من الأمور المثيرة أن بعض الدول التي تنتهك حقوق الإنسان ليل نهار تتهم غيرها بانتهاك تلك الحقوق، وهو أمر غير مقبول بالمرة، إذ لا يجوز منطقاً أن تعاني من عيب ما وتتحدث عن الآخرين وتتهمهم بما هو فيك. ترى كيف يمكن لدولة لا تهتم بمواطنيها ولا توفر لهم المأوى وتتركهم يبيتون في الطرقات ولا توفر لهم أي رعاية اجتماعية أو صحية أن تتهم دولة مثل البحرين التي توفر كل شيء لمواطنيها ولكل من اختار العيش فيها بأنها تنتهك حقوق الإنسان؟

إن كل من يسمع دولة يعاني مواطنوها من انتهاك أبسط حقوقهم الإنسانية وهي تتحدث عن انتهاك حقوق الإنسان في الدول الأخرى وتنتقدها لا يملك إلا أن يضحك ويسخر من مثل هكذا حديث. كيف يمكن لهذه الدولة أو تلك أن تنتقد حقوق الإنسان في البحرين وهي تنتهك حقوق مواطنيها ولا تهتم حتى بأبسطها؟ هناك دول لا تتردد عن انتقاد حالة حقوق الإنسان في الدول الأخرى معتقدة أن أحدا لا يعرف شيئاً عن أحوال حقوق الإنسان فيها، والغريب أنها لا تكتفي بهذا وإنما تطالب الأمم المتحدة بأن تتخذ إجراءات ضد تلك الدول!

ومن الأمور المثيرة أيضاً أن بعض الدول والمنظمات الحقوقية «الدولية» تعتبر كل ما تسمعه وتقرأه ويصلها من تقارير عن حالة حقوق الإنسان في البحرين والسعودية والإمارات بشكل خاص حقائق لا تقبل المناقشة، والواضح أنها تعتبر كل ما يصدر عن أي فئة تعتبر نفسها «معارضة» و«في ثورة» صحيحاً بنسبة مائة في المائة، وكل ما يصدر عن هذه الدول غير صحيح فلا تلتفت إليه.

هذه مسألة ينبغي إعطاءها حقها من المناقشة والدرس والبحث، خصوصاً وأن الدول التي يتم توجيه الاتهامات إليها يتمتع فيها البشر بكامل حقوقهم، وما يتمتع به المواطن والمقيم في كل منها مثال. الأمر يبدو وكأن ما يقال عن حقوق الإنسان في هذه الدول من باب «لزوم الشيء أعلاه»، ومن يوجه لها الاتهامات لا ينتبه إلى أنه لا يوجد في هذه الدول من يتخذ من الشارع موئلا ومن يصبح وحقوقه منتهكة «في بعض تلك الدول لا يعرفون عن موت الذي يبيت في الشارع إلا من رائحة جثته».

الاتهامات الموجهة للبحرين والسعودية والإمارات عن حقوق الإنسان تبدو مضحكة، خصوصاً إن كانت صادرة عن دول يرى القاصي والداني كيف أنها تنتهك حقوق الإنسان، وهي تبدو مضحكة أكثر لو أن هذه الدول اعتبرت الأحكام التي تصدر عن المحاكم في الدول الثلاث انتهاكا لحقوق الإنسان رغم أنها تعلم ومتيقنة بأنها قانونية وأن من صدرت بحقهم حصلوا على كامل حقوق التقاضي وأن الأحكام ضدهم غير مسيسة.

مثال الرد المفحم على مثل هذه الاتهامات جاء على لسان الفريق أول ركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية حيث قال تعليقاً على الانتقادات السالبة للقضاء البحريني واتهامه بتسييس القضايا «لا يمكن السماح بالتدخل في شؤوننا الداخلية أو التشكيك في نزاهة القضاء البحريني المستقل»، ومؤكداً «أن مملكة البحرين دولة المؤسسات والقانون وماضية قدماً في إنفاذ القانون والعمل في إطاره وترسيخ نهج الإصلاح والعدالة».

المزايدة على البحرين أمر مرفوض، ومرفوض أيضاً المزايدة على السعودية والإمارات، خصوصاً وأن عمليات استهدافها من قبل بعض الدول والمنظمات باتت مكشوفة، حيث يتم – كما قال وزير الداخلية – وضع الأمور في غير نصابها الصحيح، وحيث يتم تجاوز الحقائق من خلال بث تلك التقارير والمعلومات المغلوطة، وكلها قائمة على الانحياز وعدم الموضوعية.

حال تلك الدول التي تنتقد حقوق الإنسان في بلادنا حال العنز التي لا ترى شقها!