قول المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر لصحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية التي أجرت أخيراً حواراً معها إن الدوحة «التزمت الصمت حيال قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول» قول يمكن أن يحظى بصفة «نكتة الموسم»، فقطر لم تلتزم الصمت إزاء هذه القضية وإزاء كل قضية قدرت أنها يمكن أن تسيء بها إلى السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بل عملت جهراً وسراً على توظيفها ووفرت كل التسهيلات لتركيا كي تدفع في اتجاه الإساءة إلى السعودية.

ليس صحيحاً أيضاً قولها إن بلادها «أمسكت لسانها العام الماضي عن تلك القضية.. حتى لا يتفاقم التوتر في المنطقة» فقطر تعمل على إحداث التوتر وتفاقمه، ولولا لسانها وسلوكها لما حدث كل الذي حدث من توتر بينها وبين الدول التي اتخذت قراراً بمقاطعتها أملاً في أن تعود إلى رشدها. قطر عملت كل ما أمكنها كي تعين تركيا وجماعة «الإخوان المسلمين» عبر استغلال قصة خاشقجي، وهو ما لا يمكنها أن تنفيه بتصريح هنا أو هناك.

قطر سيست قضية خاشقجي، وما قالته لولوة الخاطر يؤكد أنها لا تتابع قناة «الجزيرة» القطرية التي لا تزال تصبح وتمسي على النبش في هذه القصة. قطر على عكس ما قالته الخاطر لعبت بهذه القضية كثيراً ولم تستغلها لتكون مدخلاً إلى إحداث مصالحة مع السعودية والدول التي قاطعت الدوحة. قطر لم تأخذ «المقعد الخلفي» في قضية خاشقجي ولم تعمل ما كان يتوجب عليها عمله. كل ما قالته لولوة الخاطر عن هذا الموضوع في تلك المقابلة لم يكن صحيحاً، والأكيد أن أحداً – بما فيهم الصحيفة نفسها – لم يصدق ما قالت لأن الواقع يبين عكس ما ادعته.

قناة «الجزيرة» والصحف القطرية وكل القنوات الفضائية التابعة لقطر والتي يديرها عزمي بشارة اتخذت من قصة خاشقجي مدخلاً للإساءة إلى السعودية، بل إن الواقع يبين أن قطر سيست هذه القصة أكثر من تركيا التي «استذبحت» أملاً في أن تكسب من ورائها شيئاً.

يكفي كيفية وحجم تناول قناة «الجزيرة» لهذه القصة كي يتبين بعد ما قالته لولوة الخاطر عن الواقع، فهذه القناة رقصت على هذه القصة أكثر مما رقصت على غيرها، وكل من تابعها لاحظ الفرحة في عيون مسؤولي النظام القطري وهم يتحدثون عنها.

كان الأجدى عدم إقدام لولوة الخاطر على التصريح بذلك لأن كل ما قالته ينقضه الواقع ولأنها المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية وتصريحاتها محسوبة على قطر، ولأن العالم يمتلك من القدرات السمعية والبصرية والعقلية ما يعينه على التمييز بين الحقيقة وغير الحقيقة، فالعالم يرى الواقع ويسمع ما يقوله النظام القطري وعقله يعينه على التمييز بين الحق والباطل.

لو أن قطر اتخذت موقفاً محايداً من قصة خاشقجي لنظرت إليه السعودية بإيجابية ولعملت على توظيفه بطريقة تسهم في إنهاء المقاطعة التي اضطرت إليها الدول الأربع، لكنها للأسف لم تتخذ مثل هذا الموقف بل عمدت وبكل قوة إلى مساندة أردوغان في محاولته الظفر بما كان يأمل من مكاسب عبر هذه القصة التي بالغ فيها إلى الحد الذي لم يعد معه العالم يصدق ما يقول.

قطر سيست قصة خاشقجي وعملت على استغلالها للنيل من السعودية وتعاونت في ذلك مع النظامين التركي والإيراني ووظفت كل ما تمتلك من قدرات إعلامية كي تحرج السعودية وتضايقها. هذه حقيقة لا تستطيع لولوة الخاطر ولا غيرها من مسؤولي النظام القطري إثبات عدم صحتها لأن الواقع يؤكدها ولأن العالم لا يزال يصبح ويمسي على أخبار هذه القصة التي لا تزال القصة الرئيسة في قناة «الجزيرة» القطرية.