب المناصب، هو ذلك الذي يكون مغلفا باللف والدوران والغموض وعدم الوضوح وتغليف الحقائق.
الكفاءات والواصلين للمناصب بجهد واستحقاق، غالبيتهم يتحلون بطباع سوية، أبرزها الرغبة في الاستماع، لكن ليس لأي كان، بل الاستماع لمن يصدق معهم في المشورة والنصيحة، لمن يقدم لهم الحقيقة المجردة، لمن ينقل لهم الواقع كما هو، دون تزييف أو تحريف.
أما النوعيات الأخرى، فهم الأغلب ممن يعانون من مشاكل في الثقة، وأخطرها الثقة بأنهم وصلوا للمنصب ليس لكفاءة أو استحقاق، بل لعوامل أخرى، وهنا خوفهم الدائم من أي تهديد أو افتضاح لقدراتهم، بالتالي الصراحة قد تكون وحشا مخيفا بالنسبة لهم، وتلقائيا حينها ستجد من يحيطون بالمسؤول هذا، هم الذين يحرصون على إسماعه ما يريد، حتى لو كان كذبا أو زيفا، هم من يلعبون دور «البطانة السيئة»، الذين يشوهون صورة الآخرين عنده، أو يتجنون عليهم، أو يزيدون فيه القلق من أشخاص معينين، لو دققت فيهم لوجدت غالبيتهم كفاءات وطاقات.
لذا النصيحة هنا التي يقدمها رجل له باعه الطويل في الإدارة، نصيحة ذهبية لكل مسؤول، بحيث يدرك أنه كلما ارتفع مقامه الوظيفي، وكلما علا منصبه، فإن نسبة وصول الحقيقة له، ونسبة تكامل المعلومات عنده، ستتضائل بحسب نوعية البشر المحيطين به، ستقل بالضرورة لو كان المحيطون به من غير ذوي الكفاءة أو أصحاب الأجندات ضد الآخرين.
بالتالي يا مسؤول انتبه مما ينقل إليك، وحاسب مما يوصلونه لك، لا تسلم بسرعة وبشكل سريع بما يصل إليك دون تدقيق أو تمحيص، ولو دققت، فحتما ستجد أن بعضا مما يصلك، فيه مبالغات، وفيه كذب وتلفيق، وفيه محاولات لجرك إلى زاوية ذات موقف معين هنا، أو موضع له موقف آخر هناك.
الإداري المحنك هو الذي يستمع للجميع، وهو الذي يمتلك القدرة على التمحيص وتحليل المعلومات، القادر على تفنيدها وبيان حقيقتها من زيفها، الساعي للاستماع للجميع دون تغليب لطرف على آخر، والرافض بأن تتكرر الوشاية والفبركة من أشخاص مرتين، من يقرب له الصالح ويبعد عنه الطالع. هو من يتذكر دوما بأن ما ينقل له قد يكون «نصف الحقيقة» أو قد لا يمت للحقيقة بصلة.
جملة صادرة من شخص بلغ القمم في المناصب، ووصل بتعب ومجهود، وحينما تبوأها كان يشار له بالبنان، على كفاءته وإنجازاته.
غازي القصيبي يتحدث هنا عن اللعنات التي تأتي مع المناصب، وليست معنية باللعنات التي تحل من قبل الشخص نفسه، بل التي تحيط بالشخص من قبل البيئة حوله.
ذات مرة طلب أحدهم من القصيبي نفسه أن يعزمه على العشاء، فرد عليه رحمه الله بسؤال: هل الدعوة موجهة لي لشخصي، أم موجهة لمنصبي؟! فإن كانت لمنصبي، فخذ الكرسي معك على العشاء، فهو المدعو.
الجمل التي تصدر عن هذه القامات الرفيعة في علم الإدارة، والتي تبوأت مواقع هامة وأثبتت قدرتها وكفائتها، جمل لا يمكن أن تمر علينا مرور الكرام، فهمي تحمل مضامين تكشف عصارة خبرة، وتقدم لنا نماذج هي نتاج معايشة حقيقية، لا شعارات رنانة تردد.
أعود لـ«اللعنة» التي ذكرها القصيبي، إذ بالفعل مغريات المنصب قد لا تصيبك هكذا، بحيث أنك بنفسك لن تتأثر بسهولة، إلا إن كنت شخصا يرى في الوصول للمنصب «ظفرا وفوزا» لا يرى فيه «أحقية» قياسا على كفائته، بالتالي النوع الأول سهل جدا أن يتأثر بهذا الكرسي، واللعنة التي أشار لها القصيبي تحل من قبل «مؤثر خارجي»، يقصد بهم الأشخاص الذين يرون الأسلوب الأنسب في التعامل مع أصحاب المناصب، هو ذلك الذي يكون مغلفا باللف والدوران والغموض وعدم الوضوح وتغليف الحقائق.
الكفاءات والواصلين للمناصب بجهد واستحقاق، غالبيتهم يتحلون بطباع سوية، أبرزها الرغبة في الاستماع، لكن ليس لأي كان، بل الاستماع لمن يصدق معهم في المشورة والنصيحة، لمن يقدم لهم الحقيقة المجردة، لمن ينقل لهم الواقع كما هو، دون تزييف أو تحريف.
أما النوعيات الأخرى، فهم الأغلب ممن يعانون من مشاكل في الثقة، وأخطرها الثقة بأنهم وصلوا للمنصب ليس لكفاءة أو استحقاق، بل لعوامل أخرى، وهنا خوفهم الدائم من أي تهديد أو افتضاح لقدراتهم، بالتالي الصراحة قد تكون وحشا مخيفا بالنسبة لهم، وتلقائيا حينها ستجد من يحيطون بالمسؤول هذا، هم الذين يحرصون على إسماعه ما يريد، حتى لو كان كذبا أو زيفا، هم من يلعبون دور «البطانة السيئة»، الذين يشوهون صورة الآخرين عنده، أو يتجنون عليهم، أو يزيدون فيه القلق من أشخاص معينين، لو دققت فيهم لوجدت غالبيتهم كفاءات وطاقات.
لذا النصيحة هنا التي يقدمها رجل له باعه الطويل في الإدارة، نصيحة ذهبية لكل مسؤول، بحيث يدرك أنه كلما ارتفع مقامه الوظيفي، وكلما علا منصبه، فإن نسبة وصول الحقيقة له، ونسبة تكامل المعلومات عنده، ستتضائل بحسب نوعية البشر المحيطين به، ستقل بالضرورة لو كان المحيطون به من غير ذوي الكفاءة أو أصحاب الأجندات ضد الآخرين.
بالتالي يا مسؤول انتبه مما ينقل إليك، وحاسب مما يوصلونه لك، لا تسلم بسرعة وبشكل سريع بما يصل إليك دون تدقيق أو تمحيص، ولو دققت، فحتما ستجد أن بعضا مما يصلك، فيه مبالغات، وفيه كذب وتلفيق، وفيه محاولات لجرك إلى زاوية ذات موقف معين هنا، أو موضع له موقف آخر هناك.
الإداري المحنك هو الذي يستمع للجميع، وهو الذي يمتلك القدرة على التمحيص وتحليل المعلومات، القادر على تفنيدها وبيان حقيقتها من زيفها، الساعي للاستماع للجميع دون تغليب لطرف على آخر، والرافض بأن تتكرر الوشاية والفبركة من أشخاص مرتين، من يقرب له الصالح ويبعد عنه الطالع. هو من يتذكر دوما بأن ما ينقل له قد يكون «نصف الحقيقة» أو قد لا يمت للحقيقة بصلة.