الذي يحدث دائماً هو أن بعض الدول الغربية تنتفض وتقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل الانتصار لمواطن خليجي أصدر القضاء حكماً عليه أو أحالته حكومته إلى النيابة العامة، تفعل ذلك من دون أن تعرفه أو تعرف الجرم أو الخطأ الذي ارتكبه. والظاهر أنه يكفي أن يحال أحد إلى النيابة العامة أو تصدر عليه المحكمة حكما ما لتفعل تلك الدول كل ذلك، وهي تزيد لو أن المرتكب للجرم أو الخطأ يضع على رأسه قبعة من قبعات «حقوق الإنسان». ليس مهماً عند تلك الدول وتلك المنظمات التي ترفع شعارات حقوق الإنسان ماذا فعل فلان الذي عاقبته حكومته الخليجية، المهم عندها هو أن «سينا» ما وفر لها السبب لتوزع الاتهامات على دول الخليج العربي على هواها، وسبباً للتدخل والابتزاز بأنواعه.اليوم تبدو الأمور أكثر وضوحاً، فكل من تتم إحالته إلى النيابة العامة وكل من يحاكم في دول مجلس التعاون وعلى الخصوص في السعودية والبحرين والإمارات هو منتصر لحقوق الإنسان يستحق انتفاضة تلك الدول و»لعلعة» المنظمات الحقوقية والدفاع عنه واعتبار ما هو فيه اعتداء على حقوق الإنسان وتجاوزا مرفوضا. تلك الدول وتلك المنظمات لا تسأل عن الجرم الذي ارتكبه ذلك الشخص الذي انبرت للدفاع عنه حيث يكفي عندها أن الذي أصدر الحكم ضده إحدى تلك الدول الثلاث. أي أنه مظلوم في كل الأحوال وقاعداً وقائماً.هذا الذي تقوم به تلك الدول وتلك المنظمات تدخل في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة، ولهذا فإنه مرفوض وينبغي وضع حد له، والأكيد أن دول الغرب والشرق وكل دولة تمارس مثل هذا الفعل لا تقبل من الدول الأخرى والمنظمات العالمية على اختلافها التدخل في شؤونها الداخلية وتوجيه مثل تلك التهم إليها. لهذا فإن الحل المنطقي لتكتمل المعادلة وتتزن الأمور هو أن تقوم الدول المتضررة من هذا السلوك بمتابعة ورصد كل ما يحدث في تلك الدول – التي تصنع من الحبة قبة وتبالغ في وصف كل فعل يصدر عن دول الخليج العربي وتعتبره اعتداء على القيم والأخلاق ومبادئ الأمم المتحدة – وتصدر ضد كل حكم يصدر عن محاكمها وكل إحالة لأحد من مواطنيها إلى النيابة العامة بيانات مماثلة لتلك التي تصدرها وتعتبرها قضية رأي عام. حينها ربما تنتبه تلك الدول إلى أن الذي تقوم به غير صحيح وغير منطقي وينبغي أن تتوقف عنه. ومثلما أنها لا تقبل بأن يتدخل الآخرون في شؤونها فإن الآخرين أيضا لا يقبلون بتدخلها في شؤونهم.ما تقوم به تلك الدول وتلك المنظمات الحقوقية غير معقول ويجب أن تتوقف عنه، فالذين أخطأوا وارتكبوا الجرائم وصدرت ضدهم الأحكام ليسوا من مواطنيها، بل ليس من حقها أن تتدخل حتى لو كان الذي حصل له ذلك أحد مواطنيها أو أحد مكتسبي جنسيتها، فللدول الأخرى سيادتها وحقها في معاقبة كل من يخطئ في حقها أو يربك الحياة فيها. أما حكوماتنا فإن عليها أيضا أن تعمل على إغلاق هذا الباب، ويكفي ألا تستمع إلى ما تقوله تلك الدول وتلك المنظمات، فـ «الأذن الصمخة» رد ناجح في مثل هذه الأحوال، وهو ما تأكد تماما فيما يخص أولئك الذين اعتبروا أنفسهم «معارضة ومناضلين وفي ثورة» الذين لن يعد لهم أي تأثير بل أي ذكر منذ أن قررت الحكومة عدم الالتفات إلى ما يقولونه وما يشيعونه عن البحرين.في تراثنا الشعبي عبارة يبدو أنها تصلح لتكون سلوكاً ورداً عملياً على كل أولئك، ففي مثل هذا الذي تمارسه تلك الدول وتلك المنظمات ليس أفضل من تفعيل القول الشعبي «الحقران يقطع المصران».