ألم تستغربوا يوماً بشأن هذه الحملة الغربية المستنفرة بشأن التدخل في شؤون الدول، خاصة دولنا في منطقة الخليج والشرق الأوسط؟!
بل بمتابعة تاريخية قصيرة المدى، سنجد أن هناك نوعاً من «الهوس» المفضوح، من قبل دول وأنظمة للتسابق وراء التكسب من كل شيء يثير التوتر والقلق في العلاقات الدولية، وبطريقة تكشف مساعي هذه الدول لفرض إملاءات وشروط على دول أخرى، نتاج القبول بها لا يخرج عن تنازلات في حقوق السيادة والقوانين الداخلية!
قلنا إن الاستعمار الأجنبي لبلداننا قد انتهى في الربع الثالث من القرن الماضي، لكن يبدو أن هناك استعماراً من نوع آخر، استعمار يستخدم الدبلوماسية والحروب الباردة والقوى الناعمة للتحكم بأمور داخل دول، إن هي قبلت بهذه التصرفات، فإنما هي تقبل بأن تمس سيادتها.
احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها، واستيعاب أن لكل دولة أنظمة وقوانين، والأهم خصوصية مبنية على موروثات هذه المجتمعات، ومبنية على أنظمة الحكم فيها، والتي تختلف طبيعة هذه الأخيرة عن أنظمة في دول أخرى، كل هذه العوامل أسس تعمل بها دولنا وتعمل بها البحرين.
ما حصل بشأن قضية أسرية تمس إحدى الفتيات السعوديات، والتي وصلت لأن تتدخل دولة أجنبية للدخول في الموضوع بتبني الفتاة، وتحويلها لقضية سياسية، مسألة تكشف هذه السلوكات المستغربة من دول ترتبط بدول أخرى باتفاقيات وشراكات وتعاملات اقتصادية تصل للملايين، وكيف أن بعض سياسيي هذه الأنظمة يعملون بطريقة لا تخدم مصالح بلدانهم وشعوبهم، بل يتصرفون بأساليب ارتجالية وكأنها تسجيل مواقف شخصية ضد هذا النظام أو ذاك، فقط لأن تركيزهم موجه على كيل الانتقادات لأنظمة وقوانين داخلية معنية بدول أخرى، ولو طبقنا ذات المعادلة على هذه الدول، فإنك ستجد الرد جاهزاً، بأنه مرفوض التدخل في شؤونهم الداخلية.
لنفرض أننا جئنا لنملي على بريطانيا أو الولايات المتحدة أو كندا أو فرنسا طريقة تعاملها مع قضايا داخلية لديها، لو جئنا لنعطيها محاضرات في كيفية تطبيق قانونها الخاص بشأن التعامل مع الإرهاب مثلاً، أو المظاهرات أو حقوق الإنسان، هل تظنون بأنها ستقبل ذلك، وأنها لن تجيبنا مباشرة بأن «اهتموا بشؤونكم ولا تتدخلوا بشؤوننا»؟!
هل يمكن لدولنا اليوم أن تمنح اللجوء السياسي لأي عنصر يخرج من بلده، سواء أكان مطلوباً أمنياً، أو سياسياً معارضاً، أو خارجاً على القانون، أو إرهابياً، دون أن تعترض هذه الدول وتقيم القيامة، بل وقد تطلب تدخل «الإنتربول الدولي»؟! دولنا عودتنا أنها لا تتدخل في شؤون الآخرين، وأتحدث عن بلادي البحرين تحديداً والتي دائماً خطابها يركز في تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة والتي أساسها احترام السيادة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، باتت مستهدفة من دول هي من حاولت التدخل في الشأن الداخلي السعودي، وحينما اتخذت السعودية إجراءاتها بموجب سيادتها غضبت هذه الدول، واستاءت، بل وصلت لمحاولات تصحيح مسارات، بعضها أعاد حساباته واستوعب بأنه تجاوز خطاً أحمر، هو لن يقبله على نفسه لو تدخل فيه الآخرون، والبعض تمادى وأخذ يتصرف وكأنها محاولة استفزاز مقصودة، كما هو حال القضية التي أمامنا اليوم.
لا ردَّ أجده في موضوع الفتاة السعودية التي سارعت كندا بمنحها اللجوء السياسي، رغم أن موضوعها معني بخلاف أسري بحت، أفضل من رد السفير الكندي السابق في الرياض دينيس هوراك، والذي قال إن ما حصل «لعبة سياسية» وإن «كندا لم تقبل باستضافة الفتاة كلاجئة إلا وهي تعي أن من الممكن استغلال ذلك سياسياً»، وإن السعودية لا تقوم بمثل هذه التصرفات من جانبها، ومن شأن ما حصل الإضرار بمصالح كندا مع السعودية.
وأضيفوا إلى ذلك تصريح السفير الكندي الأسبق في الرياض ديفيد تشاترسون الذي قال في مقابلة تلفزيونية لشبكة «سي بي سي» إن هناك في العالم 25 مليون لاجئ، كأعداد لدى مفوضية اللاجئين ظروفهم أسوأ من ظروف الفتاة التي واجهت مشكلة أسرية، لكن رئيس وزراء كندا أصر على إقحام نفسه في الموضوع ليتم استغلاله سياسياً، فقط بهدف الإساءة للسعودية، واصفاً بأن ما حصل «سابقة خطيرة».
التدخل المتعمد في شؤون الدول لا تفسير له سوى وجود نوايا غير طيبة، ويمثل استهتاراً بمصالح بلدان وشعوب، والأولى بكل دولة تمارس هذا السلوك أن تركز في أمورها الداخلية، وهي أمور لن تتدخل فيها الدول التي تحترم السيادة وتقيم وزناً للقوانين والدساتير.
{{ article.visit_count }}
بل بمتابعة تاريخية قصيرة المدى، سنجد أن هناك نوعاً من «الهوس» المفضوح، من قبل دول وأنظمة للتسابق وراء التكسب من كل شيء يثير التوتر والقلق في العلاقات الدولية، وبطريقة تكشف مساعي هذه الدول لفرض إملاءات وشروط على دول أخرى، نتاج القبول بها لا يخرج عن تنازلات في حقوق السيادة والقوانين الداخلية!
قلنا إن الاستعمار الأجنبي لبلداننا قد انتهى في الربع الثالث من القرن الماضي، لكن يبدو أن هناك استعماراً من نوع آخر، استعمار يستخدم الدبلوماسية والحروب الباردة والقوى الناعمة للتحكم بأمور داخل دول، إن هي قبلت بهذه التصرفات، فإنما هي تقبل بأن تمس سيادتها.
احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها، واستيعاب أن لكل دولة أنظمة وقوانين، والأهم خصوصية مبنية على موروثات هذه المجتمعات، ومبنية على أنظمة الحكم فيها، والتي تختلف طبيعة هذه الأخيرة عن أنظمة في دول أخرى، كل هذه العوامل أسس تعمل بها دولنا وتعمل بها البحرين.
ما حصل بشأن قضية أسرية تمس إحدى الفتيات السعوديات، والتي وصلت لأن تتدخل دولة أجنبية للدخول في الموضوع بتبني الفتاة، وتحويلها لقضية سياسية، مسألة تكشف هذه السلوكات المستغربة من دول ترتبط بدول أخرى باتفاقيات وشراكات وتعاملات اقتصادية تصل للملايين، وكيف أن بعض سياسيي هذه الأنظمة يعملون بطريقة لا تخدم مصالح بلدانهم وشعوبهم، بل يتصرفون بأساليب ارتجالية وكأنها تسجيل مواقف شخصية ضد هذا النظام أو ذاك، فقط لأن تركيزهم موجه على كيل الانتقادات لأنظمة وقوانين داخلية معنية بدول أخرى، ولو طبقنا ذات المعادلة على هذه الدول، فإنك ستجد الرد جاهزاً، بأنه مرفوض التدخل في شؤونهم الداخلية.
لنفرض أننا جئنا لنملي على بريطانيا أو الولايات المتحدة أو كندا أو فرنسا طريقة تعاملها مع قضايا داخلية لديها، لو جئنا لنعطيها محاضرات في كيفية تطبيق قانونها الخاص بشأن التعامل مع الإرهاب مثلاً، أو المظاهرات أو حقوق الإنسان، هل تظنون بأنها ستقبل ذلك، وأنها لن تجيبنا مباشرة بأن «اهتموا بشؤونكم ولا تتدخلوا بشؤوننا»؟!
هل يمكن لدولنا اليوم أن تمنح اللجوء السياسي لأي عنصر يخرج من بلده، سواء أكان مطلوباً أمنياً، أو سياسياً معارضاً، أو خارجاً على القانون، أو إرهابياً، دون أن تعترض هذه الدول وتقيم القيامة، بل وقد تطلب تدخل «الإنتربول الدولي»؟! دولنا عودتنا أنها لا تتدخل في شؤون الآخرين، وأتحدث عن بلادي البحرين تحديداً والتي دائماً خطابها يركز في تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة والتي أساسها احترام السيادة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، باتت مستهدفة من دول هي من حاولت التدخل في الشأن الداخلي السعودي، وحينما اتخذت السعودية إجراءاتها بموجب سيادتها غضبت هذه الدول، واستاءت، بل وصلت لمحاولات تصحيح مسارات، بعضها أعاد حساباته واستوعب بأنه تجاوز خطاً أحمر، هو لن يقبله على نفسه لو تدخل فيه الآخرون، والبعض تمادى وأخذ يتصرف وكأنها محاولة استفزاز مقصودة، كما هو حال القضية التي أمامنا اليوم.
لا ردَّ أجده في موضوع الفتاة السعودية التي سارعت كندا بمنحها اللجوء السياسي، رغم أن موضوعها معني بخلاف أسري بحت، أفضل من رد السفير الكندي السابق في الرياض دينيس هوراك، والذي قال إن ما حصل «لعبة سياسية» وإن «كندا لم تقبل باستضافة الفتاة كلاجئة إلا وهي تعي أن من الممكن استغلال ذلك سياسياً»، وإن السعودية لا تقوم بمثل هذه التصرفات من جانبها، ومن شأن ما حصل الإضرار بمصالح كندا مع السعودية.
وأضيفوا إلى ذلك تصريح السفير الكندي الأسبق في الرياض ديفيد تشاترسون الذي قال في مقابلة تلفزيونية لشبكة «سي بي سي» إن هناك في العالم 25 مليون لاجئ، كأعداد لدى مفوضية اللاجئين ظروفهم أسوأ من ظروف الفتاة التي واجهت مشكلة أسرية، لكن رئيس وزراء كندا أصر على إقحام نفسه في الموضوع ليتم استغلاله سياسياً، فقط بهدف الإساءة للسعودية، واصفاً بأن ما حصل «سابقة خطيرة».
التدخل المتعمد في شؤون الدول لا تفسير له سوى وجود نوايا غير طيبة، ويمثل استهتاراً بمصالح بلدان وشعوب، والأولى بكل دولة تمارس هذا السلوك أن تركز في أمورها الداخلية، وهي أمور لن تتدخل فيها الدول التي تحترم السيادة وتقيم وزناً للقوانين والدساتير.