محاولة الترقيع التي عمد إليها نوري المالكي عبر تغريدات نشرها في حسابه على «تويتر» بعد أن قامت وزارة الخارجية باستدعاء القائم بأعمال السفير العراقي في المنامة للاحتجاج على تدخله السافر في شؤون البحرين لم تفلح، وقوله بأنه «لم يطالب بالتدخل في شؤون البحرين» مردود عليه لأنه من خلال تلك المنصة التي وضع بجانبها علم العراق ومن خلال مشاركته في مؤتمر نظمته مؤسسة مدرج اسمها في قائمة المنظمات الإرهابية ومن خلال إلقائه كلمة تحريضية وتأكيده دعمه ودعم العراق لتلك المجموعة تدخل عملياً في شؤون البحرين الداخلية. ولأن ما قام به كان كذلك لذا لا يمكن لأحد أن يقبل بتبريراته ولا يمكن لأحد أن يقول غير أن ما قام به هذا الشخص كان تدخلاً سافراً في شؤون البحرين الداخلية.

المالكي لم يطالب بالتدخل في شؤون البحرين وإنما تدخل، فما فعله يعتبر تدخلاً وليس مطالبة بالتدخل، وقوله «لم نطالب بالتدخل في شؤون البحرين أو أي دولة أخرى كما يتدخل الآخرون في شؤوننا» يصنف في باب الضحك على الذقون من خلال الضحك على اللغة ومن خلال الاعتقاد بأن المتلقي دون القدرة على الفهم.

أما قوله «لم ندع للعنف ولا نشجع أحداً عليه» فكذبة خالصة لأن خطابه كله كان تحريضاً ضد البحرين ودعوة لتحقيق المطالب عن طريق العنف، وإلا فلم استشهد بما حصل في العراق مع حزب البعث؟ وأما قوله «ندعو للحوار» فكذبة أخرى يفضحها الجزء الآخر من العبارة نفسها حيث كتب يقول «ونرفض التهميش والإقصاء وممارسة الاستبداد السياسي» فهذه الجزئية وحدها تؤكد موقفه السالب من البحرين وموقفه الداعم لتلك المنظمة الإرهابية وتؤكد تورطه في فعل التحريض.

المالكي قال في تغريداته أيضاً إنه يؤكد «على احترام الشعوب وحقها في الحرية واستخدام الآليات الدستورية الديمقراطية في معالجة الأزمات»، قال ذلك رغم تيقنه بأنه لم يطبق هذا الأمر في العراق التي حكمها سنين عديدة، ولو أنه كان بالفعل يحترم شعب العراق ويحترم حق هذا الشعب في الحرية واستخدام الآليات الدستورية الديمقراطية في معالجة أزماته لما قبل على نفسه أن يدار عراق العروبة من قبل ملالي إيران الذين عاثوا فيه فساداً، فالفترة التي كان يسيطر فيها المالكي على الحكم كان الحكم بيد ملالي إيران وليس بيده، وكل هذا مناقض لما يقول وما يدعي وما يدعو إليه، إلا إن كان يعتبر ذلك شكلاً من أشكال الاحترام لشعب العراق.

محاولات المالكي للترقيع لن تنفع، ولأننا نفترض فيه الذكاء لذا فإن عليه ألا يفترض هو في الآخرين غير ذلك، فما قاله في محاولة الترقيع تلك يؤكد به أنه يعتقد أن العالم دونه ذكاء وقدرة على الفهم والاستيعاب.

رفض البحرين لما قام به المالكي وما قاله يجب أن يدركه كل الذين يسمعون عن البحرين من أناس يتخذون منها موقفاً سالباً ويقدمون أنفسهم على أنهم في «ثورة»، سواء في العراق أو إيران أو لبنان أو سوريا أو في أي بلد آخر، فالبحرين لا تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية ولا تحتاج النصح من المالكي أو غير المالكي. مشكلة البحرين مع تلك المجموعة تخصها وحدها وهي قادرة على حلها، ولمن لا يعرف بعد ما جرى ويجري عليه أن يعلم بأن هذه المجموعة سعت وتسعى إلى إحداث الفوضى في البلاد وعملت وتعمل على إيذاء وجرح الاستقرار كي تمكن من يقف من ورائها من التغلغل والحصول على موطئ قدم يسهل لها تحقيق بقية أهدافه وغايته.

لعل هذا يعين على توضيح الخطأ الكبير الذي ارتكبه نوري ويؤكد له أن محاولات الترقيع التي قام بها لا تنفع.