«سلامة»، أو كما اعتدنا أن نسميها «الفراشة»، هي عاملة في مدرستي الابتدائية، لا أعلم لماذا كنا نطلق عليها لفظ «فراشة»، لربما لأنها تتنقل كالفراش في أرجاء المدرسة؟! كانت ملامح الطيبة تملأ محياها، وكانت ابتسامتها لا تفارقها. كانت تصطحب الطالبات إلى المشرفة، وتوصل البريد داخل أرجاء المدرسة التي كنت أراها أكبر مكان في عالمي الصغير آنذاك.
أذكر في أول يوم لي في المدرسة، طلبت منا المعلمة «مريم جابر» أن نقوم بكتابة أسمائنا على كتبنا الجديدة وتجليدها، وطلبت منا كذلك «ممسحة ومنظف زجاج» لتنظيف الفصل الدراسي.
كنا يومياً نقوم بتنظيف الصف، فنتعاون على تنظيف زجاج النافذة، وتقوم كل طالبة بتنظيف طاولتها، فتتباهى كل واحدة منا بأن طاولتها هي الأنظف والألمع. وقد فاز صفنا بالصف الأنظف لمرات عديدة، وأذكر بأننا كنا «نزعل» عندما لا نحصل على لقب الصف الأنظف، ونتنافس من أجل أن يكون صفنا هو الصف الأنظف على مدار السنة. حيث كانت مديرة المدرسة آنذاك تمر على الصفوف دورياً لتمنح اللقب لمن يستحقه من الصفوف، ولقد كانت المنافسة حامية.
وأذكر أنني اشتركت أيضاً في فريق النظافة الخاص بالمدرسة، وكان لنا دور يشبه دور المفتشين، حيث كان يثبت على صدورنا إشارة كتب عليها «فريق النظافة»، وتتلخص مهامنا في التأكد من نظافة فناء المدرسة «الحوش»، في وقت الفسحة، كما كنا نقوم بلفت نظر أي طالبة تقوم برمي المخلفات، كما كنا نزيل بعض المخلفات إذا اقتضى الأمر، فعندما تنتهي الفسحة تكون مدرستنا نظيفة كما استقبلتنا في بداية اليوم.
وأذكر أنني حصلت مراراً على كأس فريق النظافة، كما أن اشتراكي في هذا الفريق جعلني أحظى بشخصية قيادية منذ وقت مبكر من حياتي وعلمني الكثير من المهارات الإشراقية والتنظيمية والتعامل الأمثل مع الآخرين.
لم «تزعل» أمي عندما طلبت مني المدرسة آنذاك ممسحة ومنظفا، ولم تزعل عندما أبديت لها رغبتي في المشاركة في فريق النظافة، بل شجعتني على ذلك قائلة «المدرسة بيتك الثاني، فأحرصي على أن تجعليه نظيفاً كبيتك الأول»، كما كانت تشجعني على أن أجعل أي مكان أجلس فيه نظيفاً، حتى أنعكس ذلك على شخصيتي.
وفي المرحلة الإعدادية والثانوية استمر الوضع وصارت الممسحة «برتقالية اللون» من المستلزمات الرئيسية للمدرسة، حيث إن والدي رحمه الله كان يشتري لنا عدداً كبيراً منها مع القرطاسية في بداية كل عام دراسي، وكنا في المرحلة الإعدادية نقوم بذات المهام دون كلل أو ملل أو تأفف، بل إننا كنا نشعر بحس المسؤولية، فتنظيف الفصل الدراسي، وإزالة المخالفات في وقت الفسحة من المسؤوليات التي علمتنا ليس مهارة التنظيف وحسب، بل علمتنا أن نهتم بالمكان الذي يحتوينا، ويعلمنا مهارة النظام كذلك.
وأذكر كذلك أنني جربت البيع في المقصف في وقت الفسحة، أو كما تسمى حاليا «كافتيريا المدرسة» وكنت أستمتع جداً وأن أبيع المأكولات للطالبات، وتعلمت مهارة البيع ومهارة الحساب السريع!! وما زلت أذكر عندما سألتني أمي عن السبب الذي يدفعني للعمل في مقصف المدرسة وعدم الاستمتاع بوقت الفسحة مع زميلاتي أجبتها بأنني أساعد العاملات في البيع في مقصف المدرسة، وقد كان هذا في المرحلة الإعدادية، ففاجأتني أمي بفرحها بما أقوم به، وقالت لي «مساعدة الآخرين عمل نبيل جداً»، وابتسمت قائلة «لا تنسي بأن تخصصي لك وقتا لتناول طعامك في الفسحة».
لم أقم بهذا الشيء وحسب بل إنني وخلال رحلتي في المدرسة من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية قمت بالعديد من الأمور التي أضافت لي الكثير بطريقة غير مباشرة، فاشتراكي في الكشافة علمني الانتظام وحس المسؤولية، وكنت أستمتع وأنا أتقدم الصف لأقول بأعلى صوتي «تعيش مملكة البحرين» فيردد الجميع من خلفي «تعيش.. تعيش.. تعيش».
* في رأيي المتواضع:
يقوم ابني في مدرسته بتنظيف الفصل أيضاً كما قال لي، مستخدماً المحارم الورقية!! ولن أجد مانعاً أبداً أن يطلب من ابني «ممسحة» كتلك الممسحة التي كنت استخدمتها سابقاً، ليتعلم أن المدرسة هي بيته الثاني، وأن من واجبه أن يقوم بالمحافظة على نظافة مدرسته، وفصله الدراسي، وأن يكون شريكاً ومسؤولاً عن مدرسته كطالب.
أذكر في أول يوم لي في المدرسة، طلبت منا المعلمة «مريم جابر» أن نقوم بكتابة أسمائنا على كتبنا الجديدة وتجليدها، وطلبت منا كذلك «ممسحة ومنظف زجاج» لتنظيف الفصل الدراسي.
كنا يومياً نقوم بتنظيف الصف، فنتعاون على تنظيف زجاج النافذة، وتقوم كل طالبة بتنظيف طاولتها، فتتباهى كل واحدة منا بأن طاولتها هي الأنظف والألمع. وقد فاز صفنا بالصف الأنظف لمرات عديدة، وأذكر بأننا كنا «نزعل» عندما لا نحصل على لقب الصف الأنظف، ونتنافس من أجل أن يكون صفنا هو الصف الأنظف على مدار السنة. حيث كانت مديرة المدرسة آنذاك تمر على الصفوف دورياً لتمنح اللقب لمن يستحقه من الصفوف، ولقد كانت المنافسة حامية.
وأذكر أنني اشتركت أيضاً في فريق النظافة الخاص بالمدرسة، وكان لنا دور يشبه دور المفتشين، حيث كان يثبت على صدورنا إشارة كتب عليها «فريق النظافة»، وتتلخص مهامنا في التأكد من نظافة فناء المدرسة «الحوش»، في وقت الفسحة، كما كنا نقوم بلفت نظر أي طالبة تقوم برمي المخلفات، كما كنا نزيل بعض المخلفات إذا اقتضى الأمر، فعندما تنتهي الفسحة تكون مدرستنا نظيفة كما استقبلتنا في بداية اليوم.
وأذكر أنني حصلت مراراً على كأس فريق النظافة، كما أن اشتراكي في هذا الفريق جعلني أحظى بشخصية قيادية منذ وقت مبكر من حياتي وعلمني الكثير من المهارات الإشراقية والتنظيمية والتعامل الأمثل مع الآخرين.
لم «تزعل» أمي عندما طلبت مني المدرسة آنذاك ممسحة ومنظفا، ولم تزعل عندما أبديت لها رغبتي في المشاركة في فريق النظافة، بل شجعتني على ذلك قائلة «المدرسة بيتك الثاني، فأحرصي على أن تجعليه نظيفاً كبيتك الأول»، كما كانت تشجعني على أن أجعل أي مكان أجلس فيه نظيفاً، حتى أنعكس ذلك على شخصيتي.
وفي المرحلة الإعدادية والثانوية استمر الوضع وصارت الممسحة «برتقالية اللون» من المستلزمات الرئيسية للمدرسة، حيث إن والدي رحمه الله كان يشتري لنا عدداً كبيراً منها مع القرطاسية في بداية كل عام دراسي، وكنا في المرحلة الإعدادية نقوم بذات المهام دون كلل أو ملل أو تأفف، بل إننا كنا نشعر بحس المسؤولية، فتنظيف الفصل الدراسي، وإزالة المخالفات في وقت الفسحة من المسؤوليات التي علمتنا ليس مهارة التنظيف وحسب، بل علمتنا أن نهتم بالمكان الذي يحتوينا، ويعلمنا مهارة النظام كذلك.
وأذكر كذلك أنني جربت البيع في المقصف في وقت الفسحة، أو كما تسمى حاليا «كافتيريا المدرسة» وكنت أستمتع جداً وأن أبيع المأكولات للطالبات، وتعلمت مهارة البيع ومهارة الحساب السريع!! وما زلت أذكر عندما سألتني أمي عن السبب الذي يدفعني للعمل في مقصف المدرسة وعدم الاستمتاع بوقت الفسحة مع زميلاتي أجبتها بأنني أساعد العاملات في البيع في مقصف المدرسة، وقد كان هذا في المرحلة الإعدادية، ففاجأتني أمي بفرحها بما أقوم به، وقالت لي «مساعدة الآخرين عمل نبيل جداً»، وابتسمت قائلة «لا تنسي بأن تخصصي لك وقتا لتناول طعامك في الفسحة».
لم أقم بهذا الشيء وحسب بل إنني وخلال رحلتي في المدرسة من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية قمت بالعديد من الأمور التي أضافت لي الكثير بطريقة غير مباشرة، فاشتراكي في الكشافة علمني الانتظام وحس المسؤولية، وكنت أستمتع وأنا أتقدم الصف لأقول بأعلى صوتي «تعيش مملكة البحرين» فيردد الجميع من خلفي «تعيش.. تعيش.. تعيش».
* في رأيي المتواضع:
يقوم ابني في مدرسته بتنظيف الفصل أيضاً كما قال لي، مستخدماً المحارم الورقية!! ولن أجد مانعاً أبداً أن يطلب من ابني «ممسحة» كتلك الممسحة التي كنت استخدمتها سابقاً، ليتعلم أن المدرسة هي بيته الثاني، وأن من واجبه أن يقوم بالمحافظة على نظافة مدرسته، وفصله الدراسي، وأن يكون شريكاً ومسؤولاً عن مدرسته كطالب.