‏من المفاهيم السياسية الدينية «حق الملوك الإلهي»، حيث يستمد من خلاله الملوك الذين يحكمون ‏بسلطة مطلقة شرعيتهم من الدين. فالملك فيه يستمد شرعيته من الله مباشرة ولا يحق ‏لأي قوة أرضية أن تنازعه في حقه الإلهي من السماء. ولم يتوقف ذلك إلا بعد الثورة البريطانية 1688، ثم الثورة الفرنسية ‏والأمريكية، إلى أن تم التخلي عنه تماماً، وأصبح هناك ملكيات دستورية. وكما سبق كان الحق الإلهي ‏حصراً على الملكيات حتى يوم السبت الماضي 2 فبراير 2019، حين أصبح من حق رؤساء الجمهوريات، حيث صرحت المتحدثة باسم البيت ‏الأبيض، سارة هوكابي ساندرز أن الله «أراد ‏دونالد ترامب أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة، وهذا هو السبب في وجوده الآن على سدة الحكم». وترامب أدى عملاً هائلاً في دعم الكثير من الأشياء التي يهتم بها أهل ‏الإيمان.

لم نكن بقرب سارة «لننشب في بلعومها»، لكن مذيع سألها عن محنة المسيحيين في ضوء خطط ‏ترامب لسحب القوات الأمريكية من بلاد كثيرة وتركهم يواجهون قدرهم‏. صحيح أن ترامب كثيراً ما ‏تلقى الدعم من الزعماء الإنجيليين، وأن العديد منهم دافعوا عنه على الرغم من الانتقادات التي وجهت له ‏حول لهجته في قضايا الهجرة والعرق.‏ لكن مسيحيين ومسلمين يعتبرون تخليه عنهم أمر لا يليق بمن ‏يدعي التفويض الإلهي، فالله لا يرضى بالظلم الذي يتعرضون له.‏

ثم أن نقل السفارة الأمريكية للقدس هو إهدار لحق المؤمنين مسيحيين ومسلمين، فقد أكد المشاركون في ‏مسيرات عدة في القدس دعت إليها الطوائف المسيحية أن «شعب كنعان يقول إن القدس قبلة المسلمين ‏والمسيحيين»، وذلك تنديداً بقرار ترامب نقل السفارة والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.‏ فهو في نظر ‏المسيحيين الفلسطينيين صهيوني لا يمثل الديانة المسيحية ولا الكنيسة ولا المسيحي نفسه، ويسعى لعمل ‏تفرقة، كما تفعل إسرائيل التي تهدف إلى نشر الفساد في العالم، فكيف يمكن القول إن الله اختار ترامب ‏ليكون رئيساً يقوم بمثل هذه الموبقات؟!!

إن من يتذكر كيف فرق ترامب بين أطفال المهاجرين المكسيكيين وبين أمهاتهم مما أدى لموت الكثير ‏منهم، لا يمكن أن يقتنع بارتباط قرارات ترامب بالله بشكل أو بآخر. ولعل آخر الأهوال التي لم يراعِ ترامب فيها الله، إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، انسحابها من معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى مع روسيا.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في بيان بثه راديو سوا الأمريكي إنه اعتباراً من يوم السبت ‏إعلانه أن واشنطن ستعلق كافة التزاماتها بمعاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة والبدء في ‏عملية الانسحاب من المعاهدة، ما يعني تشريع الأبواب أمام عصر نووي جديد يفني العالم في لحظة ‏واحدة.‏

* اختلاج النبض:

في أمثالنا الشعبية نقول: «خاف من اللي ما يخاف من ربه».