في مقال نشره مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية نقلاً عن صحيفة «القدس» العربي لمؤلفه د. شفيق ناظم الغبرا، تناول شروط الاستقرار العربي، ووقف في مقدمة مقاله على فكرة أن استخدام «العنف والقوة في سلوكيات الكثير من الأنظمة العربية هي الطريق الأكثر وضوحاً لحماية النظام السياسي وضمان استقراره الشكلي. لكن التاريخ يؤكد لنا بأن استمرار أي نظام سياسي مرتبط بالعدل أولاً وبالإعمار والنهضة ثانياً. وإذا دققنا سنجد أن العدل غير ممكن بلا مساحة من الحرية تسمح بمساءلة السياسيين ومواجهة الفساد، وأن ذلك كله غير ممكن بلا طرق متفق عليها لتغير القادة بعد أن يمضوا وقتاً في السلطة». واستعرض الغبرا في هذا السياق مفارقة بعض النماذج التي أدت فيها السلطة المطلقة إلى التنمية والعمران، مستحضراً نماذج ديكتاتورية نحو ستالين وهتلر وموسوليني وغيرهم، وأشار في معرض هذه الأمثلة أنه ورغم ما تفضي إليه بعض هذه الديكتاتوريات من عمران ونماء إلاَّ أن ذلك كله ما يلبث أن يزول بحالة من الدمار.
ومن الناحية النظرية قد نتفق مع كثير مما ذهب إليه الغبرا. ولكن التدليل على ذلك بالأنظمة العربية والإشارة إلى أكثرها كان فيه نوع من الإجحاف وإن لم يكن يخلو الأمر لدى بعض الدول والأنظمة، وإن حديثه عن مسألة التدقيق في شروط الاستقرار التي تؤكد أنه «لا يوجد استقرار بلا شرعية مستمدة من القبول الطوعي للمواطنين بسلطة الدولة والحكومة وقراراتها»، صحيح، لكنه تغافل عمداً عن مسألة القبول الطوعي للمواطنين لدى كثير من الدول العربية وأبرزها الدول الخليجية. ويستأنف الغبرا مستمداً فتيله من ثورات الربيع العربي، بالقول إن العرب قد دخلوا «مرحلة جديدة تتطلب تغيراً حقيقياً في بنى السلطات الرسمية، فالشرعية لن تعود بلا صياغة شكل جديد وديمقراطي للعلاقة بين الدولة والمواطن وبين النظام والشعب»، وما زال يختزل كل مشكلات السلطوية في العالم العربي متناسياً محيطه الإقليمي.
ومن محاسن الصدف أن تنشر وسائل الإعلام أمس وبعد يوم من نشر مقال الغبرا وثائق مسربة لفضائح النظام الإيراني على مدى 30 عاماً، تشي بسلطوية النظام الإيراني المطلقة، ما جعل العالم كله في مرحلة ترقب للحظة الانهيار لما بلغه من جبروت وطغيان. وما بلغه ذلك النظام الجائر من تقويض للحريات السياسية ما تمثل في أبسط صوره بسجن وإعدام الصحافيين الذين بلغ عددهم خلال 30 عاماً من ثورة الخميني عام 1979 حتى عام 2009، حوالي 860 صحافياً. هذا إلى جانب مجموعة أخرى متنوعة من المواطنين من بينهم الأقليات والمعارضين للحكومة.
* اختلاج النبض:
جميل أن يشخص الكاتب - الباحث أحوال المنطقة، ولكن الأجمل أن يقف على المشهد من كافة جوانبه وألا يختزل كل ما أوتي به من نظريات وعلم في الحالة العربية وحدها، لأنه لو التفت قليلاً في المحيط الإقليمي لوجد ما يشيب له رأس الوليد.
ومن الناحية النظرية قد نتفق مع كثير مما ذهب إليه الغبرا. ولكن التدليل على ذلك بالأنظمة العربية والإشارة إلى أكثرها كان فيه نوع من الإجحاف وإن لم يكن يخلو الأمر لدى بعض الدول والأنظمة، وإن حديثه عن مسألة التدقيق في شروط الاستقرار التي تؤكد أنه «لا يوجد استقرار بلا شرعية مستمدة من القبول الطوعي للمواطنين بسلطة الدولة والحكومة وقراراتها»، صحيح، لكنه تغافل عمداً عن مسألة القبول الطوعي للمواطنين لدى كثير من الدول العربية وأبرزها الدول الخليجية. ويستأنف الغبرا مستمداً فتيله من ثورات الربيع العربي، بالقول إن العرب قد دخلوا «مرحلة جديدة تتطلب تغيراً حقيقياً في بنى السلطات الرسمية، فالشرعية لن تعود بلا صياغة شكل جديد وديمقراطي للعلاقة بين الدولة والمواطن وبين النظام والشعب»، وما زال يختزل كل مشكلات السلطوية في العالم العربي متناسياً محيطه الإقليمي.
ومن محاسن الصدف أن تنشر وسائل الإعلام أمس وبعد يوم من نشر مقال الغبرا وثائق مسربة لفضائح النظام الإيراني على مدى 30 عاماً، تشي بسلطوية النظام الإيراني المطلقة، ما جعل العالم كله في مرحلة ترقب للحظة الانهيار لما بلغه من جبروت وطغيان. وما بلغه ذلك النظام الجائر من تقويض للحريات السياسية ما تمثل في أبسط صوره بسجن وإعدام الصحافيين الذين بلغ عددهم خلال 30 عاماً من ثورة الخميني عام 1979 حتى عام 2009، حوالي 860 صحافياً. هذا إلى جانب مجموعة أخرى متنوعة من المواطنين من بينهم الأقليات والمعارضين للحكومة.
* اختلاج النبض:
جميل أن يشخص الكاتب - الباحث أحوال المنطقة، ولكن الأجمل أن يقف على المشهد من كافة جوانبه وألا يختزل كل ما أوتي به من نظريات وعلم في الحالة العربية وحدها، لأنه لو التفت قليلاً في المحيط الإقليمي لوجد ما يشيب له رأس الوليد.