تعد فنزويلا من بين البلدان الأكثر تحضراً في أمريكا اللاتينية، وقد بقيت رغم عوائد البترول الضخمة تفتقر للخدمات الأساسية من صحة وتعليم وطرق ومياه عذبة وكهرباء، رغم كونها ثالث دولة منتجة للنفط ورابع دولة مصدرة له، بالإضافة لكميات كبيرة من الفحم والحديد والذهب.. ثم جاء رئيس فنزويلا السابق هوغو تشافيز الذي نجح في اجتياز عدة اختبارات سياسية منذ 1998، حتى توفي في 5 مارس 2013 بعد صراع لحوالي عامين مع مرض السرطان، لكن وفاة تشافيز حملت للسلطة سائق الحافلات السابق نيكولاس مادورو. فأل النحس كان يطارد مادورو منذ انتخابات الرئاسة، إذ دخلت البلاد في عهده حالة ركود اقتصادي، جراء هبوط أسعار النفط المتزامن مع أزمة اقتصادية كان أبرز جوانبها النقص الكبير في السلع الأساسية وارتفاع معدل التضخم.

قال الرئيس مادورو الخميس الماضي، إن بلاده ستغلق سفارتها وجميع قنصلياتها في الولايات المتحدة، وذلك غداة قطعه العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن رداً على اعترافها بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً انتقالياً. ولم يكن هذا إلا قمة الجليد الثلجي، ففنزويلا تحت حكم مادورو، وقبله تشافيز كانت تحت علامة «أعداء واشنطن»، وقد وصفت إدارة ترامب الانتخابات التي فاز فيها مادورو بالمزورة، كما فرضت الخارجية الأمريكية عقوبات اقتصادية عدة على إدارة الرئيس مادورو، وزادت نتيجة ذلك عمليات الهجرة عبر الحدود للدول المجاورة. بل وقيل إن مادورو نفسه نجا من محاولة اغتيال باستخدام طائرات مسيرة مفخخة، ووقع الحادث حين كان الرئيس يتحدث أثناء حدث عسكري في العاصمة كراكاس، ولم يتردد مادورو في اتهام كولومبيا وعناصر في الولايات المتحدة بتحريك «مؤامرة يمينية» لقتله. بل ان صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية كتبت أن مسؤولين في إدارة ترامب عقدوا اجتماعات سرية العام الماضي مع ضباط متمردين من الجيش في فنزويلا، لمناقشة خطط للإطاحة بمادورو. كما أعلن جون بولتون مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي أن بلاده لا تعترف بسلطات الرئيس الفنزويلي، ووصفه بأنه طاغية، وأضاف بولتون في بيان له أن الولايات المتحدة ستواصل استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام مادورو «غير القانوني»، لاستعادة الديمقراطية في فنزويلا. الورقة الرابحة في يد نظام كاراكاس الذي هاجر شعبه من الجوع هي ورقة الجيش حيث قال وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو إن جنود الوطن لا يقبلون برئيس فُرض في ظل مصالح غامضة أو أعلن نفسه ذاتياً بشكل غير قانوني، الجيش يدافع عن دستورنا وهو ضامن للسيادة الوطنية، ما يعني أنه نسخة من الحرس الثوري الإيراني في حمايته للملالي.

* اختلاج النبض:

لا شك في أن عداء واشنطن لنظام الملالي لا يقل عن عدائهم لحكام كراكاس، بل أن المبررات ضد إيران والتي امتدت 40 عاماً أقوى مما يحمله صدر واشنطن من ضغينة ضد نظام فنزويلا. فلماذا لا يتساوى الضغط على طرفين مذلين لشعوبهم؟ أم أن واشنطن تنفذ بروفة في فنزويلا لإيران؟!!!