من جديد يخرج على الملأ من يردد بأن هذا المسؤول الخليجي أو ذاك يعمل على تعبيد الطريق لتمرير ما صار يعرف بـ«صفقة القرن» ولتصفية القضية الفلسطينية والاعتراف بدولة إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها والانخراط في عملية التطبيع. ولأن مثل هذا الكلام يدغدغ المشاعر ويسهل قبوله لدى العامة لذا يؤخذ على أنه حقائق لا تقبل التشكيك وأن هذا المسؤول الخليجي أو ذاك يعمل بالفعل على كل ذلك وأنه لهذا السبب ينبغي أن تتم محاربته وانتقاد البلاد التي ينتمي إليها.

مثل هذا الأمر فيه ظلم كبير، ليس للمسؤول الخليجي، هذا أو ذاك، فقط ولكن لكل دول الخليج العربي التي لاتزال ورغم كل الظروف والتطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة وكل الأخطاء الفلسطينية تعتبر قضية فلسطين قضيتها الأولى والقضية المركزية. دول الخليج العربي لم تغير موقفها من القضية الفلسطينية ولن تغيره إلا بتحقق ما ينبغي أن يتحقق، وهو معروف، والأكيد أن أي مسؤول فيها لا يمكن أن يلعب دور «عراب صفقة القرن»، لكن هذا لا يعني الصمت وعدم التحرك والوقوف مكتوفي الأيدي ريثما يتحقق الحلم العربي الكبير، فمن دون تحرك المسؤولين العرب والخليجيين لا يمكن للقضية الفلسطينية أن تحل ولا يمكن للفلسطينيين أن يحصلوا على حقوقهم، وهذا يعني أن على الشعوب العربية والإسلامية وخصوصاً الشعب الفلسطيني ألا يصدق مثل ذلك الكلام الذي يتم ترديده، فلا يوجد مسؤول خليجي يتآمر على القضية الفلسطينية، ولا يوجد مسؤول خليجي يمكن أن ينحاز لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.

دول الخليج العربي تعمل من أجل فلسطين والشعب الفلسطيني، ويهمها أن تحل هذه القضية ويحصل الفلسطينيون على كامل حقوقهم المشروعة، ولهذا تعاهدت على عدم الدخول في علاقات مع إسرائيل -التي هي اليوم للأسف واقع لا يمكن تجاوزه- إلا بعد أن يتم حل القضية الفلسطينية وتنتهي مشكلة هذا الشعب العربي.

اتهام هذا المسؤول الخليجي أو ذاك بأنه يعمد إلى السالب من الأمور فيما يخص القضية الفلسطينية وفي التمهيد لتقبل إسرائيل اتهام باطل ومردود عليه، ولا يستفيد منه سوى مريدي السوء الذين لم يعودوا يمتلكون الكثير من الذي يمكنهم به محاربة دول الخليج العربي. كل ما يقوم به المسؤولون في هذه الدول هو من أجل فلسطين وشعب فلسطين والقضية الفلسطينية، ومن يقول بغير هذا يظلم نفسه قبل أن يظلم هؤلاء المسؤولين.

لو أن ما يشاع في هذا الخصوص صحيح لصار على الفلسطينيين ومن يعتبر نفسه مخلصاً للقضية الفلسطينية وعلى المسؤولين الفلسطينيين أن يقاطعوا هؤلاء المسؤولين ويقاطعوا دولهم، لكن لأن الحقيقة مختلفة، ولأن هؤلاء يعملون من أجل القضية الفلسطينية ويتوفر على ما يقولون ويفعلون الكثير من الأدلة والبراهين لا يحدث شيء من هذا القبيل.

حل القضية الفلسطينية لا يمكن أن يتم من دون التواصل مع المسؤولين الإسرائيليين وعلى الجميع أن يستوعب هذا الأمر، ولأنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين دول الخليج العربي وإسرائيل لذا فإن من الطبيعي أن يتم الاستفادة من الوسطاء، ومن الطبيعي أن يتم التواصل مع الإسرائيليين بطريقة أو بأخرى. ولكن لأن الغاية واضحة ولأن الهدف واضح ولأن النية سليمة ولأن أحداً لا يقبل بتجاوز الأساس المتفق عليه ولأن الغاية هي إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية وليذوق الفلسطينيون طعم الحياة، ولأنه لا مفر من التواصل مع المسؤولين الإسرائيليين لذا فإن اتهامات كتلك التي توجه بين الحين والحين لهذا المسؤول الخليجي أو ذاك في غير محلها ولا تليق وينبغي التوقف عن هذا الأمر الذي يضر بالقضية الفلسطينية قبل غيرها، ويضر بالفلسطينيين.