وضعت القوانين في الدول حتى لا تتحول المجتمعات إلى غابات يسود فيها القوي على الضعيف، وحتى تنظم الحياة المدنية وكي تضمن الحقوق فلا يضطر أحد لأخذ حقه بيده وبأسلوبه وبطريقته. بل المرجعية في تنظيم المجتمع تكون لحكم القانون بحيث يتساوى الجميع أمامه ولا فرق بينهم ولا حظوة لأحد على الناس.
المشكلة لا تكمن في التوصيف وصياغة اللوائح ووضع القوانين والتوافق عليها، بل المشكلة تتمثل في التطبيق، بحيث يكون هناك تمايز وعدم مساواة بين البشر، فهذا يحاكم وذاك لا، هذا يخرق القانون خرقا بسيطا فيمثل أمام القضاء بسرعة ووسط جلبة وذاك يتجاوز بكل قصد وتعمد فلا تتم مساءلته حتى!
هنا تعمل الدولة على الإضرار بأمنها واستقرارها بنفسها، إذ يخلص كثير من الباحثين في علاقة التطرف الديني والسياسة إلى نتيجة هامة تتمثل بأن تصاعد وتيرة أعمال الجمعيات الراديكالية ومنتهجي العنف في أي مجتمع كان يعود إلى عدم تطبيق القانون أو أقلها تطبيقه بطريقة غير شاملة للكل وبناء التطبيق على اعتبارات لأمور لا موقع لها في الإعراب في القوانين المنظمة للدولة المدنية.
حينما تحاكم شخصاً تجاوز القانون فإنك تفعل الشيء الصحيح، لكنك حينما تتغاضى عن آخر قام بفعل أشنع من الأول، فإنك بالتالي تضرب القانون في مقتل، بل تحول الحالة الأولى إلى تطبيق انتقائي متحامل، وهذا من شأنه تأجيج المشاعر المتضادة لدى الشارع.
في الشأن البحريني تناول عديد من الباحثين ظاهرة العنف المقرونة بالخطاب الديني التحريضي، أبرزهم الباحثة في جامعة هارفارد الأمريكية سعاد ميكنيت التي تناولت ظاهرة خطابات مرجع الوفاق عيسى قاسم برؤية تحليلة، وخلصت إلى أن رجل الدين المعني بدل أن يكون داعياً لوقف العنف ونبذه –وهو قادر على ذلك- إنما هو يستغل وضعه الديني لتأجيج المشاعر وتحريض الناس، خاصة وأن هذه الممارسة بدأت تتجه منحى أوصل الخطاب لمستوى التحريض على قتل رجال الشرطة، والسبب أن الرجل يدرك أن القانون لن يطاله بسبب «هالة القدسية» الموضوعة حوله باسم الدين.
في الدول العربية والتي تحتضن جماعات إسلامية متباينة، تتحمل هذه الدول مسؤولية تحويل بعض الشخصيات إلى «رموز» توضع في مرتبة لا تتساوى مع البشر، بحيث لا يتم التعامل معهم على أساس أنهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات. حالة «القدسية» هذه تتعاظم في ظل وجود مريدين وأتباع، وهؤلاء ترتسخ في أذهانهم أول ردة فعل تجاه أي تجاوز يقوم به الشخص الذي يعظمونه، فإن كان التعاطي متراخ فالمرات القادمة بالضرورة ستشهد «فزعة» و«استنهاضاً» لتحويل هذا الشخص إلى إنسان لا يجب تطبيق القانون عليه حتى وإن ارتكب من الجرائم ما يعاقب عليه القانون بأغلظ العقوبات.
في تشخيص بعض الباحثين لهذه الأوضاع يؤكدون بأن الدول التي تعاني من ظاهرة «تقديس» الأشخاص وتحويلهم إلى «رموز» لا يجب المساس بهم مهما فعلوا، هذه الدول إما أن تقبل بشكلها الضعيف أو يتوجب عليها كسر هذا «التابو»، وتثبت بالتالي أنها بالفعل دولة مدنية تطبق القانون المدني الذي يحفظ الحق العام والخاص، بحيث من يتجاوز القانون أيا كان يمثل أمامه ويحكم بناء عليه.
النقطة المهمة هنا تتمثل بأن على من يريد كسر هذا التابو إدراك أن العملية لن تتم بسهولة ودون تداعيات، وأن مستوى التداعيات نفسه سببه الرئيس هو تراخي المعنيين أنفسهم في تطبيق القانون في مقام أول، وسببه ترك الظاهرة حتى تتفاقم وتصبح معضلة. وعليه حتى تصحح وضعا خاطئاً لابد وأن تكون لديك الإرادة في مواجهة التداعيات مهما كانت حدتها، إذ لا دولة في العالم تتردد في تطبيق القانون إن كان يمس أمنها القومي، وإن كان تعطيله سبباً في تأزيم أوضاعها الداخلية، لا يجب أن يكون هناك أحد فوق القانون في أي دولة مدنية.
من يريدون أن يكونوا رجال دين عليهم الالتزام فقط بكونهم رجال دين إن أرادوا نوعاً من «هالة» الاحترام لرجل الدين، لكن أن يتحصلوا على هذا الوصف ثم يتدخلوا في السياسة لتخرج منهم خطابات «بلطجة» و«تحريض»، فهم بالتالي يتخلون عن وضعية رجل الدين ليتحولوا إلى مشتغلين بالسياسة لهم حقوق وعليهم واجبات ومهما حصل يظلون مسائلين بالقانون.
المشكلة لا تكمن في التوصيف وصياغة اللوائح ووضع القوانين والتوافق عليها، بل المشكلة تتمثل في التطبيق، بحيث يكون هناك تمايز وعدم مساواة بين البشر، فهذا يحاكم وذاك لا، هذا يخرق القانون خرقا بسيطا فيمثل أمام القضاء بسرعة ووسط جلبة وذاك يتجاوز بكل قصد وتعمد فلا تتم مساءلته حتى!
هنا تعمل الدولة على الإضرار بأمنها واستقرارها بنفسها، إذ يخلص كثير من الباحثين في علاقة التطرف الديني والسياسة إلى نتيجة هامة تتمثل بأن تصاعد وتيرة أعمال الجمعيات الراديكالية ومنتهجي العنف في أي مجتمع كان يعود إلى عدم تطبيق القانون أو أقلها تطبيقه بطريقة غير شاملة للكل وبناء التطبيق على اعتبارات لأمور لا موقع لها في الإعراب في القوانين المنظمة للدولة المدنية.
حينما تحاكم شخصاً تجاوز القانون فإنك تفعل الشيء الصحيح، لكنك حينما تتغاضى عن آخر قام بفعل أشنع من الأول، فإنك بالتالي تضرب القانون في مقتل، بل تحول الحالة الأولى إلى تطبيق انتقائي متحامل، وهذا من شأنه تأجيج المشاعر المتضادة لدى الشارع.
في الشأن البحريني تناول عديد من الباحثين ظاهرة العنف المقرونة بالخطاب الديني التحريضي، أبرزهم الباحثة في جامعة هارفارد الأمريكية سعاد ميكنيت التي تناولت ظاهرة خطابات مرجع الوفاق عيسى قاسم برؤية تحليلة، وخلصت إلى أن رجل الدين المعني بدل أن يكون داعياً لوقف العنف ونبذه –وهو قادر على ذلك- إنما هو يستغل وضعه الديني لتأجيج المشاعر وتحريض الناس، خاصة وأن هذه الممارسة بدأت تتجه منحى أوصل الخطاب لمستوى التحريض على قتل رجال الشرطة، والسبب أن الرجل يدرك أن القانون لن يطاله بسبب «هالة القدسية» الموضوعة حوله باسم الدين.
في الدول العربية والتي تحتضن جماعات إسلامية متباينة، تتحمل هذه الدول مسؤولية تحويل بعض الشخصيات إلى «رموز» توضع في مرتبة لا تتساوى مع البشر، بحيث لا يتم التعامل معهم على أساس أنهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات. حالة «القدسية» هذه تتعاظم في ظل وجود مريدين وأتباع، وهؤلاء ترتسخ في أذهانهم أول ردة فعل تجاه أي تجاوز يقوم به الشخص الذي يعظمونه، فإن كان التعاطي متراخ فالمرات القادمة بالضرورة ستشهد «فزعة» و«استنهاضاً» لتحويل هذا الشخص إلى إنسان لا يجب تطبيق القانون عليه حتى وإن ارتكب من الجرائم ما يعاقب عليه القانون بأغلظ العقوبات.
في تشخيص بعض الباحثين لهذه الأوضاع يؤكدون بأن الدول التي تعاني من ظاهرة «تقديس» الأشخاص وتحويلهم إلى «رموز» لا يجب المساس بهم مهما فعلوا، هذه الدول إما أن تقبل بشكلها الضعيف أو يتوجب عليها كسر هذا «التابو»، وتثبت بالتالي أنها بالفعل دولة مدنية تطبق القانون المدني الذي يحفظ الحق العام والخاص، بحيث من يتجاوز القانون أيا كان يمثل أمامه ويحكم بناء عليه.
النقطة المهمة هنا تتمثل بأن على من يريد كسر هذا التابو إدراك أن العملية لن تتم بسهولة ودون تداعيات، وأن مستوى التداعيات نفسه سببه الرئيس هو تراخي المعنيين أنفسهم في تطبيق القانون في مقام أول، وسببه ترك الظاهرة حتى تتفاقم وتصبح معضلة. وعليه حتى تصحح وضعا خاطئاً لابد وأن تكون لديك الإرادة في مواجهة التداعيات مهما كانت حدتها، إذ لا دولة في العالم تتردد في تطبيق القانون إن كان يمس أمنها القومي، وإن كان تعطيله سبباً في تأزيم أوضاعها الداخلية، لا يجب أن يكون هناك أحد فوق القانون في أي دولة مدنية.
من يريدون أن يكونوا رجال دين عليهم الالتزام فقط بكونهم رجال دين إن أرادوا نوعاً من «هالة» الاحترام لرجل الدين، لكن أن يتحصلوا على هذا الوصف ثم يتدخلوا في السياسة لتخرج منهم خطابات «بلطجة» و«تحريض»، فهم بالتالي يتخلون عن وضعية رجل الدين ليتحولوا إلى مشتغلين بالسياسة لهم حقوق وعليهم واجبات ومهما حصل يظلون مسائلين بالقانون.