إلى متى ننتظر متحدثين من الجانب الحكومي للدفاع عن برنامجها؟ القيمة المضافة مضى عليها سنتان منذ أقرت في الاتفاقية الخليجية، ومضى شهور على إقرار قانونها، ومضى أكثر من أسبوع على تطبيقها.

البرنامج الحكومي بدأ عرضه ولم يسبقه أي حديث علني ولا ندري كم علينا أن ننتظر إلى أن يظهر من يتكلم عنه ويشرحه ويبرر إجراءاته وبرامجه وخططه بعد إعلانه؟.

مهما كان الشرح وافياً ومقنعاً لأصحاب القلم من رؤساء تحرير وكتاب فإن أحداً لن يتكلم نيابة عن الحكومة ما لم تكن الحكومة قادرة على الحديث عن نفسها.

الاجتماعات المتكررة التي يجتمع فيها المسؤولون مع الإعلاميين لن تكون بديلاً أبداً عن حديث أصحاب الاختصاص. اظهرْ واشرحْ وجهة نظرك كوزير بثقة وقوة مؤمناً ومقتنعاً بأن ما اتخذته من قرار هو في صالح أهل البحرين لا ضدهم، هو من أجل ضمان مستقبلهم لا من أجل الإضرار بهم. هو تفكير بهمومهم ليس ترفعاً عنهم وعدم اكتراث بهم، ومن بعدها ستجد إن كنت مقنعاً الحلفاء لك والمساعدين والمتعاونين مع برنامجك المالي أو الاقتصادي أو الصحي أو التعليمي أو الإسكاني أو الاجتماعي أو أو أو.. كل حسب اختصاصه.

أتابع برنامج عمرو أديب «الحكاية» على الأم. بي. سي. مصر يقدمه ثلاثة أيام في الأسبوع، حضر له معظم وزراء مصر، تحدثوا عن خططهم وبرامجهم وشرحوها حتى تلك التي كانت صعبة على الناس. والكل يعرف الوضع الاقتصادي في مصر وأحوالهم المعيشية، وبعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة كانت تتسم بشد الحزام في فترات معينة، ومع ذلك ملك الوزراء الجرأة بمخاطبة الناس وإشراكهم معهم في تحدياتهم وطرح الخيارات التي يمكن أن تخطر على الناس، بل ولم يترك عمرو أديب من جهته كإعلامي سؤالاً ولا فكرة ولا هاجساً ولا مخاوفَ يتداولها الناس إلا وطرحها أمام الوزراء والمسؤولين وأصحاب الاختصاص ومنحهم فرصة الإجابة عليها. وجميع حلقاته مباشرة وليست مسجلة، وتلك كانت مصر وبرنامجها الحكومي الذي صعب تمريره دون تبعات، وهذا واحد فقط من البرامج المباشرة وهناك عشرات غيره زارهم وزراء مصر وكانوا ضيوفاً دائمين على برامجهم يتحدثون بشكل مباشر مع الناس. فما بالنا نحن إن ظهر وزير على الشاشة فلا بد أن نرتب له الأسئلة ونسجل الحلقة قبلها ولا تبث مباشرة، ونراعيه في السؤال ونتفق معه على ماذا يقول ونلقن المذيع ماذا يسال؟!!

في ظل وجود أحوال معيشية صعبة لدى أسر كثيرة، وفي ظل وجود هواتف في متناول يد الجميع، وفي ظل وجود من يندس بين الناس منتهزاً الفرص للتحريض، وفي ظل وجود حكومة وزراؤها لا يخاطبون الناس إلا بعد إلحاح، فلا تلم الناس إن سخطوا وتذمروا، ولا تلم كثرة المعلومات المغلوطة التي تنتشر، وعليك تصحيحها، فالذي يعرف والذي لا يعرف يفتي نيابة عنك وأنت صامت، ومهما بذلتم من جهد في التوعية بوسائل إيضاحية - و تلك جهود ممتازة - لكنها قطرة في بحر الغموض، والغالبية لا تصلهم وكثير من الذين وصلتهم لا يعرفون كيف يقرؤونها أو يحسبونها إن كنا نتكلم عن القيمة المضافة أوغيرها.

كيف يمكن للحكومة أن تقنع الناس بأن برنامجها في صالحهم وهي تتردد في شرحه والدفاع عنه؟ فإما أن برنامجك غير قابل للإقناع، أو أن وزراءكم غير مقتنعين به، أو أن وزراءكم -مع احترامنا- (ما يعرفون يتحجون) وفي كل الأحوال عندكم مشكلة!!