نواصل في الجزء الثاني من المقال حديثنا عن تكريم المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد في مصر. إن استقبال المناضلة الجزائرية بوحريد كان متميزاً، منذ وصولها مطار القاهرة الدولي. فقد استقبلها مدير مكتب مصر للطيران بالجزائر ومدير المحطة، وكذلك موظفو المحطة والعلاقات العامة بالمطار بالورود. كما أهدتها شركة مصر للطيران «تورته»، تحمل صورتها، وعلم الجزائر، وقام الركب الطائر للرحلة بعمل تنويه على المسافرين على الرحلة بوجود المناضلة الجزائرية بينهم، والترحيب بها.
ولم يكن تكريم بوحريد الأول من نوعه، فقد كرمها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1962 في مصر أيضاً، عقب نجاح الثورة الجزائرية في تحقيق الاستقلال عن المحتل الفرنسي.
وعن دورها ضد المستعمر الفرنسي، فقد انضمت جميلة إلى الفرقة الخاصة بجيش التحرير، وحملت السلاح والمتفجرات، ونفذت عدة عمليات فدائية ضد المستعمر الفرنسي. وكانت أولى المتطوعين لزرع القنابل في أماكن تجمع المستعمر.
وقد اعتقل الاستعمار الفرنسي في الجزائر عام 1957، المناضلة جميلة، وكانت في العشرين من عمرها -آنذاك- بعدما أصابها الجنود برصاصة في كتفها، وذلك إبان اشتداد المقاومة الجزائرية ضد الفرنسيين، ولجوئهم للعنف وبث الخوف في النفوس كمحاولة للقضاء على استبسال المقاومة وتكاتفها وعزمها تحقيق الاستقلال.
وكانت بوحريد من ضمن المعتقلين، وتعرضت كغيرها للتعذيب والصعق بالكهرباء، سواء في الجزائر أو حين نقلت إلى السجن في فرنسا، وحكم عليها بالإعدام، وحينها أطلقت عبارتها الخالدة «بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلادكم، لكنكم لن تمنعوا الجزائر أن تصبح حرة مستقلة». ورغم شدة تعذيبها، لم تعترف على زملائها في النضال، وكثيراً ما كانت تغيب عن الوعي إثر التعذيب الوحشي، ثم تفوق لتقول «تحيا الجزائر».
وتؤكد بوحريد أنها لن تنسى رفقاء نضالها الذين ماتوا، أمثال: القائد الكبير محمد بن مهيدي، ورفيقتها حسنية التي ماتت وهي تطلب أن أزورها، بباقة ورد تحمل علم الجزائر.
وقد انشغل شعراء ومثقفو العرب والعالم بقضية المناضلة جميلة بوحريد، وقد ألهمت الشعراء العرب، الذين كتبوا وألفوا أكثر من 70 قصيدة في حقها. ومن بين هؤلاء الشعراء الشاعر والمسرحي الراحل نجيب سرور الذي كتب عنها قصيدة بعنوان «الجمعة الحزينة»، وهو اليوم الذي كان يوافق إعدامها، قال فيها واصفاً انتظارها وانتظار الجميع تنفيذ الحكم القاسي «يا أسطورة هذا الجيل/ يا جان دارك/ أعلم أن الموت مخيف».
وأطلق نزار قباني قصيدته فيها «الاسم: جميلة بوحيرد.. رقم الزنزانة تسعونا/ في السجن الحربي بوهران/ والعمر اثنان وعشرونا/ عيناي كقنديلي معبد/ والشعر العربي الأسود/ كالصيف كشلال الأحزان/ إبريق للماء / وسجان/ ويد تنضم على القرآن».
وألف عبدالرحمن الشرقاوي مسرحيته «جميلة» التي اعتمد عليها المخرج الكبير يوسف شاهين في تنفيذ فيلمه الشهير «جميلة». وللحديث بقية.
* كاتب وأكاديمي
ولم يكن تكريم بوحريد الأول من نوعه، فقد كرمها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1962 في مصر أيضاً، عقب نجاح الثورة الجزائرية في تحقيق الاستقلال عن المحتل الفرنسي.
وعن دورها ضد المستعمر الفرنسي، فقد انضمت جميلة إلى الفرقة الخاصة بجيش التحرير، وحملت السلاح والمتفجرات، ونفذت عدة عمليات فدائية ضد المستعمر الفرنسي. وكانت أولى المتطوعين لزرع القنابل في أماكن تجمع المستعمر.
وقد اعتقل الاستعمار الفرنسي في الجزائر عام 1957، المناضلة جميلة، وكانت في العشرين من عمرها -آنذاك- بعدما أصابها الجنود برصاصة في كتفها، وذلك إبان اشتداد المقاومة الجزائرية ضد الفرنسيين، ولجوئهم للعنف وبث الخوف في النفوس كمحاولة للقضاء على استبسال المقاومة وتكاتفها وعزمها تحقيق الاستقلال.
وكانت بوحريد من ضمن المعتقلين، وتعرضت كغيرها للتعذيب والصعق بالكهرباء، سواء في الجزائر أو حين نقلت إلى السجن في فرنسا، وحكم عليها بالإعدام، وحينها أطلقت عبارتها الخالدة «بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلادكم، لكنكم لن تمنعوا الجزائر أن تصبح حرة مستقلة». ورغم شدة تعذيبها، لم تعترف على زملائها في النضال، وكثيراً ما كانت تغيب عن الوعي إثر التعذيب الوحشي، ثم تفوق لتقول «تحيا الجزائر».
وتؤكد بوحريد أنها لن تنسى رفقاء نضالها الذين ماتوا، أمثال: القائد الكبير محمد بن مهيدي، ورفيقتها حسنية التي ماتت وهي تطلب أن أزورها، بباقة ورد تحمل علم الجزائر.
وقد انشغل شعراء ومثقفو العرب والعالم بقضية المناضلة جميلة بوحريد، وقد ألهمت الشعراء العرب، الذين كتبوا وألفوا أكثر من 70 قصيدة في حقها. ومن بين هؤلاء الشعراء الشاعر والمسرحي الراحل نجيب سرور الذي كتب عنها قصيدة بعنوان «الجمعة الحزينة»، وهو اليوم الذي كان يوافق إعدامها، قال فيها واصفاً انتظارها وانتظار الجميع تنفيذ الحكم القاسي «يا أسطورة هذا الجيل/ يا جان دارك/ أعلم أن الموت مخيف».
وأطلق نزار قباني قصيدته فيها «الاسم: جميلة بوحيرد.. رقم الزنزانة تسعونا/ في السجن الحربي بوهران/ والعمر اثنان وعشرونا/ عيناي كقنديلي معبد/ والشعر العربي الأسود/ كالصيف كشلال الأحزان/ إبريق للماء / وسجان/ ويد تنضم على القرآن».
وألف عبدالرحمن الشرقاوي مسرحيته «جميلة» التي اعتمد عليها المخرج الكبير يوسف شاهين في تنفيذ فيلمه الشهير «جميلة». وللحديث بقية.
* كاتب وأكاديمي