تبرز أهمية القمة العربية المنعقدة الآن في تونس لارتباطها بظروف مفصلية في تاريخ العرب، في ظل تلاحق أحداث سياسية وسيادية هامة في المنطقة، إذ تركز القمة العربية هذه المرة على الملفات الكبرى التي تعرض فيها العرب للإهانة والتسفيه، بعدما وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسوماً يعترف فيه بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، وذلك في البيت الأبيض بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جاء هذا بعد اعتراف سابق من ترامب بأن القدس عاصمة إسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.

تأتي القمة في ظل ظروف مفصلية عدة من بينها أيضاً نهاية الحرب في سوريا تقريباً والجدل الدائر حول عودة الأسد إلى الجامعة العربية من عدمه، ورغم أن المتحدث باسم الجامعة العربية قد أعلن في وقت سابق أن عودة سوريا إلى مقعدها المجمد منذ 2011 غير مدرج في جدول أعمال قمة تونس، ولكن من يدري إذا ما كان ثمة تحضير هامشي لحسم الأمور بهذا الشأن. من جهة أخرى فهناك العراق واليمن من بين الملفات الهامة التي سيتم الوقوف عليها للمعالجة في القمة.

إن ما يجعلنا نعوّل على قمة تونس أنها مهد ثورات الربيع العربي وانتفاضات التغيير الأولى في المنطقة، لقد أرادت تونس التغيير فكانت معقلاً له، ولكن التغيير للأسف جاء سلبياً في المرة الأولى فدمر تونس وما حولها من دول أخرى وأسقط رؤوساً حلّت من بعدها الكوارث تباعاً حتى اليوم، ولم يكن الضرر على دول الربيع العربي وحدها، بل ألقى بظلاله على العرب، كل العرب. ولكون تونس نافذة الكوارث على العرب نأمل أن ما بدأ في تونس ينتهي فيها أيضاً، وأن تهب على العرب رياح الحلول من المغرب العربي حيث تونس الخضراء، لتكسو الدول العربية بخضرة المستقبل السياسي والسيادي.

* اختلاج النبض:

إن ما يميز القمة العربية المنعقدة بتونس أنها قمة دورية، ما يعني أن ملفاتها قد تم الإعداد لها إعداداً جيداً، ما يجعلنا نأمل أن تكون المخرجات التي تتمخض عنها القمة مخرجات جيدة، تقدم حلولاً ناجعة لما نمر بها في عموم المنطقة. فالقمم الاستثنائية ورغم أهميتها في بعض الأحيان على سبيل اتخاذ موقف أو حسم أمر ما، تفتقد لعنصر الإعداد والدراسة، لأنها تبنى في أغلب الأحيان على ظروف طارئة ما وتأتي كرد فعل لحدث أو قرار. إننا مازلنا بينما نؤكد على جدوى القمم الدورية أكثر من الاستثنائية نعوّل على أهمية دراسة القضايا والتمعن فيها، والتروي في اتخاذ القرارات ودراسة كافة أبعادها قبل اتخاذها، مع أهمية التحلي بالحزم الذي باتت تنعم به دول الخليج العربي تحديداً في الآونة الأخيرة، وذلك لتحقيق نصرة للعرب واستعادة كرامتهم المسلوبة.