قبل أكثر من 4 سنوات، وتحديداً في 7 يناير 2015، حينما ارتكب متطرفون مذبحة صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية، فى قلب العاصمة الفرنسية باريس، وعلى مقربة من «الباستيل»، والتي أدت إلى مقتل نحو 12 شخصاً بينهم 8 صحافيين ورسامي كاريكاتير، سارعت دول العالم، إلى إصدار بيانات التنديد والإدانة، لهذا الفعل الإرهابي، فيما كانت الدول الإسلامية هي السباقة في إدانة هذا الفعل الإجرامي، مؤكدة أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، وذلك بعدما حاولت قوى التطرف تبرير الفعل الإرهابي، بأنه انتقام من الصحيفة التي دوماً ما تنشر رسوماً مسيئاً للإسلام، وللرسول صلى الله عليه وسلم.
لكن الأمر لم يتوقف عند حد الإدانة بل شارك عدد من زعماء العالم في مسيرة حاشدة في العاصمة الفرنسية باريس، تضامناً مع فرنسا، بل ونظمت المسيرات في مدن البلاد، لا سيما في باريس، وأورليون، ونيس، وبو، وتولوز، ونانت، تأبيناً لضحايا الهجمات، ورفع المتظاهرون حينها لافتات كتبوا عليها عبارات «أنا ضد العنصرية»، و«الوحدة»، و«أنا شارلي»، و«كلنا شارلي إيبدو»، في إشارة إلى المجلة الساخرة التي تعرضت لهجوم الشقيقين المتطرفين، شريف كواشي وسعيد كواشي.
لكن في المقابل، وعلى النقيض، حينما وقعت مجزرة المسجدين في كرايست تشيرتش بجزيرة ساوث آيلاند، في نيوزيلندا، قبل نحو 10 أيام، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 شخصاً، وإصابة نحو 50 آخرين، حيث ارتكب المجزرة، يميني متطرف، أسترالي الجنسية، يدعى برينتون تارانت، لم يتحرك العالم لنصرة «شهداء نيوزيلندا» بما يليق بهم -رغم صدور بيانات التنديد والإدانة عالمياً- ولم نسمع عن دعوات لمسيرة دولية، تظهر التعاطف مع هؤلاء الشهداء، مقارنة بما حدث مع ضحايا «شارلي إيبدو»، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن «شهداء نيوزيلندا»، كانوا يقيمون صلاة الجمعة، ولم يرتكبوا إثماً، ولم يسخروا من المسيح عليه السلام، ولم يحطموا الصلبان، ولم يوجهوا سهام نقدهم وعدائهم إلى عقائد ومعتنقي الديانات الأخرى، بل كانوا يمارسون عباداتهم في سكينة، داخل المسجدين، ورغم ذلك، سارع المسلمون قبل الآخرين إلى التنديد بعملية «شارلي إيبدو»، رغم أن مسلمي فرنسا بوجه خاص، ومسلمي أوروبا بوجه عام، كانوا دوماً يدفعون ثمن خطايا المتطرفين والإرهابيين، حيث يتعرضون لعشرات الاعتداءات العنصرية في أمريكا وأوروبا، سواء قبل عملية «شارلي إيبدو» أو بعدها، وعلى سبيل المثال، نشر «مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا» التابع للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة، وقتئذ، حصيلة صادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية، حملت تسجيل وقوع عشرات التهديدات والاعتداءات عبر رسائل أو توجيه شتائم للمسلمين في فرنسا، بعد الجريمة الإرهابية على الصحيفة الفرنسية.
ولعل ما يحز في النفس، أن الإرهابي الذي ارتكب مذبحة المسجدين، لم يتردد في بث تسجيل فيديو مصور على الهواء أثناء ارتكابه المجزرة داخل المسجدين، خلال صلاة الجمعة، بعد أن نشر بياناً من 73 صفحة على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قبل ارتكاب المذبحة، يتوعد من خلاله بـ«هجوم إرهابي»، في حين تداولت حسابات على «تويتر» صوراً لأسلحة استخدمها الإرهابي على المسجدين تُظهر صندوق سيارة مطلق النار وبه أسلحة أوتوماتيكية، فيما ظهر المتهم بمقطع فيديو مصور قبيل دخوله المسجد وتنفيذه المجزرة بحق المصلين.
ووفقاً لوسائل إعلام عربية ودولية، فإن منفذ الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا كان حريصاً على أن يقدم نفسه على أنه «عنصري» و«فاشي»، حيث ذكر في سيرته الذاتية أن «أوزوالد موسلي، مؤسس الاتحاد البريطاني للفاشيين في عام 1932، هو في التاريخ الشخص الأقرب إلى معتقداتي الشخصية»، كما يعتبر تارانت نفسه «رجلاً أبيض عادياً»، مشيراً إلى أنه «اكتسب الأيديولوجية الفاشية الجديدة خلال رحلاته الكثيرة إلى أوروبا».
وإذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن قبل ساعات أن «تنظيم الدولة «داعش» هزم «بنسبة 100%» في سوريا»، أثناء عرضه أمام مراسلين خرائط للمنطقة، واحدة تظهر المساحات الكبيرة التي كان يحتلها التنظيم، والثانية خالية تظهر الوضع، قبل أن تعلن قوات «سوريا الديمقراطية»، المدعومة أمريكياً، استعادة بلدة الباغوز، آخر جيب كان يسيطر عليه تنظيم الدولة «داعش»، شرق سوريا، فمتى يمكن إعلان القضاء على تطرف اليمين المتطرف في أوروبا، لا سيما وأن إرهاب اليمين المتطرف في الغرب لا يقل في خطورته عن إرهاب وتطرف التنظيمات المتطرفة الأخرى مثل «القاعدة» و«داعش»، و«حزب الله» وغيرها من التنظيمات الراديكالية.
وإذا كانت رئيسة الحكومة النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، قد حاولت بشكل أو بآخر، احتواء تداعيات الهجوم الإرهابي، من خلال إبداء تعاطفها مع ذوي الشهداء، إلا أن ما حدث في نيوزيلندا يستدعي استنفاراً أوروبياً لمواجهة إرهاب اليمين المتطرف الذي يعد سرطاناً غربياً سيفتك بأمن القارة العجوز عاجلاً أو آجلاً.
* وقفة:
ألا يستحق «شهداء نيوزيلندا» مسيرة دولية يشارك فيها زعماء العالم أسوة بـ «مسيرة شارلي إيبدو» يعلنون من خلالها تضامنهم مع المسلمين وينددون فيها بإرهاب اليمين المتطرف الذي لا يقل خطراً عن «داعش»؟!
لكن الأمر لم يتوقف عند حد الإدانة بل شارك عدد من زعماء العالم في مسيرة حاشدة في العاصمة الفرنسية باريس، تضامناً مع فرنسا، بل ونظمت المسيرات في مدن البلاد، لا سيما في باريس، وأورليون، ونيس، وبو، وتولوز، ونانت، تأبيناً لضحايا الهجمات، ورفع المتظاهرون حينها لافتات كتبوا عليها عبارات «أنا ضد العنصرية»، و«الوحدة»، و«أنا شارلي»، و«كلنا شارلي إيبدو»، في إشارة إلى المجلة الساخرة التي تعرضت لهجوم الشقيقين المتطرفين، شريف كواشي وسعيد كواشي.
لكن في المقابل، وعلى النقيض، حينما وقعت مجزرة المسجدين في كرايست تشيرتش بجزيرة ساوث آيلاند، في نيوزيلندا، قبل نحو 10 أيام، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 شخصاً، وإصابة نحو 50 آخرين، حيث ارتكب المجزرة، يميني متطرف، أسترالي الجنسية، يدعى برينتون تارانت، لم يتحرك العالم لنصرة «شهداء نيوزيلندا» بما يليق بهم -رغم صدور بيانات التنديد والإدانة عالمياً- ولم نسمع عن دعوات لمسيرة دولية، تظهر التعاطف مع هؤلاء الشهداء، مقارنة بما حدث مع ضحايا «شارلي إيبدو»، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن «شهداء نيوزيلندا»، كانوا يقيمون صلاة الجمعة، ولم يرتكبوا إثماً، ولم يسخروا من المسيح عليه السلام، ولم يحطموا الصلبان، ولم يوجهوا سهام نقدهم وعدائهم إلى عقائد ومعتنقي الديانات الأخرى، بل كانوا يمارسون عباداتهم في سكينة، داخل المسجدين، ورغم ذلك، سارع المسلمون قبل الآخرين إلى التنديد بعملية «شارلي إيبدو»، رغم أن مسلمي فرنسا بوجه خاص، ومسلمي أوروبا بوجه عام، كانوا دوماً يدفعون ثمن خطايا المتطرفين والإرهابيين، حيث يتعرضون لعشرات الاعتداءات العنصرية في أمريكا وأوروبا، سواء قبل عملية «شارلي إيبدو» أو بعدها، وعلى سبيل المثال، نشر «مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا» التابع للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة، وقتئذ، حصيلة صادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية، حملت تسجيل وقوع عشرات التهديدات والاعتداءات عبر رسائل أو توجيه شتائم للمسلمين في فرنسا، بعد الجريمة الإرهابية على الصحيفة الفرنسية.
ولعل ما يحز في النفس، أن الإرهابي الذي ارتكب مذبحة المسجدين، لم يتردد في بث تسجيل فيديو مصور على الهواء أثناء ارتكابه المجزرة داخل المسجدين، خلال صلاة الجمعة، بعد أن نشر بياناً من 73 صفحة على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قبل ارتكاب المذبحة، يتوعد من خلاله بـ«هجوم إرهابي»، في حين تداولت حسابات على «تويتر» صوراً لأسلحة استخدمها الإرهابي على المسجدين تُظهر صندوق سيارة مطلق النار وبه أسلحة أوتوماتيكية، فيما ظهر المتهم بمقطع فيديو مصور قبيل دخوله المسجد وتنفيذه المجزرة بحق المصلين.
ووفقاً لوسائل إعلام عربية ودولية، فإن منفذ الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا كان حريصاً على أن يقدم نفسه على أنه «عنصري» و«فاشي»، حيث ذكر في سيرته الذاتية أن «أوزوالد موسلي، مؤسس الاتحاد البريطاني للفاشيين في عام 1932، هو في التاريخ الشخص الأقرب إلى معتقداتي الشخصية»، كما يعتبر تارانت نفسه «رجلاً أبيض عادياً»، مشيراً إلى أنه «اكتسب الأيديولوجية الفاشية الجديدة خلال رحلاته الكثيرة إلى أوروبا».
وإذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن قبل ساعات أن «تنظيم الدولة «داعش» هزم «بنسبة 100%» في سوريا»، أثناء عرضه أمام مراسلين خرائط للمنطقة، واحدة تظهر المساحات الكبيرة التي كان يحتلها التنظيم، والثانية خالية تظهر الوضع، قبل أن تعلن قوات «سوريا الديمقراطية»، المدعومة أمريكياً، استعادة بلدة الباغوز، آخر جيب كان يسيطر عليه تنظيم الدولة «داعش»، شرق سوريا، فمتى يمكن إعلان القضاء على تطرف اليمين المتطرف في أوروبا، لا سيما وأن إرهاب اليمين المتطرف في الغرب لا يقل في خطورته عن إرهاب وتطرف التنظيمات المتطرفة الأخرى مثل «القاعدة» و«داعش»، و«حزب الله» وغيرها من التنظيمات الراديكالية.
وإذا كانت رئيسة الحكومة النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، قد حاولت بشكل أو بآخر، احتواء تداعيات الهجوم الإرهابي، من خلال إبداء تعاطفها مع ذوي الشهداء، إلا أن ما حدث في نيوزيلندا يستدعي استنفاراً أوروبياً لمواجهة إرهاب اليمين المتطرف الذي يعد سرطاناً غربياً سيفتك بأمن القارة العجوز عاجلاً أو آجلاً.
* وقفة:
ألا يستحق «شهداء نيوزيلندا» مسيرة دولية يشارك فيها زعماء العالم أسوة بـ «مسيرة شارلي إيبدو» يعلنون من خلالها تضامنهم مع المسلمين وينددون فيها بإرهاب اليمين المتطرف الذي لا يقل خطراً عن «داعش»؟!