أسابيع طويلة انقضت ولاتزال أزمة إتمام تشكيل الحكومة «الناقصة» في بغداد قائمة إلى يومنا هذا، وعقدتها حقيبة وزارة الداخلية، التي تصر إيران على تولي فالح الفياض لها، بينما يصر آخرون على رفضه.الفياض الذي كان يشغل منصب رئيس جهاز الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي، أقاله السيد حيدر العبادي «رئيس الوزراء السابق» من مناصبه بأمر صدر بتاريخ 30 أغسطس 2018 وأعفاه قبل أن يغادر العبادي منصبه، يصر الفياض على أحقيته في تولي منصب وزير الداخلية ويحصل على دعم المالكي والعامري ومن ورائهم إيران، ومع إصراره يواجه إصراراً من تيار مقتدى الصدر برفضه ويريدون أن يتولى المنصب غيره وربما مرشحهم، فتصاعدت الأزمة بينه وبينهم حتى إنه لوح لهم بقضية جنائية مضى عليها 15 سنة وهي قضية مقتل السيد الخوئي الذي اتهم بها مقتدى الصدر في وقتها، وأغلقت القضية في حينها، لكن الفياض يقول للصدر وجماعته مؤخراً إن ملف هذه القضية مازال مفتوحاً ولم يغلق، في تهديد واضح لهم، والحقيقة ليس هذا غريباً فهذه شكل الديمقراطية التي أتت بها أمريكا إلى العراق وتصر على فرضها، ومن السهل جداً على جميع الفرقاء السياسيين أن يبتز بعضهم بعضاً بقضايا جنائية فأغلبهم يمتلك عصابات تورطت في أكثر الأعمال الإجرامية التي شهدها العراق بعد احتلاله وحتى اليوم والمستقبل أيضاً.لكن في المقابل نجد أن كل طرف مازال متمسكاً بموقفه، ويظهر أنه لا حل لهذه المسألة، ولكن ما حدث قبل يومين قد ينبئ بحل يمنح الجميع ما يريدونه، فالفياض الذي أعفاه العبادي من مناصبه وأقاله رفع دعوى قضائية في حينها على العبادي في المحكمة الإدارية يدعي فيها أن رئيس الوزراء استهدفه لأسباب حزبية لا علاقة لها بأدائه الوظيفي وذلك يعتبر إجراءً تعسفياً مخالفاً للقانون، وقبل يومين بالضبط أصدرت المحكمة حكمها بقبول الدعوى وإعطاء الحق للفياض وإعادته إلى مناصبه السابقة وهي رئاسة جهاز الأمن الوطني والحشد الشعبي، فإذا أبقاه السيد عادل عبدالمهدي «رئيس الوزراء الجديد»، في منصبه وربما زاد من بعض صلاحياته عندئذ سيكون وزيراً للداخلية والدفاع بشكل فعلي مع رئاسته لهذه الأجهزة والقوات، وتمنح حقيبة وزارة الداخلية إلى جماعة الصدر أو كتلة أخرى لا تختلف عنها وتحصل على رضا إيران وموافقتها، وفي النهاية ستكون كل هذه الوزارات والمؤسسات في سلة واحدة كما هو حال البلد، ويستمر مسلسل التخريب والتدمير في العراق.