كثيراً ما يتطرق باحثون ومراقبون إلى التأثير السلبي لإيران نتيجة تدخلاتها المباشرة في شؤون دول المنطقة، لاسيما مع افتخارها بين فترة وأخرى بسيطرتها على 4 عواصم عربية، هي دمشق، وبغداد، وبيروت، وصنعاء. لكن من يمجدون إيران ويصرون على الارتهان إلى أيديولوجيتها عليهم أن يرصدوا كيف أن طهران مصدر مباشر لزعزعة الأمن والاستقرار في تلك العواصم تحديداً. وليس أدل على ذلك من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها العواصم الأربع، على وقع مزاعم بدعم إيران لشعوب تلك البلدان.
في لبنان، يسعى «حزب الله» بكل ما أوتي من قوة إلى عرقلة تشكيل الحكومة، ووضع العصي في عجلات هذا التشكيل، من أجل تضييق الخناق على رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، وكانت آخر تلك العراقيل، تمسك الحزب، بتوزير أحد المنتمين إلى تكتل ما يعرف باسم «سنة 8 آذار»، أو «سنة حزب الله»، من خارج حصته الوزارية، وتشديد الضغوط على الحريري من أجل أن يكون توزير أحد الشخصيات السنية المحسوبة على «8 آذار» من حصته الوزارية، في محاولة لإحداث اختراق داخل الطائفة السنية في لبنان، وهذا ما عبر عنه جلياً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث كشف الأخير صراحة أن «الهم الأكبر لـ «حزب الله» هو إضعاف الحالة السنية»، مضيفاً أن ««حزب الله» يخطط ويفكر كيف يمكن له اختراق الساحة السنية، خصوصاً في هذه المرحلة، عبر استهداف سعد الحريري».
ورغم الحديث عن تفاؤل بتشكيل الحكومة من خلال حل العقدة المبتكرة لـ «حزب الله»، وموافقة الرئيس اللبناني ميشال عون على منح أحد منتسبي «سنة 8 آذار» مقعدا في الحكومة المرتقبة، من حصته، إلا أن، ذلك الأمر ربما لم يرقْ إلى «حزب الله»، الذي سارع، إلى إملاء شروط جديدة، على الحريري، من أجل تشكيل الحكومة المتعثرة منذ 7 أشهر، حيث تمثلت الشروط، وفقاً لوسائل إعلام لبنانية، «بإعادة العلاقات مع النظام السوري ودعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد للمشاركة في القمة الاقتصادية التنموية في بيروت، وتحديد موقف رسمي حكومي واضح من العقوبات المفروضة على الحزب، وشرعنة الحزب ودوره على غرار ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق».
ولأن الحزب اللبناني ترتهن قراراته وتحركاته بإيران، لذلك لم يكترث بما تواجهه بلاده، حيث يعاني لبنان من ثالث أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، إضافة إلى ركود النمو، على وقع أزمات اقتصادية جمة لا تتوقف عند حد انهيار الليرة اللبنانية.
في العراق، لا يختلف الوضع كثيراً، حيث تصر الأحزاب المقربة من إيران، وعلى رأسها، كتلة البناء بزعامة هادي العامري، وائتلاف «دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، على شغل فالح الفياض، رجل طهران، لمنصب وزير الداخلية، وهو الأمر الذي يرفضه بشدة تحالف «سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مبرراً الأمر بأنه «يريد الحد من النفوذ الخارجي في السياسة العراقية»، في إشارة مباشرة إلى تدخلات إيران في شؤون العراق.
وتشكل عودة الفياض، الرئيس السابق لميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية المرتبطة بإيران إلى منصبه المزدوج كرئيس للميليشيات ومستشار الأمن الوطني لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أزمة جديدة، لاسيما وأن رئيس وزراء تصريف الأعمال حيدر العبادي، كان قد أقاله في أغسطس الماضي بسبب مزاولته للعمل السياسي.
وحتى كتابة هذه السطور فشل مجلس النواب العراقي في استكمال التشكيلة الوزارية لحكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
ومثلما لم يكترث «حزب الله» لأزمات لبنان، لم يشغل الأحزاب العراقية المقربة من طهران، الأوضاع السيئة التي يعيشها العراق، لذلك يعتبر تمسكه بالفياض أمراً أهم من التحديات التي تعيشها بلادهم لعل أبرزها إعادة الإعمار، في المناطق التي تعرضت لدمار جراء المواجهات مع إرهابيي تنظيم الدولة «داعش»، بالإضافة إلى تأهيل البنى التحتية المتهالكة، وأزمات الخدمات الأساسية لاسيما الكهرباء والماء، ومحاربة الفساد، حيث تحتل العراق مرتبة متقدمة ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم.
ومثلما سعت إيران عبر «حزب الله» إلى اختراق سنة لبنان، لم تتردد في السعي إلى اختراق سنة العراق وإضعافهم، وهذا ما برز جلياً مؤخراً في الزيارة التي قام بها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني إلى جامع أم الطبول، أحد أبرز جوامع السنة وسط بغداد، ولقائه الشيخ مهدي الصميدعي، المعتمد من قبل الحكومة مفتياً للسنة في العراق، وإهدائه سيف الإمام علي، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في العراق، عبر عنه رئيس حزب الأمة، مثال الألوسي، المقرب من واشنطن، والذي كشف أن «مسؤولين أمريكيين أبلغونا أن إيران هددت بحرق بغداد إذا تم تقليل نفوذها في العراق»، مضيفاً أن «حرق بغداد يعني أن طهران تعطي أوامر إلى المليشيات في العراق بالتحرك والقيام بأعمال عنف وغيرها». وقبل تلك الأحداث بأيام، فجرت صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية مفاجأة من العيار الثقيل حينما نشرت تقريراً يتحدث عن «استخدام إيران فرق اغتيالات لإسكات خصومها داخل العراق في إطار تشكيل الحكومة».
في سوريا، لا يختلف الوضع كثيراً حيث تمضي إيران في ابتزاز رئيس النظام السوري، بذريعة دعمه، رغم الاختلاف الأيديولوجي والفكري بين «ولاية الفقيه»، و«حزب البعث»، دون إهمال سعي طهران إلى إحداث تغيير ديمغرافي في مدن ومحافظات سورية، لاسيما تلك التي كان يقطنها النازحون واللاجئون السنة قبل اندلاع الأزمة السورية قبل 8 سنوات.
في اليمن، يبدو جلياً الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين، لاسيما الدعم العسكري، عبر إمدادهم بالسلاح، وتهديد أمن وسلامة المملكة العربية السعودية، وانقلاب المتمردين على الشرعية اليمنية، ولعل آخر تلك الأزمات إصرار الحوثيين على عدم الالتزام باتفاق ستوكهولم حول اليمن، وخرقهم لهدنة الحديدة، غرب البلاد، بعد دقائق من دخولها حيز التنفيذ، ليل الإثنين الثلاثاء.
* وقفة:
لن تنعم العواصم الأربع بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء بالأمن والاستقرار طالما ارتضت ميليشيات متطرفة الارتهان إلى إيران وتنفيذ أيديولوجية «ولاية الفقيه» على حساب أوطانها وبلدانها!!
في لبنان، يسعى «حزب الله» بكل ما أوتي من قوة إلى عرقلة تشكيل الحكومة، ووضع العصي في عجلات هذا التشكيل، من أجل تضييق الخناق على رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، وكانت آخر تلك العراقيل، تمسك الحزب، بتوزير أحد المنتمين إلى تكتل ما يعرف باسم «سنة 8 آذار»، أو «سنة حزب الله»، من خارج حصته الوزارية، وتشديد الضغوط على الحريري من أجل أن يكون توزير أحد الشخصيات السنية المحسوبة على «8 آذار» من حصته الوزارية، في محاولة لإحداث اختراق داخل الطائفة السنية في لبنان، وهذا ما عبر عنه جلياً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث كشف الأخير صراحة أن «الهم الأكبر لـ «حزب الله» هو إضعاف الحالة السنية»، مضيفاً أن ««حزب الله» يخطط ويفكر كيف يمكن له اختراق الساحة السنية، خصوصاً في هذه المرحلة، عبر استهداف سعد الحريري».
ورغم الحديث عن تفاؤل بتشكيل الحكومة من خلال حل العقدة المبتكرة لـ «حزب الله»، وموافقة الرئيس اللبناني ميشال عون على منح أحد منتسبي «سنة 8 آذار» مقعدا في الحكومة المرتقبة، من حصته، إلا أن، ذلك الأمر ربما لم يرقْ إلى «حزب الله»، الذي سارع، إلى إملاء شروط جديدة، على الحريري، من أجل تشكيل الحكومة المتعثرة منذ 7 أشهر، حيث تمثلت الشروط، وفقاً لوسائل إعلام لبنانية، «بإعادة العلاقات مع النظام السوري ودعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد للمشاركة في القمة الاقتصادية التنموية في بيروت، وتحديد موقف رسمي حكومي واضح من العقوبات المفروضة على الحزب، وشرعنة الحزب ودوره على غرار ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق».
ولأن الحزب اللبناني ترتهن قراراته وتحركاته بإيران، لذلك لم يكترث بما تواجهه بلاده، حيث يعاني لبنان من ثالث أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، إضافة إلى ركود النمو، على وقع أزمات اقتصادية جمة لا تتوقف عند حد انهيار الليرة اللبنانية.
في العراق، لا يختلف الوضع كثيراً، حيث تصر الأحزاب المقربة من إيران، وعلى رأسها، كتلة البناء بزعامة هادي العامري، وائتلاف «دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، على شغل فالح الفياض، رجل طهران، لمنصب وزير الداخلية، وهو الأمر الذي يرفضه بشدة تحالف «سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مبرراً الأمر بأنه «يريد الحد من النفوذ الخارجي في السياسة العراقية»، في إشارة مباشرة إلى تدخلات إيران في شؤون العراق.
وتشكل عودة الفياض، الرئيس السابق لميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية المرتبطة بإيران إلى منصبه المزدوج كرئيس للميليشيات ومستشار الأمن الوطني لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أزمة جديدة، لاسيما وأن رئيس وزراء تصريف الأعمال حيدر العبادي، كان قد أقاله في أغسطس الماضي بسبب مزاولته للعمل السياسي.
وحتى كتابة هذه السطور فشل مجلس النواب العراقي في استكمال التشكيلة الوزارية لحكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
ومثلما لم يكترث «حزب الله» لأزمات لبنان، لم يشغل الأحزاب العراقية المقربة من طهران، الأوضاع السيئة التي يعيشها العراق، لذلك يعتبر تمسكه بالفياض أمراً أهم من التحديات التي تعيشها بلادهم لعل أبرزها إعادة الإعمار، في المناطق التي تعرضت لدمار جراء المواجهات مع إرهابيي تنظيم الدولة «داعش»، بالإضافة إلى تأهيل البنى التحتية المتهالكة، وأزمات الخدمات الأساسية لاسيما الكهرباء والماء، ومحاربة الفساد، حيث تحتل العراق مرتبة متقدمة ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم.
ومثلما سعت إيران عبر «حزب الله» إلى اختراق سنة لبنان، لم تتردد في السعي إلى اختراق سنة العراق وإضعافهم، وهذا ما برز جلياً مؤخراً في الزيارة التي قام بها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني إلى جامع أم الطبول، أحد أبرز جوامع السنة وسط بغداد، ولقائه الشيخ مهدي الصميدعي، المعتمد من قبل الحكومة مفتياً للسنة في العراق، وإهدائه سيف الإمام علي، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في العراق، عبر عنه رئيس حزب الأمة، مثال الألوسي، المقرب من واشنطن، والذي كشف أن «مسؤولين أمريكيين أبلغونا أن إيران هددت بحرق بغداد إذا تم تقليل نفوذها في العراق»، مضيفاً أن «حرق بغداد يعني أن طهران تعطي أوامر إلى المليشيات في العراق بالتحرك والقيام بأعمال عنف وغيرها». وقبل تلك الأحداث بأيام، فجرت صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية مفاجأة من العيار الثقيل حينما نشرت تقريراً يتحدث عن «استخدام إيران فرق اغتيالات لإسكات خصومها داخل العراق في إطار تشكيل الحكومة».
في سوريا، لا يختلف الوضع كثيراً حيث تمضي إيران في ابتزاز رئيس النظام السوري، بذريعة دعمه، رغم الاختلاف الأيديولوجي والفكري بين «ولاية الفقيه»، و«حزب البعث»، دون إهمال سعي طهران إلى إحداث تغيير ديمغرافي في مدن ومحافظات سورية، لاسيما تلك التي كان يقطنها النازحون واللاجئون السنة قبل اندلاع الأزمة السورية قبل 8 سنوات.
في اليمن، يبدو جلياً الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين، لاسيما الدعم العسكري، عبر إمدادهم بالسلاح، وتهديد أمن وسلامة المملكة العربية السعودية، وانقلاب المتمردين على الشرعية اليمنية، ولعل آخر تلك الأزمات إصرار الحوثيين على عدم الالتزام باتفاق ستوكهولم حول اليمن، وخرقهم لهدنة الحديدة، غرب البلاد، بعد دقائق من دخولها حيز التنفيذ، ليل الإثنين الثلاثاء.
* وقفة:
لن تنعم العواصم الأربع بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء بالأمن والاستقرار طالما ارتضت ميليشيات متطرفة الارتهان إلى إيران وتنفيذ أيديولوجية «ولاية الفقيه» على حساب أوطانها وبلدانها!!