الرابع عشر من فبراير ذكرى لقلب قائد فذ فتحه على مصراعيه مقبلاً لاحتواء شعب بأسره، أكثر مما هي ذكرى لعقد اجتماعي أو نص دستوري يربطه بهم.
مازالت ذاكرتي تحمل أثر تلك اللقاءات التي جمعتنا كإعلاميين مع ذلك «الأمير» الشاب الذي تولى الحكم مفعماً بالآمال، قبل التصويت على الميثاق، وأذكر جيداً شرحه لنا لماذا التحول إلى النظام الملكي بدلاً من الإمارة، باحثاً عن استقرار هيكلي لتدعيم حكم دام
أكثر من مائتي عام أراد أن يعززه بإطار دستوري يحفظه من التقلبات لمائتي عام قادمة، إطار ينظم العلاقة بينه وبين شعبه بنموذج متفرد يعالج معضلات سبقته ويحاول أن ينتقي من بين ألف صنف وصنف من النماذج الملكية الدستورية ما يناسبنا مرحلياً وتاريخياً، وكان بالإمكان لأن يقدم عرضاً مباشرة للشعب لكنه اختار أن يجازف ويشرك الشعب في بلورته وصياغته، تفكير يسبق مراحل الزمن يتنبأ بالملمات التي ستعصف بالمنطقة ملتمساً حصوناً لذلك الشعب تقيه الهجمات التي كانت تتلبد غيومها فوق منطقتنا وتبدو ملامحها المخيفة من بعد غزو الكويت وتحريرها وحصار بغداد.
ببصيرة نافذة وبحب لهذه الأرض ومن عليها أراد الدخول بعهده الملكي بقلب مفتوح يجمع بين ثناياه هذا الشعب بكل أطيافه الدينية والمذهبية والعرقية، أرادها صفحة بيضاء يدشن بها عهده يدخله كدخول جده الأكبر أحمد الفاتح مقدماً لعصر جديد ينفض عن كاهله أي أثر لصراع أو خلاف سياسي تاريخي، بيّض السجون وأعاد المنفيين وجنّس البدون وفتح قلبه قبل أن يمد يده لهذا الشعب.
أذكر حديثه جيداً وكأنه بالأمس بدد الخوف وزرع الأمل وزياراته لمناطق البحرين، أذكر كيف استقبال البحرينيين لدخوله دخول الفاتحين، أذكر الفرحة التي عمت مناطقنا، أذكر كيف عاضدته زوجته أم سلمان كيف زارت القرى والمدن والمدارس، زرعوا الحب والأمل معاً، وأذكر كيف جبنا الشوارع نجمع لذاكرتنا مشاهد تاريخية نحفر بها قصصاً تروى لأجيالنا كي نعايش منعطفاً نقصه لهم كشاهد عيان لا كراوٍ سمع ولم يرَ.
مليكاً مد يده، ليتقاسم مع شعبه اختصاصات وصلاحيات الحكم بطيب خاطر، أراد حفظ التوازن أراد تجاوز الأزمات التي حفل بها نموذج قريب، انتقى من بين النماذج وعرض انتقاءه على شعبه وقدم حسن النوايا، استبق العديد واختار الوسطية من نماذج أخرى، جنبنا خوض صراعات لنيل حقوقنا كنساء، ومنح للقوانين حصانة بالسلطة القضائية تحكم بدستوريتها من خلال محكمة دستورية، منحنا حق رفض مراسيمه وحق الرقابة على المالية والإدارية على حكومتنا، وقال إنها البداية، والأيام القادمة أجمل.
ثقته بشعبه كانت بلا حدود لم يقبل أن يجزئ المراحل، فكان الميثاق نصاً متقدماً لم نفِه حقه من الفهم والاستيعاب حتى اللحظة، صوتنا عليه بنسبة مشرّفة سجلت للتاريخ وللحاضر وللمستقبل حجة لثبات وقوة تلك العلاقة التي تربط هذا الحاكم بهذا الشعب وتوثق هوية هذا البلد وأصالته.
أبا سلمان لن نوفيك حقك.
{{ article.visit_count }}
مازالت ذاكرتي تحمل أثر تلك اللقاءات التي جمعتنا كإعلاميين مع ذلك «الأمير» الشاب الذي تولى الحكم مفعماً بالآمال، قبل التصويت على الميثاق، وأذكر جيداً شرحه لنا لماذا التحول إلى النظام الملكي بدلاً من الإمارة، باحثاً عن استقرار هيكلي لتدعيم حكم دام
أكثر من مائتي عام أراد أن يعززه بإطار دستوري يحفظه من التقلبات لمائتي عام قادمة، إطار ينظم العلاقة بينه وبين شعبه بنموذج متفرد يعالج معضلات سبقته ويحاول أن ينتقي من بين ألف صنف وصنف من النماذج الملكية الدستورية ما يناسبنا مرحلياً وتاريخياً، وكان بالإمكان لأن يقدم عرضاً مباشرة للشعب لكنه اختار أن يجازف ويشرك الشعب في بلورته وصياغته، تفكير يسبق مراحل الزمن يتنبأ بالملمات التي ستعصف بالمنطقة ملتمساً حصوناً لذلك الشعب تقيه الهجمات التي كانت تتلبد غيومها فوق منطقتنا وتبدو ملامحها المخيفة من بعد غزو الكويت وتحريرها وحصار بغداد.
ببصيرة نافذة وبحب لهذه الأرض ومن عليها أراد الدخول بعهده الملكي بقلب مفتوح يجمع بين ثناياه هذا الشعب بكل أطيافه الدينية والمذهبية والعرقية، أرادها صفحة بيضاء يدشن بها عهده يدخله كدخول جده الأكبر أحمد الفاتح مقدماً لعصر جديد ينفض عن كاهله أي أثر لصراع أو خلاف سياسي تاريخي، بيّض السجون وأعاد المنفيين وجنّس البدون وفتح قلبه قبل أن يمد يده لهذا الشعب.
أذكر حديثه جيداً وكأنه بالأمس بدد الخوف وزرع الأمل وزياراته لمناطق البحرين، أذكر كيف استقبال البحرينيين لدخوله دخول الفاتحين، أذكر الفرحة التي عمت مناطقنا، أذكر كيف عاضدته زوجته أم سلمان كيف زارت القرى والمدن والمدارس، زرعوا الحب والأمل معاً، وأذكر كيف جبنا الشوارع نجمع لذاكرتنا مشاهد تاريخية نحفر بها قصصاً تروى لأجيالنا كي نعايش منعطفاً نقصه لهم كشاهد عيان لا كراوٍ سمع ولم يرَ.
مليكاً مد يده، ليتقاسم مع شعبه اختصاصات وصلاحيات الحكم بطيب خاطر، أراد حفظ التوازن أراد تجاوز الأزمات التي حفل بها نموذج قريب، انتقى من بين النماذج وعرض انتقاءه على شعبه وقدم حسن النوايا، استبق العديد واختار الوسطية من نماذج أخرى، جنبنا خوض صراعات لنيل حقوقنا كنساء، ومنح للقوانين حصانة بالسلطة القضائية تحكم بدستوريتها من خلال محكمة دستورية، منحنا حق رفض مراسيمه وحق الرقابة على المالية والإدارية على حكومتنا، وقال إنها البداية، والأيام القادمة أجمل.
ثقته بشعبه كانت بلا حدود لم يقبل أن يجزئ المراحل، فكان الميثاق نصاً متقدماً لم نفِه حقه من الفهم والاستيعاب حتى اللحظة، صوتنا عليه بنسبة مشرّفة سجلت للتاريخ وللحاضر وللمستقبل حجة لثبات وقوة تلك العلاقة التي تربط هذا الحاكم بهذا الشعب وتوثق هوية هذا البلد وأصالته.
أبا سلمان لن نوفيك حقك.