لفتت انتباهي دراسة للباحث السياسي الفلسطيني عطا القيمري بعنوان «الخطر الإيراني في الرؤية الإسرائيلية»، وقد تمثلت إشكالية الدراسة في أن هناك مخاوف إسرائيلية من النظام الحالي لإيران كونه يمتلك السلاح النووي.
ولعل هذه الدراسة المنشورة في مجلة الدراسات الفلسطينية عام 1993، أي قبل ما يقارب 26 عاماً تعتبر قديمة نوعاً ما، ولكن تحتوي على الكثير من التحليلات المعمقة حول العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، فالباحث يرى أن «مصدر التهديد الإيراني لا يعود في حقيقة الأمر إلى التسلح النووي والتسلح غير النووي الإيرانيين الراهنين في حد ذاتهما، بل يعود إلى اجتماعه بعناصر أخرى مهمة تتعلق بطبيعة النظام السائد في إيران، وبالواقع الجيوسياسي القائم بالمنطقة»، واستدرك الباحث في نقطة جوهرية أن «التحالف الإيراني السوري الذي يتفرع منه سياسة سوريا للتسلح على الرغم من السير في الخطوات السلمية، يثير في إسرائيل الشكوك في صدق النيات، فإن له تأثيراً واضحاً في اتجاه تليين موقف إسرائيل من التسوية مع سوريا لشعور إسرائيل بالضرورة الملحة لنزع سوريا من هذا التحالف من أجل مصلحة الخط العربي المعتدل الذي تمثله مصر والسعودية».
واستنتج الباحث أن «العقل في إسرائيل يعرف قيود هذا الخطر كما يعرف أنه بعيد»، أما القلب فيقول إنه «قنبلة موقوتة لا يمكن للمرء أن ينام بهدوء بالقرب منها، وإن الزناد قد يتوفر في صورة زعيم متعصب، (....)، يضرم نار الحرب كون أنه يرى أن الغرب هش ومتهالك، وبالتالي طريدة سهلة».
ما تم استعراضه بالدراسة يؤكد حقيقة لا يمكن إخفاؤها وهي أن إسرائيل ترى إيران كالمراهق العجوز الذي في أي لحظة يثور بركانه في المنطقة، وأن تضييق الخناق على نظام الملالي، سيولد انفجاراً قد يتسبب بالإضرار بالمصالح الإسرائيلية، ولكن في ذات الوقت فان تل أبيب صمتت عن المد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في أحداث الربيع العربي، وكأن هناك اتفاقاً بين الجانبين.
فالعلاقات الإيرانية الإسرائيلية قد تصل لمرحلة الخصام غير أنها لن تصل لمرحلة المواجهة، فصواريخ «حزب اللات»، التي سقطت في تل أبيب كانت مجرد جرس إنذار بأن إيران لم تقعد مكتوفة الأيدي، فذراع إيران المتمثل في حسن نصرالله قد هدد إسرائيل قبل شهرين فقط بضرب إسرائيل بصواريخ دقيقة، وقد فسر المحللون حينما أن حسن نصرالله أطلق هذا التهديد حيث إن إيران تريد استدراج إسرائيل في حرب شاملة مع لبنان.
للأمانة إن الرد على تساؤل المقال حول تأييد إسرائيل بقاء نظام الملالي بالمنطقة؟، من الأسئلة المعقدة جداً، ولا يمكن لأي باحث في مجال الدراسات الاستراتيجية الإجابة عليه من دون أن يصل لمرحلة ذهول، فالعلاقة الإيرانية مع إسرائيل بين جزر ومد، وإن إسرائيل ككيان في باطنه يرى أن إيران حليف مهم في منطقة الشرق الأوسط، وبالإدراك قليلاً، فإن هذا النظام مخيف في التأثير على المصالح الإسرائيلية.
وبالتالي فإن الإجابة على هذا التساؤل لا تكفيه القليل من السطور بل يتطلب مجلدات لتضارب الأحداث بين الجانبين ودراسة الظروف التي مرت بها تلك العلاقة، غير أن الاتفاق على أن إيران وإسرائيل يمثلان كوحدة أساس الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، فالأولى راعية للإرهاب وتحمل أيديولوجية متعصبة، أما الثانية فهي محتلة للقدس وهي القضية الأولى للعرب وهي التي تسعى جاهدة لتكون قضية هامشية، وأرى أن إسرائيل تذهب نحو تقوية نظام الملالي بهدف إلهاء العرب عن قضيتهم الأولى، القدس، وهو الأهم وأن الساسة في تل أبيب سيواصلون الدعم لطهران في الوقت المناسب، وأن ما يجري في الوقت الراهن هي مصالح سياسية آنية، فالمصالح الاستراتيجية ذات المدى البعيد هي أن إسرائيل مع بقاء نظام الملالي.
{{ article.visit_count }}
ولعل هذه الدراسة المنشورة في مجلة الدراسات الفلسطينية عام 1993، أي قبل ما يقارب 26 عاماً تعتبر قديمة نوعاً ما، ولكن تحتوي على الكثير من التحليلات المعمقة حول العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، فالباحث يرى أن «مصدر التهديد الإيراني لا يعود في حقيقة الأمر إلى التسلح النووي والتسلح غير النووي الإيرانيين الراهنين في حد ذاتهما، بل يعود إلى اجتماعه بعناصر أخرى مهمة تتعلق بطبيعة النظام السائد في إيران، وبالواقع الجيوسياسي القائم بالمنطقة»، واستدرك الباحث في نقطة جوهرية أن «التحالف الإيراني السوري الذي يتفرع منه سياسة سوريا للتسلح على الرغم من السير في الخطوات السلمية، يثير في إسرائيل الشكوك في صدق النيات، فإن له تأثيراً واضحاً في اتجاه تليين موقف إسرائيل من التسوية مع سوريا لشعور إسرائيل بالضرورة الملحة لنزع سوريا من هذا التحالف من أجل مصلحة الخط العربي المعتدل الذي تمثله مصر والسعودية».
واستنتج الباحث أن «العقل في إسرائيل يعرف قيود هذا الخطر كما يعرف أنه بعيد»، أما القلب فيقول إنه «قنبلة موقوتة لا يمكن للمرء أن ينام بهدوء بالقرب منها، وإن الزناد قد يتوفر في صورة زعيم متعصب، (....)، يضرم نار الحرب كون أنه يرى أن الغرب هش ومتهالك، وبالتالي طريدة سهلة».
ما تم استعراضه بالدراسة يؤكد حقيقة لا يمكن إخفاؤها وهي أن إسرائيل ترى إيران كالمراهق العجوز الذي في أي لحظة يثور بركانه في المنطقة، وأن تضييق الخناق على نظام الملالي، سيولد انفجاراً قد يتسبب بالإضرار بالمصالح الإسرائيلية، ولكن في ذات الوقت فان تل أبيب صمتت عن المد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في أحداث الربيع العربي، وكأن هناك اتفاقاً بين الجانبين.
فالعلاقات الإيرانية الإسرائيلية قد تصل لمرحلة الخصام غير أنها لن تصل لمرحلة المواجهة، فصواريخ «حزب اللات»، التي سقطت في تل أبيب كانت مجرد جرس إنذار بأن إيران لم تقعد مكتوفة الأيدي، فذراع إيران المتمثل في حسن نصرالله قد هدد إسرائيل قبل شهرين فقط بضرب إسرائيل بصواريخ دقيقة، وقد فسر المحللون حينما أن حسن نصرالله أطلق هذا التهديد حيث إن إيران تريد استدراج إسرائيل في حرب شاملة مع لبنان.
للأمانة إن الرد على تساؤل المقال حول تأييد إسرائيل بقاء نظام الملالي بالمنطقة؟، من الأسئلة المعقدة جداً، ولا يمكن لأي باحث في مجال الدراسات الاستراتيجية الإجابة عليه من دون أن يصل لمرحلة ذهول، فالعلاقة الإيرانية مع إسرائيل بين جزر ومد، وإن إسرائيل ككيان في باطنه يرى أن إيران حليف مهم في منطقة الشرق الأوسط، وبالإدراك قليلاً، فإن هذا النظام مخيف في التأثير على المصالح الإسرائيلية.
وبالتالي فإن الإجابة على هذا التساؤل لا تكفيه القليل من السطور بل يتطلب مجلدات لتضارب الأحداث بين الجانبين ودراسة الظروف التي مرت بها تلك العلاقة، غير أن الاتفاق على أن إيران وإسرائيل يمثلان كوحدة أساس الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، فالأولى راعية للإرهاب وتحمل أيديولوجية متعصبة، أما الثانية فهي محتلة للقدس وهي القضية الأولى للعرب وهي التي تسعى جاهدة لتكون قضية هامشية، وأرى أن إسرائيل تذهب نحو تقوية نظام الملالي بهدف إلهاء العرب عن قضيتهم الأولى، القدس، وهو الأهم وأن الساسة في تل أبيب سيواصلون الدعم لطهران في الوقت المناسب، وأن ما يجري في الوقت الراهن هي مصالح سياسية آنية، فالمصالح الاستراتيجية ذات المدى البعيد هي أن إسرائيل مع بقاء نظام الملالي.